سورة الإسراء / الآية رقم 73 / تفسير تفسير ابن عجيبة / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي البَحْرِ ضَلَّ مَن تَدْعُونَ إِلاَّ إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى البَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ الإِنسَانُ كَفُوراً أَفَأَمِنتُمْ أَن يَخْسِفَ بِكُمْ جَانِبَ البَرِّ أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِباً ثُمَّ لاَ تَجِدُوا لَكُمْ وَكِيلاً أَمْ أَمِنتُمْ أَن يُعِيدَكُمْ فِيهِ تَارَةً أُخْرَى فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قَاصِفاً مِّنَ الرِّيحِ فَيُغْرِقَكُم بِمَا كَفَرْتُمْ ثُمَّ لاَ تَجِدُوا لَكُمْ عَلَيْنَا بِهِ تَبِيعاً وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي البَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُوْلَئِكَ يَقْرَءُونَ كِتَابَهُمْ وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلاً وَمَن كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلاً وَإِن كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذاً لاَّتَّخَذُوكَ خَلِيلاً وَلَوْلا أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً إِذاً لأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الحَيَاةِ وَضِعْفَ المَمَاتِ ثُمَّ لاَ تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيراً

الإسراءالإسراءالإسراءالإسراءالإسراءالإسراءالإسراءالإسراءالإسراءالإسراءالإسراءالإسراءالإسراءالإسراءالإسراء




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


قلت: {وإن}: مخففة من الثقيلة في الموضعين، واسمها: ضمير الشأن، واللام هي الفارقة بينها وبين النافية، أي: إن الشأن قاربوا أن يفتنوك. و{سُنَّة}: مفعول مطلق، أي: سنَّ الله ذلك سنة.
يقول الحقّ جلّ جلاله: {وإِن كادُوا} أي: كفار العرب، {ليَفتنونُك عن الذي أوحينا إِليك}؛ من أمرنا ونهينا، ووعدنا ووعيدنا، {لتفتريَ علينا غيره}؛ لتقول ما لم أقل لك، مما اقترحوا عليك. نزلت في ثقيف، إذ قالوا للنَّبي صلى الله عليه وسلم: لا نَدْخُلُ في أَمْركَ حتى تُعْطِينَا خِصَالاً نَفْتَخِرُ بها على العَرَبِ: لا نُعشَّرُ، وَلا نُحشَّرُ، وَلاَ نَحْنِي في صَلاَتِنَا، وكُلُّ رِبًا لنَا فهُو لنَا، وكلُّ رِبًا عَلَيْنَا فهو مَوْضُوعٌ، وأنْ تُمَتِّعنا باللات سَنَةً، وأن تُحَرِّمَ وَادِيَنا كما حرمت مكة، فإذا قالت العَرَبُ: لِمَ فَعَلْتَ؟ فقُل: الله أَمَرَنِي بذلك. فأبى عليهم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، وخيب سعيهم. فالآية، على هذا، مدنية. وقيل: في قريش، قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: لا نُمكنك من استلام الحجر، حتى تلمّ بآلهتنا، وتمسّها بيدك. وقيل: قالوا: اقبل بعض أمرنا، نقبل بعض أمرك، والآية، حينئذ، مكية كجميع السورة.
{وإِذًا لاتخذوكَ خليلاً} أي: لو فعلت ما أرادوا منك لصرت لهم وليًا وحبيبًا، ولخرجت من ولايتي، {ولولا أن ثبتناك} على ما أنت عليه من الحق؛ بعصمتنا لك، {لقد كِدتَ تركنُ إليهم شيئًا قليلاً} من الركون، الذي هو أدنى ميل، أي: لولا أن عصمناك، لقاربت أن تميل إليهم؛ لقوة خدعهم، وشدة احتيالهم. لكن عصمتنا منعتك من المقاربة. وهو صريح في أنه- عليه الصلاة والسلام- ما هَمَّ بإجابتهم، مع قوة الداعي إليها، ولا قارب ذلك. وهو دليل على أن العصمة بتوفيق الله وحفظه، قاله البيضاوي. وفيه رد على ابن عطية، حيث قال: قيل: إنه هَمَّ بموافقتهم، لكن كان ذلك خطرة، والصواب: عدم ذلك؛ لأن التثبيت والعصمة مانعٌ من ذلك.
وقد أجاد القشيري في ذلك، ونصه: ضربنا عليكَ سرادقات العصمة، وآويناكَ في كنف الرعاية، وحفظناك عن خطر اتباع هواك، فالزَّلَلُ منك محال، والافتراءُ في نعتك غير موهوم، ولو جَنَحْتَ لحظةً إلى جانب الخلاف لَتَضَاعَفَتْ عليكَ شدائدُ البلاء؛ لكمالِ قَدْرِك وعُلُوِّ شأنك؛ فإنَّ كل مَنْ هو أعلى درجةً فَذَنْبُه- لو حصل- أشدُّ تأثيرًا. {ولولا أن ثبتناك...} الآية: لو وكلناك ونَفسَكَ، ورفعنا عنك ظِلَّ العصمة، لقاربت الإلمام بشيء مما لا يجوز من مخالفة أمرنا، ولكِنَّا أفردناك بالحفظ، بما لا تتقاصر عنكَ آثاره، ولا تَغْرُبُ عن ساحتك أنواره. {إِذًا لأذقناك ضِعْفَ الحياة وضَعْف الممات}، هبوط الأكابر على قدر صعودهم. اهـ.
{إِذًا} أي: لو قاربت أن تركن إليهم أدنى ركون {لأذقناك ضِعف} عذاب {الحياة} {وضِعْفَ} عذاب {الممات}، أي: مِثْلِيْ ما يُعَذِّبُ غيرك في الدنيا والآخرة؛ لأن خطأ الخطير أخطر.
وكأن أصل الكلام: عذابًا ضعفًا في الحياة، وعذابًا ضعفًا في الممات، أي: مضاعفًا، ثم حذف الموصوف، وأقيمت الصفة مقامه، ثم أضيفت إضافة موصوفها. وقيل: الضعف من أسماء العذاب. وقيل: المراد بضعف الحياة: عذاب الآخرة؛ لأن حياته دائمة، وبضعف الممات: عذاب القبر. {ثم لا تجدُ لك علينا نصيرًا} يدفع عنك العذاب.
{وإِن كادوا} أي: كاد أهل مكة {لَيَسْتفزُّونك}؛ ليزعجونك بعداوتهم ومكرهم {من الأرض} التي أنت فيها. وهي: أرض مكة، {ليُخرِجوك منها وإِذًا لا يلبثون خِلافَكَ إِلاَّ قليلاً}؛ إلا زمنًا قليلاً. وقد كان كذلك، فإنهم أُهلكوا ببدر بعد هجرته صلى الله عليه وسلم، وقيل: نزلت في اليهود؛ فإنهم حَسَدوا مقام النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة، فقالوا: الشام مقام الأنبياء، فإن كنت نبيًا فالحَقْ بها حتى نؤمن بك. فوقع ذلك في قلبه صلى الله عليه وسلم بالمدينة، فقالوا: الشام مقام الأنبياء، فإن كنت نبيًا فالحَقْ بها حتى نؤمن بك. فوقع ذلك في قلبه صلى الله عليه وسلم، فخرج من مرحلة، فَنَزَلت، فرَجَعَ صلى الله عليه وسلم، ثم قتل منهم بني قريظة، وأجلى بني النضير بقليل، {سُنَّة مَن قد أرسلنا قَبلك من رُسلنا} أي: عادته تعالى: أن يُهلك من أُخْرِجَتْ رسلهم من بين أظهرهم، فقد سنَّ ذلك في خلقه، وأضافها إلى الرسل؛ لأنها سُنت لأجلهم. {ولا تجد لسُنَّتنا تحويلاً} أي: تغييرًا وتبديلاً.
الإشارة: من شأن العارف الكامل أن يأخذ بالعزائم، ويأمر بما يقتل النفوس، ويوصل إلى حضرة القدوس، وهو كل ما يثقل على النفوس، فإن أتاه من يفتنه ويرده إلى الهوى، حفظته العناية، واكتنفته الرعاية، فيقال له: وإن كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا إليك؛ وحي إلهام، لتفتري علينا غيره، فتأمر بالنزول إلى الرخص والتأويلات وإذًا لاتخذوك خليلاً. ولولا أن ثبتناك؛ بالحفظ والرعاية، لقد كدت تركنُ إليهم شيئًا قليلاً، وهي: خواطر تخطر ولا تثبت. إذًا لأذقناك ضعف الحياة، وهو: الذل والحرص والطمع. وضعف الممات، وهو: السقوط عن مقام المقربين، أهل الرَّوح والريحان. وإن كادوا ليستفزونك من أرض العبودية، ليخرجوك منها إلى إظهار الحرية؛ من العز والجاه، وإذًا لا يلبثون خلافك ممن اتبعك إلا قليلاً؛ لأن من رجع إلى مباشرة الدنيا والحس قلَّ مدده، فيقل انتفاعه، فلا يتبعه إلا القليل. هذه سُنة الله في أوليائه، ولن تجد لسنة الله تحويلاً.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال