سورة الإسراء / الآية رقم 95 / تفسير تفسير الشعراوي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

إِلاَّ رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ إِنَّ فَضْلَهُ كَانَ عَلَيْكَ كَبِيراً قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا القُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا القُرْآنِ مِن كُلِّ مَثَلٍ فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلاَّ كُفُوراً وَقَالُوا لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الأَرْضِ يَنْبُوعاً أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِّن نَّخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الأَنْهَارَ خِلالَهَا تَفْجِيراً أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفاً أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلاً أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِّن زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاءِ وَلَن نُّؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَاباً نَّقْرَؤُهُ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنتُ إِلاَّ بَشَراً رَّسُولاً وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَن يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الهُدَى إِلاَّ أَن قَالُوا أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَراً رَّسُولاً قُل لَّوْ كَانَ فِي الأَرْضِ مَلائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِم مِّنَ السَّمَاءِ مَلَكاً رَّسُولاً قُلْ كَفَى بِاللَّّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيراً بَصِيراً

الإسراءالإسراءالإسراءالإسراءالإسراءالإسراءالإسراءالإسراءالإسراءالإسراءالإسراءالإسراءالإسراءالإسراءالإسراء




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{قُلْ لَوْ كَانَ فِي الْأَرْضِ مَلَائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ مَلَكًا رَسُولًا(95)}
{قُلْ} أي: رَدَّاً عليهم: لو أن الملائكة يمشون في الأرض مطمئنين لَنزَّلنا عليهم مَلَكاً رسولاً لكي يكون من طبيعتهم، فلابد أنْ يكون المبلِّغ من جنس المبلَّغ، وهذا واضح في حديث جبريل الطويل حينما جاء إلى رسول الله يسأله عن بعض أمور الدين لِيُعلم الصحابة: ما الإحسان؟ ما الإيمان؟ ما الإسلام. فيأتي جبريل مجلس رسول الله في صورة رجل من أهل البادية، وبعد أنْ أدَّى مهمته انصرف دون أنْ يشعر به أحد، فلما سألوا عنه قال لهم رسول الله: (إنه جبريل، أتاكم لِيُعلِّمكم أمور دينكم).
شيء آخر يقتضي بشرية الرسول، وهو أن الرسول أسوة سلوك لقومه، كما قال تعالى: {لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ الله أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ..} [الأحزاب: 21].
وبالله، كيف تتم هذه الأسوة؟ وكيف يقتدي الناس بها إنْ كان الرسول مَلَكاً؟
فالرسول عندما يُبلِّغ منهج الله عليه أنْ يُطبّق هذا المنهج في نفسه أولاً، فلا يأمرهم أمراً، وهو عنه بِنَجْوَة، بل هو إمامهم في القول والعمل.
لذلك فالحاكم الحق الناصح يُطبّق القانون عليه أولاً، فكان سيدنا عمر رضي الله عنه إذا أراد أن يُقنّن قانوناً ويرى أنه سيتعب بعض الظالمين والمنحرفين فيجمع أهله ويخبرهم بما أراد، ثم يُحذّرهم من المخالفة: (فو الذي نفسي بيده، مَنْ خالفني منكم إلى شيء لأجعلنّه نكَالاً للمسلمين، وأنا أول مَنْ أُطبِّقه على نفسي).
لذلك حكم عمر الفاروق الدنيا كلها في عصره، ولما رآه الرجل نائماً مطمئناً تحت شجرة قال قولته المشهورة: (حكمتَ، فعدلْتَ، فأمنت، فنمْتَ يا عمر) وعمر ما حكم الدنيا والبشر، بل حكم نفسه أولاً فحُكمت له الدنيا؛ لأن الحاكم هو مركز الدائرة، وحَواليْه دوائر أخرى صغيرة تراه وتقتدي به، فإنْ رأوه مستقيماً استقاموا، ولم يجرؤ أحد منهم على المخالفة، وإنْ رأوْه منحرفاً فاقوه في المخالفة، وأفسدوا أضعاف ما يُفسد.
لذلك، لا يمكن أبداً لحاكم أن يحكم إلا إذا حكم نفسه أولاً، بعدها تنقاد له رعيته ويكونون طوعاً لأمره دون جهد منه أو تعب.
ولقد رأينا في واقعنا بعض الحكام الذين فهموا الأُسْوة على حقيقتها، فترى الواحد من رعيته يركب أفخم السيارات، ويسكن أعظم القصور، حتى إن معظم أدواتها تكون من الذهب، في حين ترى هذا الحاكم يعيش عيشة متواضعة وربما يعيش في قصر ورثه عن أبيه أو جَدَِّه، وكأنه يُغلِظ على نفسه ويبغي الرفاهية لرعايته.
وكذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أتى بمنهج، وهو في الوقت نفسه أُسْوة سلوك وقُدْوة، فنراه صلى الله عليه وسلم يحثّ الغنيّ على الصدقة للفقير، ثم يحرم أهل بيته من هذه الصدقة فلا يقبلها لهم، وإنْ توارث الناس فيما يتركونه من أموال فإن ما تركه الرسول لا يُوَرَّثُ لأهله من بعده، بل هو صدقة لفقراء المسلمين، وهكذا يحرم رسول الله أهل بيته مما أعطاه للآخرين لتكون القدوة صحيحة، ولا يجد ضعاف النفوس مأخذاً عليه صلى الله عليه وسلم.
إذن: فليس المراد من الحكم أن يتميز الحاكم عن المحكوم، أو يفضل بعض الرعية على بعض، فإذا ما أحسَّ الناس بالمساواة خضعوا للحاكم، وأذعنوا له، وأطاعوا أمره؛ لأنه لا يعمل لمصلحته الشخصية بل لمصلحة رعيته، بدليل أنه أقلُّ منهم في كُلِّ مستويات الحياة.
فالرسول إنْ جاء مَلَكاً فإن الأُسْوة لا تتمّ به، فإنْ أمرنا بشيء ودعانا إلى أن نفعل مثله فسوف نحتجّ عليه: كيف وأنت مَلَكٌ لا شهوةَ لك، لا تأكل ولا تشرب ولا تتناكح ولا تتناسل، إن هذه الأوامر تناسبك أنت، أما نحن فلا نقدر عليها.
ومن هنا لابد أن يكون الرسول بشراً فإنْ حمل نفسه على منهج فلا عُذْر لأحد في التخلُّف عنه؛ لأنه يطبق ما جاء به ويدعوكم إلى الاقتداء بسلوكه.
وسبق أنْ ضربنا لذلك مثلاً وقُلْنا: هَبْ أنك رأيتَ في الغابة أسداً يصول ويجول ويفتك بفريسته، بالله هل يراودك أن تكون أسداً؟ إنما لو رأيتَ فارساً على صَهْوة جواده يصول ويجول ويحصد رقاب الأعداء، ألاَّ تتطلع إلى أن تكون مثله؟
إذن: لا تتمّ القُدْوة ولا تصح إلا إنْ كان الرسول بشراً، ولا داعي للتمرُّد على الطبيعة التي خلقها الله.
ثم يقول الحق سبحانه: {قُلْ كفى بالله شَهِيداً...}.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال