سورة الرعد / الآية رقم 5 / تفسير التفسير القرآني للقرآن / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الـمر تِلْكَ آيَاتُ الكِتَابِ وَالَّذِي أُنـزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ الحَقُّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يُؤْمِنُونَ اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى العَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لأَجَلٍ مُّسَمًّى يُدَبِّرُ الأَمْرَ يُفَصِّلُ الآيَاتِ لَعَلَّكُم بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَاراً وَمِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ وَفِي الأَرْضِ قِطَعٌ مُّتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِّنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الأُكُلِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ وَإِن تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَئِذَا كُنَّا تُرَاباً أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ وَأُوْلَئِكَ الأَغْلالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ

الرعدالرعدالرعدالرعدالرعدالرعدالرعدالرعدالرعدالرعدالرعدالرعدالرعدالرعدالرعد




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَإِذا كُنَّا تُراباً أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ أُولئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ وَأُولئِكَ الْأَغْلالُ فِي أَعْناقِهِمْ وَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (5) وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ وَقَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمُ الْمَثُلاتُ وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلى ظُلْمِهِمْ وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقابِ (6) وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ (7)}.
التفسير:
من أبرز الأمور التي ضلّت عنها أبصار المشركين، وزاغت عنها عقولهم، ولم يمسكوا بخيط من خيوطها، وهم يدورون بأبصارهم في هذا الوجود- أمر البعث، الذي لم يتصوروه، ولم يجدوا له مساغا في عقولهم، فأنكروه أشدّ الإنكار، ورأوا أنه مما يستحيل وقوعه.. إذ كيف يبعث الإنسان بعد أن يموت، ويتحول إلى تراب في هذا التراب؟ تلك هى مضلّتهم، ومثار الوسوسة والبلبلة التي تضطرب في عقولهم، من أمر البعث.. فلو أنّهم سلّموا بالبعث، لنازع هذا التسليم، بل وانتزعه من عقولهم، هذا الفهم السقيم لقدرة اللّه، التي يبدو لأنظارهم الكليلة منها، أنها أعجز من أن تعيد الحياة في هذا التراب الهامد، وتبعث الموتى من قبورهم على الحال التي كانوا عليها، بعد أن أبلاهم البلى، وأكلهم التراب! ولهذا كان ذلك منهم مثارا للعجب والدّهش، من ذوى العقول، وأصحاب النظر والفهم.. وفى هذا يقول اللّه تعالى لنبيّه الكريم:
{وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَإِذا كُنَّا تُراباً أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ}.
أي إن ترد- أن تعجب وتدهش وإن أحببت أن تسمع من القول ما يثير العجب والدهش، فاستمع لهذا القول الذي يقوله هؤلاء المشركون: {أَإِذا كُنَّا تُراباً أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ؟}.
وقد جاء هذا القول منهم في صورة هذا الاستفهام الإنكارى، للإشارة إلى أنه كان سؤالا مردّدا بينهم، يلقى به بعضهم إلى بعض، في تساؤل منكر، وفى استفهام خبيث: {أَإِذا كُنَّا تُراباً أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ؟} ولا يجدون جوابا لهذا إلا زرّ العيون، أو زمّ الشّفاه، أو ليّ الألسنة.. تحدّث بما في قلوب القوم من سخرية واستهزاء! {أُولئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ وَأُولئِكَ الْأَغْلالُ فِي أَعْناقِهِمْ وَأُولئِكَ، أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ}.
وهذا هو الردّ المفحم على هذه السخرية، وذلك الاستهزاء.
إنهم كفرة باللّه.. وليس للكافرين عند اللّه إلا النّار، يجرّون إليها كما تجرّ الحمر المستنفرة، قد أخذ صائدها بمقودها.. {يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ} [48: القمر].
وفى تكرار الإشارة إليهم.. {أُولئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ.. وَأُولئِكَ الْأَغْلالُ فِي أَعْناقِهِمْ.. وَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ} في هذا التكرار، فضح لهم على رءوس الأشهاد، وشدّ للوثاق الممسك بهم من أعناقهم، حتى لا يفلتوا وحتّى لكأن كل إشارة من تلك الإشارات الثلاث، طوق من حديد، يطوّقون به.. وإن ذلك لسمة من السّمات الدّالة عليهم بين أهل المحشر، فليس ثمّة شك في أمرهم، أو في التعرف على ذواتهم، وقد وسموا بتلك السمات الفاضحة.
وفى الإشارة إليهم بأن الأغلال في أعناقهم، وبأنهم أصحاب النار، مع أنهم لم يبعثوا بعد، ولم يساقوا إلى جهنم بعد- حكم قاطع من اللّه عليهم بهذا، ولكنه مؤجل التنفيذ إلى يوم البعث..!
{وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ وَقَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمُ الْمَثُلاتُ.. وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلى ظُلْمِهِمْ وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقابِ}.
المثلات: جمع مثلة، وهى الحدث الذي يقع فيكون مثلا مضروبا، في شناعته، وسوء وقعه، حيث يستحضره الناس عند كل أمر، تبدو فيه ملامح لهذا الحدث، فيكون ذكره مغنيا عن كل وصف.
والواو في قوله تعالى: {وَيَسْتَعْجِلُونَكَ} للاستئناف، بخبر جديد من أخبار هؤلاء المكذبين بيوم البعث.
وفى قوله تعالى: {وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ} إشارة إلى أنهم لم يقفوا عند حدّ الكفر باللّه، وإنكار يوم البعث، بل جاوزوا هذا إلى التحدّى، إمعانا في الكفر، ومبالغة في الإنكار، فقالوا ما حكاه القرآن عنهم:
{وَإِذْ قالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ أَوِ ائْتِنا بِعَذابٍ أَلِيمٍ} [32: الأنفال].. وهذا من غباوتهم وحمقهم وسفههم.. ولو أنهم كانوا على شيء من العقل والإدراك، لكان لهم في باب الأمانىّ الطيبة متسع، ولما رموا بأنفسهم في هذا الوجه المهلك، الذي إن جاء على غير ما قدّروا، كان لهم فيه البلاء المبين، والعذاب الأليم.. وما لهم لو قالوا: اللهم إن كان هذا هو الحقّ من عندك فاهدنا إليه، واشرح صدورنا له؟.. فإن كان حقّا أخذوا بحظهم منه، وعافاهم اللّه من البلاء.. وإن كان غير حقّ لم يخسروا شيئا؟ ولكنه الضلال الذي يستحوذ على أهله، فيدفع بهم إلى كل مهلكة، وما لهم لو أخذوا بقول الرجل المؤمن من آل فرعون: {وَإِنْ يَكُ كاذِباً فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صادِقاً يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ} [28: غافر]- وفى قوله تعالى: {وَقَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمُ الْمَثُلاتُ} الجملة هنا حالية، وهى فاضحة لغباوة هؤلاء المشركين، وما استولى عليهم من ضلال وسفه.
ذلك أنهم يستعجلون العذاب، وقد وقع هذا العذاب فعلا بكثير من الأمم التي سبقتهم، والتي كانت على مثل هذا الضلال الذي هم فيه.. فلو أنهم كانوا على شيء من العقل والإدراك لكان لهم في المثلات التي حلّت بالأمم الماضية عبرة زاجرة، وعظة بالغة.. ولكن أنّى للعمى أن يبصروا؟ وأنّى للسفهاء أن يرشدوا؟
وقوله تعالى: {وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلى ظُلْمِهِمْ وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقابِ} عرض لسعة رحمة اللّه، ومغفرته لعباده.. فهو يمهلهم، ويستأنى بهم، ويدعوهم إليه، ويفتح لهم باب التوبة والقبول، فإذا استجابوا له، ورجعوا إليه، قبلهم، وتجاوز عن سيئاتهم، وعدل بهم عن طريق الضلال إلى الهدى، وعن النار وأهوالها، إلى الجنة ونعيمها.. فهذا من رحمة اللّه بعباده، ولو شاء لعجّل لهم العذاب، ولأخذهم بما كسبوا: {وَلَوْ يُؤاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِما كَسَبُوا ما تَرَكَ عَلى ظَهْرِها مِنْ دَابَّةٍ} [45: فاطر].
وإذا كانت تلك هى رحمة اللّه، وذلك هو لطفه بعباده، فإن مع هذه الرحمة وذلك اللطف بالذين يرجون رحمته، عقاب راصد، عذاب شديد للذين يحاربون اللّه، ويحادّون رسله، وينأون بأنفسهم عن مواقع رحمته ومغفرته.
وذلك هو حكم اللّه في عباده.. {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَزِيادَةٌ وَلا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلا ذِلَّةٌ أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئاتِ جَزاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِها وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ما لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عاصِمٍ كَأَنَّما أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعاً مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِماً أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ} [26- 27 يونس] {وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ} ومن منكرات هؤلاء الكافرين، أنهم يغمضون أعينهم ويصمّون آذانهم عن آيات اللّه وكلماته، فلا يرون فيها شواهد صدقها، وصدق الرسول الذي جاءهم بها، بل يتصايحون بهذا القول المنكر: {لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ؟}.
والآية التي يريدونها، هى آية مادية من تلك الآيات التي كانوا يقترحونها على النبي، كما يقول اللّه سبحانه وتعالى عنهم: {وَقالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهارَ خِلالَها تَفْجِيراً أَوْ تُسْقِطَ السَّماءَ كَما زَعَمْتَ عَلَيْنا كِسَفاً أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلًا أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقى فِي السَّماءِ وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنا كِتاباً نَقْرَؤُهُ} وقد تلقى الرسول من ربه هذا الرد المفحم لهم.. {قُلْ سُبْحانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَراً رَسُولًا} [90- 93: الإسراء].
فهذه الآية التي يقترحونها هنا هى واحدة من تلك الآيات، وهى قولة من أقوالهم التي كانوا يردّدونها فيما بينهم.. وقد ردّ اللّه عليهم بقوله: {إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ} وفى هذا التفات للنبىّ الكريم، وخطاب كريم له من ربّه، يواسيه، ويخفف ما به من ضيق، لهذا العنت الذي يلقاه من قومه.
{وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ} هو الرسول الذي يرسله اللّه إليهم، ليدعوهم إليه، ويسلك بهم مسالك الخير والهدى.. فتلك هى وظيفة الرسول في قومه كما يقول سبحانه وتعالى: {إِنَّا أَرْسَلْناكَ بِالْحَقِّ بَشِيراً وَنَذِيراً وَلا تُسْئَلُ عَنْ أَصْحابِ الْجَحِيمِ} [119: البقرة] وفى تقديم قوله تعالى: {إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ} على قوله سبحانه: {وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ} تهديد ووعيد لهؤلاء المعاندين، الذين لجّ بهم العناد، واستبدّ بهم الضلال، فركبوا رءوسهم، ولم يعد ثمّة وجه لهم إلا أن ترفع في وجوههم راية الإنذار، وأن يساق إليهم ريح من لفح جهنم!




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال