سورة النحل / الآية رقم 60 / تفسير التفسير القرآني للقرآن / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

لِيَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ وَيَجْعَلُونَ لِمَا لاَ يَعْلَمُونَ نَصِيباً مِّمَّا رَزَقْنَاهُمْ تَاللَّهِ لَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنتُمْ تَفْتَرُونَ وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ البَنَاتِ سُبْحَانَهُ وَلَهُم مَّا يَشْتَهُونَ وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُم بِالأُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَداًّ وَهُوَ كَظِيمٌ يَتَوَارَى مِنَ القَوْمِ مِن سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلاَ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ وَلِلَّهِ المَثَلُ الأَعْلَى وَهُوَ العَزِيزُ الحَكِيمُ وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِم مَّا تَرَكَ عَلَيْهَا مِن دَابَّةٍ وَلَكِن يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ مَا يَكْرَهُونَ وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمُ الكَذِبَ أَنَّ لَهُمُ الحُسْنَى لاَ جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ النَّارَ وَأَنَّهُم مُّفْرَطُونَ تَاللَّهِ لَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ فَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَهُوَ وَلِيُّهُمُ اليَوْمَ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ وَمَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الكِتَابَ إِلاَّ لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ

النحلالنحلالنحلالنحلالنحلالنحلالنحلالنحلالنحلالنحلالنحلالنحلالنحلالنحلالنحل




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{وَقالَ اللَّهُ لا تَتَّخِذُوا إِلهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ (51) وَلَهُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلَهُ الدِّينُ واصِباً أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَتَّقُونَ (52) وَما بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْئَرُونَ (53) ثُمَّ إِذا كَشَفَ الضُّرَّ عَنْكُمْ إِذا فَرِيقٌ مِنْكُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ (54) لِيَكْفُرُوا بِما آتَيْناهُمْ فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (55) وَيَجْعَلُونَ لِما لا يَعْلَمُونَ نَصِيباً مِمَّا رَزَقْناهُمْ تَاللَّهِ لَتُسْئَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَفْتَرُونَ (56) وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَناتِ سُبْحانَهُ وَلَهُمْ ما يَشْتَهُونَ (57) وَإِذا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ (58) يَتَوارى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ ما بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرابِ أَلا ساءَ ما يَحْكُمُونَ (59) لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلى وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (60)}.
التفسير:
قوله تعالى: {وَقالَ اللَّهُ لا تَتَّخِذُوا إِلهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ}.
القول من اللّه سبحانه وتعالى، هو أمر.. بمعنى أمر اللّه.
وهو هنا أمر باجتناب منكر.. فالأمر واقع على نهى.. وهوقوله تعالى: {لا تَتَّخِذُوا إِلهَيْنِ اثْنَيْنِ}.
فهو توكيد للنهى.. بترك المنهي عنه، والإتيان بما يقابله وهو المأمور به.
ويكون المعنى: لا تتخذوا إلهين اثنين، واعبدوا إلها واحدا.
وفى وصف الإلهين بأنهما اثنان، تجسيد لتلك الصورة التي تجمع بين إلهين، وتقابل بينهما مقابلة الشيء للشىء.
وهذه صورة لا تتحقق أبدا، إذ ليس للّه سبحانه وتعالى نظير يناظره، أو شبيه يقابله.. إذ هكذا يكون الإله الذي يعبد.. إلها متفردا بالكمال والجلال.. لا يشاركه أحد في كماله وجلاله، وإلا كان ناقصا، لا يستحق أن يأخذ مكان التفرد، وعلى العقل أن يبحث عن الإله الذي لا مثيل له، ولا نظير، وإن البحث سينتهى به إلى اللّه الواحد الأحد.. الفرد الصمد.. {إِنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ}.
وفى قوله تعالى: {فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ} هو دعوة إلى اللّه الواحد الأحد، الذي يستحق العبودية، وهو الذي يخافه الملائكة، وهم أقرب الخلق إليه، فكيف لا يخاف ولا يرهب من هم دون الملائكة من خلقه؟
قوله تعالى: {وَلَهُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلَهُ الدِّينُ واصِباً أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَتَّقُونَ}؟
الواصب: الخالص، المصفّى من كل شائبة.. ومنه قوله تعالى: {وَلَهُمْ عَذابٌ واصِبٌ} [9: الصافات] أي خالص، لا يختلط به شيء غريب عنه، يخفف من آثاره وأفعاله في أهله، ا لواقع بهم.
فللّه سبحانه وتعالى ملك السموات والأرض، لا شريك له، وله سبحانه الدّين الخالص، غير المشوب بشرك أو إلحاد، فهو سبحانه طيب لا يقبل إلا طيّبا.. كما يقول جل شأنه: {وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [29: الأعراف] ويقول سبحانه: {أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخالِصُ} [3: الزمر].
ومن كان هذا ملكه وسلطانه، وذلك دينه الذي يعبد عليه من خلقه.
فإن عبادة غيره كفر، وعبادته على غير دينه الذي ارتضاه وأمر به، ضلال.
قوله تعالى: {وَما بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْئَرُونَ}.
الجأر، والجؤار: رفع الصوت عاليا.
والآية الكريمة، تحدّث عما للّه سبحانه وتعالى في عباده من فضل وإحسان.. فكل ما هم فيه من نعم، هو من عند اللّه.. حياتهم التي يحيونها.
وحواسّهم، وجوارحهم، ونومهم ويقظتهم، وطعامهم وشرابهم، وما بين أيديهم من مال وبنين.. كل هذا، وأضعاف هذا مما يتقلبون فيه، ويقيمون وجودهم عليه، هو من عطاء اللّه، ومن فضل اللّه، ومن رحمة اللّه.. كذلك ما يبتلى به الإنسان من ضرّ هو من عند اللّه، وهو سبحانه الذي يدعى لكشف الضر، ويرجى لدفع الشدّة، كما يقول سبحانه: {قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتاكُمْ عَذابُ اللَّهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَغَيْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ ما تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شاءَ وَتَنْسَوْنَ ما تُشْرِكُونَ} [40- 41: الأنعام].
وقوله تعالى: {ثُمَّ إِذا كَشَفَ الضُّرَّ عَنْكُمْ إِذا فَرِيقٌ مِنْكُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ لِيَكْفُرُوا بِما آتَيْناهُمْ.. فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ}.
هو بيان لجحود الإنسان وكفرانه بفضل اللّه عليه، ومكره بنعمه.
فهو إذا أصابته نعمة، بطر، وكفر، وأعرض عن اللّه، وإذا مسّه ضرّ جأر إلى اللّه، ورفع صوته شاكيا متوجعا، وعاهد اللّه لئن كشف الضّرّ عنه، ليؤمننّ باللّه، وليستقيمن على صراطه المستقيم، فإذا كشف اللّه الضرّ عنه، نسى ما كان يدعو إليه من قبل، ولم يزده هذا الإحسان إلا ضلالا وكفرانا.. وقليل هم أولئك الذين يذكرون في هذا الموقف ربّهم، ويشكرون له ما آتاهم من فضله.
وفى هذا يقول اللّه تعالى: {وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ}.
وفى قوله تعالى: {لِيَكْفُرُوا بِما آتَيْناهُمْ} تهديد ووعيد، لهؤلاء الذين يمكرون بنعم اللّه، وينكثون عهدهم مع اللّه.. فليكفروا بما آتاهم اللّه من فضله، وليتمتعوا بما هم فيه من نعمة، فإن اللّه- سبحانه- لن يعجّل لهم العقاب، ولكن يؤخرهم إلى أجل مسمّى، وسوف يعلمون عاقبة ما هم فيه من كفر وضلال.
وفى الانتقال من الغيبة إلى الخطاب في قوله تعالى: {لِيَكْفُرُوا بِما آتَيْناهُمْ فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ} مواجهة لهؤلاء الكافرين الضالين، بالبلاء الذي ينتظرهم، وبالعذاب المعدّ لهم.. وفى تلك المواجهة التي يجدون فيها ريح العذاب- ما يدعوهم إلى النظر إلى أنفسهم، ومراجعة موقفهم الذي يشرف بهم على شفير جهنم.
وقوله تعالى: {وَيَجْعَلُونَ لِما لا يَعْلَمُونَ نَصِيباً مِمَّا رَزَقْناهُمْ تَاللَّهِ لَتُسْئَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَفْتَرُونَ}.
هو كشف عن وجه من وجوه الضلال، التي يعيش فيها المشركون باللّه، وهو أنهم لا يقفون بكفرهم بنعم اللّه عند حدّ جحدها، وجحد المنعم بها، بل يتجاوزون ذلك إلى أن يضيفوا هذه النعم إلى غير اللّه، وأن يقدّموها قربانا إلى ما يعبدون من دون اللّه، من أصنام! وهذا فوق أنه كفر باللّه، هو عدوان على اللّه، وحرب له.
وفى قوله تعالى: {لِما لا يَعْلَمُونَ} حذف المفعول به، لإطلاق نفى العلم من هؤلاء المعبودين.. وأنهم لا يعلمون شيئا.. وفى هذا تشنيع على المشركين، وتسفيه لأحلامهم.. إذ عدلوا عن التعامل مع ربّ العالمين، الذي يعلم كل شىء، إلى التعامل مع ما لا يعلم شيئا.
وفى قوله: {نَصِيباً مِمَّا رَزَقْناهُمْ} إشارة إلى أن ما بأيدى هؤلاء المشركين من نعم اللّه، قد ضيعوا حق اللّه فيها، مما كان ينبغى أن يقدموه منها صدقة وزكاة، ابتغاء وجه اللّه، وجعلوه قربانا يتقربون به إلى هذه الأحجار المنصوبة، ويرجون الجزاء منها على ما قدموه.
وفى قوله تعالى: {تَاللَّهِ لَتُسْئَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَفْتَرُونَ} وعيد لهؤلاء المشركين، وأنهم مسئولون عن هذا الضلال، وذلك الافتراء، ومحاسبون على هذا المنكر حسابا عسيرا، يلقون جزاءه عذابا أليما في نار جهنم.
وقوله تعالى: {وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَناتِ سُبْحانَهُ.. وَلَهُمْ ما يَشْتَهُونَ}.
هو بيان لوجه آخر من وجوه الضلال، التي يلبسها المشركون حالا بعد حال.
فمن ضلالاتهم أنهم يجعلون الملائكة بنات للّه.. فلم يكتفوا بأن جعلوا للّه- سبحانه- ولدا، بل جعلوه لا يلد إلا البنات، تلك المواليد التي لفظها مجتمعهم وزهد فيها، واستقبلها في تكرّه وضيق.. وفى هذا ما يكشف عن مدى جهلهم بما للّه من كمال، وما ينبغى أن يكون له من توقير.. فلقد أساءوا القسمة مع اللّه، حين سوّوه بهم- ضلالا وسفها- فجعلوا له البنات، وجعلوا لأنفسهم {ما يشتهون} من الذكور.. وقد سفّه اللّه أحلامهم، وكشف عوار منطقهم بقوله تعالى {أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى وَمَناةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرى أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثى تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزى إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْماءٌ سَمَّيْتُمُوها أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ ما أَنْزَلَ اللَّهُ بِها مِنْ سُلْطانٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَما تَهْوَى الْأَنْفُسُ.} [19- 23: النجم].. وذلك حين أطلقوا على تلك الأصنام هذه الأسماء المؤنثة، وادعوا أنها بنات اللّه.
وقوله تعالى: {وَإِذا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ يَتَوارى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ ما بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرابِ أَلا ساءَ ما يَحْكُمُونَ}.
هو بيان لتلك الحال من الانزعاج، والكرب، والبلاء، التي تستولى على هؤلاء المشركين من العرب، حين يبشر أحدهم بأنه قد ولدت له أنثى.. هنالك ينزل عليه هذا الخبر نزول الصاعقة، فيضطرب كيانه، وتغلى دماء الكمد في عروقه، ويضيق صدره، حتى لتختنق أنفاسه ويسودّ وجهه.
فإذا ظهر في الناس جعل يتوارى منهم، ذلّة وانكسارا، حتى لكأنه لبس عارا، أو جنى جناية..! وهذا جهل فاضح، وضلال غليظ.. ولو كان معه شيء من النظر والتعقل، لعرف أن هذا الأمر ليس له، وأن ليس لأحد أن يخلق ذكرا أو أنثى، وإنما ذلك إلى اللّه وحده.. فلم يخجل من أن تولد له أنثى؟
ولم يمشى في الناس مطأطىء الرأس، ذليل النفس؟ أيستطيع عاقل أن يتهمه بأنه جنى هذه الجناية المنكرة عندهم، وأنه ولد بنتا ولم يلد ولدا؟ ذلك قول لا يقال إلا في مجتمع السفهاء والحمقى!- وفى قوله تعالى: {وَإِذا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثى} إشارة إلى أن الولد نعمة من النعم التي يبشر بها، سواء أكان ذكرا أم أنثى، وأن من شأن هذه البشرى أن تملأ قلب الوالد بالفرحة والبشر.. تلك طبيعة الكائن الحىّ، حين يولد له مولود.. يهشّ له ويسعد به، بمجرد أن يرى وجهه، من قبل أن يتعرف عليه، ويعلم أذكر هو أم أنثى!.. فما يتوقف الحيوان عن فرحته حين يستقبل ولده، حتى يتبين الذكر من الأنثى.. بل إن مواليده كلّها سواء عنده.. هى قطعة منه، وثمرة شجرة الحياة المغروسة في كيانه، والإنسان الذي يفرّق بين مواليده، هو خارج على الفطرة، منحرف عن سنة الحياة في الأحياء.
وقوله تعالى: {كَظِيمٌ} أي مكظوم، ممتلىء غيظا، وألما. ومنه الكظّة: وهى الامتلاء من الطعام.
وقوله تعالى: {أَلا ساءَ ما يَحْكُمُونَ} هو تعقيب على هذا الموقف المنحرف الضال، الذي يقفه المشركون من مواليدهم، من التفرقة في الحكم بين الذكور والإناث.
وقوله تعالى: {لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلى وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}.
المثل الذي ضربه اللّه سبحانه وتعالى لموقف المشركين من إضافتهم الإناث إلى اللّه، وإضافة الذكور إليهم، هو هذا الموقف الذي يقفونه هم أنفسهم مع ما يولد لهم من ذكور وإناث، وأنهم حين يبشر أحدهم بالأنثى ينزل به ما ينزل من حسرة، وحزن وبلاء.. فكيف ينسبون للّه تعالى، ما لا يرضون نسبته إليهم؟ ذلك ما يعطيه المثل المضروب.. وتعالى اللّه سبحانه وتعالى عن أن يسوّى بينه وبينهم، فلله سبحانه المثل الأعلى، الذي لا يقابل بمثل.
أما المشركون فلهم كل خبيث، وكل خسيس، يضرب مثلا لهم، تصوّر به أحوالهم، ويكشف به ضلالهم.
وفى قوله تعالى: {وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} إشارة إلى أنه سبحانه وتعالى هو {العزيز} الذي يعلو بعزته فوق كل مثل.. {الحكيم} الذي يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور، أو يزوجّهم ذكرانا وإناثا ويجعل من يشاء عقيما.. حسب ما تقضى حكمته.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال