سورة الإسراء / الآية رقم 28 / تفسير تفسير أبي السعود / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغَاءَ رَحْمَةٍ مِّن رَّبِّكَ تَرْجُوهَا فَقُل لَّهُمْ قَوْلاً مَّيْسُوراً وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ البَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَّحْسُوراً إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيراً بَصِيراً وَلاَ تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئاً كَبِيراً وَلاَ تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً وَلاَ تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَمَن قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً فَلاَ يُسْرِف فِّي القَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنصُوراً وَلاَ تَقْرَبُوا مَالَ اليَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ العَهْدَ كَانَ مَسْئُولاً وَأَوْفُوا الكَيْلَ إِذَا كِلْتُمْ وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ المُسْتَقِيمِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً وَلاَ تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحاً إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ الأَرْضَ وَلَن تَبْلُغَ الجِبَالَ طُولاً كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِندَ رَبِّكَ مَكْرُوهاً

الإسراءالإسراءالإسراءالإسراءالإسراءالإسراءالإسراءالإسراءالإسراءالإسراءالإسراءالإسراءالإسراءالإسراءالإسراء




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{إِنَّ المبذرين كَانُواْ إخوان الشياطين} تعليلٌ للنهي عن التبذير ببيان أنه يجعل صاحبَه ملزوزاً في قَرن الشياطين، والمرادُ بالأخوة المماثلةُ التامةُ في كلِّ ما لا خيرَ فيه من صفات السوءِ التي من جملتها التبذيرُ أي كانوا بما فعلوا من التبذير أمثالَ الشياطين، أو الصداقةُ والملازمةُ أي كانوا أصدقاءَهم وأتباعَهم فيما ذُكر من التبذير والصرْفِ في المعاصي فإنهم كانوا ينحَرون الإبلَ ويتياسرون عليها ويبذّرون أموالَهم في السمعة وسائرِ ما لا خير فيه من المناهي والملاهي، أو المقارنةُ أي قرناءَهم في النار على سبيل الوعيد {وَكَانَ الشيطان لِرَبّهِ كَفُورًا} من تتمة التعليل أي مبالِغاً في كفران نعمتِه تعالى لأن شأنه أن يصرِفَ جميع ما أعطاه الله تعالى من القُوى والقدر إلى غير ما خُلقت هي له من أنواع المعاصي والإفسادِ في الأرض وإضلالِ الناس وحملِهم على الكفر بالله وكفرانِ نِعَمه الفائضةِ عليهم وصرفِها إلى غير ما أمر الله تعالى به، وتخصيصُ هذا الوصفِ بالذكر من بين سائر أوصافِه القبيحة للإيذان بأن التبذيرَ الذي هو عبارةٌ عن صرف نِعَم الله تعالى إلى غير مصْرِفها من باب الكفرانِ المقابلِ للشكر الذي هو عبارةٌ عن صرفها إلى ما خُلقت هي له. والتعرضُ لوصف الربوبيةِ للإشعار بكمال عُتوِّه فإن كفرانَ نعمةِ الربِّ مع كون الربوبية من أقوى الدواعي إلى شكرها غايةُ الكُفران ونهايةُ الضلال والطغيان.
{وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمْ} أي إن اعتراك أمرٌ اضطَرَّك إلى أن تُعرِض عن أولئك المستحقين {ابتغاء رَحْمَةٍ مّن رَّبّكَ} أي لفقد رزقٍ من ربك، إقامةٌ للمسبّب مُقام السبب فإن الفقدَ سببٌ للابتغاء {تَرْجُوهَا} من الله تعالى لتُعطيَهم وكان عليه السلام إذا سُئل شيئاً وليس عنده أعرض عن السائل وسكت حياءً فأُمر بتعهّدهم بالقول الجميل لئلا تعتريَهم الوَحشةُ بسكوته عليه السلام، فقيل: {فَقُل لَّهُمْ قَوْلاً مَّيْسُورًا} سهلاً ليّناً وعِدْهم وعداً جميلاً، من يسُر الأمرُ نحوُ سعِد، أو قل لهم رزَقنا الله وإياكم من فضله على أنه دعاءٌ لهم ييّسر عليهم فقرَهم.
{وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إلى عُنُقِكَ وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ البسط} تمثيلان لمنع الشحيحِ وإسرافِ المبذِّرِ زجراً لهما عنهما وحملاً على ما بينهما من الاقتصاد.
كلا طَرَفَيْ قصدِ الأمورِ ذميمُ ***
وحيث كان قبحُ الشحِّ مقارِناً له معلوماً من أول الأمر رُوعيَ ذلك في التصوير بأقبح الصور، ولمّا كان غائلةُ الإسراف في آخره بُيِّن قبحُه في أثره فقيل: {فَتَقْعُدَ مَلُومًا} أي فتصيرَ ملوماً عند الله تعالى وعند الناسِ وعند نفسك إذا احتجتَ وندِمْت على ما فعلت {مَّحْسُوراً} نادماً أو منقطعاً بك لا شيءَ عندك من حسَره السفرُ إذا بلغ منه.
وما قيل من أنه روي عن جابر رضي الله عنه أنه قال: بينا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم قاعدٌ إذ أتاه صبيٌّ فقال: إن أمي تستكْسيك دِرعاً فقال عليه السلام: «من ساعة إلى ساعة فَعُد إلينا» فذهب إلى أمه فقالت له: قل: إن أمي تستكسيك الدرعَ الذي عليك، فدخل صلى الله عليه وسلم داره ونزَع قميصه وأعطاه وقعد عُرْياناً، وأذّن بلالٌ، وانتظروا فلم يخرُجْ للصلاة فنزلت. فيأباه أن السورة مكيةٌ خلا آياتٍ في آخرها، وكذا ما قيل إنه عليه السلام أعطى الأقرعَ بنَ حابس من الإبل وكذا عُيَينةَ بنَ حصنٍ الفزاريَّ فجاء عباسُ بنُ مِرداس فأنشد يقول:
أتجعل نهبي ونهبَ العُبَي *** د بَيْنَ عُيَيْنَةَ والأَقْرَعِ
وما كان حِصْنٌ ولا حابس *** يفوقان مِرداسَ في مجمع
وما كنتُ دون امرىء منهما *** ومَنْ تَضَعِ اليومَ لا يُرفعِ
فقال عليه السلام: «يا أبا بكر اقطعْ لسانه عنّي، أعطه مائةً من الإبل» وكانوا جميعاً من المؤلفة القلوب فنزلت.
{إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرزق لِمَن يَشَاء وَيَقْدِرُ} تعليلٌ لما مر أي يوسّعه على بعض ويضيِّقه على آخرين حسبما تتعلق به مشيئتُه التابعةُ للحِكمة فليس ما يَرْهقُك من الإضافة التي تحوِجُك إلى الإعراض عن السائلين أو نفادُ ما في يدك إذا بسطتَها كلَّ البسْطِ إلا لمصلحتك {إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا} تعليلٌ لما سبق أي يعلم سرَّهم وعلَنَهم فيعلم من مصالحهم ما يخفى عليهم، ويجوز أن يراد أن البسطَ والقبضَ من أمر الله العالم بالسرائر والظواهرِ الذي بيده خزائنُ السمواتِ والأرض، وأما العبادُ فعليهم أن يقتصدوا، وأن يراد أنه تعالى يبسُط تارةً ويقبِضُ أخرى فاستنّوا بسنته فلا تقبِضوا كلَّ القبض ولا تبسُطوا كل البسط، وأن يراد أنه تعالى يبسُط ويقدِر حسب مشيئتِه فلا تبسُطوا على من قُدِر عليه رزقُه، وأن يكون تمهيداً لقوله: {وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إملاق} أي مخافةَ فقر، وقرئ بكسر الخاء، كانوا يئِدون بناتِهم مخافةَ الفقر فنُهوا عن ذلك {نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُم} لا أنتم فلا تخافوا الفاقةَ بناء على علمكم بعجزكم عن تحصيل رزقِهم وهو ضمانٌ لرزقهم وتعليلٌ للنهي المذكور بإبطال موجِبه في زعمهم، وتقديمُ ضميرِ الأولاد على المخاطَبين على عكس ما وقع في سورة الأنعام للإشعار بأصالتهم في إفاضة الرزقِ أو لأن الباعثَ على القتل هناك الإملاقُ الناجزُ ولذلك قيل: من إملاق وهاهنا الإملاقُ المتوقع، ولذلك قيل: خشيةَ إملاقٍ فكأنه قيل: نرزقُهم من غير أن ينتقص من رزقكم شيءٌ فيعتريكم ما تخشَوْنه وإياكم أيضاً رزقاً إلى رزقكم {إنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خطأ كَبِيراً} تعليلٌ آخرُ ببيان أن المنهيَّ عنه في نفسه منكرٌ عظيم، والخِطْءُ الذنبُ والإثمُ يقال: خطِىءَ خِطْأً كأثِم إثماً، وقرئ بالفتح والسكون وبفتحتين بمعناه كالحِذْر والحذَر، وقيل: بمعنى ضد الصواب، وبكسر الخاء والمد وبفتحها ممدوداً وبفتحها وحذف الهمزة وبكسرها كذلك.
{وَلاَ تَقْرَبُواْ} بمباشرة مباديه القريبةِ أو البعيدة فضلاً عن مباشرته وإنما نهى عن قُربانه على خلاف ما سبق ولحِق من القتل للمبالغة في النهي عن نفسه لأن قربانه داعٍ إلى مباشرته. وتوسيطُ النهي عنه بين النهي عن قتل الأولادِ والنهي عن قتل النفسِ المحرمة على الإطلاق باعتبار أنه قتلٌ للأولاد لِما أنه تضييعٌ للأنساب فإن من لم يثبُتْ نسبُه ميِّتٌ حكماً {الزنى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً} فَعلةً ظاهرةَ القبح متجاوزةً عن الحد {وَسَاء سَبِيلاً} أي بئس طريقاً طريقُه، فإن غصْبُ الأبضاعِ المؤدّي إلى اختلال أمر الأنسابِ وهيَجانِ الفتن، كيف لا وقد قال النبي عليه السلام: «إذا زنى العبدُ خرجَ منه الإيمانُ فكانَ على رأسه كالظُّلّةِ فإذا انقطع رجعَ إليه» وقال عليه السلام: «لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن» وعن حذيفة رضي الله عنه أنه قال عليه السلام: «إياكم والزنى فإن فيه ستَّ خصال ثلاثٌ في الدنيا وثلاثٌ في الآخرة فأما التي في الدنيا فذهابُ البهاء ودوامُ الفقر وقِصَرُ العمر، وأما التي في الآخرة فسخطُ الله تعالى وسوءُ الحساب والخلودُ في النار».




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال