سورة الرعد / الآية رقم 24 / تفسير تفسير الشعراوي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

أَفَمَن يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ الحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الأَلْبَابِ الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلاَ يَنقُضُونَ المِيثَاقَ وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الحِسَابِ وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِراًّ وَعَلانِيَةً وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُوْلَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَن صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِم مِّن كُلِّ بَابٍ سَلامٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ وَالَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ أُوْلَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ وَيَقْدِرُ وَفَرِحُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا الحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ مَتَاعٌ وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ قُلْ إِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنَابَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ القُلُوبُ

الرعدالرعدالرعدالرعدالرعدالرعدالرعدالرعدالرعدالرعدالرعدالرعدالرعدالرعدالرعد




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ(24)}
والسلام يعني الاطمئنان والرضا الذي لا تأتي بعده الأغيار؛ لأن السلام في الدنيا قد تُعكِّر أَمْنه أغيارُ الحياة؛ فأنتم أيها المؤمنون الذين دخلتم الجنة بريئون من الأغيار.
وقال صلى الله عليه وسلم عن لحظات ما بعد الحساب: (الجنة أبداً، أو النار أبداً).
ولذلك يقول سبحانه عن خيرات الجنة: {لاَّ مَقْطُوعَةٍ وَلاَ مَمْنُوعَةٍ} [الواقعة: 33].
والملائكة كما نعلم نوعان:
الملائكة المهيمون الذين يشغلهم ذكر الله تعالى عن أيِّ شيء ولا يدرون بِنَا؛ ولا يعلمون قصة الخَلْق؛ وليس لهم شَأنٌ بكُلِّ ما يجري؛ فليس في بالهم إلا الله وهم الملائكة العَالُون؛ الذين جاء ذكرهم في قصة السجود لآدم حين سأل الحق سبحانه الشيطان: {أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ العالين} [ص: 75].
أي: أن العالين هنا هم مَنْ لم يشملهم أَمْرُ السجود، وليس لهم علاقة بالخلق، وكُلُّ مهمتهم ذكر الله فقط.
أما النوع الثاني فهم الملائكة المُدبِّرات أمراً، ونعلم أن الحق سبحانه وتعالى قد استدعى آدم إلى الوجود هو وذريته، وأعدَّ له كل شيء في الوجود قبل أن يجئ؛ الأرض مخلوقة والسماء مرفوعة؛ والجبال الرَّواسي بما فيها من قُوتٍ؛ والشمس والقمر والنجوم والمياه والسحاب.
والملائكة المُدبِّرات هم مَنْ لهم علاقة بالإنسان الخليفة، وهم مَنْ قال لهم الحق سبحانه: {اسجدوا لأَدَمَ...} [البقرة: 34].
وهم الذين يتولَّوْن أمر الإنسان تنفيذاً لأوامر الحق سبحانه لهم، ومنهم الحفظة الذين قال فيهم الحق سبحانه: {لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ الله...} [الرعد: 11].
أي: أن الأمر صادر من الله سبحانه، وهم بَعْد أنْ يفرغوا من مهمتهم كحفظة من رقيب وعتيد على كل إنسان، ولن يوجد ما يكتبونه من بعد الحساب وتقرير الجزاء؛ وهنا سيدخل هؤلاء الملائكة على أهل الجنة ليحملوا ألطاف الله والهدايا؛ فهم مَنُوط بهم الإنسان الخليفة.
وسبحانه حين يُورِد كلمة في القرآن بموقعها البياني الإعرابي؛ فهي تُؤدِّي المعنى الذي أراده سبحانه. والمَثَل هو كلمة (سلام)؛ فضيف إبراهيم من الملائكة: {قَالُواْ سَلاَماً قَالَ سَلاَمٌ...} [هود: 69].
وكان القياس يقتضي أن يقول هو (سلاماً)، ولكنها قضية إيمانية، لذلك قال: {سَلاَمٌ...} [هود: 69].
فالسلام هنا يَأْتِ منصوباً؛ بل جاء مرفوعاً؛ لأن السلام للملائكة أمرٌ ثابت لهم؛ وبذلك حَيَّاهم إبراهيم بتحية هي احسن من التحية التي حَيَّوه بها.
فنحن نُسلِّم سلاماً؛ وهو يعني أن نتمنى حدوث الفعل، ولكن إبراهيم عليه السلام فَطِنَ إلى أن السلام أمرٌ ثابت لهم.
وهكذا الحال هنا حين تدخل الملائكة على العباد المكرمين بدخول الجنة، فَهُمْ يقولون: {سَلاَمٌ...} [الرعد: 24] وهي مرفوعة إعرابياً؛ لأن السلام أمر ثابت مُستِقر في الجنة، وهم قالوا ذلك؛ لأنهم يعلمون أن السلام أمر ثابت هناك؛ لا يتغير بتغيُّر الأغيار؛ كما في أمر الدنيا.
والسلام في الجنة لهؤلاء بسبب صبرهم، كما قال الحق سبحانه على ألسنة الملائكة: {سَلاَمٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ...} [الرعد: 24].
وجاء الصبر في صيغة الماضي، وهي صيغة صادقة؛ فهم قد صبروا في الدنيا؛ وانتهى زمن الصبر بانتهاء التكليف.
وهم هنا في دار جزاء؛ ولذلك يأتي التعبير بالماضي في موقعه؛ لأنهم قد صبروا في دار التكليف على مشقَّات التكليف؛ صبروا على الإيذاء؛ وعلى الأقدار التي أجراها الحقُّ سبحانه عليهم.
وهكذا يكون قول الحق سبحانه: {سَلاَمٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ...} [الرعد: 24].
في موقعه تماماً.
وكذلك قوله الحق عمَّنْ توفّرت فيهم التسع صفات، وهم في الدنيا: {وَالَّذِينَ صَبَرُواْ ابتغاء وَجْهِ رَبِّهِمْ...} [الرعد: 22].
وجاء بالصبر هنا في الزمن الماضي؛ رغم أنهم مازالوا في دار التكليف؛ والذي جعل هذا المعنى مُتّسعاً هو مَجِىء كل ما أمر به الله بصيغة المضارع؛ مثل قوله تعالى: {الذين يُوفُونَ بِعَهْدِ الله...} [الرعد: 20].
وهذه مسألة تحتاج إلى تجديد دائم؛ وقوله: {... وَلاَ يَنقُضُونَ الميثاق} [الرعد: 20].
وقوله: {والذين يَصِلُونَ ما أَمَرَ الله بِهِ أَن يُوصَلَ...} [الرعد: 21].
و{وَيَخْشَوْنَ...} [الرعد: 21]، {وَيَخَافُونَ...} [الرعد: 21].
هكذا نرى كل تلك الأفعال تأتي في صيغة المضارع، ثم تختلف الصيغة إلى الماضي في قوله: {وَالَّذِينَ صَبَرُواْ...} [الرعد: 22].
والمتأمل لكل ذلك يعلم أن كل تلك الأمور تقتضي الصبر؛ وكأن الصبر يسبق كل هذه الأشياء، وهو القاسم المشترك في كل عهد من العهود السابقة.
وقد عبر الحق سبحانه لأجل هذه اللفْتة بالماضي حين جاء حديث الملائكة لهم وهم في الجنة.
وهكذا تقع كلمة الصبر في موقعها؛ لأن الملائكة تخاطبهم بهذا القول وهم في دار البقاء؛ ولأن المتكلم هو الله؛ فهو يُوضِّح لنا جمال ما يعيش فيه هؤلاء المؤمنون في الدار الآخرة.
ويُذيِّل الحق سبحانه الآية الكريمة بقوله: {... فَنِعْمَ عقبى الدار} [الرعد: 24].
وعلمنا أن (عُقْبى) تعني الأمر الذي يجيء في العَقِب، وحين يعرض سبحانه القضية الإيمانية وصفات المؤمنين المعايشين للقيم الإيمانية؛ فذلك بهدف أن تستشرفَ النفس أن تكون منهم، ولابُدّ أن تنفِرَ النفس من الجانب المقابل لهم.
والمثل هو قول الحق سبحانه: {إِنَّ الأبرار لَفِي نَعِيمٍ} [الانفطار: 13].
ويأتي بمقابلها بعدها: {وَإِنَّ الفجار لَفِي جَحِيمٍ} [الانفطار: 14].
وساعة تقارن بأنهم لو لم يكونوا أبراراً؛ لَكَانوا في جحيم؛ هنا نعرف قَدْر نعمة توجيه الحق لهم، ليكونوا من أهل الإيمان.
وهكذا نجد أنفسنا أمام أمرين: سلب مَضرَّة؛ وجَلْب منفعة، ولذلك يقول الحق سبحانه أيضاً عن النار: {وَإِن مِّنكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا كَانَ على رَبِّكَ حَتْماً مَّقْضِيّاً} [مريم: 71].
أي: كلنا سنرى النار.
ويقول سبحانه: {ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ اليقين} [التكاثر: 7].
وذلك لكي يعرف كل مسلم ماذا صنعتْ به نعمة الإيمان؛ قبل أن يدخل الجنة، وبذلك يعلم أن الله سلب منه مَضرَّة؛ وأنعم عليه بمنفعة، سلب منه ما يُشقِى؛ وأعطاه ما يُفيد.
ولذلك يقول الحق سبحانه: {فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النار وَأُدْخِلَ الجنة فَقَدْ فَازَ...} [آل عمران: 185].
وإذا كان الحق سبحانه قد وصف أُولي الألباب بالأوصاف المذكورة من قبل؛ فهو يُبيِّن لنا أيضاً خيبة المقابلين لهم؛ فيقول سبحانه: {والذين يَنقُضُونَ عَهْدَ الله...}.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال