سورة الإسراء / الآية رقم 83 / تفسير تفسير الألوسي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

وَإِن كَادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْهَا وَإِذاً لاَّ يَلْبَثُونَ خِلافَكَ إِلاَّ قَلِيلاً سُنَّةَ مَن قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِن رُّسُلِنَا وَلاَ تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحْوِيلاً أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مُّحْمُوداً وَقُل رَّبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَل لِّي مِن لَّدُنكَ سُلْطَاناً نَّصِيراً وَقُلْ جَاءَ الحَقُّ وَزَهَقَ البَاطِلُ إِنَّ البَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً وَنُنَزِّلُ مِنَ القُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلاَّ خَسَاراً وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الإِنسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ كَانَ يَئُوساً قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدَى سَبِيلاً وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّنَ العِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً وَلَئِن شِئْنَا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ ثُمَّ لاَ تَجِدُ لَكَ بِهِ عَلَيْنَا وَكِيلاً

الإسراءالإسراءالإسراءالإسراءالإسراءالإسراءالإسراءالإسراءالإسراءالإسراءالإسراءالإسراءالإسراءالإسراءالإسراء




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الْإِنْسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ كَانَ يَئُوسًا (83)}
{وَإِذَا أَنْعَمْنَا} بالصحة والسعة ونحوهما {عَلَى الإنسان} أي جنسه فيكفي في صحة الحكم وجوده في بعض الأفراد ولا يضر وجود نقيضه في البعض الآخر، وقيل: المراد به الوليد بن المغيرة {أَعْرَضَ} عن ذكرنا كأنه مستغن عنا فضلًا عن القيام واجب شكرنا {وَنَأَى بِجَانِبِهِ} لوى عطفه عن طاعتنا وولاها ظهره، وأصل معنى النأي البعد وهو تأكيد للإعراض بتصوير صورته فهو أو في بتأدية المراد منه، ومثله يجوز عطفه لإيهام المغايرة بينهما وهو أبلغ من من ترك العطف على ما بين في محله، على أن ما ذكره أهل المعاني من أن التأكيد يتعين فيه ترك العطف لكمال الاتصال غير مسلم، والجانب على ظاهره والمراد ترك ذلك، ويجوز أن يكون كناية عن الاستكبار فإن ثنى العطف من أفعال المستكبرين ولا يبعد أن يراد بالجانب النفس كما يقال جاء من جانب فلان كذا أي منه وهو كناية أيضًا كما يعبر بالمقام والمجلس عن صاحبه. وقرأ ابن عامر برواية ابن ذكوان {وناء} هنا وفي فصلت فقيل ذلك من باب القلب ووضع العين محل اللام كراء ووراء، وقيل لا قلب وناء عنى نهض كما في قوله:
حتى إذا ما التأمت مفاصله *** وناء في شق الشمال كاهله
أي نهض متوكئًا على شماله، وفسر نهض هنا بأسرع والكلام على تقدير مضاف أي أسرع بصرف جانبه، وقيل: معناه تثاقل عن أداء الشكر فعل المعرض {بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشر} م مرض أو فقر أو نازلة من النوازل {كَانَ} شديد اليأس من رحمتنا لأنه لم يحسن معاملتنا في الرخاء حتى يرجو فضلنا في الشدة، وفي إسناد المساس إلى السر بعد إسناد الأنعام إلى ضميره تعالى إيذان بأن الخير مراد بالذات والشر ليس كذلك لأن ذلك هو الذي يقتضيه الكرم المطلق والرحمة الواسعة وإلى ذلك الإشارة بقوله صلى الله عليه وسلم: «اللهم إن الخير بيديك والشر ليس إليك وللفلاسفة ومن يحذو حذوهم في ذلك بحث طويل لا بأس بالإطلاع عليه ليؤخذ منه ما صفا ويترك منه ما كدر قالوا: إن الأول تعالى تام القدرة والحكمة والعلم كامل في جميع أفاعيله لا يتصور بخله بإفاضة الخيرات وليس الداعي له لذلك إلا علمه بوجوه الخير ومصالح الغير الذي هو عين ذاته كسائر صفاته وأما النقائص والشرور الواقعة في ضرب من الممكنات وعدم وصولها إلى كمالها المتصور في حقها فهي لقصور قابلياتها ونقص استعداداتها لا من بخل الحق تعالى مجده عن ذلك.
وقصور القابلية ينتهي في الآخرة إلى لوازم الماهيات الإمكانية ومنبعها الإمكان وتحقيق ذلك أن الشر يطلق عرفًا على معنيين، أحدهما ماهو عدم كالفقر والجهل البسيط وهذا على ضربين، الأول عدم محض ليس بإزاء الوجود الذي يطلبه طباع الشيء ولا مما يمكن حصوله له من الكمالات والخيرات كقصور الممكن عن الوجود الواجبي والوجوب الذاتي وقصور بعض الممكنات عن بعض كقصور الأجسام عن النفس فالخير الذي يقابل هذا منحصر في الواجب تعالى إذ له الكمال المطلق والوجود الحق بلا جهة إمكانية بوجه من الوجوه وما عدا من المهيآت المعروضة للوجود لا يخلو من شوب شرية ما وظلم ما على تفاوت إمكاناتهم حسب تفاوت طبقاتهم في البعد عن ينبوع الوجود ومطلع نور الخير والجود، وهذا الشر منبعه الإمكان الذاتي، والثاني ما يكون عدم ما يطلبه الشيء أو ما يمكن حصوله له من الكمالات ولا يتصور هذا في غير الماديات إذ الإبداعيات يكون وجودها على أكمل ما يتصور في حقها فلا يكون لها شرية بهذا المعنى وما عداها من المتعلقة بالمادة لا تخلو من شرية على تفاوت إمكاناتها الاستعدادية بحسب تفاوت مراتبها في التعلق بالهيولي وهذا الشر منبعه الهيولي ومنبعها الإمكان إذ لولاه ما صدرت من مصدرها فآل الشر إلى الإمكان كما سمعت أولًا.
وثانيهما: ما يمنع الشيء عن الوصول إلى الخير الممكن في حقه من الوجود أو كمال الوجود كالبرد والحبر المفسدين للثمار والمطر المانع للقصار عن تبييض الثياب والأخلاق الذميمة المانعة للنفس عن وصولها إلى كمالها العقلي كالبخل وازسراف والجهل المركب والسفاهة والأفعال الذميمة كالزنا والسرقة والنميمة وأشباه ذلك من الآلام والغموم وغير ذلك من الأشياء الوجودية لكن يتبعها إعدام، وإطلاق الشر عندهم على المعنى الأول حقيقة وعلى الثاني مجاز لأن الشر الحقيقي لا ذات له بل هو إما عدم ذات أو عدم كمال لذات، والبرهان عليه أنه لو كان أمرًا وجوديًا فلا يخلو إما أن يكون شرًا لنفسه أو لغيره والأول باطل وإلا لما وجد إذ الشيء لا يقتضي لذاته عدمه أو عدم كماله كيف وجميع الأشياء طالبة لكمالاتها لا مقتضية لعدمها مع أنه لو اقتضى كان الشر ذلك العدم لا نفسه وكذا الثاني لأن كونه لغيره إما لأنه لعدم ذلك الغير أو لأنه لعدم بعض كمالاته فإنه لو لم يكن معدمًا لشيء أصلًا لا لوجوده ولا لكمال وجوده لم يكن شرًا لذلك الشيء ضرورة أن كل ما لا يوجب عدم شيء ولا عدم كمال له لا يكون شرًا له فإذًا ليس الشر إلا عدم ذلك اليء أو عدم كماله لا نفس الأمر الوجودي المعدم بل هو في ذاته من الكمالات النفسانية أو الجسمانية كالظلم فإنه وإن كان شرًا بالقياس إلى المظلوم وإلى النفس الناطقة التي كمالها في تسخير قواها وكسرها لكنه خير بالقياس إلى القوة الغضبية التي كمالها بالانتقام، وكذا الإحراق كمال للنار وشر لمن يتضرر به فعلم أن الشر أما عدم ذات أو عدم كمال لها فالوجود من حيث أنه وجود خير محض والعدم من حيث أنه عدم شر محض، ثم إنك قد علمت أن الشر الذي هو عنى العدم منه ما هو من لوازم الماهيات التي لا علة لها ومنه ما لا يكون من هذا القبيل بل قد يلحق الماهيات لا من ذاتها فلابد له من علة والكلام ليس في الأول الذي لا لمية له إذ قد تقرر أنه ليس للماهيات في كونها ممكنة ولا في حاجتها إلى علة لوجودها علة ولا لقصور الممكن عن الوجب بذاته ولا لتفاوت مراتب هذا النقصان في الماهيات علة بل إنما ذلك لاختلاف الماهيات في حدود ذاتها لا لأمر خارج عنها كيف ولو كان النقص في جميعها متشابهًا لكانت الماهيات ماهية واحدة بل الكلام في الثاني وهو عدم ما هو من الأمور الزائدة على مقتضى النوع كالجهل بالفلسفة للإنسان مثلًا فإن ذلك ليس شرًا له لأجل كونه إنسانًا بل لأجل أنه فقد لما اقتضاه شخص مستعد له مشتاق إليه من حيث أنه وجد فيه هذا الاستحقاق والاشتياق الذي لا صلاح في أن يعم.
وهذا الشر إنما يوجد في الأشياء على سبيل الندرة فكل ما وجد فهو خير محض أو خيره أكثر من شره، وأما ما يكون شرًا محضًا أو مستولي الشرية أو متساوي الطرفين فمما لا وجد له أصلًا حتى يحتاج فيه إلى منشأ سوى الواجب تعالى الذي هو خير محض لا يوجد منه شر أصلًا كما توهمه كفرة المجوس، ثم كل ما كان خيرًا محضًا أو كان خيره أكثر يصدر من الواجب قتضى أن من شأنه إفاضة الخير لأن ترك الأول شر محض وترك الثاني شر غالب، وعالم العناصر من القسم الثاني فإن إيجابه للشرور على الوجه النادر ولا تسوغ عناية المبدع ورحمة الجواد إهماله وإلا لزم خير كثير لشر قليل وهو شر كثير على أنها إنما تكون للنفع في أشياء لو لم تخلق لخلق سربال الوجود وقصر رداء الجود وبقي في كتم العدم عوالم كثيرة ونفائس جملة غفيرة فمن هذه الحيثية يكون ذلك الشر القليل مقتضيًا بالذات وهي مع ذلك إنما توجد تحت كرة القمر في بعض جوانب الأرض التي هي حقيرة بل لا شيء بالنسبة إلى ما عندك ربك سبحانه وتكون لبعض الأشخاص في بعض الأوقات وليست أيضًا شرورًا بالنسبة إلى نظام الكل فإذا تصورت ذرة الشر في أبحر أشعة شمس الخير لا يضرها بل يزيدها بهاء وجمالًا وضياء وكمالًا كالشامة السوداء على الصورة المليحة البيضاء يزيدها حسنًا وملاحة وإشراقًا وصباحة.
ولا يخفى أن هذا إنما يتم على القول بأنه تعالى لا يمكن أن تكون إرادته متساوية النسبة إلى الشيء ومقابلة بلا داع ومصلحة كما هو مذهب الأشاعرة وإلا فقد يقال: إن الفاعل للكل إذا كان مختارًا فله أن يختار أيما شاء من الخيرات والشرور لكن الحكماء وأساطين الإسلام قالوا: إن اختياره تعالى أرفع من هذا النمط وأمور العالم منوطة بقوانين كلية وأفعاله تعالى مربوطة بحكم ومصالح جلية وخفية.
وقول الإمام: إن الفلاسفة لما قالوا ءالإيجاب والجبر في الأفعال فخوضهم في هذا المبحث من جملة الفضول والضلال لأن السؤال بلم عن صدورها غير وارد كصدور الإحراق من النار لأنه يصدر عنها لذاتها ناشى من التعصب لأن محققيهم يثبتون الاختيار وليس صدور الأفعال من الله تعالى عندهم صدور الإحراق من النار، وبعد فرض التسليم بحثهم عن كيفية وقوع الشر في هذا العالم لأجل أن الباري تبارك اسمه خير محض بسيط عندهم ولا يجوزون صدور الشر عما لا جهة شرية فيه أصلًا فيلزم عليهم في بادىء النظر إثبات ما افترته الثنوية من مبدأين خيري وشري فتخلصوا عن ذلك بذلك البحث فو فضل لا فضول، وبالجملة ما يصدر عنه تعالى إما هو بريء بالكلية عن الشر وإما ما يلزمه شر قليل وفي تركه شر كثير ولا يصدر عنه تعالى ذلك أيضًا في حق شخص إلا بعد طلب ماهيته له في نفسها كما يشير إليه قوله تعالى: {الذى أعطى كُلَّ شَىء خَلْقَهُ ثُمَّ هدى} [طه: 50] إلى غير ذلك من الآيات.
وفي الإشارات وشروحها كلام طويل يتعلق بهذا المقام ولعل فيما ذكرنا كفاية لذوي الأفهام.
هذا ثم إنه سبحانه بعد ذكر حال القرآن بالنسبة إلى المؤمنين وإلى الكافرين وبين حال الكافر في حالي الانعام ومقابله ذكر ما يصلح جوابًا لمن يقول: لم كان الأمر كذلك؟ فقال عز قائلًا:




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال