سورة يوسف / الآية رقم 53 / تفسير تفسير الألوسي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ وَقَالَ المَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ إِنَّكَ اليَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَن نَّشَاءُ وَلاَ نُضِيعُ أَجْرَ المُحْسِنِينَ وَلأَجْرُ الآخِرَةِ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ وَجَاءَ إِخْوَةُ يُوسُفَ فَدَخَلُوا عَلَيْهِ فَعَرَفَهُمْ وَهُمْ لَهُ مُنكِرُونَ وَلَمَّا جَهَّزَهُم بِجَهَازِهِمْ قَالَ ائْتُونِي بِأَخٍ لَّكُم مِّنْ أَبِيكُمْ أَلاَ تَرَوْنَ أَنِّي أُوفِي الكَيْلَ وَأَنَا خَيْرُ المُنزِلِينَ فَإِن لَّمْ تَأْتُونِي بِهِ فَلاَ كَيْلَ لَكُمْ عِندِي وَلاَ تَقْرَبُونِ قَالُوا سَنُرَاوِدُ عَنْهُ أَبَاهُ وَإِنَّا لَفَاعِلُونَ وَقَالَ لِفِتْيَانِهِ اجْعَلُوا بِضَاعَتَهُمْ فِي رِحَالِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَعْرِفُونَهَا إِذَا انقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ فَلَمَّا رَجَعُوا إِلَى أَبِيهِمْ قَالُوا يَا أَبَانَا مُنِعَ مِنَّا الكَيْلُ فَأَرْسِلْ مَعَنَا أَخَانَا نَكْتَلْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ

يوسفيوسفيوسفيوسفيوسفيوسفيوسفيوسفيوسفيوسفيوسفيوسفيوسفيوسفيوسف




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ (53)}
{وَمَا أُبَرّىء نَفْسِى} أي لا أنزهها عن السوء قال ذلك عليه السلام: هضما لنفسه البرية عن كل سوء وتواضعًا لله تعالى وتحاشيًا عن التزكية والإعجاب بحالها على أسلوب قوله صلى الله عليه وسلم: «أنا سيد ولد آدم ولا فخر» أو تحديثًا بنعمة الله تعالى وإبرازًا لسره المكنون في شأن أفعال العباد أي لا أنزهها من حيث هي هي ولا أسند هذه الفضيلة إليها قتضى طبعها من غير توفيق من الله سبحانه بل إنما ذلك بتوفيقه جل شأنه ورحمته، وقيل: إنه أشار بذلك إلى أن عدم التعرض لم يكن لعدم الميل الطبيعي بل لخوف الله تعالى: {أَنَّ النفس} البشرية التي من جملتها نفسي في حد ذاتها {لامَّارَةٌ} لكثيرة الأمر {بالسوء} أي بجنسه، والمراد أنها كثيرة الميل إلى الشهوات مستعملة في تحصيلها القوى والآلات. وفي كثير من التفاسير أنه عليه السلام حين قال: {لِيَعْلَمَ أَنّى لَمْ أَخُنْهُ بالغيب} [يوسف: 52] قال له جبريل عليه السلام: ولا حين هممت؟ فقال: {وَمَا أُبَرّىء نَفْسِى} الخ، وقد أخرجه الحاكم في تاريخه. وابن مردويه بلفظ قريب من هذا عن أنس مرفوعًا، وروي ذلك عن ابن عباس. وحكيم بن جابر. والحسن. وغيرهم، وهو إن صح يحمل الهم فيه على الميل الصادر عن طريق الشهوة البشرية لا عن طريق العزم والقصد، وقيل: لا مانع من أن يحمل على الثاني ويقال: إنه صغيرة وهي تجوز على الأنبياء عليهم السلام قبل النبوة، ويلتزم أنه عليه السلام لم يكن إذا ذاك نبيًا.
والزمخشري جعل ذلك وما أشبهه من تلفيق المبطلة وبهتهم على الله تعالى ورسوله، وارتضاه وهو الحرى بذلك ابن المنير وعرض بالمعتزلة بقوله: وذلك شأن المبطلة من كل طائفة {إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبّى} قال ابن عطية: الجمهور على أن الاستثناء منقطع و{مَا} مصدرية أي لكن رحمة ربي هي التي تصرف عنها السوء على حد ما جوز في قوله سبحانه: {وَلاَ هُمْ يُنقَذُونَ إِلاَّ رَحْمَةً مّنَّا} [يس: 43، 44] وجوز أن يكون استثناء من أعم الأوقات و{مَا} مصدرية ظرفية زمانية أي هي أمارة بالسوء في كل وقت إلا في وقت رحمة ربي وعصمته، والنصب على الظرفية لا على الاستثناء كما توهم، لكن فيه التفريغ في الإثبات والجمهور على أنه لا يجوز إلا بعد النفي أو شبهه. نعم أجازه بعضهم في الإثبات إن استقام المعنى كقرأت إلا يوم الجمعة. وأورد على هذا بأنه يلزم عليه كون نفس يوسف وغيره من الأنبياء عليهم السلام مائلة إلى الشهوات في أكثر الأوقات إلا أن يحمل ذلك على ما قبل النبوة بناءًا على جواز ما ذكر قبلها أو يراد جنس النفس لا كل واحدة.
وتعقب بأن الأخير غير ظاهر لأن الاستثناء معيار العموم ولا يرد ما ذكر رأسًا لأن المراد هضم النوع البشري اعترافًا بالعجز لولا العصمة على أن وقت الرحمة قد يعم العمر كله لبعضهم اه، ولعل الأولى الاقتصار على ما في حيز العلاوة فتأمل، وأن يكون استثناءً من النفس أو من الضمير المستتر في أمارة الراجع إليها أي كل نفس أمارة بالسوء إلا التي رحمها الله تعالى وعصمها عن ذلك كنفسي أو من مفعول أمارة المحذوف أي أمارة صاحبها إلا ما رحمه الله تعالى، وفيه وقوع {مَا} على من يعقل وهو خلاف الظاهر، ولينظر الفرق في ذلك بينه وبين انقطاع الاستثناء {إِنَّ رَبّى غَفُورٌ رَّحِيمٌ} عظيم المغفرة فيغفر ما يعتري النفس قتضى طباعها ومبالغ في الرحمة فيعصمها من الجريان على موجب ذلك، والإظهار في مقام الإضمار مع التعرض لعنوان الربوبية لتربية مبادىء المغفرة والرحمة، ولعل تقديم ما يفيد الأولى على ما يفيد الثانية لأن التخلية مقدمة على التحلية، وذهب الجبائي واستظهره أبو حيان إلى أن {ذلك لِيَعْلَمَ} [يوسف: 52] إلى هنا من كلام امرأة العزيز، والمعنى ذلك الإقرار والاعتراف بالحق ليعلم يوسف إني لم أخنه ولم أكذب عليه في حال غيبته وما أبرىء نفسي مع ذلك من الخيانة حيث قلت ما قلت وفعلت به ما فعلت إن كل نفس أمارة بالسوء إلا نفسًا رحمها الله تعالى بالعصمة كنفس يوسف عليه السلام إن ربي غفور لمن استغفر لذنبه واعترف به رحيم له. وتعقب ذلك صاحب الكشف بأنه ليس موجبه إلا ما توهم من الاتصال الصوري وليس بذاك، ومن أين لها أن تقول: {وَمَا أُبَرّىء نَفْسِى} بعد ما وضح ولا كشية الأبلق أنها أمها يرجع إليها طمها ورمها.
ومن الناس من انتصر له بأن أمر التعليل ظاهر عليه، وهو على تقدير جعله من كلامه عليه السلام غير ظاهر لأن علم العزيز بأنه لم يكن منه ما قرف به إنما يستدعي التفتيش مطلقًا لا خصوص تقديمه على الخروج حين طلبه الملك والظاهر على ذلك التقدير جعله له. وأجيب بأن المراد ليظهر علمه على أتم وجه وهو يستدعي الخصوص، ويساعد على إرادة ظهور العلم أن أصل العلم كان حاصلًا للعزيز قبل حين شهد شاهد من أهلها وفيه نظر، ويمكن أن يقال: إن في التثبت وتقديم التفتيش على الخروج من مراعاة حقوق العزيز ما فيه حيث لم يخرج من جنسه قبل ظهور بطلان ما جعله سببًا له مع أن الملك دعاه إليه، ويترتب على ذلك علمه بأنه لم يخنه في شيء من الأشياء أصلًا فضلًا عن خيانته في أهله لظهور أنه عليه السلام إذا لم يقدم على ما عسى أن يتوهم أنه نقض لما أبرمه مع قوة الداعي وتوفر الدواعي فهو بعدم الإقدام على غيره أجدر وأحرى، فالعلة للتثبت مع ما تلاه من القصة هي قصد حصول العلم بأنه عليه السلام لم يكن منه ما يخون به كائنًا ما كان مع ما عطف عليه، وذلك العلم إنما يترتب على ما ذكر لا على التفتيش ولو بعد الخروج كما لا يخفى، أو يقال: إن المراد ليجري على موجب العلم بما ذكر بناءً على التزام أنه كان قبل ذلك عالمًا به لكنه لم يجر على موجب علمه وإلا لما حبسه عليه السلام فيتلافى تقصيره بالإعراض عن تقبيح أمره أو بالثناء عليه ليحظى عند الملك ويعظمه الناس فتينع من دعوته أشجارها وتجري في أودية القلوب أنهارها، ولا شك أن هذا مما يترتب على تقديم التفتيش كما فعل، وليس ذلك مما لا يليق بشأنه عليه السلام بل الأنبياء عليهم السلام كثيرًا ما يفعلون مثل ذلك في مبادىء أمرهم؛ وقد كان نبينا صلى الله عليه وسلم يعطي الكافر إذا كان سيد قومه ما يعطيه ترويجًا لأمره، وإذا حمل قوله عليه السلام لصاحبه الناجي {اذكرنى عِندَ رَبّكَ} [يوسف: 42] على مثل هذا كما فعل أبو حيان تناسب طرفا الكلام أشد تناسب، وكذا لو حمل ذاك على ما اقتضاه ظاهر الكلام وتظافرت عليه الأخبار.
وقيل: هنا: إن ذلك لئلا يقبح العزيز أمره عند الملك تمحلًا لإمضاء ما قضاه، ويكون ذلك من قبيل السعي في تحقيق المقتضى لخلاصه وهذا من قبيل التشمير لرفع المانع لكنه مما لا يليق بجلالة شأنه عليه السلام.
ولعل الدعاء بالمغفرة في الخبر السالف على هذا إشارة إلى ما ذكر، ويقال: إنه عليه السلام إنما لم يعاتب عليه كما عوتب على الأول لكونه دونه مع أنه قد بلغ السيل الزبى، ولا يخفى أن عوده عليه السلام لما يستدعي أدنى عتاب بالنسبة إلى منصبه بعد أن جرى ما جرى في غاية البعد، ومن هنا قيل: الأولى أن يجعل ما تقدم كما تقدم ويحمل هذا على أنه عليه السلام أراد به تمهيد أمر الدعوة إلى الله تعالى جبرًا لما فعل قبل واتباعًا لخلاف الأولى بالنظر إلى مقامه بالأولى، وقيل: في وجه التعليل غير ذلك، وأخرج ابن جرير عن ابن جريج أن هذا من تقديم القرآن وتأخيره وذهب إلى أنه متصل بقوله: {فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النسوة الاتى قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ} [يوسف: 50] إلخ ويرد على ظاهره ما لا يخفى فتأمل جميع ما ذكرناه لتكون على بصيرة من أمرك. وفي رواية البزي عن ابن كثير. وقالون عن نافع أنهما قرآ {بالسو} على قلب الهمزة واوًا والإدغام.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال