سورة يوسف / الآية رقم 39 / تفسير التفسير القرآني للقرآن / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَائِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ مَا كَانَ لَنَا أَن نُّشْرِكَ بِاللَّهِ مِن شَيْءٍ ذَلِكَ مِن فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَشْكُرُونَ يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُّتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الوَاحِدُ القَهَّارمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَاؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ إِنِ الحُكْمُ إِلاَّ لِلَّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ القَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَمَّا أَحَدُكُمَا فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْراً وَأَمَّا الآخَرُ فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُ الطَّيْرُ مِن رَّأْسِهِ قُضِيَ الأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ وَقَالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِّنْهُمَا اذْكُرْنِي عِندَ رَبِّكَ فَأَنسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ وَقَالَ المَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنْبُلاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ يَا أَيُّهَا المَلأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِن كُنتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ

يوسفيوسفيوسفيوسفيوسفيوسفيوسفيوسفيوسفيوسفيوسفيوسفيوسفيوسفيوسف




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيانِ قالَ أَحَدُهُما إِنِّي أَرانِي أَعْصِرُ خَمْراً وَقالَ الْآخَرُ إِنِّي أَرانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزاً تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ نَبِّئْنا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَراكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (36) قالَ لا يَأْتِيكُما طَعامٌ تُرْزَقانِهِ إِلاَّ نَبَّأْتُكُما بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَكُما ذلِكُما مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كافِرُونَ (37) وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبائِي إِبْراهِيمَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ ما كانَ لَنا أَنْ نُشْرِكَ بِاللَّهِ مِنْ شَيْءٍ ذلِكَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْنا وَعَلَى النَّاسِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ (38) يا صاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْواحِدُ الْقَهَّارُ (39) ما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلاَّ أَسْماءً سَمَّيْتُمُوها أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ ما أَنْزَلَ اللَّهُ بِها مِنْ سُلْطانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلَّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (40) يا صاحِبَيِ السِّجْنِ أَمَّا أَحَدُكُما فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْراً وَأَمَّا الْآخَرُ فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْ رَأْسِهِ قُضِيَ الْأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيانِ (41) وَقالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ ناجٍ مِنْهُمَا اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ فَأَنْساهُ الشَّيْطانُ ذِكْرَ رَبِّهِ فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ (42)}.
التفسير:
{وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيانِ}.
والفتى هو الخادم، أو المملوك الذي في خدمة سيده.
ويجوز أن يكون هذان الفتيان قد دخلا مع يوسف السّجن في يوم واحد، إثر حدث وقع في قصر الملك، إذ كان هذان الغلامان ممن يخدمان الملك، فحامت حولهما شبهة دفعت بهما إلى السّجن، ودفع بيوسف إليه معهما، على حساب أنه ممن علقت به تلك الشبهة، بتدبير من امرأة العزيز، وممن معها من النّسوة اللائي كنّ في حاشيتها.. أو بتدبير من العزيز نفسه انتقاما لشرفه، الذي لاكته الألسنة زمنا.. وكانت المؤامرة التي وقعت في قصر الملك فرصة لأخذ يوسف مع من أخذ بها.
{قالَ أَحَدُهُما إِنِّي أَرانِي أَعْصِرُ خَمْراً وَقالَ الْآخَرُ إِنِّي أَرانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزاً تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ نَبِّئْنا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَراكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ}.
إنهما قد رأى كل منهما رؤيا مناميّة، وقد عرفا في يوسف علما وحكمة، فتحدثا إليه بما رأيا، وطلبا إليه أن يكشف لهما ما تنبىء عنه رؤيا كل منهما.
وفى قول كل منهما: {إِنِّي أَرانِي} إشارة إلى أن كلّ واحد منهما رأى نفسه في المنام على الصورة التي حدّثه بها.. فالرائى شخص والمرئى شخص آخر، وإن كان صورة منه.
{قالَ لا يَأْتِيكُما طَعامٌ تُرْزَقانِهِ إِلَّا نَبَّأْتُكُما بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَكُما ذلِكُما مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كافِرُونَ وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبائِي إِبْراهِيمَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ ما كانَ لَنا أَنْ نُشْرِكَ بِاللَّهِ مِنْ شَيْءٍ ذلِكَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْنا وَعَلَى النَّاسِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ يا صاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْواحِدُ الْقَهَّارُ ما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْماءً سَمَّيْتُمُوها أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ ما أَنْزَلَ اللَّهُ بِها مِنْ سُلْطانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ}.
لم يلتفت يوسف كثيرا إلى هذه الرؤيا التي رآها صاحبا سجنه، ولم يجعل بالكشف لهما عن تأويلهما، إذ كانت إحداهما تحمل الموت إلى صاحبها، على حين تحمل الأخرى لصاحبها الحياة والخلاص من السجن.. فآثر أن يتريث قليلا، ولا يكشف لهما عن هذا الجانب المحزن من الرؤيا.
ثم أخذ يحدثهما عما علّمه اللّه من علم، وأنه إذا كان سيكشف لهما عن تأويل رؤياهما، فذلك مما علّمه اللّه، الذي يؤمن به، بل إن اللّه سبحانه قد علّمه أكثر من تأويل الأحاديث، فهو- بما علمه اللّه- يستطيع أن يخبرهما عن أىّ طعام يحمل إليهما، قبل أن يأتيهما، وذلك على نحو ما كان لعيسى عليه السلام، إذ يقول لبنى إسرائيل: {وأنبئكم بما تأكلون وما تدخرون في بيوتكم} [49: آل عمران].
ويثير هذا الحديث تساؤلات كثيرة عن صاحبى السجن، تدور في رأسيهما، وتظهر على قسمات وجهيهما.. يبحثان عن هذا الربّ الذي يعلّم المؤمنين به، والعابدين له، هذا العلم.. إن لهما أربابا كثيرة، فلم لم تمنحهما شيئا من هذا العلم؟ وهل ربّ يوسف هذا على غير شاكلة الأرباب التي يعرفونها ويعبدونها؟
ويراها يوسف فرصة سانحة، للدعوة إلى اللّه، وإلى هداية هذين الضالّين إلى الإيمان، فيكشف لهما عن وجه الحق، ويفتح لهما الطريق إلى ربّه الذي يعبده! {إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كافِرُونَ}.
إذن فقد كان من يوسف عمل، حتى وصل إلى ما وصل إليه، وهو أنه ترك دين قوم لا يؤمنون باللّه، وهم بالآخرة هم كافرون. وإذن فإنهما إن أرادا أن يلحقا به، فليتركا ملّة من لا يؤمن باللّه واليوم الآخر، كما ترك هو ملّة من لا يؤمن باللّه، واليوم الآخر!
ويوسف عليه السلام لم يكن على غير دين التوحيد، فقد ولد مسلما، ابن مسلم، ابن مسلم، ابن مسلم، فهو كما في الحديث الشريف: {الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم، يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم}.
ولكنه يعنى بهذا أنه لم يكن مجرّد متابع لدين ورثه عن آبائه، بل إنه نظر إلى الدين الذي يدين به آباؤه، وإلى الأديان التي يدين بها الملحدون، الذين لا يؤمنون باللّه ولا باليوم الآخر، فعدل عن هذه الأديان، وتركها وراءه ظهريّا، وأقبل على دين آبائه، لأنه الدين الحقّ، الذي يدين به العقلاء! {وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبائِي إِبْراهِيمَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ}.
وفى قوله: {ما كانَ لَنا أَنْ نُشْرِكَ بِاللَّهِ مِنْ شَيْءٍ ذلِكَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْنا وَعَلَى النَّاسِ} إشارة إلى أنه هو وآباؤه، وقد عرفوا طريق الحق، ما كان يصحّ عندهم أن يعدلا عن هذا الطريق إلى طريق الشك باللّه. وذلك من فضل اللّه علينا، وعلى الناس الذين حمداهم إلى الإيمان، وأقامهم على طريق الحق.. {ولكنّ أكثر الناس لا يشكرون} اللّه على ما فضل به عليهم من نعم، فإن عدم التعرف على الإله المنعم كفران بهذه النعم، يقود إلى الكفر بالمنعم ذاته.
ثم يمضى يوسف، فيشرح لهما قضيّة الألوهية بمنطق الحسّ والمشاهدة:
{يا صاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْواحِدُ الْقَهَّارُ}؟ إن العقل يقضى لأول خاطرة، أن الواحد الذي يجتمع إليه كل ما في يد الآخرين من سلطان، هو أولى بأن يلجأ إليه، ويلاذ به.
فاللّه- سبحانه- هو ربّ الأرباب، فكيف يعدل عنه إلى من هم تحت سلطانه؟ وكيف يعبدون من دونه؟ ذلك هو الضلال البعيد!
تلك هى القضية.. وهذا هو فيصل ما بين إله يوسف، والآلهة التي يعبدها القوم.
{ما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْماءً سَمَّيْتُمُوها أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ ما أَنْزَلَ اللَّهُ بِها مِنْ سُلْطانٍ}.
وذلك ما كشف عنه الواقع من الآلهة التي يعبدها صاحبا السجن وقومهما.
ما يعبدون من دون اللّه إلا أسماء.. أي مجرد أسماء، لا مدلول لها، ولا قيمة لمسمّياتها.. هى أسماء ليس وراءها إلا خواء، وظلام.. تعلقت بها أوهام القوم، وأعطتها تصوراتهم هذه المفاهيم الخاطئة التي يتعاملون بها معها..!
وفى قوله تعالى: {ما أَنْزَلَ اللَّهُ بِها مِنْ سُلْطانٍ}.
أي أن هذه الأسماء ومسمياتها التي تختفى وراءها، لا تستند إلى حجة أو برهان، وأنها لم تقم على دعوة من العقل، أو على كتاب من عند اللّه.. وإنما هى من مواليد الباطل والضلال، إذ أجاءها العقل لم يجدها شيئا يقف عنده.
{إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ. أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ.. ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ.. وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ}.
فالحكم بين الناس، والفصل فيما هم مختلفون فيه، فيما يعبدون- هو للّه، وسيجزى كلّ عامل بما عمل.. وهو- سبحانه قد أمر ألّا يعبد غيره، وذلك فيما حمل الرسل إلى الناس من رسالات اللّه إلى عباده، فذلك هو الدّين الحقّ، المستقيم الذي لا عوج فيه. {ولكن أكثر الناس لا يعلمون} هذه الحقيقة، فيضلّون، ويكفرون باللّه، ويعبدون من دونه تلك الدّمى التي يسمونها آلهة! وإلى هنا يكون يوسف قد نفذ بدعوته إلى قلبى هذين الرجلين الضالّين، فهداهما إلى اللّه، وفتح لهما الطريق إلى صراطه المستقيم.. وهكذا لم ينس رسالته إلى الناس وإلى هدايتهم ودعوتهم إلى اللّه، وهو في سجنه هذا، يعالج المحنة، ويتجرع مرارة الظلم.
وإذ يستريح إلى أنه أدّى رسالته في هذه الحدود الضيقة، يعود فيكشف لصاحبيه عن السرّ المحجّب وراء رؤياهما.
{يا صاحِبَيِ السِّجْنِ أَمَّا أَحَدُكُما فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْراً وَأَمَّا الْآخَرُ فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْ رَأْسِهِ، قُضِيَ الْأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيانِ..}.
وهكذا بعد أن قال يوسف لصاحبى سجنه ما أراد أن يقوله- من الدعوة إلى الإيمان باللّه، وهما مشدودان إليه بتلك الرغبة الملحة عليهما في الاستماع إلى كلمته التي يقولها في تأويل رؤياهما- أخذ يكشف لهما- مما أراه اللّه- عن تأويل هذه الرؤيا..!
{أَمَّا أَحَدُكُما فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْراً وَأَمَّا الْآخَرُ فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْ رَأْسِهِ..}.
ويلاحظ أنه لم يقل لكل منهما على حدة تأويل رؤياه، حتى لا يواجه الذي سيصلب بهذا الخبر المزعج، بل ألقى إليهما تأويل رؤياهما معا، ليأخذ كل منهما بنفسه ما يراه متفقا مع رؤياه.
وفى قوله تعالى: {قُضِيَ الْأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيانِ} توكيد لما كشف عنه من تأويل الرؤيا، وأن ذلك الذي كشف له عنهما من رؤياهما، هو أمر واقع، قضى اللّه به، ولا رادّ لما قضى اللّه!.
قوله تعالى: {وَقالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ ناجٍ مِنْهُمَا اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ فَأَنْساهُ الشَّيْطانُ ذِكْرَ رَبِّهِ فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ}.
وحين علم يوسف من تأويل الرؤيا أن أحد صاحبى سجنه سيخلى سبيله، ويعود إلى مكانه من الملك، ساقيا لشرابه- قال له: {اذكرني عند ربك} أي تحدّث بشأنى عند الملك، واكشف له عن الكيد الذي كاد لى به النسوة حتى ألقوا بي في السجن، فلعلّه يفكّ قيدى، ويطلق سراحى.
وفى قوله تعالى: {ظَنَّ أَنَّهُ ناجٍ} إشارة إلى أن علمه بتأويل الرؤيا لم يبلغ مرتبة اليقين المطلق الذي يتلقاه وحيا من ربه، ولكنه علم مستمد من بصيرة نافذة، وقلب ملهم، وهو- أيّا كان- علم ذاتىّ، يراه إلى جانب ما يوحى إليه من ربّه، ظنّا غير مستيقن.
وفى غمرة الفرحة بالخلاص، نسى صاحب السجن هذا الذي نجا، ما عهد إليه به يوسف، فلم يذكره عند سيده، وهكذا نسى الناس أمره، فلبث في السجن بضع سنين!




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال