سورة الإسراء / الآية رقم 38 / تفسير تفسير القرطبي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغَاءَ رَحْمَةٍ مِّن رَّبِّكَ تَرْجُوهَا فَقُل لَّهُمْ قَوْلاً مَّيْسُوراً وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ البَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَّحْسُوراً إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيراً بَصِيراً وَلاَ تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئاً كَبِيراً وَلاَ تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً وَلاَ تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَمَن قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً فَلاَ يُسْرِف فِّي القَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنصُوراً وَلاَ تَقْرَبُوا مَالَ اليَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ العَهْدَ كَانَ مَسْئُولاً وَأَوْفُوا الكَيْلَ إِذَا كِلْتُمْ وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ المُسْتَقِيمِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً وَلاَ تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحاً إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ الأَرْضَ وَلَن تَبْلُغَ الجِبَالَ طُولاً كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِندَ رَبِّكَ مَكْرُوهاً

الإسراءالإسراءالإسراءالإسراءالإسراءالإسراءالإسراءالإسراءالإسراءالإسراءالإسراءالإسراءالإسراءالإسراءالإسراء




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبالَ طُولاً (37) كُلُّ ذلِكَ كانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهاً (38)}
فيه خمس مسائل:
الأولى: قوله تعالى: {وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً} هذا نهى عن الخيلاء وأمر بالتواضع. والمرح: شدة الفرح.
وقيل: التكبر في المشي.
وقيل: تجاوز الإنسان قدره.
وقال قتادة: هو الخيلاء في المشي.
وقيل: هو البطر والأشر.
وقيل: هو النشاط وهذه الأقوال متقاربة ولكنها منقسمة قسمين: أحدهما مذموم والآخر محمود، فالتكبر والبطر والخيلاء وتجاوز الإنسان قدره مذموم والفرح والنشاط محمود. وقد وصف الله تعالى نفسه بأحدهما، ففي الحديث الصحيح«لله أفرج بتوبة العبد من رجل...»الحديث. والكسل مذموم شرعا والنشاط ضده. وقد يكون التكبر وما في معناه محمودا، وذلك على أعداء الله والظلمة. أسند أبو حاتم بن حبان عن ابن جابر بن عتيك عن أبيه عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: «من الغيرة ما يبغض الله عز وجل ومنها ما يحب الله عز وجل ومن الخيلاء ما يحب الله عز وجل ومنها ما يبغض الله فأما الغيرة التي يحب الله الغيرة في الدين والغيرة التي يبغض الله الغيرة في غير دينه والخيلاء التي يحب الله اختيال الرجل بنفسه عند القتال وعند الصدقة والاختيال الذي يبغض الله الخيلاء في الباطل» وأخرجه أبو داود في مصنفه وغيره. وأنشدوا:
ولا تمش فوق الأرض إلا تواضعا *** فكم تحتها قوم هموا منك أرفع
وإن كنت في عز وحرز ومنعة *** فكم مات من قوم هموا منك أمنع
الثانية: إقبال الإنسان على الصيد ونحوه ترفعا دون حاجة إلى ذلك داخل في هذه الآية، وفية تعذيب الحيوان وإجراؤه لغير معنى. وأما الرجل يستريح في اليوم النادر والساعة من يومه، ويجم فيها نفسه في اطرح والراحة ليستعين بذلك على شغل من البر، كقراءة علم أو صلاة، فليس بداخل في هذه الآية. قوله تعالى: {مَرَحاً} قراءة الجمهور بفتح الراء. وقراءة فرقة فيما حكى يعقوب بكسر الراء على بناء اسم الفاعل. والأول أبلغ، فإن قولك: جاء زيد ركضا أبلغ من قولك: جاء زيد راكضا، فكذلك قولك مرحا. والمرح المصدر أبلغ من أن يقال مرحا.
الثالثة: قوله تعالى: {إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ} يعني لن تتولج باطنها فتعلم ما فيها {وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبالَ طُولًا} أي لن تساوى الجبال بطولك ولا تطاولك. ويقال: خرق الثوب أي شقه، وخرق الأرض قطعها. والخرق: الواسع من الأرض. أي لن تخرق الأرض بكبرك ومشيك عليها. {وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبالَ طُولًا} بعظمتك، أي مقدرتك لا تبلغ هذا المبلغ، بل أنت عبد ذليل، محاط بك من تحتك ومن فوقك. والمحاط محصور ضعيف، لا يليق بك التكبر والمراد بخرق الأرض هنا نقبها لا قطعها بالمسافة، والله اعلم.
وقال الأزهري: معناه لن تقطعها. النحاس: وهذا أبين، لأنه مأخوذ من الخرق وهى الصحراء الواسعة. ويقال: فلان أخرق من فلان، أي أكثر سفرا وعزة ومنعة. ويروى أن سبأ دوخ الأرض بأجناده شرقا وغربا وسهلا وجبلا، وقتل سادة وسبى- وبه سمى سبأ- ودان له الخلق، فلما رأى ذلك انفرد عن أصحابه ثلاثة أيام ثم خرج إليهم فقال: إنى لما نلت ما لم ينل أحد رأيت الابتداء بشكر هذه النعم، فلم أر أوقع في ذلك من السجود للشمس إذا أشرقت، فسجدوا لها، وكان ذلك أول عبادة الشمس، فهذه عاقبة الخيلاء والتكبر والمرح، نعوذ بالله من ذلك.
الرابعة: قوله تعالى: {كُلُّ ذلِكَ كانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهاً} {ذلِكَ} إشارة إلى جملة ما تقدم ذكره مما أمر به ونهى عنه. {ذلِكَ} يصلح للواحد والجمع والمؤنث والمذكر. وقرأ عاصم وابن عامر وحمزه والكسائي ومسروق {سَيِّئُهُ} على إضافة سيئ إلى الضمير، ولذلك قال: {مَكْرُوهاً} نصب على خبر كان. والسيء: هو المكروه، وهو الذي لا يرضاه الله عز وجل ولا يأمر به. وقد ذكر الله سبحانه وتعالى في هذه الآي من قوله: {وَقَضى رَبُّكَ}- إلى قوله- كان {سَيِّئُهُ} مأمورات بها ومنهيات عنها، فلا يخبر عن الجميع بأنه سيئة فيدخل المأمور به في المنهي عنه. واختار هذه القراءة أبو عبيد. ولان في قراءة أبى. {كل ذلك كان سيئاته} فهذه لا تكون إلا للإضافة. وقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو {سيئة} بالتنوين، أي كل ما نهى الله ورسوله عنه سيئة. وعلى هذا انقطع الكلام عند قوله: {وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} ثم قال: {وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ}، {وَلا تَمْشِ}، ثم قال: {كل ذلك كان سيئة} بالتنوين.
وقيل: إن قوله: {وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ} إلى هذه الآية كان سيئة لا حسنة فيه، فجعلوا {كلا} محيطا بالمنهي عنه دون غيره. وقوله: {مَكْرُوهاً} ليس نعتا لسيئة، بل هو بدل منه، والتقدير: كان سيئة وكان مكروها. وقد قيل: إن {مَكْرُوهاً} خبر ثان لكان حمل على لفظه كل، و{سيئة} محمول على المعنى في جميع هذه الأشياء المذكورة قبل.
وقال بعضهم: وهو نعت لسيئة، لأنه لما كان تأنيثها غير حقيقي جاز أن توصف بمذكر. وضعف أبو على الفارسي هذا وقال: إن المؤنث إذا ذكر فإنما ينبغي أن يكون مبعدة مذكرا، وإنما التساهل أن يتقدم الفعل المسند إلى المؤنث وهو في صيغة ما يسند إلى المذكر، ألا ترى قول الشاعر:
فلا مزنة ودقت ودقها *** ولا أرض أبقل إبقالها
مستقبح عندهم. ولو قال قائل: أبقل أرض لم يكن قبيحا. قال أبو على: ولكن يجوز في قوله: {مَكْرُوهاً} أن يكون بدلا من {سيئة}. ويجوز أن يكون حالا من الضمير الذي في {عِنْدَ رَبِّكَ} ويكون {عِنْدَ رَبِّكَ} في موضع الصفة لسيئة.
الخامسة: استدل العلماء بهذه الآية على ذم الرقص وتعاطيه. قال الامام أبو الوفاء ابن عقيل: قد نص القرآن على النهى عن الرقص فقال: {وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً} وذم المختال. والرقص أشد المرح والبطر. أو لسنا الذين قسنا النبيذ على الخمر لاتفاقها في الاطراب والسكر، فما بالنا لا نقيس القضيب وتلحين الشعر معه على الطنبور والمزمار والطبل لاجتماعها. فما أقبح من ذى لحية، وكيف إذا كان شبيه، يرقص ويصفق على إيقاع الالحان والقضبان، وخصوصا إن كانت أصوات لنسوان ومردان، وهل يحسن لمن بين يديه الموت والسؤال والحشر والصراط، صم هو إلى إحدى الدارين، يشمس بالرقص شمس البهائم، ويصفق تصفيق النسوان، والله لقد رأيت مشايخ في عمرى ما بان لهم سن من التبسم فضلا عن الضحك مع إدمان مخاطتي لهم.
وقال أبو الفرج ابن الجوزي رحمه الله: ولقد حدثني بعض المشايخ عن الامام الغزالي رضي الله عنه أنه قال: الرقص حماقة بين الكتفين لا تزول إلا بالعب. وسيأتي لهذا الباب مزيد بيان في الكهف وغيرها إن شاء الله تعالى.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال