سورة الإسراء / الآية رقم 107 / تفسير تفسير الشوكاني / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

وَبِالْحَقِّ أَنزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ مُبَشِّراً وَنَذِيراً وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنزِيلاً قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لاَ تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا العِلْمَ مِن قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ سُجَّداً وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِن كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولاً وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَياًّ مَّا تَدْعُوا فَلَهُ الأَسْمَاءُ الحُسْنَى وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً وَقُلِ الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي المُلْكِ وَلَمْ يَكُن لَّهُ وَلِيٌّ مِّنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجاً قَيِّماً لِّيُنذِرَ بَأْساً شَدِيداً مِّن لَّدُنْهُ وَيُبَشِّرَ المُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً حَسَناً مَاكِثِينَ فِيهِ أَبَداً وَيُنذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً

الإسراءالإسراءالإسراءالإسراءالإسراءالإسراءالإسراءالإسراءالإسراءالكهفالكهفالكهفالكهفالكهفالكهف




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


قوله: {وَلَقَدْ ءاتَيْنَا موسى تِسْعَ ءايات} أي: علامات دالة على نبوّته، قيل: ووجه اتصال هذه الآية بما قبلها أن المعجزات المذكورة كأنها مساوية لتلك الأمور التي اقترحها كفار قريش، بل أقوى منها، فليس عدم الاستجابة لما طلبوه من الآيات إلاّ لعدم المصلحة في استئصالهم إن لم يؤمنوا بها. قال أكثر المفسرين: الآيات التسع: هي الطوفان، والجراد، والقمل، والضفادع، والدم، والعصا، واليد، والسنين، ونقص الثمرات. وجعل الحسن مكان السنين ونقص الثمرات البحر والجبل.
وقال محمد بن كعب القرظي: هي الخمس التي في الأعراف، والبحر، والعصا، والحجر، والطمس على أموالهم.
وقد تقدم الكلام على هذه الآيات مستوفى، وسيأتي حديث صفوان بن عسال في تعداد هذه الآيات التسع. {فاسأل بَنِى إسراءيل} قرأ ابن عباس وابن نهيك: {فسأل} على الخبر، أي: سأل موسى فرعون أن يخلي بني إسرائيل ويطلق سبيلهم ويرسلهم معه، وقرأ الآخرون {فاسأل} على الأمر أي: سلهم يا محمد حين {جَاءهُمُ} موسى، والسؤال سؤال استشهاد لمزيد الطمأنينية والإيقان، لأن الأدلة إذا تظافرت كان ذلك أقوى، والمسئولون: مؤمنو بني إسرائيل كعبد الله بن سلام وأصحابه {فَقَالَ لَهُ فِرْعَونُ إِنّى لأظُنُّكَ ياموسى مَّسْحُورًا} الفاء هي الفصيحة، أي: فأظهر موسى عند فرعون ما آتيناه من الآيات البينات وبلغه ما أرسل به فقال له فرعون. المسحور: الذي سحر فخولط عقله.
وقال أبو عبيدة والفراء: هو بمعنى الساحر، فوضع المفعول موضع الفاعل، ف {قَالَ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنزَلَ هَؤُلاء} يعني: الآيات التي أظهرها، وأنزل بمعنى: أوجد {إِلاَّ رَبُّ السموات والارض بَصَائِرَ} أي: دلالات يستدل بها على قدرته ووحدانيته، وانتصاب {بصائر} على الحال. قرأ الكسائي بضمّ التاء من {علمت} على أنها لموسى، وروي ذلك عن عليّ، وقرأ الباقون بفتحها على الخطاب لفرعون. ووجه القراءة الأولى أن فرعون لم يعلم ذلك، وإنما علمه موسى. ووجه قراءة الجمهور أن فرعون كان عالماً بذلك كما قال تعالى: {وَجَحَدُواْ بِهَا واستيقنتها أَنفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوّاً} [النمل: 14]. قال أبو عبيد: المأخوذ به عندنا فتح التاء، وهو الأصح للمعنى، لأن موسى لا يقول: علمت أنا وهو الداعي، وروي نحو هذا عن الزجاج. {وَإِنّى لاظُنُّكَ يافرعون مَثْبُورًا} الظنّ هنا بمعنى اليقين، والثبور: الهلاك والخسران. قال الكميت:
ورأت قضاعة في الأيا *** من رأى مثبور وثابر
أي: مخسور وخاسر، وقيل: المثبور: الملعون، ومنه قول الشاعر:
يا قومنا لا تروموا حربنا سفها *** إن السفاه وإن البغي مثبور
أي: ملعون، وقيل: المثبور: ناقص العقل، وقيل: هو الممنوع من الخير، يقال: ما ثبرك عن كذا: ما منعك منه، حكاه أهل اللغة، وقيل: المسحور.
{فَأَرَادَ أَن يَسْتَفِزَّهُم مّنَ الارض} أي أراد فرعون أن يخرج بني إسرائيل وموسى ويزعجهم من الأرض، يعني: أرض مصر بإبعادهم عنها، وقيل: أراد أن يقتلهم، وعلى هذا يراد بالأرض مطلق الأرض، وقد تقدم قريباً معنى الاستفزاز {فَأَغْرَقْنَاهُ وَمَن مَّعَهُ جَمِيعًا} فوقع عليه وعليهم الهلاك بالغرق، ولم يبق منهم أحداً {وَقُلْنَا مِن بَعْدِهِ لِبَنِى إسراءيل اسكنوا الأرض} أي: من بعد إغراقه ومن معه، والمراد بالأرض هنا: أرض مصر التي أراد أن يستفزّهم منها {فَإِذَا جَاء وَعْدُ الآخرة} أي الدار الآخرة وهو القيامة، أو الكرّة الآخرة، أو الساعة الآخرة {جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا} قال الجوهري: اللفيف: ما اجتمع من الناس من قبائل شتى، يقال: جاء القوم بلفهم ولفيفهم أي: بأخلاطهم، فالمراد هنا جئنا بكم من قبوركم مختلطين من كل موضع، قد اختلط المؤمن بالكافر. قال الأصمعي: اللفيف جمع وليس له واحد، وهو مثل الجمع. {وبالحق أَنْزَلْنَاهُ وبالحق نَزَلَ} الضمير يرجع إلى القرآن، ومعنى {بالحق أنزلناه}: أوحيناه متلبساً بالحق، ومعنى {وبالحق نَزَلَ}: أنه نزل وفيه الحق، وقيل: الباقي، وبالحق الأول بمعنى: مع، أي: مع الحق أنزلناه كقولهم: ركب الأمير بسيفه أي: مع سيفه، و{بالحق نزل} أي: بمحمد كما تقول: نزلت يزيد.
وقال أبو علي الفارسي: الباء في الموضعين بمعنى: مع، وقيل: يجوز أن يكون المعنى: وبالحق قدرنا أن ينزل وكذلك نزل، أو: ما أنزلناه من السماء إلاّ محفوظاً، وما نزل على الرسول إلاّ محفوظاً من تخليط الشياطين، والتقديم في الموضعين للتخصص. {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ مُبَشّرًا وَنَذِيرًا} أي: مبشراً لمن أطاع بالجنة ونذيراً مخوّفاً لمن عصى بالنار. {وَقُرْءانًا فَرَقْنَاهُ} انتصاب {قرآناً} بفعل مضمر يفسره ما بعده، قرأ عليّ، وابن عباس، وابن مسعود، وأبيّ بن كعب، وقتادة، وأبو رجاء، والشعبي: {فرقناه} بالتشديد، أي: أنزلناه شيئاً بعد شيء لا جملة واحدة. وقرأ الجمهور {فرقناه} بالتخفيف، أي: بيناه وأوضحناه، وفرقنا فيه بين الحق والباطل.
وقال الزجاج: فرقه في التنزيل ليفهمه الناس. قال أبو عبيد: التخفيف أعجب إليّ، لأن تفسيره بيناه، وليس للتشديد معنى إلاّ أنه نزل متفرقاً. ويؤيده ما رواه ثعلب عن ابن الأعرابي أنه قال: فرقت مخففاً بين الكلام، وفرقت مشدداً بين الأجسام، ثم ذكر سبحانه العلة لقوله: فَرَقْنَاهُ، فقال: {لِتَقْرَأَهُ عَلَى الناس على مُكْثٍ} أي: على تطاول في المدّة شيئاً بعد شيء على القراءة الأولى، أو أنزلناه آية آية، وسورة سورة. ومعناه على القراءة الثانية {على مكث} أي: على ترسل وتمهل في التلاوة، فإن ذلك أقرب إلى الفهم وأسهل للحفظ.
وقد اتفق القراء على ضم الميم في: {مكث} إلاّ ابن محيصن فإنه قرأ بفتح الميم {ونزلناه تَنْزِيلاً} التأكيد بالمصدر للمبالغة، والمعنى: أنزلناه منجماً مفرّقاً لما في ذلك من المصلحة، ولو أخذوا بجميع الفرائض في وقت واحد لنفروا ولم يطيقوا.
{قُلْ ءامِنُواْ بِهِ أَوْ لاَ تُؤْمِنُواْ} أمر الله سبحانه نبيه صلى الله عليه وسلم أن يقول للكافرين المقترحين للآيات: آمنوا به أو لا تؤمنوا، فسواء إيمانكم به وامتناعكم عنه لا يزيده ذلك ولا ينقصه. وفي هذا وعيد شديد لأمره بالإعراض عنهم واحتقارهم، ثم علّل ذلك بقوله: {إِنَّ الذين أُوتُواْ العلم مِن قَبْلِهِ} أي: أن العلماء الذين قرؤوا الكتب السابقة قبل إنزال القرآن وعرفوا حقيقة الوحي وأمارات النبوّة كزيد بن عمرو بن نفيل، وورقة بن نوفل، وعبد الله بن سلام {إِذَا يتلى عَلَيْهِمْ} أي: القرآن {يَخِرُّونَ لِلاْذْقَانِ سُجَّدًا} أي: يسقطون على وجوههم ساجدين لله سبحانه، وإنما قيد الخرور، وهو السقوط، بكونه للأذقان، أي: عليها، لأن الذقن، وهو مجتمع اللحيين أوّل ما يحاذي الأرض. قال الزجاج: لأن الذقن مجتمع اللحيين، وكما يبتدئ الإنسان بالخرور للسجود، فأوّل ما يحاذي الأرض به من وجهه الذقن، وقيل: المراد تعفير اللحية في التراب، فإن ذلك غاية الخضوع، وإيثار اللام في الأذقان على {على} للدلالة على الاختصاص، فكأنهم خصوا أذقانهم بالخرور، أو خصوا الخرور بأذقانهم، وقيل: الضمير في قوله: {مِن قَبْلِهِ} راجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم، والأولى ما ذكرناه من رجوعه إلى القرآن لدلالة السياق على ذلك، وفي هذا تسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم. وحاصلها: أنه إن لم يؤمن به هؤلاء الجهال الذين لا علم عندهم ولا معرفة بكتب الله ولا بأنبيائه، فلا تبال بذلك، فقد آمن به أهل العلم وخشعوا له وخضعوا عند تلاوته عليهم خضوعاً ظهر أثره البالغ بكونهم يخرّون على أذقانهم سجداً لله. {وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبّنَا} أي: يقولون في سجودهم تنزيهاً لربنا عما يقوله الجاهلون من التكذيب، أو تنزيهاً له عن خلف وعده {إِن كَانَ وَعْدُ رَبّنَا لَمَفْعُولاً} (أن) هذه هي المخففة من الثقيلة، واللام هي الفارقة. ثم ذكر أنهم خروا لأذقانهم باكين فقال: {وَيَخِرُّونَ لِلأذْقَانِ يَبْكُونَ} وكرّر ذكر الخرور للأذقان، لاختلاف السيب، فإن الأول لتعظيم الله سبحانه وتنزيهه، والثاني: للبكاء بتأثير مواعظ القرآن في قلوبهم ومزيد خشوعهم، ولهذا قال: {وَيَزِيدُهُمْ} أي: سماع القرآن، أو القرآن بسماعهم له {خُشُوعًا} أي: لين قلب ورطوبة عين.
وقد أخرج عبد الرزاق، وسعيد بن منصور، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {تِسْع ءايات} فذكر ما ذكرناه عن أكثر المفسرين.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عنه قال: يده، وعصاه ولسانه، والبحر، والطوفان، والجراد، والقمل، والضفادع، والدم.
وأخرج الطيالسي، وسعيد بن منصور، وابن أبي شيبة، وأحمد، والترمذي وصححه، والنسائي، وابن ماجه، وأبو يعلى، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والطبراني، وابن قانع، والحاكم وصححه، وأبو نعيم، والبيهقي، وابن مردويه عن صفوان بن عسال: أن يهوديين قال أحدهما لصاحبه: انطلق بنا إلى هذا النبيّ نسأله، فأتياه فسألاه عن قول الله {وَلَقَدْ ءاتَيْنَا موسى تِسْعَ ءايات بَيّنَاتٍ} فقال: «لا تشركوا بالله شيئاً، ولا تزنوا، ولا تسرفوا، ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلاّ بالحق، ولا تسرقوا، ولا تسحروا، ولا تمشوا ببرئ إلى سلطان فيقتله، ولا تأكلوا الربا، ولا تقذفوا محصنة- أو قال: لا تفروا من الزحف- شكّ شعبة- وعليكم يا يهود خاصة أن لا تعتدوا في السبت»، فقبلا يديه ورجليه وقالا: نشهد أنك نبيّ الله، قال: فما يمنعكما أن تسلما؟ قالا: إن داود دعا الله أن يزال في ذريته نبيّ، وإنا نخاف إن أسلمنا أن يقتلنا اليهود.
وأخرج ابن أبي الدينا في ذمّ الغضب عن أنس بن مالك أنه سئل عن قوله: {وَإِنّى لأظُنُّكَ يافرعون مَثْبُورًا} قال: مخالفاً، وقال: الأنبياء أكرم من أن تلعن أو تسبّ.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم من طرق عن ابن عباس {مثبوراً} قال: ملعوناً.
وأخرج الشيرازي في الألقاب، وابن مردويه عنه قال: قليل العقل.
وأخرج ابن جرير عنه أيضاً {لفيفاً} قال: جميعاً.
وأخرج النسائي، وابن جرير، وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه، وابن مردويه، والبيهقي عن ابن عباس أنه قرأ: {وقرآناً فرقناه} مثقلاً قال: نزل القرآن إلى السماء الدنيا في ليلة القدر من رمضان جملة واحدة، فكان المشركون إذا أحدثوا شيئاً أحدث لهم جواباً، ففرقه الله في عشرين سنة.
وقد روي نحو هذا عنه من طرق.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عنه أيضاً {فَرَقْنَاهُ} قال: فصلناه على مكث بأمد {يَخِرُّونَ لِلأذْقَانِ} يقول: للوجوه.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عن مجاهد {إِذَا يتلى عَلَيْهِمْ} قال: كتابهم.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال