سورة البقرة / الآية رقم 201 / تفسير تفسير ابن كثير / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَبْتَغُوا فَضْلاً مِّن رَّبِّكُمْ فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِّنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِندَ المَشْعَرِ الحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِن كُنتُم مِّن قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ فَإِذَا قَضَيْتُم مَّنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً فَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ وَمِنْهُم مَّن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ أُوْلَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِّمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ سَرِيعُ الحِسَابِ

البقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرة




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ (200) وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (201) أُولَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ (202)}
يأمرُ تعالى بذكره والإكثار منه بعد قَضَاء المناسك وفراغها.
وقوله: {كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ} اختلفوا في معناه، فقال ابن جُرَيج، عن عطاء: هو كقول الصبي: أبَهْ أمَّهْ، يعني: كما يَلْهَج الصبي بذكر أبيه وأمه، فكذلك أنتم، فالهجوا بذكر الله بعد قضاء النسك.
وكذا قال الضحاك والربيع بن أنس.
وروى ابنُ جرير من طريق العوفي، عن ابن عباس- نحوه.
وقال سعيد بن جُبَير، عن ابن عباس قال: كان أهل الجاهلية يقفون في الموسم فيقول الرجل منهم: كان أبي يطعم ويحمل الحَمَالات ويحمل الديات. ليس لهم ذكر غير فعال آبائهم. فأنزل الله على محمد صلى الله عليه وسلم: {فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا}
قال ابن أبي حاتم: ورُوي عن أنس بن مالك، وأبي وائل، وعطاء بن أبي رباح في أحد قوليه، وسعيد بن جُبَير، وعكرمة في إحدى رواياته، ومجاهد، والسدي، وعطاء الخراساني، والربيع بن أنس، والحسن، وقتادة، ومحمد بن كعب، ومقاتل بن حيان، نحو ذلك.
وهكذا حكاه ابن جرير أيضًا عن جماعة، والله أعلم.
والمقصود منه الحث على كثرة الذكر لله عز وجل؛ ولهذا كان انتصاب قوله: {أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا} على التمييز، تقديره كذكركم آباءكم أو أشد منه ذكرًا. و{أو} هاهنا لتحقيق المماثلة في الخبر، كقوله: {فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً} [البقرة: 74]، وقوله: {يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً} [النساء: 77]، {وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ} [الصافات: 147]، {فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى} [النجم: 9]. فليست هاهنا للشك قطعًا، وإنما هي لتحقيق الخبر عنه بأنه كذلك أو أزْيَد منه. ثم إنه تعالى أرشد إلى دُعَائه بعد كثرة ذكره، فإنه مظنة الإجابة، وذَمَّ من لا يسأله إلا في أمر دنياه، وهو معرض عن أخراه، فقال: {فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ} أي: مِنْ نَصِيب ولا حظ. وتضمَّن هذا الذمّ التنفير عن التشبه بمن هو كذلك. قال سعيد بن جبير، عن ابن عباس: كان قوم من الأعراب يجيئون إلى الموقف، فيقولون: اللهم اجعله عام غَيث وعام خصْب وعام ولاد حسن. لا يذكرون من أمر الآخرة شيئًا، فأنزل الله فيهم: {فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ} وكان يجيء بعدهم آخرون من المؤمنين فيقولون: {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} فأنزل الله: {أُولَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ} ولهذا مدح من يسأله للدنيا والأخرى، فقال: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} فجمعت هذه الدعوةُ كلَّ خير في الدنيا، وصرَفت كلّ شر فإن الحسنة في الدنيا تشملُ كلّ مطلوب دنيوي، من عافية، ودار رحبة، وزوجة حسنة، ورزق واسع، وعلم نافع، وعمل صالح، ومركب هنيء، وثناء جميل، إلى غير ذلك مما اشتملت عليه عباراتُ المفسرين، ولا منافاة بينها، فإنها كلها مندرجة في الحسنة في الدنيا. وأما الحسنة في الآخرة فأعلى ذلك دخول الجنة وتوابعه من الأمن من الفزع الأكبر في العَرَصات، وتيسير الحساب وغير ذلك من أمور الآخرة الصالحة، وأما النجاة من النار فهو يقتضي تيسير أسبابه في الدنيا، من اجتناب المحارم والآثام وترك الشبهات والحرام.
وقال القاسم بن عبد الرحمن: من أعطي قلبا شاكرًا، ولسانًا ذاكرًا، وجسدًا صابرًا، فقد أوتي في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة، ووقي عذاب النار.
ولهذا وردت السنة بالترغيب في هذا الدعاء. فقال البخاري: حدثنا أبو معمر، حدثنا عبد الوارث، عن عبد العزيز، عن أنس بن مالك قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «اللَّهم ربَّنا، آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار».
وقال الإمام أحمد: حدثنا إسماعيل بن إبراهيم، حدثنا عبد العزيز بن صهيب، عن أنس قال: كان أكثر دعوة يدعو بها رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «اللهم ربَّنا، آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار».
وكان أنس إذا أراد أن يدعو بدعوة دعا بها، وإذا أراد أن يدعو بدعاء دعا بها فيه.
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا أبو نعيم، حدثنا عبد السلام بن شداد- يعني أبا طالوت- قال: كنت عند أنس بن مالك، فقال له ثابت: إن إخوانك يحبون أن تدعو لهم. فقال: اللهم آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار. وتحدثوا ساعة حتى إذا أرادوا القيام، قال: يا أبا حمزة، إن إخوانك يريدون القيام فادع لهم فقال: تريدون أن أشَققَ لكم الأمور، إذا آتاكم الله في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، ووقاكم عذاب النار فقد آتاكم الخير كله.
وقال أحمد أيضًا: حدثنا محمد بن أبي عدي، عن حميد، وعبد الله بن بكر السهمي، حدثنا حميد عن أنس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عاد رَجُلا من المسلمين قد صار مثل الفَرْخ. فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هل تدعو الله بشيء أو تسأله إيَّاه؟» قال: نعم، كنت أقول: اللهم ما كنت معاقبي به في الآخرة فعجله لي في الدنيا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «سبحان الله! لا تطيقه- أو لا تستطيعه- فهلا قلت: {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}». قال: فدعا الله، فشفاه.
انفرد بإخراجه مسلم، فرواه من حديث ابن أبي عدي- به.
وقال الإمام الشافعي: أخبرنا سعيد بن سالم القداح، عن ابن جريج، عن يحيى بن عبيد- مولى السائب- عن أبيه، عن عبد الله بن السائب: أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول فيما بين الركن اليماني والركن الأسود: {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}.
ورواه الثوري عن ابن جريج كذلك.
وروى ابن ماجه، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، نحو ذلك. وفي سنده ضعف والله أعلم.
وقال ابن مَرْدويه: حدثنا عبد الباقي، أخبرنا أحمد بن القاسم بن مساور، حدثنا سعيد بن سليمان، عن إبراهيم بن سليمان، عن عبد الله بن هرمز، عن مجاهد، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما مررت على الركن إلا رأيت عليه ملكًا يقول: آمين. فإذا مررتم عليه فقولوا: {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}».
وقال الحاكم في مستدركه: أخبرنا أبو زكريا العنبري، حدثنا محمد بن عبد السلام، حدثنا إسحاق بن إبراهيم، أخبرنا جرير، عن الأعمش، عن مُسْلم البطين، عن سعيد بن جبير قال: جاء رَجُل إلى ابن عباس فقال: إني أجرت نفسي من قوم على أن يحملوني، ووضعت لهم من أجرتي على أن يَدعُوني أحج معهم، أفيجزي ذلك؟ فقال: أنت من الذين قال الله فيهم: {أُولَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ} ثم قال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال