سورة الإسراء / الآية رقم 6 / تفسير تفسير ابن عجيبة / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ المَسْجِدِ الحَرَامِ إِلَى المَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ وَآتَيْنَا مُوسَى الكِتَابَ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ أَلاَّ تَتَّخِذُوا مِن دُونِي وَكِيلاً ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْداً شَكُوراً وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُواًّ كَبِيراً فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَاداً لَّنَا أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْداً مَّفْعُولاً ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لأَنفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الآخِرَةِ لِيَسُوؤُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا المَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيراً

الإسراءالإسراءالإسراءالإسراءالإسراءالإسراءالإسراءالإسراءالإسراءالإسراءالإسراءالإسراءالإسراءالإسراءالإسراء




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


يقول الحقّ جلّ جلاله: {وقضينا إلى بني إِسرائيل} أي: أخبرناهم وأوحينا إليهم {في الكتاب}؛ التوراة، وقلنا: والله {لتُفسدنَّ في الأرض مرتين} إلخ. أو: قضينا عليهم {في الكتاب}؛ اللوح المحفوظ، {لتُفسدنَّ في الأرض مرتين} إلخ. أو: قضينا عليهم {في الكتاب}: اللوح المحفوظ، {لتُفسدُنَّ في الأرض مرتين} أي: إفسادتين، أُولاهُمَا: مخالفة أحكام التوراة وقتل أشعياء، وقيل: أرمياء. وثانيتهما: قتل زكريا ويحيى، وقَصْدُ قتل عيسى عليه السلام، {ولتَعلُنَّ عُلوًّا كبيرًا}؛ ولتستكبرن عن طاعة الله، أو لتظلمن الناس وتستعلون عليهم علوًا كبيرًا.
{فإِذا جاء وعدُ}؛ عقاب {أُولاهما} أي: أول مرتي الإفساد؛ بأن أفسدوا في الأرض المرة الأولى {بعثنا عليكم عبادًا لنا}؛ بختنصر وجنوده {أُولي بأس شديد}؛ ذوي قوة وبطش في الحرب شديد، {فجاسوا}؛ فترددوا لطلبكم {خلال الديار}؛ وسطه؛ للقتل أو الغارة، فقتلوا كبارهم وسبوا صغارهم، وحرقوا التوراة، وخربوا المسجد. وفي التذكرة للقرطبي: أنه سلط عليهم في المرة الأولى بخُتنصر، فسباهم، ونقل ذخائر بيت المقدس على سبعين ألف عَجَلَة، وبقوا في يده مائة سنة. ثم رحمهم الله تعالى وأنقذهم من يده، على يد ملك من ملوك فارس، ثم عصوا، فسلط عليهم ملك الروم قيصر. اهـ. قال تعالى: {وكان وعدًا مفعولاً} أي: وكان وعد عقابهم وعدًا مقضيًا لا بدّ أن يُفعل.
{ثم رددنا لكم الكرّة} أي: الدولة والغلبة {عليهم} أي: على الذين بُعثوا عليكم، فرجع المُلك إلى بني إسرائيل، واستنقذوا أسراهم، فقيل: على يد بهْمَن بن إسفنديار؛ ملك فارس، فاستنقذهم، ورد أسراهم إلى الشام، وملَّكَ دَانْيال عليهم، فاستولوا على من كان فيها من أتباع بختنصر، وقيل: على يد داود عليه السلام حين قتل جالوت. قال تعالى: {وأمددناكم بأموال وبنين وجعلناكم أكثرَ نفيرًا} أي: عددًا مما كنتم. والنفير: من ينفر مع الرجل من قومه، وقيل: جمع نَفر، وهم: المجتمعون للذهاب إلى الغزو.
ثم قال تعالى لهم: {إِنْ أحسنتم} بفعل الطاعة والعمل الصالح، {أَحْسَنْتُمْ لأنفسكم}؛ لأن ثوابه لها، {وإِن أسأتم فلها}؛ فإنَّ وبالها عليها. وذكر باللام للازدواج. {فإِذا جاء وعدُ الآخرة} أي: وعد عقوبة المرة الأخيرة، بأن أفسدوا في المرة الآخرة، بعثنا عليكم عبادًا لنا آخرين، أُولي بأس شديد {ليَسُؤوا وجوهكم}، يجعلوها تظهر فيها آثار السوء والشر، كالكآبة والحزن، كقوله: {سِيئَتْ وُجُوهُ الذين كَفَرُواْ} [المُلك: 27] {وليدخلوا المسجد}؛ بيت المقدس {كما دخلوه أول مرة وليُتبروا}؛ وليُهلكوا {ما عَلوا} عليه {تتبيرًا}؛ إهلاكًا، أو مدة علوهم. قال البيضاوي: وذلك بأن الله سلَّط عليهم الفرس مرة أخرى، فغزاهم ملكُ بابِل، اسمه حَرْدُون، وقيل: حَرْدوس، قيل: دخل صاحب الجيش مَذبح قرابينهم، فوجد دمًا يغلي، فسأل عنه، فقالوا: دم قربان لم يُقبل منا.
فقال: ما صدقتموني، فقتل عليه ألوفًا منهم، فلم يهدأَ الدم. ثم قال: إن لم تصدقوني ما تركت منكم أحدًا، فقالوا: دم يحيى، فقال: لِمثل هذا ينتقم منكم ربكم، ثم قال: يا يحيى، قد علم ربي وربك ما أصاب قومك، فاهدأ بإذن الله، قبل ألاَّ أُبقي منهم أحدًا، فهدأ. اهـ.
وقال السهيلي في كتاب التعريف والإعلام: المبعوث في المرة الأولى هم أهل بابل، وكان إذ ذاك عليهم بختنصر، حين كذّبوا أرمياء وجرحوه وحبَسوه. وأما في المرة الأخيرة: فقد اختلف فيمن كان المبعوث عليهم، وأن ذلك كان بسبب قتل يحيى بن زكريا. فقيل: بختنصر، وهذا لا يصح؛ لأن قتل يحيى كان بعد رفع عيسى، وبختنصر كان قبل عيسى بزمان طويل. اهـ. وقول الجلال السيوطي: وقد أفسدوا في الأُولى بقتل زكريا، فبعث عليهم جالوت وجنوده، ولا يصح؛ لأنه يقتضي أن داود تأخر عن زكريا، وهو باطل.
ثم قال تعالى لبني إسرائيل: {عسى ربُكم أن يرحَمكم} بعد المرة الأخرى ويجبر كسركم، {وإِن عُدتُم عُدْنَا} إلى عقوبتكم، وقد عادوا بتكذيب نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وقصد قتله، فعاد إليهم بتسليطه عليهم، فقتل من بني قريظة سبعمائة في يوم واحد، وسبى ذراريهم، وباعهم في الأسواق، وأجلى بني النضير، وضرب الجزية على الباقين. هذا في الدنيا، {وجعلنا جهنم للكافرين} منهم ومن غيرهم {حصيرًا}؛ محبسًا، لا يقدرون على الخروج منها، أبدَ الآباد. وقيل: بساطًا كبسط الحصير، كقوله: {لَهُم مِّن جَهَنَّمَ مِهَادٌ} [الأعرَاف: 41]. والله تعالى أعلم.
الإشارة: قد قضى الحقُّ جلّ جلاله ما كان وما يكون في سابق علمه، فما من نفَس تُبديه إلا وله قدر فيك يُمضيه. فالواجب على العبد أن يكون ابن وقته، إذا أصبح نظر ما يفعل الله به. فأسرار القدر قد استأثر الله بعلمها، وأبهم على عباده أمرَها، فلو ظهرت لبطل سر التكليف. ولذلك لما سُئل عنه سيدنا علي- كرم الله وجهه- قال للسائل: (بحر عميق لا تطيقه)، فأعاد عليه السؤال، فقال: (طريق مظلم لا تسلكه)؛ لأنه لا يفهم سر القضاء والقدر، إلا من دخل مقام الفناء والبقاء، وفرَّق بين القدرة والحكمة، وبين العبودية والربوبية، فإذا تحقق العارف بالوحدة، عِلَمَ أنَّ الحق تعالى أظهر من خلقه مظاهر أَعدهم للإكرام، وأظهر خلقًا أعدهم للانتقام، وأبهم الأمر عليهم، ثم خلق فيهم كسبًا واختيارًا فيما يظهر لهم، وكلفهم؛ لتقوم الحجة عليهم، وتظهر صورة العدل فيهم. {ولا يظلم ربك أحدًا}. فالقدرة تُبرز ما سبق في الأزل، والحكمة تستر أسرار القدر. لكن جعل للسعادة علامات كالتوفيق والهداية للإيمان، وللشقاوة علامات؛ كالخذلان والكفران. نعوذ بالله من سوء القضاء وحرمان الرضا. آمين.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال