سورة الرعد / الآية رقم 19 / تفسير تفسير القرطبي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

أَفَمَن يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ الحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الأَلْبَابِ الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلاَ يَنقُضُونَ المِيثَاقَ وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الحِسَابِ وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِراًّ وَعَلانِيَةً وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُوْلَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَن صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِم مِّن كُلِّ بَابٍ سَلامٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ وَالَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ أُوْلَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ وَيَقْدِرُ وَفَرِحُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا الحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ مَتَاعٌ وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ قُلْ إِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنَابَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ القُلُوبُ

الرعدالرعدالرعدالرعدالرعدالرعدالرعدالرعدالرعدالرعدالرعدالرعدالرعدالرعدالرعد




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَسالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِها فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَداً رابِياً وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتاعٍ زَبَدٌ مِثْلُهُ كَذلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْباطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفاءً وَأَمَّا ما يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ كَذلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثالَ (17) لِلَّذِينَ اسْتَجابُوا لِرَبِّهِمُ الْحُسْنى وَالَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُ لَوْ أَنَّ لَهُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لافْتَدَوْا بِهِ أُولئِكَ لَهُمْ سُوءُ الْحِسابِ وَمَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهادُ (18) أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمى إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ (19)}
قوله تعالى: {أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَسالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِها فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَداً رابِياً} ضرب مثلا للحق والباطل، فشبه الكفر بالزبد الذي يعلو الماء، فإنه يضمحل ويعلق بجنبات الأودية، وتدفعه الرياح، فكذلك يذهب الكفر ويضمحل، على ما نبينه. قال مجاهد:
{فَسالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِها} قال: بقدر ملئها.
وقال ابن جريج: بقدر صغرها وكبرها. وقرأ الأشهب العقيلي والحسن {بقدرها} بسكون الدال، والمعنى واحد.
وقيل: معناها بما قدر لها. والأودية. جمع الوادي، وسمي واديا لخروجه وسيلانه، فالوادي على هذا اسم للماء السائل.
وقال أبو علي: {فَسالَتْ أَوْدِيَةٌ} توسع، أي سال ماؤها فحذف، قال: ومعنى {بِقَدَرِها} بقدر مياهها، لأن الأودية ما سالت بقدر أنفسها. {فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَداً رابِياً} أي طالعا عاليا مرتفعا فوق الماء، وتم الكلام، قاله مجاهد. ثم قال: {وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ} وهو المثل الثاني. {ابْتِغاءَ حِلْيَةٍ} أي حلية الذهب والفضة. {أَوْ مَتاعٍ زَبَدٌ مِثْلُهُ} قال مجاهد: الحديد والنحاس والرصاص. وقوله: {زَبَدٌ مِثْلُهُ} أي يعلو هذه الأشياء زبد كما يعلو السيل، وإنما احتمل السيل الزبد لأن الماء خالطه تراب الأرض فصار ذلك زبدا، كذلك ما يوقد عليه في النار من الجوهر ومن الذهب والفضة مما ينبث في الأرض من المعادن فقد خالطه التراب، فإنما يوقد عليه ليذوب فيزايله تراب الأرض. وقوله: {كَذلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْباطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفاءً} قال مجاهد: جمودا.
وقال أبو عبيدة قال أبو عمرو بن العلاء: أجفأت القدر إذا غلت حتى ينصب زبدها، وإذا جمد في أسفلها. والجفاء ما أجفاه الوادي أي رمى به. وحكى أبو عبيدة أنه سمع رؤبة يقرأ {جفالا} قال أبو عبيدة: يقال أجفلت القدر إذا قذفت بزبدها، وأجفلت الريح السحاب إذا قطعته. {وَأَمَّا ما يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ} قال مجاهد: هو الماء الخالص الصافي.
وقيل: الماء وما خلص من الذهب والفضة والحديد والنحاس والرصاص، وهو أن المثلين ضربهما الله للحق في ثباته، والباطل في اضمحلاله، فالباطل وإن علا في بعض الأحوال فإنه يضمحل كاضمحلال الزبد والخبث.
وقيل: المراد مثل ضربه الله للقرآن وما يدخل منه القلوب، فشبه القرآن بالمطر لعموم خيره وبقاء نفعه، وشبه القلوب بالأودية، يدخل فيها من القرآن مثل ما يدخل في الأودية بحسب سعتها وضيقها. قال ابن عباس: {أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً} قال: قرآنا، {فَسالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِها} قال: الأودية قلوب العباد. قال صاحب سوق العروس إن صح هذا التفسير فالمعنى فيه أن الله سبحانه مثل القرآن بالماء. ومثل القلوب بالأودية، ومثل المحكم بالصافي، ومثل المتشابه بالزبد.
وقيل: الزبد مخايل النفس وغوائل الشك ترتفع من حيث ما فيها فتضطرب من سلطان تلعها، كما أن ماء السيل يجري صافيا فيرفع ما يجد في الوادي باقيا، وأما حلية الذهب والفضة فمثل الأحوال السنية. والأخلاق الزكية، التي بها جمال الرجال، وقوام صالح الأعمال، كما أن من الذهب والفضة زينة النساء. وبهما قيمة الأشياء. وقرأ حميد وابن محيصن ويحيى والأعمش وحمزة والكسائي وحفص، {يُوقِدُونَ} بالياء واختاره أبو عبيد، لقوله: {يَنْفَعُ النَّاسَ} فأخبر، ولا مخاطبة هاهنا. الباقون بالتاء لقوله في أول الكلام: {أَفَاتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ} [الرعد: 16] الآية. وقوله: {فِي النَّارِ} متعلق بمحذوف، وهو في موضع الحال، وذو الحال الهاء التي في {عَلَيْهِ} التقدير: ومما توقدون عليه ثابتا في النار أو كائنا.
وفي قوله: {فِي النَّارِ} ضمير مرفوع يعود إلى الهاء التي هي اسم ذي الحال ولا يستقيم أن يتعلق {فِي النَّارِ} ب {يُوقِدُونَ} من حيث لا يستقيم أوقدت عليه في النار، لأن الموقد عليه يكون في النار، فيصير قوله: {فِي النَّارِ} غير مقيد. وقوله: {ابْتِغاءَ حِلْيَةٍ} مفعول له. {زَبَدٌ مِثْلُهُ} ابتداء وخبر، أي زبد مثل زبد السيل.
وقيل: إن خبر {زَبَدٌ} قوله: {فِي النَّارِ} الكسائي: {زَبَدٌ} ابتداء، و{مِثْلُهُ} نعت له، والخبر في الجملة التي قبله، وهو {مِمَّا يُوقِدُونَ}. {كَذلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثالَ} أي كما بين لكم هذه الأمثال فكذلك يضربها بينات. تم الكلام، ثم قال: {لِلَّذِينَ اسْتَجابُوا لِرَبِّهِمُ} أي أجابوا، واستجاب بمعنى أجاب، قال:
فلم يستجبه عند ذاك مجيب ***
وقد تقدم، أي أجاب إلى ما دعاه الله من التوحيد والنبوات. {الْحُسْنى} لأنها في نهاية الحسن.
وقيل: من الحسنى النصر في الدنيا، والنعيم المقيم غدا. {وَالَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُ}
أي لم يجيبوا إلى الإيمان به. {لَوْ أَنَّ لَهُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً} أي من الأموال. {وَمِثْلَهُ مَعَهُ} ملك لهم. {لَافْتَدَوْا بِهِ} من عذاب يوم القيامة، نظيره في آل عمران {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً} [آل عمران: 10]، {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَماتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْ ءُ الْأَرْضِ ذَهَباً وَلَوِ افْتَدى بِهِ} [آل عمران: 91] حسب ما تقدم بيانه هناك. {أُولئِكَ لَهُمْ سُوءُ الْحِسابِ} أي لا يقبل لهم حسنة، ولا يتجاوز لهم عن سيئة.
وقال فرقد السبخي قال لي إبراهيم النخعي: يا فرقد! أتدري ما سوء الحساب؟ قلت لا! قال أن يحاسب الرجل بذنبه كله لا يفقد منه شي. {وَمَأْواهُمْ} أي مسكنهم ومقامهم. {جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهادُ} أي الفراش الذي مهدوا لأنفسهم. قوله تعالى: {أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمى} هذا مثل ضربه الله للمؤمن والكافر، وروي أنها نزلت في حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه، وأبي جهل لعنه الله. والمراد بالعمى عمى القلب، والجاهل بالدين أعمى القلب. {إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ}.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال