سورة الحجر / الآية رقم 99 / تفسير تفسير الألوسي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

الَّذِينَ جَعَلُوا القُرْآنَ عِضِينَ فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ المُشْرِكِينَ إِنَّا كَفَيْنَاكَ المُسْتَهْزِئِينَ الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ اليَقِينُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ يُنَزِّلُ المَلائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنذِرُوا أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاتَّقُونِ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحَقِّ تَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ خَلَقَ الإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُّبِينٌ وَالأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ

الحجرالحجرالحجرالحجرالحجرالحجرالنحلالنحلالنحلالنحلالنحلالنحلالنحلالنحلالنحل




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ (99)}
{واعبد رَبَّكَ} دم على ما أنت عليه من عبادته سبحانه، قيل: وفي الإظهار بالعنوان السالف آنفًا تأكيد لما سبق من إظهار اللطف به صلى الله عليه وسلم والإشعار بعلة الأمر بالعبادة {حتى يَأْتِيَكَ اليقين} أي الموت كما روي عن ابن عمر. والحسن. وقتادة. وابن زيد، وسمي بذلك لأنه متيقن اللحوق بكل حي، وإسناد الإتيان إليه للإيذان بأنه متوجه إلى الحي طالب للوصول إليه، والمعنى دم على العبادة ما دمت حيًا من غير إخلال بها لحظة، وقال ابن بحر: اليقين النصر على الكافرين الذي وعده صلى الله عليه وسلم، وأيًا مّا كان فليس المراد به ما زعمه بعض الملحدين مما يسمونه بالكشف والشهود، وقالوا: إن العبد متى حصل له ذلك سقط عنه التكليف بالعبادة وهي ليست إلا للمحجوبين، ولقد مرقوا بذلك من الدين وخرجوا من ربقة الإسلام وجماعة المسلمين.
وذكر بعض الثقات أن هذا الأمر كان بعد الإسراء والعروج إلى السماء، أفترى أنه صلى الله عليه وسلم لم يتضح له ليلتئذٍ صبح الكشف والشهود ولم يمن عليه باليقين عظيم الكرم والجود؟ الله أكبر لا يتجاسر على ذلك من في قلبه مثقال ذرة من إيمان أو رزق حبة خردل من عقل ينتظم به في سلك الإنسان، وأيضًا لم يزل صلى الله عليه وسلم ما دام حيًا آتيًا راسم العبادة قائمًا بأعباء التكليف لم ينحرف عن الجادة قدر حادة أفيقال: إنه لم يأته عليه الصلاة والسلام حتى توفي ذلك اليقين ولذلك بقي في مشاق التكليف إلى أن قدم على رب العالمين؟ لا أرى أحدًا يخطر له ذلك بجنان ولو طال سلوكه في مهامه الضلالة وبان. نعم ذكر بعض العلماء الكرام في قوله تعالى: {وَلَقَدْ نَعْلَمُ} [الحجر: 97] إلخ كلامًا متضمنًا شيئًا مما يذكره الصوفية لكنه بعيد راحل عن مرام أولئك اللئام، ففي الكشف أنه تعالى بعدما هدم قواعد جهالات الكفرة وأبرق وأرعد بما أظهر من صنيعه بالقائلين نحو مقالات أولئك الفجرة فذلك الكلام بقوله سبحانه: {وَلَقَدْ نَعْلَمُ} [الحجر: 97] مؤكدًا هذا التأكيد البالغ الصادر عن مقام تسخط بالغ وكبرياء لينفس عن حبيبه عليه الصلاة والسلام أشد التنفيس، ثم أرشد إلى ما هو أعلى من ذلك مما تأهله لمسامرة الجليس للجليس وقال تعالى: {فَسَبّحْ بِحَمْدِ رَبّكَ} [الحجر: 98] إشارة إلى التوجه إليه بالكلية والتجرد التام عن الأغيار والتحلي بصفات من توجه إليه بحسن القبول والافتقار إذ ذلك مقتضى التسبيح والحمد لمن عقلهما، ثم قال سبحانه: {وَكُنْ مّنَ الساجدين} [الحجر: 98] دلالة على الاقتراب المضمر فيه لأن السجود غاية الذلة والافتقار وهو مظهر الفناء حتى نفسه وشرك البقاء ن أمره بخمسه، وقوله تعالى شأنه: {واعبد رَبَّكَ} إلخ ظاهره ظاهر وباطنه يومي إلى أن السفر في الله تعالى لا ينقطع والشهود الذي عليه يستقر لا يحصل أبدًا فما من طامة إلا وفوقها طامة:
إذا تغيبت بدا *** وإن بدا غيبني
وعن لسان هذا المقام {رَّبّ زِدْنِى عِلْمًا} [طه: 114] اه، هذا ولا يخفى مما ذكره غير واحد من المفسرين مناسبة خاتمة هذه السورة لفاتحتها، وأن قوله سبحانه: {وَلَقَدْ نَعْلَمُ} [الحجر: 97] إلخ في مقابلة {وَقَالُواْ يا أَيُّهَا *الذى نُزّلَ عَلَيْهِ الذكر} [الحجر: 6] والله تعالى أعلم وأحكم.
ومن باب الإشارة فيما تقدم من الآيات: ما قالوه مما ملخصه {نَبّىء عِبَادِى أَنّى أَنَا الغفور الرحيم} [الحجر: 49] أي أخبرهم بأني أغفر خطرات قلوب العارفين بعد إدراكهم مواضع خطرها وتداركهم ما هو مطلوب منهم وأرحمهم بأنواع الفيوضات وأوصلهم إلى أعلى المكاشفات والمشاهدات {وَأَنَّ عَذَابِى هُوَ العذاب الاليم} [الحجر: 50] وهو عذاب الاحتجاب والطرد عن الباب.
وقال ابن عطاء هذه الآية إرشاد له صلى الله عليه وسلم إلى كيفية الإرشاد كأنه قيل: أقم عبادي بين الخوف والرجاء ليصح لهم سبيل الاستقامة في الطاعة فإن من غلب عليه رجاؤه عطله ومن غلب عليه خوفه أقنطه وذكر بعضهم أن فيها إشارة إلى ترجيح جانب الخوف على الرجاء لأنه سبحانه أجرى وصفي الرحمة على نفسه عز وجل ولم يجر العذاب على ذلك السنن، وأنت تعلم أن المذكور في كثير من الكتب أنه ينبغي للإنسان أن يكون معتدل الرجاء والخوف إلا عند الموت فينبغي أن يكون رجاؤه أزيد من خوفه؛ وفي المقام كلام طويل يطلب من موضعه {لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِى سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ} [الحجر: 72] قال النووي: أي بحياتك التي خصصت بها من بين العالمين، وقال القرشي: هذا قسم بحياة الحبيب صلى الله عليه وسلم. وإنما أقسم سبحانه بها لأنها كانت به تعالى: {إِنَّ فِى ذَلِكَ لآيات لِلْمُتَوَسّمِينَ} [الحجر: 75] أي المتفرسين، وذكروا أن للفراسة مراتب فبعضها يحصل بعين الظاهر، وبعضها ما يدركه آذان العارفين مما ينطق به الحق بألسنة الخلق، وبعضها ما يبدو في صورة المتفرس من أشكال تصرف الحق سبحانه وانطاقه وجوده له حتى ينطق جميع شعرات بدنه بألسنة مختلفة فيرى ويسمع من ظاهر نفسه ما يدل على وقوع الأمور الغيبية، وبعضها ما يحصل بحواس الباطن حيث وجدت بلطفها أوائل المغيبات باللائحة، وبعضها ما يحصل من النفس الأمارة بما يبدو فيها من التمني والاهتزاز وذلك سر محبته فإن الله تعالى إذا أراد فتح باب الغيب ألقى في النفس آثار بواديه إما محبوبة فتتمنى وإما مكروهة فتنفر فتفزع ولا يعرف ذلك إلا رباني الصفة، وبعضها ما يحصل للقلب إما بالإلهام وإما بالكشف، وبعضها ما يحصل للعقل وذلك ما يقع من أثقال الوحي الغيبي عليه، وبعضها ما يحصل للروح بالواسطة وغير الواسطة، وبعضها ما يحصل لعين السر وسمعه؛ وبعضها ما يحصل في سر السر ظهور عرائس أقدار الغيبة ملتبسات بأشكال إلهية ربانية روحانية فيبصر تصرف الذات في الصفات ويسمع الصفات بوصف الحديث والخطاب من الذات بلا واسطة وهناك منتهى الكشف والفراسة.
وسئل الجنيل رضي الله تعالى عنه عن الفراسة فقال: آيات ربانية تظهر في أسرار العارفين فتنطق ألسنتهم بذلك فتصادف الحق، ولهم في ذلك عبارات أخر.
{فاصفح الصفح الجميل} [الحجر: 85] روى عمرو بن دينار عن محمد بن الحنفية عن أبيه عن علي كرم الله تعالى وجهه أنه قال: الصفح الجميل صفح لا توبيخ فيه ولا حقد بعده مع الرجوع إلى ما كان قبل ملابسة المالفة، وقيل: الصفح الجميل مواساة المذنب برفع الخجل عنه ومداواة موضع آلام الندم في قلبه {وَلَقَدْ ءاتيناك سَبْعًا مّنَ المثاني} وهي الصفات السبعة أعني الحياة والعلم والقدرة والإرادة والبصر والسمع والكلام، ومعنى كونها مثاني أنها ثمى وكرر ثبوتها له صلى الله عليه وسلم، فكانت له عليه الصلاة والسلام أولًا: في مقام وجود القلب وتخلقه بأخلاقه واتصافه بأوصافه، وثانيًا: في مقام البقاء بالوجود الحقاني، وقيل: معنى كونها مثاني أنها ثواني الصفات القائمة بذاته سبحانه عز وجل ومواليدها، وجاء «لا زال العبد يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أجببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به» الحديث {والقرآن العظيم} [الحجر: 87] وهو عندهم: الذات الجامع لجميع الصفات {لا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجًا منهم} [الحجر: 88] إلى آخره. قال بعضهم في ذلك غار الحق سبحانه عليه عليه الصلاة والسلام أن يستحسن من الكون شيئًا ويعيره طرفه وأراد منه صلى الله عليه وسلم أن تكون أوقاته مصروفة إليه وحالاته موقوفة عليه وأنفاسه النفيسة حبيسة عنده، وكان صلى الله عليه وسلم كما أراد منه سبحانه ولذلك وقع في المحل الأعلى {مَا زَاغَ البصر وَمَا طغى} [النجم: 17] {فَسَبّحْ بِحَمْدِ رَبّكَ وَكُنْ مّنَ الساجدين واعبد رَبَّكَ حتى يَأْتِيَكَ اليقين} [الحجر: 98، 99] قد مر عن الكشف ما فيه مقنع لمن أراد الإشارة من المسترشدين، هذا وأسأل الله سبحانه أن يحفظنا من سوء القضا ويمن علينا بالتوفيق إلى ما يحب ويرضى بحرمة النبي صلى الله عليه وسلم وآله وأصحابه رضي الله تعالى عنهم أجمعين ما جرى في تفسير كتاب الله تعالى قلم.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال