سورة الإسراء / الآية رقم 21 / تفسير التفسير القرآني للقرآن / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

مَن كَانَ يُرِيدُ العَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَن نُّرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاهَا مَذْمُوماً مَّدْحُوراً وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُوراً كُلاًّ نُّمِدُّ هَؤُلاءِ وَهَؤُلاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُوراً انظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَلَلآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلاً لاَ تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُوماً مَّخْذُولاً وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيماً وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِن تَكُونُوا صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلأَوَّابِينَ غَفُوراً وَآتِ ذَا القُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيراً إِنَّ المُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُوراً

الإسراءالإسراءالإسراءالإسراءالإسراءالإسراءالإسراءالإسراءالإسراءالإسراءالإسراءالإسراءالإسراءالإسراءالإسراء




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{مَنِ اهْتَدى فَإِنَّما يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّما يَضِلُّ عَلَيْها وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً (15) وَإِذا أَرَدْنا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنا مُتْرَفِيها فَفَسَقُوا فِيها فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْناها تَدْمِيراً (16) وَكَمْ أَهْلَكْنا مِنَ الْقُرُونِ مِنْ بَعْدِ نُوحٍ وَكَفى بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبادِهِ خَبِيراً بَصِيراً (17) مَنْ كانَ يُرِيدُ الْعاجِلَةَ عَجَّلْنا لَهُ فِيها ما نَشاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاها مَذْمُوماً مَدْحُوراً (18) وَمَنْ أَرادَ الْآخِرَةَ وَسَعى لَها سَعْيَها وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولئِكَ كانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُوراً (19) كُلاًّ نُمِدُّ هؤُلاءِ وَهَؤُلاءِ مِنْ عَطاءِ رَبِّكَ وَما كانَ عَطاءُ رَبِّكَ مَحْظُوراً (20) انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ وَلَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلاً (21) لا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُوماً مَخْذُولاً (22)}.
التفسير:
قوله تعالى: {مَنِ اهْتَدى فَإِنَّما يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّما يَضِلُّ عَلَيْها وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا}.
فى هذه الآية أمور:
أولا: أنها تعقيب على الأحكام، والمقررات التي عرضتها الآيات السابقة، وعرضت فيها المؤمنين، والكافرين، وحصيلة كل ما يعمله الإنسان في الدنيا، وحسابه عليه في الآخرة.
{مَنِ اهْتَدى فَإِنَّما يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّما يَضِلُّ عَلَيْها} فما يعمله الإنسان من خير فهو له، وما يعمله من شر فهو واقع عليه، لا يصيب أحدا غيره.. {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ}.
ثانيا: أنه لا تزر وازرة وزر أخرى.. فلا يلقى حمل أحد على أحد.
والوزر: الحمل، ويستعمل للدلالة على الأعمال السيئة، إذ كانت هذه الأعمال عبئا على أصحابها، بما يصيبهم منها من عناء وضنى، فصحّ أن تشبّه بالأحمال الثقيلة.
ومعنى: {تزر} تحمل، والوازرة الحاملة.
وقد أسند الفعل إلى النفس ولهذا أنّث.. والمعنى: ولا تحمل نفس حمل نفس أخرى.. كما يقول سبحانه وتعالى: {كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ} [38: المدثر].
ثالثا: أنه مما قضت به حكمة اللّه سبحانه وتعالى ورحمته بالناس، أن يقيم حجته عليهم، قبل أن يحاسبهم، وذلك بدعوتهم إليه عن طريق رسل يختارهم من الناس، ليبلغوهم رسالة اللّه إليهم، ويكشفوا لهم الطريق إليه.. {لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ}.
فإذا جاء الرسول إلى الناس لم يكن لهم على اللّه حجة في أخذهم بالعذاب إن لم يستجيبوا لرسول اللّه، ولم يؤمنوا باللّه! وإنه مما يسأله الكافرون، والضالون يوم القيامة، وهم يعرضون على اللّه سبحانه، هذا السؤال التقريرى: {أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آياتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا؟ قالُوا بَلى! وَلكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذابِ عَلَى الْكافِرِينَ} [71: الزمر].
قوله تعالى: {وَإِذا أَرَدْنا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنا مُتْرَفِيها فَفَسَقُوا فِيها فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْناها تَدْمِيراً}.
قرىء في هذه الآية {أمرنا} آمرنا، بمدّ الهمزة، وأمرنا بكسر الميم، وأمّرنا بتشديدها، وفسّرت كلها بمعنى كثّرنا.
هذه الآية الكريمة تشير إلى قضاء اللّه سبحانه، النافذ في العباد، وسنّته الجارية عليهم، المطّردة فيهم.
فإذا أراد اللّه سبحانه وتعالى أمرا استدعى له أسبابه، ثم أجراه على هذه الأسباب، وأقامه على سننه الكونية.
وهو سبحانه مبدع، قادر، يقول للشىء كن فيكون.. وليست هذه الأسباب وتلك السنن حدودا تحدّ من سلطان القدرة، والإبداع.. وإنما هى في ذاتها من عمل القدرة، ومن آيات الإبداع، إذ كانت الحكمة قائمة مع الإبداع والقدرة.. وإلا فلو كانت القدرة قدرة مطلقة لا تتلبس الحكمة بها لكانت قوة طاغية، ترمى بالفوضى، والاضطراب.. تعالت قدرة اللّه عن ذلك علوّا كبيرا.
وصفات اللّه سبحانه وتعالى، في كمالها وجلالها، ليست على هذا التصور الذي نتصوره، من أنها صفات متعددة.. وإنما هى في ذاتها صفة واحدة للّه.
فكما أنه سبحانه واحد في ذاته، هو سبحانه واحد في صفاته.. ولكن هذا التعدد في الصفات، إنما هو من حيث نظرتنا نحن إلى تجلّيات اللّه سبحانه وتعالى، فحين ننظر إلى العلم مثلا، ننسب العلم الكامل الشامل للّه سبحانه وتعالى.
ولكنه علم من؟ إنه علم اللّه المتصف بصفات الكمال كلها.. وهكذا الشأن في كل صفة نصف اللّه جلّ وعزّ بها.. إنها صفة اللّه المتصف بكل كمال، المنزّه عن كل نقص.
والآية الكريمة تحدّث- كما قلنا- عن قضاء اللّه في عباده، وسنّته فيهم، وأنه- سبحانه- إذا قضى بأن يهلك قرية لم يهلكها حتى يقيم الحجة عليها، بإرسال الرسل أولا، ثم بما يكون منها من عصيان الرسول، وكفر باللّه، وبما يسوق إليه الكفر من ضلال وفساد.. ثانيا.
وفى قوله تعالى: {أَمَرْنا مُتْرَفِيها}.
إشارة إلى قضاء اللّه النافذ فيهم، وأنهم- تحت حكم هذا القضاء، لن يؤمنوا أبدا ولو جاءتهم كلّ آية.
فكأنهم مأمورون بالكفر والعصيان، وإن لم يكن ثمّة أمر ولا إلزام..!
{إِنَّ اللَّهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ}.
وتسأل: ما الحكمة من إرسال الرسل إلى من حقّ عليهم القول؟
والجواب، ما علمت من قوله تعالى: {وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} وذلك لإقامة الحجة عليهم، ولإظهار مالديهم من إرادة تواجه إرادة اللّه.
وإن كانت إرادة اللّه هى الغالبة! وتسأل: ما بال هؤلاء الذين حقّ عليهم القول يعذّبون وهم مسوقون سوقا إلى قدرهم المقدور؟
ولا جواب، إلّا أنّ هذه هى مشيئة اللّه في عباده.. {وَلِذلِكَ خَلَقَهُمْ}.
ولا يسأل الخالق عما يفعل فيما خلق: {لا يُسْئَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْئَلُونَ} [23: الأنبياء].
وفى الإشارة إلى المترفين وهم أصحاب الثّراء، الذي يعيش له أهله في فراغ وبطالة- يعنى أن هؤلاء المترفين لا يرجى منهم خير، ولا يطبّ لدائهم بدواء.. فهم كائنات فاسدة هازلة، لا تجدّ أبدا.. ثم هم مع هذا قدوة الناس، وقادتهم بما لهم من ثراء!- وقوله تعالى: {فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ}.
هو إشارة إلى ما قضى اللّه به في عباده، وما حكم به على هذه القرية، من الهلاك والتدمير.. فقول اللّه: هو قضاؤه وحكمته.. وإحقاق القول: هو وقوعه، ونفاذه.
وأخذ القرية كلها بفساد المفسدين من أهل الترف فيها، إنما لأن أحدا من أهل القرية لم يضرب على أيديهم، ولم ينكر عليهم هذا المنكر، واللّه سبحانه وتعالى يقول: {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً} [25: الأنفال].
قوله تعالى: {وَكَمْ أَهْلَكْنا مِنَ الْقُرُونِ مِنْ بَعْدِ نُوحٍ وَكَفى بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبادِهِ خَبِيراً بَصِيراً}.
أي من سنن اللّه في عباده، هذا الموت الذي كتبه عليهم، وجعله حكما واقعا على كل حىّ.. وهذه القرون، التي خلت من بعد نوح إلى اليوم، قد هلك أهلها جميعا، وهم أعداد كثيرة، تضمّ أمما وشعوبا لا يعلمها إلا اللّه، وقد مضوا جميعا إلى ربّهم، ليس معهم شيء مما كان لهم في دنياهم، إلا ما عملوا من خير أو شر.
وفى قوله تعالى: {وَكَفى بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبادِهِ خَبِيراً بَصِيراً}.
.- إشارة إلى أن علم اللّه محيط بكل ما عمل الناس، لا يعزب عنه مثقال ذرة مما عملوا.
وخصّ الذنوب بالعلم، لأنها هى الخطر الذي يتهدد الناس، حتى يحذروه، فيكتب لهم الأمن والعافية.. فإنه إذا توقّى الإنسان الذنوب، استقام على طريق الحق والخير، لأنها هى الوارد الذي يرد عليه ويفسد فطرته.
قوله تعالى: {مَنْ كانَ يُرِيدُ الْعاجِلَةَ عَجَّلْنا لَهُ فِيها ما نَشاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاها مَذْمُوماً مَدْحُوراً}.
العاجلة، هى الدنيا، وما فيها من متاع.
فمن قصر نظره على الدنيا، وعمل لها، ولم يلتفت إلى الآخرة.. فذلك هو كل حظّه، وهو حظ قدّره اللّه تبارك وتعالى له، لا أنّه جاء عن تقديره وتدبيره، وإرادته.. فليس كل من أراد الدنيا بمستجيبة له، وإنما الذي يستجاب له منها، هو ما أراده اللّه له.
وفى هذا ما يشير إلى أن طالب الدنيا قد بخس نفسه حظّها من الآخرة، حيث لم يعمل لها، ولم يصرف من همّه شيئا إليها، على حين أن طلبه للدنيا وحصر همّه فيها لم يجىء إليه بشىء إلا ما أراده اللّه له.. وهذا ما يشير إليه قوله تعالى: {مَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها وَما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ} [20: الشورى].
وفى قوله تعالى: {لِمَنْ نُرِيدُ} إشارة إلى أن طالبى الدنيا لم يطلبوها إلا لأن اللّه سبحانه وتعالى أرادهم لها، وجعلهم من أهلها.
وقوله تعالى: {مَذْمُوماً مَدْحُوراً}.
المذموم: المنحوس الحظ، والمدحور: المخذول.
قوله تعالى: {وَمَنْ أَرادَ الْآخِرَةَ وَسَعى لَها سَعْيَها وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولئِكَ كانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُوراً}.
هو الوجه المقابل لطلاب العاجلة.. وفى هذا الوجه يظهر أولئك الذين يريدون الآخرة، ويعملون لها.. وعملهم هذا محمود طيب، يشكره اللّه سبحانه وتعالى لهم، ويجزيهم الجزاء الطيب عليه.
وقوله تعالى: {وَهُوَ مُؤْمِنٌ} هو قيد وارد على العمل الذي يعمله العاملون للآخرة، حتى يكون عملا مبرورا مشكورا، وهذا القيد هو الإيمان.. فكل عمل- وإن كان في أصله حسنا- لا يقبل عند اللّه، إلا إذا زكّاه الإيمان باللّه، وبهذا يكون العمل مرادا به اللّه، ومبتغى به مرضاته.. فيتقبله اللّه، ويجزل الثواب عليه.
قوله تعالى: {كُلًّا نُمِدُّ هؤُلاءِ وَهَؤُلاءِ مِنْ عَطاءِ رَبِّكَ وَما كانَ عَطاءُ رَبِّكَ مَحْظُوراً}.
هو تعقيب على ما كشفت عنه الآيات السابقة من العاملين للدنيا، والعاملين للآخرة.. فهؤلاء وهؤلاء جميعا، إنما يرزقون من فضل اللّه، وينالون من عطائه.. {وَما كانَ عَطاءُ رَبِّكَ مَحْظُوراً} فهو عطاء يشمل الخلق جميعا.
محسنهم ومسيئهم..! فهذه النعم التي يتقلب فيها الذين لا يؤمنون باللّه، هى من عطاء اللّه، ولكنهم في عمى وفى ضلال: {وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً} [41: المائدة].
قوله تعالى: {انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ وَلَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلًا} هو إلفات إلى هذه الدرجات المتفاوتة بين الناس، فيما أمدهم به اللّه سبحانه وتعالى في هذه الدنيا.. فهم ليسوا على حظ واحد فيما نالوا من حظوظ الدنيا.. إذ فيهم من وسّع اللّه له في الرزق، فملك القناطير المقنطرة من الذهب والفضة، وفيهم من لا يملك إلا ثوبا مرقعا وكسرات من الخبز.. وبين هؤلاء وأولئك درجات.
هذا كلّه في الدنيا.. الناس على تفاوت كبير في حظوظهم منها.. وهم في الآخرة كذلك، درجات متفاوتة، وحظوظ متباينة.. فريق في الجنة، وفريق في السعير.. وأهل الجنة درجات، وأصحاب النار دركات.. وشتّان ما بين الدنيا والآخرة، وما بين النار والجنة.. {وَلَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلًا}.
إنها دار البقاء والخلود.. {فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فازَ وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا مَتاعُ الْغُرُورِ} [185: آل عمران].
قوله تعالى: {لا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُوماً مَخْذُولًا}.
الخطاب للنبىّ- صلوات اللّه وسلامه عليه- وهو خطاب عام يشمل الناس جميعا، إذ كان صلوات اللّه وسلامه عليه- إمام الإنسانية، ورسولها، وفى توجيه هذا النّهى للنبىّ ما يشير إلى خطر الأمر المنهىّ عنه، وإلى أنّه إن وقع من إنسان- أي إنسان- حبط عمله، وساء مصيره.
وفى التعبير عن سوء المصير، بالقعود، ما يشير إلى فداحة الخطب، وأنه من الهول بحيث ينهار معه بناء الإنسان، وتنحلّ قواه، فلا يقدر على الحركة، بل يتهاوى، ويسقط على الأرض، وعن يمينه وشماله، بقاياه ومخلّفاته، التي لا يأتيه منها غير الذم والتأنيب، على ما فرط منه، وإلا الخيبة والخذلان مما جمع وأوعى!




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال