سورة يوسف / الآية رقم 43 / تفسير تفسير الألوسي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَائِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ مَا كَانَ لَنَا أَن نُّشْرِكَ بِاللَّهِ مِن شَيْءٍ ذَلِكَ مِن فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَشْكُرُونَ يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُّتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الوَاحِدُ القَهَّارمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَاؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ إِنِ الحُكْمُ إِلاَّ لِلَّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ القَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَمَّا أَحَدُكُمَا فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْراً وَأَمَّا الآخَرُ فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُ الطَّيْرُ مِن رَّأْسِهِ قُضِيَ الأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ وَقَالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِّنْهُمَا اذْكُرْنِي عِندَ رَبِّكَ فَأَنسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ وَقَالَ المَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنْبُلاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ يَا أَيُّهَا المَلأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِن كُنتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ

يوسفيوسفيوسفيوسفيوسفيوسفيوسفيوسفيوسفيوسفيوسفيوسفيوسفيوسفيوسف




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ (43)}
{وَقَالَ الْمَلكُ} وهو الريان وكان كافرًا، ففي إطلاق ذلك عليه دلالة على ما قيل: على جواز تسمية الكافر ملكًا، ومنعه بعضهم، وكذا منع أن يقال له أمير احتجاجًا بأنه صلى الله عليه وسلم كتب إلى هرقل «عظيم الروم» ولم يكتب ملك الروم أو أميرهم لما فيه من إيهام كونه على الحق، وجعل هذا حكاية اسم مضى حكمه وتصرم وقته، ومثله لا يضر أي قال لمن عنده: {إنِّي أَرَى} أي رأيت، وإيثار صيغة المضارع لحكاية الحال الماضية {سَبْعَ بَقَرَات سمَان} ممتلئات لحمًا وشحمًا من سمن كسمع سمانة بالفتح وسمنًا كعنبًا فهو سامن وسمين، وذكر أن سمينًا وسمينة تجمع على سمان، فهو ككرام جمع كريم وكريمة، يقال: رجال كرام ونسوة كرام {يَأْكُلُهُنَّ} أي أكلهن، والعدول إلى المضارع لاستحضار الصورة تعجيبًا. والجملة حال من البقرات أو صفة لها {سَبْعٌ عجَافٌ} أي سبع بقرات مهزولة جدًا من قولهم: نصل أعجف أي دقيق وهو جمع عجفاء على خلاف القياس، والقياس عجف كحمراء وحمر، فإن فعلاء وأفعل لا يجمع على فعال لكنهم بنوه على سمان وهم قد يبنون الشيء على ضده كقولهم: عدوة بالهاء لمكان صديقة، وفعول عنى فاعل لا تدخله الهاء، وأجري {سمان} على المميز فجر على أنه وصف له، ولم ينصب على أن يكون صفة للعدد المميز لأن وصف تمييزه وصف له معنى، وقد ذكروا أنه إذا وصف التمييز كان التمييز بالنوع وإذا وصف المميز كان التمييز بالجنس، ولا شك أن الأول أولى وأبلغ لاشتمال النوع على الجنس فهو أزيد في رفع الإبهام المقصود من التمييز، فلهذا رجح ما في النظم الكريم على غيره. ولم يقل: {سبع عجاف} بالإضافة، وجعله صفة للتمييز المقدر على قياس ما قبله لأن التمييز لبيان الجنس والحقيقة والوصف لا يدل عليه بل على شيء ما له حال وصفة، فلذا ذكروا أن التمييز يكون باسم الجنس الجامد ولا يكون بالوصف المشتق في فصيح الكلام، فتقول: عندي ثلاثة قرشيون ولا تقول قرشيين بالإضافة، وأما قولك: ثلاثة فرسان وخمسة ركبان فلجريان الفارس والراكب مجرى الأسماء لاستعمالها في الأغلب من غير موصوف.
واعترض صاحب «الفرائد» بأن الأصل في العدد التمييز بالإضافة فإذا وصف السبع بالعجاف فلابد من تقدير المضاف غليه، وكل واحد من الوصف وتقدير المضاف إليه خلاف الأصل أما إذا أضيف كانت الصفة قائمة مقام الموصوف فقولنا: {سبع عجاف} في قوة قولنا: سبع بقرات عجاف، فالتمييز المطلوب بالإضافة حاصل بالإضافة إلى الصفة لقيامها مقام الموصوف، فكما يجوز سبع بقرات عجاف يجوز سبع عجاف، وإنما لم يضف لأنه قائم مقام البقرات وهي موصوفة بعجاف فكانت من قبيل إضافة الموصوف إلى الصفة وهي غير جائزة إلا بتأويل.
وتعقب ذلك القطب بأنه هب أن الأصل في العدد التمييز بالإضافة لكن لما سبق ذكر {سبع بقرات سمان} تبين أن السبع العجاف بقرات فهذا السبع مميز بما تقدم فقد حصل التمييز بالإضافة فلو أضيف إلى العجاف لكان العجاف قائمًا مقام البقرات في التمييز فيكون التمييز بالوصف وهو خلاف الأصل، وأما أن السبع قائم مقام البقرات فإنما يكون إذا وصف بالعجاف أما إذا أضيف بكون العجاف قائمة مقام البقرات فلا يلزم إضافة الموصوف إلى الصفة اه وفيه تأمل.
وذكر العلامة الطيبي في هذا المقام أنه يمكن أن يقال: إن المميز إذا وصف ثم رفع به الإبهام والإجمال من العدد آذن بأنهما مقصودان في الذكر بخلافه إذا ميز ثم وصف بل الوصف أدعى لأن المميز إنما استجلب للوصف، ومن ثمّ ترك التمييز في القرائن الثلاث والمقام يقتضي ذلك لأن المقصود بيان الابتلاء بالشدة بعد الرخاء، وبيان الكمية بالعدد والكيفية بالبقرات تابع فليفهم، ويعلم من ذلك وجه العدول إلى ما في النظم الكريم عن أن يقال: إني أرى سبع بقرات عجاف يأكلن سبعًا سمانًا الأخصر منه. وقيل: إن التعبير بذلك بأنه أول ما رأى السمان، فقد روي أنه رأى سبع بقرات سمان خرجن من نهر يابس ثم خرج عقيبهنّ سبع بقرات عجاف فابتلعت السمان ولم يتبين عليها منهن شيء.
{وَسَبْعَ سُنْبُلاَت خُضْر} قد انعقد حبها {وَأُخَرَ} أي وسبعًا أخر {يَابسَات} قد أدركت والتوت على الخضر حتى غلبتها ولم يبق من خضرتها شيء على ما روي، ولعل عدم التعرض لذكر العدد للاكتفاء بما ذكر من حال البقرات، ولا يجوز عطف أخر على سنبلات لأن العطف على المميز يقتضي أن يكون المعطوف والمعطوف عليه بيانًا للمعدود سواء قيل: بالانسحاب أو بتكرير العامل لأن المعنى على القولين لا يختلف؛ وإنما الاختلاف في التقدير اللفظي؛ وحينئذٍ يلزم التدافع في الآية لأن العطف يقتضي أن تكون السنبلات خضرها ويابسها سبعًا، ولفظ {أخر} يقتضي أن يكون غير السبع وذلك لأن تباينها في الوصف أعني الخضرة واليبس منطوق، واشتراكهما في السنبلية فيكون مقتضى لفظ {أخر} تغايرهما في العدد ولزم التدافع، وعلى هذا يصح أن تقول: عندي سبعة رجال قيام وقعود بالجر لأنك ميزت سبعة رجال موصوفين بالقيام والقعود على أن بعضهم كذا وبعضهم كذا، ولا يصح سبعة رجال قيام وآخرين قعود لما علمت، فالآية والمثال في هذا المبحث على وزان واحد كما يقتضيه كلام الكشاف، ونظر في ذلك صاحب «الفرائد» فقال: إن الصحيح أن العطف في حكم تكرير العامل لا الانسحاب فلو عطف آخرين على رجال قيام لكان سبعة مكررة في المعطوف أي وسبعة آخرين أي رجال آخرين قعود، ويفسد المعنى لأن المفروض أن الرجال سبعة، وأما الآية فلو كرر فيها وقيل: وسبع أخر أي وسبع سنبلات أخر استقام لأن الخضر سبع واليابسات سبع، نعم لو خرج ذلك على المرجوح وهو الانسحاب أدى إلى أن السبع المذكورة مميزة بسنبلات خضر وسنبلات أخر يابسات، وفسد إذ المراد أن كلًا منهما سبعة لا أنها سبعة، فالمثال والآية ليسا على وزان إذ هو على تكرير العامل يفسد وعلى الانسحاب يصح، والآية بالعكس، ثم بنى على ما زعمه من أن الصحيح قول التكرير جواز العطف.
وادعى أن الأولى أن يكون العطف على {خضر} لا على {يابسات} ليدل على موصوف آخر، وهو سنبلات ولا يقدر موصوفها بقرينة السياق، ولا يخفى أن الكلام إنما هو على تقدير أن يكون مميز السبع ما علمت، وعلى ذلك يلزم التدافع، ولا يبنى على فرض أنهم سبعة أو أربعة عشر فيصح في الآية ولا يصح في المثال فإنه وهم. ومن ذلك يظهر نه لا مدخل للتكرير والانسحاب في هذا الفرض، ثم إن المختار قول الانسحاب على ما نص عليه الشيخ ابن الحاجب وحققه في غير موضع، وأما الاستدلال بالآية على الانسحاب لا التقدير وإلا لكان لفظ {أخر} تطويلًا يصان كلام الله تعالى المعجز عنه فغير سديد على ما في الكشف لأن القائل بالتقدير يدعي الظهور في الاستقلال، وكذلك القائل بالانسحاب يدعي الظهور في المقابل على ما نص عليه أئمة العربية فلا يكون التأكيد: بأخر: لإرادة النصوص تطويلًا بل إطنابًا يكون واقعًا في حاق موقعه هذا.
{يَا أَيُّهَا الْمَلأُ} خطاب للأشراف ممن يظن به العلم. يروى أنه جمع السحرة والكهنة والمعبرين فقال لهم يا أيها الملأ {أَفْتُوني في رُءيَايَ} هذه أي عبروها وبينوا حكمها وما تؤول إليه من العاقبة. وقيل: هو خطاب لجلسائه وأهل مشورته، والتعبير عن التعبير بالإفتاء لتشريفهم وتفخيم أمر رؤياه {إن كُنتُمْ للرُّءْيَا تَعْبُرُونَ} أي تعلمون عبارة جنس الرؤيا علمًا مستمرًا وهي الانتقال من الصورة المشاهدة في المنام إلى ما هي صورة ومثال لها من الأمور الآفاقية والأنفسية الواقعة في الخارج من العبور وهو المجاوزة، تقول: عبرت النهر إذا قطعته وجاوزته، ونحوه أولتها أي ذكرت ما تؤول غليه وعبرت الرؤيا بالتخفيف عبارة أقوى وأعرف عند أهل اللغة من عبرت بالتشديد تعبيرًا حتى أن بعضهم أنكر التشديد، ويرد عليه ما أنشده المبرد في الكامل لبعض الأعراب وهو:
رأيت رؤيا ثم عبرتها *** وكنت للأحلام عبارا
والجمع بين الماضي والمستقبل للدلالة على الاستمرار كما أشير إليه. واللام قيل: متعلقة حذوف والمقصود بذاك البيان كأنه لما قيل: {تعبرون} قيل: لأي شيء؟ فقيل: للرؤيا فهي للبيان كما في سقيا له إلا أن تقديم البيان على المبين لا يخلو عن شيء.
وقيل: واختاره أبو حيان: إنها لتقوية الفعل المذكور لأنه ضعف بالتأخير، ويقال لها: لام التقوية وتدخل في الفصيح على المعمول إذا تقدم على عامله مطلقًا وعلى معمول غير الفعل إذا تأخر كزيد ضارب لعمرو، وفي كونها زائدة أو لا خلاف، وقيل: إنه جئ بها لتضمين الفعل المتعدي معنى فعل قاصر يتعدى باللام أي إن كنتم تنتدبون لعبارتها، وجوز أن يكون {للرؤيا} خبر كان كما تقول: كان فلان لهذا الأمر إذا كان مستقبلًا به متمكنًا منه، وجملة {تعبرون} خبر آخر أو حال، ولا يخفى ما في ذلك من التكلف، وكذا فيما قبله. وقرأ أبو جعفر بالإدغام في الرؤيا وبابه بعد قلب الهمزة واوًا ثم قلب الواو ياءًا لسبقها إياها ساكنة، ونصوا على شذوذ ذلك لأن الواو بدل غيرلازم.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال