سورة يوسف / الآية رقم 89 / تفسير تفسير القرطبي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِن يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلاَ تَيْأَسُوا مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِلاَّ القَوْمُ الكَافِرُونَ فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَيْهِ قَالُوا يَا أَيُّهَا العَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُّزْجَاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي المُتَصَدِّقِينَ قَالَ هَلْ عَلِمْتُم مَّا فَعَلْتُم بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنتُمْ جَاهِلُونَ قَالُوا أَئِنَّكَ لأَنْتَ يُوسُفُ قَالَ أَنَا يُوسُفُ وَهَذَا أَخِي قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا إِنَّهُ مَن يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ المُحْسِنِينَ قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا وَإِن كُنَّا لَخَاطِئِينَ قَالَ لاَ تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ اليَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هَذَا فَأَلْقُوهُ عَلَى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيراً وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ وَلَمَّا فَصَلَتِ العِيرُ قَالَ أَبُوَهُمْ إِنِّي لأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلا أَن تُفَنِّدُونِ قَالُوا تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلالِكَ القَدِيمِ

يوسفيوسفيوسفيوسفيوسفيوسفيوسفيوسفيوسفيوسفيوسفيوسفيوسفيوسفيوسف




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{قالَ هَلْ عَلِمْتُمْ ما فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جاهِلُونَ (89) قالُوا أَإِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ قالَ أَنَا يُوسُفُ وَهذا أَخِي قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنا إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (90) قالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنا وَإِنْ كُنَّا لَخاطِئِينَ (91) قالَ لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (92) اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هذا فَأَلْقُوهُ عَلى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيراً وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ (93)}
قوله تعالى: {قالَ هَلْ عَلِمْتُمْ ما فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ} استفهام بمعنى التذكير والتوبيخ، وهو الذي قال الله: {لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هذا} [يوسف: 15] الآية. {إِذْ أَنْتُمْ جاهِلُونَ} دليل على أنهم كانوا صغارا في وقت أخذهم ليوسف، غير أنبياء، لأنه لا يوصف بالجهل إلا من كانت هذه صفته، ويدل على أنه حسنت حالهم ألان، أي فعلتم ذلك إذ أنتم صغار جهال، قال معناه ابن عباس والحسن، ويكون قولهم: {وَإِنْ كُنَّا لَخاطِئِينَ} على هذا، لأنهم كبروا ولم يخبروا أباهم بما فعلوا حياء وخوفا منه.
وقيل: جاهلون بما تؤول إليه العاقبة. والله أعلم. قوله تعالى: {قالُوا أَإِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ} لما دخلوا عليه فقالوا: {مَسَّنا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ} فخضعوا له وتواضعوا رق لهم، وعرفهم بنفسه، فقال: {هَلْ عَلِمْتُمْ ما فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ} فتنبهوا فقالوا: {أَإِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ} قاله ابن إسحاق.
وقيل: إن يوسف تبسم فشبهوه بيوسف واستفهموا. قال ابن عباس لما قال لهم: {هَلْ عَلِمْتُمْ ما فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ} الآية، ثم تبسم يوسف- وكان إذا تبسم كأن ثناياه اللؤلؤ المنظوم- فشبهوه بيوسف، فقالوا له على جهة الاستفهام: {أَإِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ}. وعن ابن عباس أيضا: أن إخوته لم يعرفوه حتى وضع التاج عنه، وكان في قرنه علامة، وكان ليعقوب مثلها شبه الشامة، فلما قال لهم: {هَلْ عَلِمْتُمْ ما فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ} رفع التاج عنه فعرفوه، فقالوا: {أَإِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ}.
وقال ابن عباس: كتب يعقوب إليه يطلب رد ابنه، وفي الكتاب: من يعقوب صفي الله بنإسحاق ذبيح الله بنإبراهيم خليل الله إلى عزيز مصر- أما بعد- فإنا أهل بيت بلاء ومحن، ابتلى الله جدي إبراهيم بنمروذ وناره، ثم ابتلى أبي إسحاق بالذبح، ثم ابتلاني بولد كان لي أحب أولادي إلي حتى كف بصري من البكاء، وإني لم أسرق ولم ألد سارقا والسلام. فلما قرأ يوسف الكتاب ارتعدت مفاصله، واقشعر جلده، وأرخى عينيه بالبكاء، وعيل صبره فباح بالسر. وقرأ ابن كثير {إِنَّكَ} على الخبر، ويجوز أن تكون هذه القراءة استفهاما كقوله: {وَتِلْكَ نِعْمَةٌ} [الشعراء: 22]. {قالَ أَنَا يُوسُفُ} أي أنا المظلوم والمراد قتله، ولم يقل أنا هو تعظيما للقصة. {قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنا} أي بالنجاة والملك. {إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ} أي يتق الله ويصبر على المصائب، وعن المعاصي. {فَإِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} أي الصابرين في بلائه، القائمين بطاعته. وقرأ ابن كثير: {إنه من يتقي} بإثبات الياء، والقراءة بها جائزة على أن تجعل {مَنَّ} بمعنى الذي، وتدخل {يتقي} في الصلة، فتثبت الياء لأغير، وترفع {ويصبر}. وقد يجوز أن تجزم {وَيَصْبِرْ} على أن تجعل {يتقي} في موضع جزم و{مَنَّ} للشرط، وتثبت الياء، وتجعل علامة الجزم حذف الضمة التي كانت في الياء على الأصل، كما قال:
ثم نادي إذا دخلت دمشقا *** يا يزيد بن خالد بن يزيد
وقال آخر:
ألم يأتيك والأنباء تنمي *** بما لاقت لبون بني زياد
وقراءة الجماعة ظاهرة، والهاء في {إِنَّهُ} كناية عن الحديث، والجملة الخبر. قوله تعالى: {قالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنا} الأصل همزتان خففت الثانية، ولا يجوز تحقيقها، واسم الفاعل مؤثر، والمصدر إيثار. ويقال: أثرت التراب إثارة فأنا مثير، وهو أيضا على أفعل ثم أعل، والأصل أثير نقلت حركة الياء على الثاء، فانقلبت الياء ألفا، ثم حذفت لالتقاء الساكنين. وأثرت الحديث على فعلت فأنا آثر، والمعنى: لقد فضلك الله علينا، واختارك بالعلم والحلم والحكم والعقل والملك. {وَإِنْ كُنَّا لَخاطِئِينَ} أي مذنبين من خطئ يخطأ إذا أتى الخطيئة، وفي ضمن هذا سؤال العفو. وقيل لابن عباس: كيف قالوا {وَإِنْ كُنَّا لَخاطِئِينَ} وقد تعمدوا لذلك؟ قال: وإن تعمدوا لذلك، فما تعمدوا حتى أخطئوا الحق، وكذلك كل من أتى ذنبا تخطى المنهاج الذي عليه من الحق، حتى يقع في الشبهة والمعصية. قوله تعالى: {لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ} أي قال يوسف- وكان حليما موفقا-: {لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ} وتم الكلام. ومعنى {الْيَوْمَ}: الوقت. والتثريب التعيير والتوبيخ، أي لا تعيير ولا توبيخ ولا لوم عليكم اليوم، قال سفيان الثوري وغيره، ومنه قوله عليه السلام: «إذا زنت أمه أحدكم فليجلدها الحد ولا يثرب عليها» أي لا يعيرها، وقال بشر:
فعفوت عنهم عفو غير مثرب *** وتركتهم لعقاب يوم سرمد
وقال الأصمعي: ثربت عليه وعربت عليه بمعنى إذا قبحت عليه فعله.
وقال الزجاج: المعنى لا إفساد لما بيني وبينكم من الحرمة، وحق الإخوة، ولكم عندي العفو والصفح، واصل التثريب الإفساد، وهي لغة أهل الحجاز. وعن ابن عباس أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أخذ بعضادتي الباب يوم فتح مكة، وقد لاذ الناس بالبيت فقال: «الحمد لله الذي صدق وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده» ثم قال: «ماذا تظنون يا معشر قريش» قالوا: خيرا، أخ كريم، وابن أخ كريم وقد قدرت، قال: «وأنا أقول كما قال أخي يوسف» {لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ} فقال عمر رضي الله عنه: ففضت عرقا من الحياء من قول رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ذلك أني قد كنت قلت لهم حين دخلنا مكة: اليوم ننتقم منكم ونفعل، فلما قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما قال استحييت من قولي. {يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ} مستقبل فيه معنى الدعاء، سأل الله أن يستر عليهم ويرحمهم. وأجاز الأخفش الوقف على {عَلَيْكُمُ} والأول هو المستعمل، فإن في الوقف على {عَلَيْكُمُ} والابتداء ب {الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ} جزم بالمغفرة في اليوم، وذلك لا يكون إلا عن وحي، وهذا بين.
وقال عطاء الخراساني: طلب الحوائج من الشباب أسهل منه من الشيوخ، ألم تر قول يوسف: {لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ} وقال يعقوب: {سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي}. قوله تعالى: {اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هذا} نعت للقميص، والقميص مذكر، فأما قول الشاعر:
تدعو هوازن والقميص مفاضة *** فوق النطاق تشد بالأزرار
فتقديره: والقميص درع مفاضة. قاله النحاس.
وقال ابن السدي عن أبيه عن مجاهد: قال لهم يوسف: {اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هذا فَأَلْقُوهُ عَلى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيراً} قال: كان يوسف أعلم بالله من أن يعلم أن قميصه يرد على يعقوب بصره، ولكن ذلك قميص إبراهيم الذي البسه الله في النار من حرير الجنة، وكان كساه إسحاق، وكان إسحاق كساه يعقوب، وكان يعقوب أدرج ذلك القميص في قصبة من فضة وعلقة في عنق يوسف، لما كان يخاف عليه من العين، وأخبره جبريل بأن أرسل قميصك فإن فيه ريح الجنة، وإن ريح الجنة لا يقع على سقيم ولا مبتلى إلا عوفي.
وقال الحسن: لولا أن الله تعالى أعلم يوسف بذلك لم يعلم أنه يرجع إليه بصره، وكان الذي حمل قميصه يهوذا، قال ليوسف: أنا الذي حملت إليه قميصك بدم كذب فأحزنته، وأنا الذي أحمله ألان لأسره، وليعود إليه بصره، فحمله، حكاه السدي. {وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ} لتتخذوا مصر دارا. قال مسروق: فكانوا ثلاثة وتسعين، ما بين رجل وامرأة. وقد قيل: إن القميص الذي بعثه هو القميص الذي قد من دبره، ليعلم يعقوب أنه عصم من الزنى، والقول الأول أصح، وقد روى مرفوعا من حديث أنس عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ذكره القشيري والله أعلم.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال