سورة النحل / الآية رقم 68 / تفسير تفسير ابن عجيبة / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

وَاللَّهُ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمِ يَسْمَعُونَ وَإِنَّ لَكُمْ فِي الأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُّسْقِيكُم مِّمَّا فِي بُطُونِهِ مِن بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَّبَناً خَالِصاً سَائِغاً لِّلشَّارِبِينَ وَمِن ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً وَرِزْقاً حَسَناً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الجِبَالِ بُيُوتاً وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ ثُمَّ كُلِي مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلاً يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا شَرَابٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِّلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ ثُمَّ يَتَوَفَّاكُمْ وَمِنكُم مَّن يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ العُمُرِ لِكَيْ لاَ يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئاً إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ قَدِيرٌ وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُوا بِرَادِّي رِزْقِهِمْ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَهُمْ فِيهِ سَوَاءٌ أَفَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً وَجَعَلَ لَكُم مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ

النحلالنحلالنحلالنحلالنحلالنحلالنحلالنحلالنحلالنحلالنحلالنحلالنحلالنحلالنحل




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


قلت: {أن اتخذي}: مفسرة للوحي الذي أوحي إلى النحل، أو مصدرية، أي: بأن اتخذي. و{من}: للتبعيض في الثلاثة مواضع، {ثم كُلِي}: عطف على {اتخذي}. و{من}: للتبعيض؛ لأنها لا تأكل من جميع الشجر، وقيل: من كل الثمرات التي تشتهيها، فتكون للبيان. و{ذُللاً}: حال من السبل، أو من الضمير في {اسلكي}.
يقول الحقّ جلّ جلاله: {وأوْحَى ربك إلى النحل} أي: ألهمها، وقذف في قلوبها ذلك. والوحي على ثلاثة أقسام: وحْيُ إلهام، ووحيُ منام ووحْيُ أحكام. وقال الراغب: أصل الوحي: الإشارة السريعة، إما بالكلام؛ رمزًا، وإما بصوت مجرد عن التركيب، أو بإشارة ببعض الجوارح، والكناية. ويقال للكلمة الإلهية التي تُلقى إلى الأنبياء: وحي، وذلك أضْرُبٌ؛ إما برسول مشاهَد، وإما بسماع كلام من غير معاينة، كسماع موسى كلام الله، وإما بإلقاءٍ في الروع، وإما بإلهام، نحو: {وَأَوْحَيْنَآ إلى أُمِّ موسى} [القَصَص: 7]، وإما تسخير، كقوله: {وأوحى ربك إلى النحل}، أو بمنام، كقوله صلى الله عليه وسلم: «انقطع الوحي، وبقي المبشرات؛ رؤيا المؤمن»
ثم بيَّن ما أوحي إليها فقال: {أنِ اتخذي}، أو بأن اتخذي {من الجبال بيوتًا} تأوين إليها، كالكهوف ونحوها، {ومن الشجر} بيوتًا، كالأجْبَاح ونحوها، {ومما يَعرِشُون} أي: يهيئون، أو يبنون لك الناس من الأماكن، وإلا لم تأو إليها. وذكرها بحرف التبعيض؛ لأنها لا تُبنى في كل جبل، وكل شجر، وكل ما يعرش؛ من كرْم أو سقف، ولا في كل مكان منها. وإنما سمي ما تبنيه، لتتعسل فيه، بيتًا؛ تشبيهًا ببناء الإنسان؛ لما فيه من حسن الصنعة وصحة القسْمة، التي لا يقوى عليها حُذَّاق المهندسين إلا بآلات وأنظار دقيقة. ولعل ذكره: للتنبيه على ذلك. قاله البيضاوي. قلت: وليس للنحل فعل في الحقيقة، وإنما هو صنع العليم الحكيم في مظاهر النحل.
ثم قال لها: {ثم كُلِي من كل الثمرات} التي تشتهيها، حلوها ومرها. قيل: إنها ترعى من جميع النوار إلا الدفلة. {فاسْلُكي} أي: ادخلي {سُبل ربك}؛ طُرقه في طلب المرعى، أو: فاسلكي؛ راجعة إلى بيوتك، سبلَ ربك، لا تتوعر عليك ولا تلتبس. وأضافها إليه؛ لأنها خلقه وملْكه. {ذُللاً}: مطيعة منقادة لما يراد منك، أو اسلكي طرقَه؛ مذللة مسخرة لكِ، فلا تعسر عليك وإن توعرت، ولا تضل عن العْود منها وإن بَعُدت. قال مجاهد: لم يتوعَّر على النحل قط طريق.
{يخرجُ من بطونها شرابٌ} وهو العسل، عَدل عن خطاب النحل إلى خطاب الناس: لأنه محل الإنعام عليهم، والمقصود من خلق النحل وإلهامه؛ لأجلهم. وسماه شرابًا؛ لأنه مما يشرب. وظاهر الآية أن العسل يخرج من بطون النحل، وهو ظاهر كلام سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه في تحقيره للدنيا، قال: (أشرف لباس ابن آدم فيها نفثة دود، وأشرف شراب فيها رجيع نحلة- أو قيء نحلة-، وأشرف لذة فيها مَبَال في مبال).
وجمهور الناس على أن العسل يخرج من أفواه النحل. قاله ابن عطية. قلت: والذي ألفيناه، ممن يتعاطاهم، أنه يخرج من دبرهم.
وقوله: {مختلفٌ ألوانه} أي: أبيض، وأحمر، وأسود، وأصفر، بحسب اختلاف سن النحل، ومراعيها. وقد يختلف طعمه ورائحته باختلاف مرعاه. ومنه قول عائشة للنبي- عليه الصلاة والسلام-: «جَرَسَتْ نَحْلُهُ العُرْفُطَ» وهو نبت مُنتن الرائحة، شُبهت رائحته برائحة المغافير.
ثم قال تعالى: {فيه شفاء للناس}؛ إما بنفسه، كما في الأمراض البلغمية، أو مع غيره، كما في سائر الأمراض، إذ قلما ما يكون معجون إلا والعسل جزء منه. قاله البيضاوي. قال السيوطي: قيل: لبعضها، كما دل عليه تنكير شفاء، أو لكلها بضميمةٍ إلى غيره- أقول: وبدونها، بنية- وقد أمر به صلى الله عليه وسلم من استطلق بطنه، رواه الشيخان. اهـ. قال ابن جزي: لأن أكثر الأدوية مستعملة من العسل؛ كالمعاجن، والأشربة النافعة من الأمراض. وكان ابن عمر يتداوى به من كل شيء، فكأنه أخذه من العموم. وعلى ذلك يدل الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: أن رجلاً جاء إليه فقال: أَخي يَشْتَكِي بَطْنَهُ، فقال: «اسْقِهِ عَسَلاً»، فَذَهَب ثُمَ رَجَع، فقال: قَدْ سَقَيْتُهُ فَما نَفعَ، قال: «فاذْهَبْ فَاسْقِهِ عَسَلاً، فَقَدً صَدَقَ اللهُ وَكَذَبَ بَطْنُ أَخِيكَ»، فَسَقَاهُ فشفاه الله عزّ وجلّ.
{إن في ذلك لآية لقوم يتفكرون}؛ فإن من تدبر اختصاص النحل بتلك العلوم الدقيقة والأفعال العجيبة حق التدبر، عَلِمَ، قطعًا، أنه لا بدّ له من قادر مدبر حكيم، يلهمها ذلك ويحملها عليه، وهو الحق تعالى.
الإشارة: إنما كان العسل فيه شفاء للناس؛ لأن النحل ترعى من جميع العشب، فتأخذ خواص منافعها. وكذلك العارف الكامل يأخذ النصيب من كل شيء، ويعرف الله في كل شيء، فإذا كان بهذه المنزلة، كان فيه شفاء للقلوب، كل من صحبه، بصدق ومحبة، شفاه الله، وكل من رآه، بتعظيم وصدق، أحياه الله. وقد قالوا في صفة العارف: هو الذي يأخذ النصيب من كل شيء، ولا يأخذ النصيب منه شيئًا، يصفو به كدر كل شيء، ولا يكدر صفوه شيء، قد شغله واحد عن كل شيء، ولم يشغله عن الواحد شيء... إلى غير ذلك من نعوته. وقال الورتجبي: قال أبو بكر الوراق: النحلة لَمَّا تبعت الأمر، وسلكت سبيلها على ما أمرت به، جعل لعابها شفاء للناس، كذلك المؤمن، إذا اتبع الأمر، وحفظ السر، وأقبل على مولاه، جعل رؤيته وكلامه ومجالسته شفاء للخلق، ومن نظر إليه اعتبر، ومن سمع كلامه اتعظ، ومن جالسه سعد. اهـ.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال