سورة البقرة / الآية رقم 168 / تفسير تفسير النسفي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ الَليْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَتِي تَجْرِي فِي البَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِن مَّاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ المُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللَّهِ أَندَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُباًّ لِّلَّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ العَذَابَ أَنَّ القُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ العَذَابِ إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا العَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الأَسْبَابُ وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلالاً طَيِّباً وَلاَ تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ إِنَّمَا يَأْمُرُكُم بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَن تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ

البقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرة




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


ومن النّاس أي ومع هذا البرهان النير من الناس {من يتّخذ من دون اللّه أنداداً} أمثالاً من الأصنام {يُحِبُّونَهُمْ} يعظمونهم ويخضعون لهم تعظيم المحبوب {كَحُبّ الله} كتعظيم الله والخضوع له أي يحبون الأصنام كما يحبون الله يعني يسوون بينهم وبينه في محبتهم لأنهم كانوا يقرون بالله ويتقربون إليه. وقيل: يحبونهم كحب المؤمنين الله {والذين ءَامَنُواْ أَشَدُّ حُبّا لِلَّهِ} من المشركين لآلهتهم لأنهم لا يعدلون عنه إلى غيره بحال، والمشركون يعدلون عن أندادهم إلى الله عند الشدائد فيفزعون إليه ويخضعون {وَلَوْ يَرَى} {ترى}: نافع وشامي على خطاب الرسول أو كل مخاطب، أي ولو ترى ذلك لرأيت أمراً عظيماً {الذين ظَلَمُواْ} إشارة إلى متخذي الأنداد {إِذْ يَرَوْنَ} {يرون}: شامي {العذاب أَنَّ القوة لِلَّهِ جَمِيعًا} حال {وَأَنَّ الله شَدِيدُ العذاب} شديد عذابه أي ولو يعلم هؤلاء الذين ارتكبوا الظلم العظيم بشركهم أن القدرة كلها لله تعالى على كل شيء من الثواب والعقاب دون أندادهم، ويعلمون شدة عقابه للظالمين إذا عاينوا العذاب يوم القيامة لكان منهم ما لا يدخل تحت الوصف من الندم والحسرة، فحذف الجواب لأن (لو) إذا جاء فيما يشوق إليه أو يخوف منه قلما يوصل بجواب ليذهب القلب فيه كل مذهب. و(لو) يليها الماضي. وكذا (إذا) وضعها لتدل على الماضي، وإنما دخلتا على المستقبل هنا لأن إخبار الله تعالى عن المستقبل باعتبار صدقه كالماضي {إِذْ تَبَرَّأَ} مدغمة الذال في التاء حيث وقعت: عراقي غير عاصم. وهو بدل من {إذ يرون العذاب}. {الذين اتبعوا} أي المتبعون وهم الرؤساء {مِنَ الذين اتبعوا} من الأتباع {وَرَأَوُاْ العذاب} الواو فيه للحال أي تبرأوا في حال رؤيتهم العذاب {وَتَقَطَّعَتْ} عطف على {تبرأ} {بِهِمُ الأسباب} الوصل التي كانت بينهم من الاتفاق على دين واحد ومن الأنساب والمحاب.
{وَقَالَ الذين اتبعوا} أي الاتباع {لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً} رجعة إلى الدنيا {فَنَتَبَرَّأَ} نصب على جواب التمني لأن لو في معنى التمني والمعنى ليت لنا كرة فنتبرأ {مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُواْ مِنَّا} الآن {كذلك} مثل ذلك الإراء الفظيع {يُرِيهِمُ الله أعمالهم} أي عبادتهم الأوثان {حسرات عَلَيْهِمْ} ندامات. وهي مفعول ثالث ل {يريهم} ومعناه أن أعمالهم تنقلب عليهم حسرات فلا يرون إلا حسرات مكان أعمالهم. {وَمَا هُم بخارجين مِنَ النار} بل هم فيها دائمون. ونزل فيمن حرموا على أنفسهم البحائر ونحوها. {يأَيُّهَا الناس كُلُواْ} أمر إباحة {مِمَّا فِى الأرض} (من) للتبعيض لأن كل ما في الأرض ليس بمأكول {حلالا} مفعول {كلوا} أو حال مما في الأرض {طَيِّباً} طاهراً من كل شبهة {وَلاَ تَتَّبِعُواْ خطوات الشيطان} طرقه التي يدعوكم إليها بسكون الطاء: أبو عمر غير عباس ونافع وحمزة وأبو بكر.
والخطوة في الأصل ما بين قدمي الخاطي. يقال اتبع خطواته إذا اقتدى به واستن بسنته. {إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ} ظاهر العداوة لاخفاءه به. وأبان متعدٍ ولازم. ولا يناقض هذه الآية قوله تعالى: {والذين كَفَرُواْ أَوْلِيَاؤُهُمُ الطاغوت} [البقرة: 257] أي الشيطان لأنه عدو للناس حقيقة ووليهم ظاهراً فإنه يريهم في الظاهر الموالاة ويزين لهم أعمالهم ويريد بذلك هلاكهم في الباطن. {إِنَّمَا يَأْمُرُكُم} بيان لوجوب الانتهاء عن اتباعه وظهور عداوته أي لا يأمركم بخير قط إنما يأمركم {بالسوء} بالقبيح {والفحشاء} وما يتجاوز الحد في القبح من العظائم. وقيل: السوء ما لاحد فيه والفحشاء ما فيه حد {وَأَن تَقُولُواْ} في موضع الجر بالعطف على {بالسوء} أي وبأن تقولوا {عَلَى الله مَا لاَ تَعْلَمُونَ} هو قولكم هذا حلال وهذا حرام بغير علم، ويدخل فيه كل ما يضاف إلى الله تعالى مما لا يجوز عليه.
{وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتبعوا مَا أَنزَلَ الله} الضمير للناس. وعدل بالخطاب عنهم على طريق الالتفاف. قيل: هم المشركون. وقيل: طائفة من اليهود لما دعاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الإيمان واتباع القرآن، {قَالُواْ بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا} وجدنا {عَلَيْهِ ءابَاءَنَا} فإنهم كانوا خيراً منا وأعلم فرد الله عليهم بقوله {أَوَلَوْ كَانَ آباؤُهُمْ} الواو للحال والهمزة بمعنى الرد والتعجب معناه أيتبعونهم ولو كان آباؤهم {لاَ يَعْقِلُونَ شَيْئًا} من الذين {وَلاَ يَهْتَدُونَ} للصواب. ثم ضرب لهم مثلاً فقال: {وَمَثَلُ الذين كَفَرُواْ} المضاف محذوف أي ومثل داعي الذين كفروا {كَمَثَلِ الذى يَنْعِقُ} يصيح والمراد {بِمَا لاَ يَسْمَعُ إِلاَّ دُعَاءً وَنِدَاءً} البهائم. والمعنى مثل داعيهم إلى الإيمان في أنهم لا يسمعون من الدعاء إلا جرس النغمة ودوي الصوت من غير إلقاء أذهان ولا استبصار كمثل الناعق بالبهائم التي لا تسمع إلا دعاء الناعق ونداءه الذي هو تصويت بها وزجر لها ولا تفقه شيئاً آخر كما يفهم العقلاء. والنعقيق: التصويت، يقال نعق المؤذن ونعق الراعي بالضأن والنداء ما يسمع والدعاء قد يسمع وقد لا يسمع. {صُمٌّ} خبر مبتدأ مضمر أي هم صم {بِكُمٌ} خبر ثانٍ {عُمْىٌ} عن الحق خبر ثالث {فَهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ} الموعظة، ثم بين أن ما حرمه المشركون حلال فقال:
{يأَيُّهَا الذين ءَامَنُواْ كُلُواْ مِن طَيّبَاتِ مَا رزقناكم} من مستلذاته أو من حلالاته {واشكروا لِلَّهِ} الذي رزقكموها {إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ} إن صح أنكم تختصونه بالعبادة وتقرون أنه معطي النعم. ثم بين المحرم فقال: {إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الميتة} وهي كل ما فارقه الروح من غير ذكاة مما يذبح وإنما لإثبات المذكور ونفي ما عداه، أي ما حرم عليكم إلا الميتة {والدم} يعني السائل لقوله في موضع آخر:
{أَوْ دَمًا مَّسْفُوحًا} [الأنعام: 145]. قد حلت الميتتان والدمان بالحديث: «أحلت لنا ميتتان ودمان: السمك والجراد والكبد والطحال» {وَلَحْمَ الخنزير} يعني الخنزير بجميع أجزائه، وخص اللحم لأنه المقصود بالأكل. {وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ الله} أي ذبح للأصنام فذكر عليه غير اسم الله، وأصل الإهلال رفع الصوت أي رفع به الصوت للصنم، وذلك قول أهل الجاهلية باسم اللات والعزى. {فَمَنِ اضطر} أي ألجئ بكسر النون: بصري وحمزة وعاصم لالتقاء الساكنين أعني النون والضاد وبضمها غيرهم لضمة الطاء. {غَيْرَ} حال أي أكل غير {بَاغٍ} للذة وشهوة {وَلاَ عَادٍ} متعد مقدار الحاجة. وقول من قال غير باغ على الإمام ولا عادٍ في سفر حرام ضعيف لأن سفر الطاعة لا يبيح بلا ضرورة، والحبس بالحضر يبيح بلا سفر، ولأن بغيه لا يخرج عن الإيمان فلا يستحق الحرمان. والمضطر يباح له قدر ما يقع به القوام وتبقى معه الحياة دون ما فيه حصول الشبع، لأن الإباحة للاضطرار فتقدر بقدر ما تندفع الضرورة {فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ} في الأكل {أَنَّ الله غَفُورٌ} للذنوب الكبائر فأنى يؤاخذ بتناول الميتة عند الاضطرار {رَّحِيمٌ} حيث رخص.
ونزل في رؤساء اليهود وتغييرهم نعت النبي عليه السلام وأخذهم على ذلك الرشا {إِنَّ الذين يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلَ الله مِنَ الكتاب} في صفة محمد عليه السلام {وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيًلا} أي عوضاً أو ذا ثمن {أولئك مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ} ملء بطونهم تقول: أكل فلان في بطنه وأكل في بعض بطنه {إِلاَّ النار} لأنه إذا أكل ما يتلبس بالنار لكونها عقوبة عليه فكأنه أكل النار. ومنه قولهم (أكل فلان الدم) إذا أكل الدية التي هي بدل منه قال:
يأكلن كل ليلة إكافاً ***
أي ثمن إكاف فسماه إكافاً لتلبسه به بكونه ثمناً له. {وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ الله يَوْمَ القيامة} كلاماً يسرهم ولكن بنحو قوله: {اخسئوا فِيهَا وَلاَ تُكَلّمُونِ} [المؤمنون: 108]. {وَلاَ يُزَكّيهِمْ} ولا يطهرهم من دنس ذنوبهم أو لا يثني عليهم {وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} مؤلم فحرف النفي مع الفعل خبر {أولئك} و{أولئك} مع خبره خبر {إن} والجمل الثلاث معطوفة على خبر (إن) فقد صار ل (إن) أربعة أخبار من الجمل. {أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى والعذاب بالمغفرة} بكتمان نعت محمد عليه السلام {فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النار} فأي شيء أصبرهم على عمل يؤدي إلى النار؟ وهذا استفهام معناه التوبيخ. {ذلك بِأَنَّ الله نَزَّلَ الكتاب بالحق} أي ذلك العذاب بسبب أن الله نزل ما نزل من الكتب بالحق. {وَإِنَّ الذين اختلفوا} أي أهل الكتاب {فِى الكتاب} هو للجنس أي في كتب الله فقالوا في بعضها حق وفي بعضها باطل {لَفِى شِقَاقٍ} خلاف {بَعِيدٍ} عن الحق أو كفرهم ذلك بسبب أن الله نزل القرآن بالحق كما يعلمون، وإن الذين اختلفوا فيه لفي شقاق بعيد عن الهدى.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال