سورة البقرة / الآية رقم 194 / تفسير التفسير القرآني للقرآن / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

وَاقْتُلُوَهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوَهُمْ وَأَخْرِجُوهُم مِّنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ القَتْلِ وَلاَ تُقَاتِلُوَهُمْ عِندَ المَسْجِدِ الحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِن قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوَهُمْ كَذَلِكَ جَزَاءُ الكَافِرِينَ فَإِنِ انتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ غَفَُورٌ رَّحِيمٌ وَقَاتِلُوَهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انتَهَوْا فَلاَ عُدْوَانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِينَ الشَّهْرُ الحَرَامُ بِالشَّهْرِ الحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ المُتَّقِينَ وَأَنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلاَ تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ المُحْسِنِينَ وَأَتِمُّوا الحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الهَدْيِ وَلاَ تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ فَإِذَا أَمِنتُمْ فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِن الهَدْيِ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَلِكَ لِمَن لَّمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي المَسْجِدِ الحَرَامِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ العِقَابِ

البقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرة




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{الشَّهْرُ الْحَرامُ بِالشَّهْرِ الْحَرامِ وَالْحُرُماتُ قِصاصٌ فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (194) وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (195)}.
التفسير:
كان أهل الجاهلية يعظمون أربعة أشهر، هى: ذو القعدة، وذو الحجة ومحرم ورجب، فكانوا لا يطلبون فيها ثارا، ولا يوقعون بينهم فيها قتالا، فهيئوا بذلك لأنفسهم فترة أمن وسلام، يستروحون فيها ريح الطمأنينة والعافية خلال هذا الشر المحتدم بينهم، وتلك الحروب المتقدة في كل أفق من آفاقهم، معظم حياتهم.
وجاء الإسلام فزكّى هذا الشّعور الذي يودّ الإسلام لو استقام عليه الناس أبد الدهر، لو كان ذلك مما تحتمله النفوس البشرية، وتتقبله طبيعة الناس! ولكن ماذا يكون موقف الإسلام لو تخلّى المشركون عن هذا الشعور وأباحوا حرمة هذه الأشهر الحرم، وأعلنوها حربا على المسلمين؟ وماذا يكون موقف المسلمين لو عرف العدوّ من أمر دينهم هذا المعتقد، فانتهزها فرصة فيهم، وساق إليهم جيوشه، وأعمل فيهم أسلحته؟
أيمسك المسلمون عن القتال ويدعون العدو يمضى فيهم حكمه بالهلاك والفناء؟ ذلك أمر لا يقبله عقل، ولا يرتضيه دين، إلا أن يكون عذابا من عذاب اللّه، ونقمة من نقمه، كما دان اللّه به اليهود وشرعه لهم، حيث حرّم عليهم أن يباشروا عملا في يوم السبت، فلا يقاتلوا من قاتلهم، ولا يدفعوا من اعتدى عليهم، وإلا كانوا عصاة آثمين! وهذا لا شك ضرب من البلاء، ساقه اللّه إلى هذا القطيع المعربد- كما يقول فيهم السيد المسيح- ليذلّوا، ويستكينوا، ويكونوا صيدا لكل صائد! وإنه لمحال أن يفى اليهود بهذا الأمر السماوي، وأن يمتثلوه، وإلا هلكوا وضاعوا.
ولكن اللّه سبحانه أمرهم بهذه المحال، وحمّلهم هذا الحمل الثقيل، ليلقوه وراءهم ظهريا، وبهذا لا يكون أمامهم فرصة أبدا لامتثال أمر اللّه، بل يكون أمرهم دائما على معصية وخلاف، حتى لو أجهدوا أنفسهم في البرّ والطاعة.
لأن أي بارّ وأي مطيع منهم لا بد له- كى يعيش- أن يدفع العدوان ويردّ المعتدين، وإلا أصبح في الهالكين! وهكذا.. كل يهودى محمول حملا على أن يعصى اللّه، ويخرج عن أمره في حرمة يوم السبت.. وتلك هى اللعنة التي ألقاها اللّه عليهم.. تتناول برّهم وفاجرهم جميعا.
تقول التوراة: فتحفظون السبت لأنه مقدس لكم.. من دنّسه يقتل قتلا.. إن كل من صنع فيه عملا تقطع تلك النفس من بين شعبها.. كل من صنع عملا في يوم السبت يقتل قتلا (الإصحاح الحادي والثلاثون سفر الخروج) وقد جاءهم السيد المسيح بأمر كهذا الأمر، إذ فرض عليهم الاستسلام لكل يد تضربهم، إذا لطمهم أحد لم يكن لهم أن يردوا اللطمة.. وفى هذا يقول السيد المسيح لهم: من ضربك على خدّك الأيمن فأدر له خدّك الأيسر وفى هذا ما فيه من إذلال لهم، وقتل لمعانى الإنسانية فيهم، إن هم استقاموا على هذا الأمر، فإن خرجوا عليه فهم عصاة خارجون على أمر اللّه، يستحقون اللعنة وسوء المصير.. وليس هذا مما يكلف اللّه به عباده، ولكنه من نقمه التي ينزلها على أهل البغي والعدوان.
ولهذا أمر اللّه المسلمين بما أمرهم به من هذا الخير، بترك القتال في الأشهر الحرم، ثم حرس هذا الخير من أن يستبد به الأشرار، ويجنى ثمرته المبطلون.
فهى أشهر حرم لا يبدأ فيها المسلمون بقتال، فإن بدأهم أحد فيها بقتال فلا حرمة عندئذ لهذه الأشهر الحرم، التي ما شرعت إلا لخير الإنسان وصيانة دمه، وأما وقد جعلها العدوّ ظرفا يستبيح به دماءهم، فصيانة دمائهم والدفاع عنها أكثر قداسة وحرمة من كل حرمة وقداسة.. لزمان أو مكان! هذا ما يقرره قوله تعالى: {الشَّهْرُ الْحَرامُ بِالشَّهْرِ الْحَرامِ وَالْحُرُماتُ قِصاصٌ فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ} في أي مكان وفى أي زمان {فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ}.
وفى قوله تعالى: {وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ} تذكير للمسلمين بما وصاهم به الإسلام من آداب القتال، وهى ألا يعتدوا، فإن اعتدى عليهم ردّوا الاعتداء.. ولكن لما كان عدوان المعتدى باعثا على النقمة منه، جاء قوله تعالى: {وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ} ضابطا لمشاعر الانتقام من العدو المعتدى، مذكرا المسلمين بالتقوى في هذا الموطن، فلا يأخذون أكثر من حقهم في تأديب العدوّ، وكسر شوكته، فإذا تخلّى المسلمون عن التقوى في هذا الموطن تخلّى عنهم عون اللّه ونصره.
وقوله تعالى: {وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}.
دعوة إلى البذل في وجوه الحق والخير، وأولى هذه الوجوه ما كان في الجهاد في سبيل اللّه، فهذا باب أجزل اللّه فيه الثواب لأهله، وخصهم بالمزيد من فضله ورضوانه، ولهذا اقتضت حكمة اللّه سبحانه أن يشارك المجتمع الإسلامى كله في الجهاد، كل بحسب جهده وقدرته، وذلك حتى لا يحرم أحد منه هذا الخير الكثير، بالقليل من الجهد.
فمن جهز غازيا فقد غزا، ومن أعان في إعداد أدوات الحرب، ومئونة الجيش فقد غزا، ومن قام على خدمة من خلّف المجاهدون وراءهم من أهل وولد، فهو في المجاهدين.. وهكذا كل عمل يقوّى من جبهة المجاهدين هو من الجهاد المبرور المقبول عند اللّه.
هذا، وقد يعمل المجاهد في أكثر من ميدان، فيجهز المجاهدين بما له، وينفق في كل ما تحتاج إليه الحرب من سلاح ومتاع، ثم يكون هو مع المجاهدين في ميدان القتال، وإنه على قدر العمل يكون الثواب.
وفى قوله تعالى: {وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} تنبيه وتحذير من هذا الشعور الحماسى الذي قد يغلب على المجاهد وهو في ميدان المعركة، فيتحدى الموت الذي يتخطف النفوس من حوله، فيندفع متهورا يلقى الموت في غير مبالاة.
والإسلام حريص على أهله ضنين بهم، فلا يبيع حياتهم إلا بالثمن الكريم الغالي، ولا يقتضيها هذا البيع إلا حيث تجب التضحية والفداء في سبيل اللّه، ولا سبيل آخر غير هذا السبيل تقدم فيه النفوس قربانا للّه وفى سبيل اللّه.
وعلى هذا فإن واجبا على المسلم إذ يشرى نفسه ابتغاء مرضاة اللّه، وإذ يدفع بها في مزدحم المنايا، أن يتقاضى الثمن المجزى لها، وأن يأخذ لها حقها الكامل في القتال، بالنكاية في العدو، فإن قتل بعدها فقد كتب بدمه الطهور حرفا من حروف النصر للجبهة المقاتل فيها، وللجماعة المحارب معها.
وفى قوله تعالى: {وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} دعوة إلى الإحسان المطلق، الإحسان في كل أمر يقوم عليه الإنسان ويؤديه، للّه أو لنفسه أو للناس.. وعن هذه الدعوة إلى الإحسان المطلق تتجه دعوة خاصة إلى الإحسان في مواطن القتال، فيقاتل المسلم على بصيرة، ولا يكن من همّه الأول أن يقتل ويستشهد في سبيل اللّه، بل أن يكون مقصده النيل من العدو، والنكاية به، إذ يقتل فرسانه وشجعانه، فذلك هو المطلوب أولا، فإن قتل وهو يسعى لتحقيق هذه الغاية لم يكن مجرد شهيد، بل كان بطلا يحمل شهادة أعداد من الشهداء.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال