سورة يوسف / الآية رقم 23 / تفسير تفسير الشعراوي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

وَرَاوَدَتْهُ الَتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَن رَّأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا المُخْلَصِينَ وَاسْتَبَقَا البَابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِن دُبُرٍ وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَا البَابِ قَالَتْ مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءاً إِلاَّ أَن يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ قَالَ هِيَ رَاوَدَتْنِي عَن نَّفْسِي وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّنْ أَهْلِهَا إِن كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الكَاذِبِينَ وَإِن كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِن كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ إِنَّكِ كُنتِ مِنَ الخَاطِئِينَ وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي المَدِينَةِ امْرَأَةُ العَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَن نَّفْسِهِ قَدْ شَغَفَهَا حُباًّ إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلالٍ مُّبِينٍ

يوسفيوسفيوسفيوسفيوسفيوسفيوسفيوسفيوسفيوسفيوسفيوسفيوسفيوسفيوسف




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ(23)}
وساعة تسمع (راود) فافهم أن الأمر فيه منازعة مثل: (فَاعَل) أو (تَفاعل) ومثل: (شارك محمد علياً) أي: أن علياً شارك محمداً؛ ومحمد شارك علياً؛ فكل منهم مفعول مرة، وفاعل مرة أخرى.
والمُرَاودة مطالبةٌ برفق ولين بستر ما تريده مِمَّنْ تريده؛ فإنْ كان الأمر مُسهَّلاً، فالمُراودة تنتهي إلى شيء ما، وإنْ تأبَّى الطرف الثاني بعد أن عرفَ المراد؛ فلن تنتهي المراودة إلى الشيء الذي كنت تصبو إليه.
وهكذا راودتْ امرأة العزيز يوسف عليه السلام، أي: طالبته برفق ولين في أسلوب يخدعه لِيُخرِجه عمَّا هو فيه إلى ما تطلبه.
ومن قبْل كان يوسف يخدمها، وكانت تنظر إليه كطفل، أما بعد أن بلغ أَشُده فقد اختلف الأمر، ولنفرض أنها طالبته أن يُحضر لها شيئاً؛ وحين يقدمه لها تقول له (لماذا تقف بعيداً؟) وتَدعوه ليجلس إلى جوارها، وهو لن يستطيع الفكاك؛ لأنه في بيتها؛ وهي مُتمكِّنة منه؛ فهي سيدة القصر.
وهكذا نجد أن المسألة مجموعة عليه من عدة جهات؛ فهو قد تربَّى في بيتها؛ وهي التي تتلطف وترقُّ معه، وفَهِم هو مرادها.
وهكذا شرح الحق سبحانه المسألة من أولها إلى آخرها بأدب رَاقٍٍ غير مكشوف، فقال تعالى: {وَرَاوَدَتْهُ التي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الأبواب...} [يوسف: 23].
وكلمة: {وَغَلَّقَتِ الأبواب...} [يوسف: 23].
توضح المبالغة في الحدث؛ أو لتكرار الحَدث، فهي قد أغلقت أكثرَ من باب. ونحن حين نحرك المزلاج لنؤكد غَلْق الباب، ونحرك المفتاح، ونديره لتأكيد غَلْق الباب.
فهذه عملية أكبر من غَلْق الباب؛ وإذا أضفنا مِزْلاجاً جديداً نكون قد أكثرنا الإغلاق لباب واحد؛ وهكذا يمكن أن نَصِفَ ما فعلنا أننا غلّقنا الباب.
وامرأة العزيز قامت بأكثر من إغلاق لأكثر من باب، فَقُصور العظماء بها أكثر من باب، وأنت لا تدخل على العظيم من هؤلاء في بيته لتجده في استقبالك بعد أول باب، بل يجتاز الإنسان أكثر من باب لِيَلقى العظيم الذي جاء ليقابله.
يحمل لنا التاريخ قصة ذلك الرجل الذي رفض أن يبايع معاوية في المدينة، فأمر معاوية باستدعائه إلى قصر الحكم في دمشق.
هذا القصر الذي سبق أن زاره عمر بن الخطاب؛ ووجد فيه أبهة زائدة بررها له معاوية بحيلة الأريب أنها أُبهة ضرورية لإبراز مكانة العرب أمام الدولة الرومانية المجاورة، فسكتَ عنها عمر.
وحين استدعى معاوية الرجل، دخل بصحبة الحرس من باب، وظن أنه سوف يلقى معاوية فَوْر الدخول؛ لكن الحرس اصطحبه عبر أكثر من باب؛ فلم ينخلع قلب الرجل، بل دخل بثبات على معاوية وضَنَّ عليه بمناداته كأمير المؤمنين، وقال بصوت عال: (السلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم).
ففطن معاوية إلى أن الرجل يرفض مبايعته.
ونعود إلى الآية التي نحن بصدد خواطرنا عنها؛ فنجد أن امرأة العزيز قد غلَّقتْ الأبواب؛ لأن مَنْ يفعل الأمر القبيح يعلم قُبْح ما يفعل، ويحاول أن يستر فِعْله، وهي قد حاولتْ ذلك بعيداً عن مَنْ يعملون أو يعيشون في القصر، وحدثتْ المراودة وأخذتْ وقتاً، لكنه فيما يبدو لم يَستجِبْ لها.
{وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ...} [يوسف: 23] أي: أنها انتقلتْ من مرحلة المُراودة إلى مرحلة الوضوح في طلب الفعل؛ بأن قالت: تهيأتُ لك؛ وكان ردُّه: {قَالَ مَعَاذَ الله...} [يوسف: 23].
والمَعَاذ هو مَنْ تستعيذ به، وأنت لا تستعيذ إلا إذا خارتْ أسبابك أمام الحدث الذي تمرُّ به عَلَّك تجد مَنْ ينجدك؛ فكأن المسألة قد عَزَّتْ عليه؛ فلم يجد مَعَاذاً إلا الله.
ولا أحد قادر على أن يتصرف هكذا إلا مَنْ حرسه الله بما أعطاه له من الحكمة والعلم؛ وجعله قادراً على التمييز بين الحلال والحرام.
ولبيان خطورة وقوة الاستعاذة نذكر ما ترويه كتب السيرة من أن النبي صلى الله عليه وسلم عقد على ابنة ملكٍ؛ كانت شديدة الجاذبية، وشعرت بعض من نساء النبي بالغيرةَ منها، وقالت واحدة منهن لعلها عائشة رضي الله عنها: إن تزوجها ودخل بها قد يفضلها عنَّا. وقالت للعروس: إن النبي يحب كلمة ما، ويحب مَنْ يقولها. فسألت الفتاة عن الكلمة، فقالت لها عائشة: إن اقترب منك قولي «أعوذ بالله منكِ».
فغادرها رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: (قد عُذْتِ بمعاذ) وسرَّحها السراح الجميل.
وهناك في قضية السيدة مريم عليها السلام، نجدها قد قالت لحظة أن تمثَّل لها الملاك بشراً سوياً: {إني أَعُوذُ بالرحمن مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيّاً} [مريم: 18].
فهي استعاذت بمَنْ يقدر على إنقاذها.
وهنا في الآية التي نحن بصدد خواطرنا عنها: {قَالَ مَعَاذَ الله إِنَّهُ ربي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظالمون} [يوسف: 23]، وأعطانا هذا القول معنيين اثنين:
الأول: أنه لم يوافق على طلبها بعد أن أوضحتْ ما تريد.
والمعنى الثاني: أنه طلب المعونة من الله، وهو سبحانه مَنْ أنجاه من كيد إخوته؛ ونجَّاه من الجُبِّ؛ وهيَّأ له أفضل مكان في مصر، ليحيا فيه ومنحه العلم والحكمة مع بلوغه لأشُدَّه. وبعد كل هذا أيستقبل كل هذا الكرم بالمعصية؟ طبعاً لا.
أو: أنه قال: {أَحْسَنَ مَثْوَايَ} [يوسف: 23].
ليُذكِّر امرأة العزيز بأن لها زوجاً، وأن هذا الزوج قد أحسن ليوسف حين قال لها: {أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عسى أَن يَنفَعَنَآ أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً} [يوسف: 21].
فالصعوبة لا تأتي فقط من أنها تدعوه لنفسها؛ بل الصعوبة تزداد سوء لأن لها زوجاً فليست خالية، وهذا الزوج قد طلب منها أن تُكرِم يوسف، وتختار له مكانَ إقامةٍ يليق بابن، ولا يمكن أن يُستَقبل ذلك بالجحود والخيانة.
وهكذا يصبح قول يوسف: {إِنَّهُ ربي أَحْسَنَ مَثْوَايَ} [يوسف: 23].
قد يعود على الله سبحانه؛ وقد يعود على عزيز مصر.
وتلك مَيْزة أسلوب القرآن؛ فهو يأتي بعبارة تتسع لكل مناطات الفهم، فما دام الله هو الذي يُجازي على الإحسان، وهو مَنْ قال في نفس الموقف: {وكذلك نَجْزِي المحسنين} [يوسف: 22] فمعنى ذلك أن مَنْ يسيء يأتي الله بالضد؛ فلا يُفلح؛ لأن القضيتين متقابلتان: {وكذلك نَجْزِي المحسنين} [يوسف: 22].
و{لاَ يُفْلِحُ الظالمون} [يوسف: 23].
ويقول الحق سبحانه بعد ذلك: {وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ...}.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال