سورة الإسراء / الآية رقم 35 / تفسير تفسير أبي حيان / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغَاءَ رَحْمَةٍ مِّن رَّبِّكَ تَرْجُوهَا فَقُل لَّهُمْ قَوْلاً مَّيْسُوراً وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ البَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَّحْسُوراً إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيراً بَصِيراً وَلاَ تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئاً كَبِيراً وَلاَ تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً وَلاَ تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَمَن قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً فَلاَ يُسْرِف فِّي القَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنصُوراً وَلاَ تَقْرَبُوا مَالَ اليَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ العَهْدَ كَانَ مَسْئُولاً وَأَوْفُوا الكَيْلَ إِذَا كِلْتُمْ وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ المُسْتَقِيمِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً وَلاَ تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحاً إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ الأَرْضَ وَلَن تَبْلُغَ الجِبَالَ طُولاً كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِندَ رَبِّكَ مَكْرُوهاً

الإسراءالإسراءالإسراءالإسراءالإسراءالإسراءالإسراءالإسراءالإسراءالإسراءالإسراءالإسراءالإسراءالإسراءالإسراء




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


لما نهى تعالى عن قتل الأولاد نهى عن التسبب في إيجاده من الطريق غير المشروعة، فنهى عن قربان الزنا واستلزم ذلك النهي عن الزنا، والزنا الأكثر فيه القصر ويمد لغة لا ضرورة، هكذا نقل اللغويون. ومن المدّ قول الشاعر وهو الفرزدق:
أبا حاضر من يزن يعرف زناؤه *** ومن يشرب الخرطوم يصبح مسكرا
ويروى أبا خالد. وقال آخر:
كانت فريضة ما تقول كما *** كان الزناء فريضة الرجم
وكان المعنى لم يزل أي لم يزل {فاحشة} أي معصية فاحشة أي قبيحة زائدة في القبح {وساء سبيلاً} أي وبئس طريقاً طريقه لأنها سبيل تؤدّي إلى النار. وقال ابن عطية: و{سبيلاً} نصب على التمييز التقدير، وساء سبيله انتهى. وإذا كان {سبيلاً} نصباً على التمييز فإنما هو تمييز للمضمر المستكن في {ساء}، وهو من المضمر الذي يفسره ما بعده، والمخصوص بالذم محذوف، وإذا كان كذلك فلا يكون تقديره وساء سبيله سبيلاً لأنه إذ ذاك لا يكون فاعله ضميراً يراد به الجنس مفسراً بالتمييز، ويبقى التقدير أيضاً عارياً عن المخصوص بالذم، وتقدّم تفسير قوله تعالى: {ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلاّ بالحق} في أواخر الأنعام قال الضحاك: هذه أول ما نزل من القرآن في شأن القتل انتهى.
ولما نهى عن قتل الأولاد وعن إيجادهم من الطريق غير المشروعة نهى عن قتل النفس فانتقل من الخاص إلى العام، والظاهر أن هذه كلها منهيات مستقلة ليست مندرجة تحت قوله: {وقضى ربك} كاندراج {أن لا تعبدوا} وانتصب {مظلوماً} على الحال من الضمير المستكن في {قتل} والمعنى أنه قتل بغير حق، {فقد جعلنا لوليه} وهو الطالب بدمه شرعاً، وعند أبي حنيفة وأصحابه اندراج من يرث من الرجال والنساء والصبيان في الولي على قدر مواريثهم، لأن الولي عندهم هو الوارث هنا. وقال مالك: ليس للنساء شيء من القصاص، وإنما القصاص للرجال. وعن ابن المسيب والحسن وقتادة والحكم: ليس إلى النساء شيء من العفو والدم وللسلطان التسلط على القاتل في الاقتصاص منه أو حجة يثبت بها عليه قاله الزمخشري. وقال ابن عطية: والسلطان الحجة والملك الذي جعل إليه من التخيير في قبول الدم أو العفو قاله ابن عباس والضحاك. وقال قتادة: السلطان القود وفي كتاب التحرير السلطان القوة والولاية. وقال ابن عباس: البيِّنة في طلب القود. وقال الحسن القود. وقال مجاهد الحجة. وقال ابن زيد: الوالي أي والياً ينصفه في حقه، والظاهر عود الضمير في {فلا يسرف} على الولي، والإسراف المنهي عنه أن يقتل غير القاتل قاله ابن عباس والحسن، أو يقتل اثنين بواحد قاله ابن جبير، أو أشرف من الذي قتل قاله ابن زيد، أو يمثل قاله قتادة، أو يتولى القاتل دون السلطان ذكره الزجاج.
وقال أبو عبد الله الرازي: السلطنة مجملة يفسرها {كتب عليكم القصاص} الآية ويدل عليه أنه مخير بين القصاص والدية وقوله عليه السلام يوم الفتح: «من قتل قتيلاً فأهله بين خيرتين إن أحبوا قتلوا وإن أحبوا أخذوا الدية» فمعنى {فلا يسرف في القتل} لا يقدم على استيفاء القتل، ويكتفي بأخذ الدية أو يميل إلى العفو ولفظة في محمولة على الباء أي فلا يصير مسرفاً بسبب إقدامه على القتل، ويكون معناه الترغيب في العفو كما قال {وأن تعفوا أقرب للتقوى} انتهى ملخصاً. ولو سلم أن {في} بمعنى الباء لم يكن صحيح المعنى، لأن من قتل بحق قاتل موليه لا يصير مسرقاً بقتله، وإنما الظاهر والله أعلم النهي عما كانت الجاهلية تفعله من قتل الجماعة بالواحد، وقتل غير القاتل والمثلة ومكافأة الذي يقتل من قتله. وقال مهلهل حين قتل بجير بن الحارث بن عباد: بؤ بشسع نعل كليب.
وأبعد من ذهب إلى أن الضمير في {فلا يسرف} ليس عائداً على الولي، وإنما يعود على العامل الدال عليه، ومن قتل أي {لا يسرف} في القتل تعدياً وظلماً فيقتل من ليس له قتله. وقرأ الجمهور {فلا يسرف} بياء الغيبة. وقرأ الإخوان وزيد بن عليّ وحذيفة وابن وثاب والأعمش ومجاهد بخلاف وجماعة، وفي نسخة من تفسير ابن عطية وابن عامر وهو وهم بتاء الخطاب والظاهر أنه على خطاب الولي فالضمير له. وقال الطبري: الخطاب للرسول صلى الله عليه وسلم والأئمة من بعده أي فلا تقتلوا غير القاتل انتهى. قال ابن عطية: وقرأ أبو مسلم السرّاج صاحب الدعوة العباسية. وقال الزمخشري قرأ أبو مسلم صاحب الدولة. وقال صاحب كتاب اللوامح أو مسلم العجلي مولى صاحب الدولة: {فلا يسرف} بضم الفاء على الخبر، ومعناه النهي وقد يأتي الأمر والنهي بلفظ الخبر. وقال ابن عطية في الاحتجاج بأبي مسلم في القراءة نظر، وفي قراءة أبيّ فلا تسرفوا في القتل إن ولي المقتول كان منصوراً انتهى. رده على ولا تقتلوا والأولى حمل قوله إن ولي المقتول على التفسير لا على القراءة لمخالفته السواد، ولأن المستفيض عنه {إنه كان منصوراً} كقراءة الجماعة والضمير في {أنه} عائد على الولي لتناسق الضمائر ونصره إياه بأن أوجب له القصاص، فلا يستزاد على ذلك أو نصره بمعونة السلطان وبإظهار المؤمنين على استيفاء الحق. وقيل: يعود الضمير على المقتول نصره الله حيث أوجب القصاص بقتله في الدنيا، ونصره بالثواب في الآخرة. قال ابن عطية: وهو أرجح لأنه المظلوم، ولفظة النصر تقارن الظلم كقوله عليه السلام: «ونصر المظلوم وإبرار القسم» وكقوله: «انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً» إلى كثير من الأمثلة.
وقيل: على القتل. وقال أبو عبيد: على القاتل لأنه إذا قتل في الدنيا وخلص بذلك من عذاب الآخرة فقد نصر، وهذا ضعيف بعيد القصد. وقال الزمخشري: وإنما يعني أن يكون الضمير في أنه الذي بقتله الولي بغير حق ويسرف في قتله فإنه منصور بإيجاب القصاص على المسرف انتهى. وهذا بعيد جداً.
{ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن حتى يبلغ أشدَّه} لما نهى عن إتلاف النفوس نهى عن أخذ الأموال كما قال: «فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم» لما كان اليتيم ضعيفاً عن أن يدفع عن ماله لصغره نص على النهي عن قربان ماله، وتقدم تفسير هذه الآية في أواخر الأنعام. {وأوفوا بالعهد} عام فيما عقده الإنساب بينه وبين ربه، أو بينه وبين ربه، أو بينه وبين آدمي في طاعة {إن العهد كان مسؤولاً} ظاهره أن العهد هو المسؤول من المعاهد أن يفى به ولا يضيعه أو يكون من باب التخييل، كأنه يقال للعهد: لم نكثت، فمثل كأنه ذات من الذوات تسأل لم نكثت دلالة على المطاوعة بنكثه وإلزام ما يترتب على نكثه، كما جاء {وإذا الموءودة سئلت بأي ذنب قتلت} فيمن قرأ بسكون اللام وكسر التاء التي للخطاب. وقيل: هو على حذف مضاف أي إن ذا العهد كان مسؤولاً عنه إن لم يف به.
ثم أمر تعالى بإيفاء الكيل وبالوزن المستقيم، وذلك مما يرجع إلى المعاملة بالأموال. وفي قوله {وأوفوا الكيل} دلالة على أن الكيل هو على البائع لأنه لا يقال ذلك للمشتري. وقال الحسن: {القسطاس} القبان وهو القلسطون ويقال القرسطون. وقال مجاهد: {القسطاس} العدل لا أنه آلة. وقرأ الإخوان وحفص بكسر القاف، وباقي السبعة بضمها وهما لغتان. وقرأت فرقة بالإبدال من السين الأولى صاداً. قال ابن عطية: واللفظية للمبالغة من القسط انتهى. ولا يجوز أن يكون من القسط لاختلاف المادتين لأن القسط مادته ق س ط، وذلك مادته ق س ط س إلاّ إن اعتقد زيادة السين آخراً كسين قدموس وضغيوس وعرفاس، فيمكن لكنه ليس من مواضع زيادة السين المقيسة والتقييد بقوله: {إذا كلتم} أي وقت كيلكم على سبيل التأكيد، وأن لا يتأخر الإيفاء بأن يكيل به بنقصان مّا ثم يوفيه بعد فلا يتأخر الإيفاء عن وقت الكيل.
{ذلك خير} أي الإيفاء والوزن لأن فيه تطييب النفوس بالاتسام بالعدل والإيصال للحق {وأحسن تأويلاً} أي عاقبة، إذ لا يبقى على الموفى والوازن تبعة لا في الدنيا ولا في الآخرة، وهو من المآل وهو المرجع كما قال: خير مرداً، خير عقباً، خير أملاً وإنما كانت عاقبته أحسن لأنه اشتهر بالاحتراز عن التطفيف، فعوِّل عليه في المعاملات ومالت القلوب إليه.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال