سورة يوسف / الآية رقم 55 / تفسير تفسير ابن الجوزي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ وَقَالَ المَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ إِنَّكَ اليَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَن نَّشَاءُ وَلاَ نُضِيعُ أَجْرَ المُحْسِنِينَ وَلأَجْرُ الآخِرَةِ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ وَجَاءَ إِخْوَةُ يُوسُفَ فَدَخَلُوا عَلَيْهِ فَعَرَفَهُمْ وَهُمْ لَهُ مُنكِرُونَ وَلَمَّا جَهَّزَهُم بِجَهَازِهِمْ قَالَ ائْتُونِي بِأَخٍ لَّكُم مِّنْ أَبِيكُمْ أَلاَ تَرَوْنَ أَنِّي أُوفِي الكَيْلَ وَأَنَا خَيْرُ المُنزِلِينَ فَإِن لَّمْ تَأْتُونِي بِهِ فَلاَ كَيْلَ لَكُمْ عِندِي وَلاَ تَقْرَبُونِ قَالُوا سَنُرَاوِدُ عَنْهُ أَبَاهُ وَإِنَّا لَفَاعِلُونَ وَقَالَ لِفِتْيَانِهِ اجْعَلُوا بِضَاعَتَهُمْ فِي رِحَالِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَعْرِفُونَهَا إِذَا انقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ فَلَمَّا رَجَعُوا إِلَى أَبِيهِمْ قَالُوا يَا أَبَانَا مُنِعَ مِنَّا الكَيْلُ فَأَرْسِلْ مَعَنَا أَخَانَا نَكْتَلْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ

يوسفيوسفيوسفيوسفيوسفيوسفيوسفيوسفيوسفيوسفيوسفيوسفيوسفيوسفيوسف




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


قوله تعالى: {وما أبرِّئ} في القائل لهذا ثلاثة أقوال، وهي التي تقدمت في الآية قبلها.
فالذين قالوا: هو يوسف، اختلفوا في سبب قوله لذلك على خمسة أقوال:
أحدها: أنه لما قال: {ليعلم أني لم أخُنه بالغيب} غمزه جبريل، فقال: ولا حين هممتَ؟ فقال: {وما أبرئ نفسي}، رواه عكرمة عن ابن عباس، وبه قال الأكثرون.
والثاني: أن يوسف لما قال: {لم أخنه}، ذكر أنه قد همّ بها فقال: {وما أبرئ نفسي}، رواه العوفي عن ابن عباس.
والثالث: أنه لما قال ذلك، خاف أن يكون قد زكَّى نفسه، فقال: {وما أبرئ نفسي}، قاله الحسن.
والرابع: أنه لما قاله، قال له الملك الذي معه: اذكر ما هممتَ به، فقال: {وما أبرئ نفسي}، قاله قتادة.
والخامس: أنه لما قاله، قالت امرأة العزيز: ولا يوم حللتَ سراويلك؟ فقال: {وما أبرئ نفسي}، قاله السدي.
والذين قالوا: هذا قول امرأة العزيز، فالمعنى: وما أبرئ نفسي أني كنت راودته.
والذين قالوا: هو العزيز، فالمعنى: وما أبرئ نفسي من سوء الظن بيوسف، لأنه قد خطر لي.
قوله تعالى: {لأمَّارة بالسوء} قرأ ابن عامر، وأهل الكوفة، ويعقوب إِلا رويساً: {بالسوء إِلا} بتحقيق الهمزتين. وقرأ أبو عمرو، وابن شنبوذ عن قنبل بتحقيق الثانية وحذف الأولى، وروى نظيف عن قنبل بتحقيق الأولى وقلب الثانية ياءً. وقرأ أبو جعفر، وورش، ورويس بتحقيق الأولى وتليين الثانية بين بين، مثل: {السُّوء عِلاَّ} وروى ابن فليح بتحقيق الثانية وقلب الأولى واواً، وأدغمها في الواو التي قبلها، فتصير واواً مكسورة مشددة قبل همزة {إِلا}.
قوله تعالى: {إِلا ما رحم ربي} قال ابن الأنباري: قال اللغويون: هذا استثناء منقطع، والمعنى: إِلا أن رحمة ربي عليها المعتمَد. قال أبو صالح عن ابن عباس: المعنى: إِلا من عصم ربي. وقيل: {ما} بمعنى من. قال الماوردي: ومن قال: هو قول امرأة العزيز، فالمعنى: إِلا من رحم ربي في قهره لشهوته، أو في نزعها عنه. ومن قال: هو قول العزيز، فالمعنى: إِلا من رحم ربي بأن يكفيَه سوء الظن، أو يثبِّته، فلا يعجل. قال ابن الأنباري: والقول بأن هذا قول يوسف، أصح، لوجين:
أحدهما: لأن العلماء عليه. والثاني: لأن المرأة كانت عابدة وثن، وما تضمنته الآية، أليق أن يكون قول يوسف من قول من لا يعرف الله عز وجل. وقال المفسرون: فلما تبين الملك عذر يوسف وعَلِم أمانته، قال: {ائتوني به أستخلصه لنفسي} أي: أجعله خالصاً لي، لا يشركني فيه أحد.
فإن قيل: فقد رويتم في بعض ما مضى أن يوسف قال في مجلس الملك: {ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب} فكيف قال الملك: {ائتوني به} وهو حاضر عنده؟!
فالجواب: أن أرباب هذا القول يقولون: أمر الملك باحضاره ليقلِّده الأعمال في غير المجلس الذي استحضره فيه لتعبير الرؤيا.
قال وهب: لما دخل يوسف على الملك، وكان الملك يتكلَّم بسبعين لساناً، كان كلما كلَّمه بلسان، أجابه يوسف بذلك اللسان، فعجب الملك، وكان يوسف يومئذ ابن ثلاثين سنة، فقال: إِني أحب أن أسمع رؤياي منك شِفاهاً، فذكرها له، قال: فما ترى أيها الصِّدِّيق؟ قال: أرى أن تزرع زرعاً كثيراً في هذه السنين المخصبة، وتجمع الطعام، فيأتيك الناس فيمتارون، وتجمع عندك من الكنوز مالم يجتمع لأحد، فقال الملك: ومن لي بهذا؟ فقال يوسف: {اجعلني على خزائن الأرض}. قال ابن عباس: ويريد بقوله: {مكين أمين} أي: قد مكَّنتكَ في ملكي وائتمنتكَ فيه. وقال مقاتل: المكين: الوجيه، والأمين: الحافظ.
قوله تعالى: {اجعلني على خزائن الأرض} أي: خزائن أرضك.
وفي المراد بالخزائن قولان:
أحدهما: خزائن الأموال، قاله الضحاك، والزجاج.
والثاني: خزائن الطعام فحسب، قاله ابن السائب. قال الزجاج: وإِنما سأل ذلك، لأن الأنبياء، بُعثوا بالعدل، فعلم أنه لا أحد أقوَم بذلك منه.
وفي قوله: {إِني حفيظ عليم} ثلاثة أقوال:
أحدها: حفيظ لِما ولَّيتني، عليم بالمجاعة متى تكون، قاله أبو صالح عن ابن عباس.
والثاني: حفيظ لما استودعتني، عليم بهذه السنين، قاله الحسن.
والثالث: حفيظ للحساب، عليم بالألسن، قاله السدي، وذلك أن الناس كانوا يَرِدُون على الملك من كل ناحية فيتكلمون بلغات مختلفة.
واختلفوا، هل وَّلاه الملك يومئذ، أم لا؟ على ثلاثة أقوال:
أحدها: أنه وَّلاه بعد سنة، روى الضحاك عن ابن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «رحم الله أخي يوسف، لو لم يقل: اجعلني على خزائن الأرض، لاستعمله من ساعته، ولكنه أَخَّر ذلك سنة». وذكر مقاتل أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لو أن يوسف قال إِني حفيظ عليم إِن شاء الله، لملك من وقته» قال مجاهد: أسلم الملك على يد يوسف. وقال أهل السِّيَر: أقام في بيت الملك سنة، فلما انصرمت، دعاه الملك، فتوَّجه، وردَّاه بسيفه، وأمر له بسرير من ذهب، وضرب عليه كِلَّةً من إِستبرق، فجلس على السرير كالقمر، ودانت له الملوك، ولزم الملك بيته، وفوَّض أمره إِليه، وعزل قُطَفِير عما كان عليه، وجعل يوسف مكانه، ثم إِن قطفير هلك في تلك الليالي، فزوَّج الملكُ يوسفَ بامرأة قطفير، فلما دخل عليها، قال: أليس هذا خيراً مما تريدين؟ فقالت: أيها الصِّدِّيق لا تلمني، فاني كنت امرأة حسناء في مُلك ودنيا، وكان صاحبي لا يأتي النساء، فغلبتني نفسي، فلما بنى بها يوسف وجدها عذراء، فولدت له ابنين، إِفَراييم ومِيشا، واستوسق له ملك مصر.
والقول الثاني: أنه ملَّكه بعد سنة ونصف، حكاه مقاتل عن ابن عباس.
والثالث: أنه سلَّم إِليه الأمر من وقته، قاله وهب، وابن السائب.
فان قيل: كيف قال يوسف: {إني حفيظ عليم} ولم يقل: إِن شاء الله؟ فعنه ثلاثة أجوبة:
أحدها: أن ترك الاستثناء أوجب عقوبة بأن أخِّر تمليكُه، على ما ذكرنا عن النبي صلى الله عليه وسلم.
والثاني: أنه أضمر الاستثناء، كما أضمروه في قولهم: {ونمير أهلها}.
والثالث: أنه أراد أن حفظي وعِلمي يزيدان على حفظ غيري وعِلمه، فلم يحتج هذا إِلى الاستثناء، لعدم الشك فيه، ذكر هذه الأقوال ابن الأنباري.
فإن قيل: كيف مدح نفسه بهذا القول، ومن شأن الأنبياء والصالحين التواضع؟
فالجواب: أنه لما خلا مدحُه لنفسه من بغي وتكبر، وكان مراده به الوصول إِلى حق يقيمه وعدل يحييه وجور يبطله، كان ذلك جميلاً جائزاً، وقد قال نبينا صلى الله عليه وسلم: «أنا أكرم ولد آدم على ربه»، وقال علي بن أبي طالب عليه السلام: والله ما من آية إِلا وأنا أعلم أبِليل نزلت، أم بنهار. وقال ابن مسعود: لو أعلم أحداً أعلم بكتاب الله مني تبلغه الإِبل لأتيته. فهذه الأشياء، خرجت مخرج الشكر لله، وتعريف المستفيد ما عند المفيد، ذكر هذا محمد بن القاسم. قال القاضي أبو يعلى: في قصة يوسف دلالة على أنه يجوز للانسان أن يصف نفسه بالفضل عند من لا يعرفه، وأنه ليس من المحظور في قوله: {فلا تزكُّوا أنفسكم} [النجم: 32].
قوله تعالى: {وكذلك مكَّنَّا ليوسف} في الكلام محذوف، تقديره: اجعلني على خزائن الأرض، قال: قد فعلت، فحُذف ذلك، لأن قوله: {وكذلك مكنا ليوسف} يدل عليه، والمعنى: ومثل ذلك الإِنعام الذي أنعما عليه في دفع المكروه عنه، وتخليصه من السجن، وتقريبه من قلب الملك، أقدرناه على ما يريد في أرض مصر {يتبوَّأ منها حيث يشاء} قال ابن عباس: ينزل حيث أراد. وقرأ ابن كثير، والمفضل: {حيث نشاء} بالنون.
قوله تعالى: {نصيب برحمتنا} أي: نختصُّ بنعمتنا من النبوَّة والنجاة {مَن نشاء ولا نضيع أجر المحسنين} يعني المؤمنين. يقال: إِن يوسف باع أهل مصر الطعام بأموالهم، وحُلِيِّهم، ومواشيهم، وعقارهم، وعبيدهم، ثم بأولادهم، ثم برقابهم، ثم قال للملك: كيف ترى صُنع ربي؟ فقال الملك: إِنما نحن لك تبع، قال: فإني أُشهد الله وأُشهدك أني قد أعتقت أهل مصر ورددت عليهم أملاكهم. وكان يوسف لا يَشبع في تلك الأيام، ويقول: إِني أخاف أن أنسى الجائع.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال