سورة الكهف / الآية رقم 8 / تفسير تفسير الثعالبي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلاَ لآبَائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِن يَقُولُونَ إِلاَّ كَذِباً فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِن لَّمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الحَدِيثِ أَسَفاً إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الأَرْضِ زِينَةً لَّهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيداً جُرُزاً أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَباً إِذْ أَوَى الفِتْيَةُ إِلَى الكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَداً فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ فِي الكَهْفِ سِنِينَ عَدَداً ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَداً نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُم بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ لَن نَّدْعُوَ مِن دُونِهِ إِلَهاً لَّقَدْ قُلْنَا إِذاً شَطَطاً هَؤُلاءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ آلِهَةً لَّوْلا يَأْتُونَ عَلَيْهِم بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً

الكهفالكهفالكهفالكهفالكهفالكهفالكهفالكهفالكهفالكهفالكهفالكهفالكهفالكهفالكهف




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{قيماً} أي مستقيماً وقال ابن عباس: عدلاً، وقيل قيماً على الكتب كلّها مصدقاً لها وناسخاً لشرائعها {لينذر بأساً شديداً} معناه لينذر الذين كفروا بأساً شديداً وهو قوله سبحانه وتعالى بعذاب بئيس {من لدنه} أي من عنده {ويبشر المؤمنين الذي يعملون الصالحات أن لهم أجراً حسناً} يعني الجنة {ماكثين فيه} أي مقيمين فيه {أبداً وينذر الذين قالوا اتخذ الله ولداً ما لهم به من علم} أي بالولد وباتخاذه يعني أن قولهم لم يصدر عن علم بل عن جهل مفرط. فإن قلت اتخاذ الله ولداً في نفسه محال فكيف قيل ما لهم به من علم. قلت انتفاء العلم يكون للجهل بالطريق الموصل إليه وقد يكون في نفسه محالاً لا يستقيم تعلق العلم به {ولا لآبائهم} أي ولا لأسلافهم من قبل {كبرت} أي عظمت {كلمة تخرج من أفواههم} أي هذا الذي يقولونه لا تحكم به عقولهم وفكرهم البتة لكونه في غاية الفساد والبطلان فكأنه يجري على لسانهم على سبيل التقليد {إن يقولون إلا كذباً} أي ما يقولون إلا كذباً قيل حقيقة الكذب أنه الخبر الذي لا يطابق المخبر قولهم عنه وزاد بعضهم مع علم قائله أنه غير مطابق وهذا القيل باطل لأن الله سبحانه وتعالى وصف قولهم بإثبات الولد بكونه كذباً مع أن الكثير منهم يقولون ذلك ولا يعلمون كونه باطلاً فعلمنا أن كل خبر لا تطابق الخبر عنه فهو كذب والكذب خلاف الصدق، وقيل: هو الانصراف عن الحق إلى الباطل ورجل كذاب وكذوب إذا كان كثير الكذب. قوله عز وجل: {فلعلك باخع نفسك} أي قاتل نفسك {على آثارهم} أي من بعدهم {إن لم يؤمنوا بهذا الحديث} يعني القرآن {أسفاً} أي حزناً وقيل غيظاً {إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها} أي مما يصلح أن يكون زينة لها ولأهلها من زخارف الدنيا وما يستحسن منها، وقيل يعني النبات والشجر والأنهار، وقيل أراد به الرجال خاصة فهم زينة الأرض، وقيل أراد به العلماء والصلحاء وقيل جميع ما في الأرض هو زينة لها. فإن قلت أي زينة في الحيات والعقارب والشياطين. قلت زينتها كونها تدل على وحدانية الله تعالى وكمال قدرته، وقيل إن جميع ما في الأرض ثلاثة معدن ونبات وحيوان وأشرف أنواع الحيوان الإنسان، قيل الأولى أن لا يدخل في هذه الزينة المكلف، بدليل قوله تعالى: {لنبلوهم} فمن يبلو يجب أن لا يدخل في ذلك ومعنى لنبلوهم نختبرهم {أيهم أحسن عملاً} أي أصلح عملاً وقيل أيهم أترك للدنيا وأزهد فيها. {وإنا لجاعلون ما عليها} أي من الزينة، {صعيداً جرزاً} يعني مثل أرض لا نبات فيه شيء، قوله سبحانه وتعالى: {أم حسبت} أي أظنتت يا محمد {أن أصحاب الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجباً} أي هم عجب من آياتنا وقيل معناه أنهم ليسوا بأعجب آياتنا، فإن خلقنا من السموات والأرض وما فيهم من العجائب أعجب منهم والكهف الغر الواسع في الجبل، الرقيم هو لوح كتب فيه أسماء أصحاب الكهف وقصتهم ثم وضع على باب الكهف وكان اللوح من رصاص وقيل من حجارة، وعن ابن عباس أن الرقيم اسم الوادي الذي فيه أصحاب الكهف وقال كعب الأحبار: هو اسم للقرية التي خرج منها أصحاب الكهف وقيل اسم للجبل الذي فيه أصحاب الكهف ثم ذكر الله عز وجل قصة أصحاب الكهف فقال عز وجل من قائل {إذ أوى الفتية إلى الكهف} أي صاروا إليه، وجعلوه مأواهم، والفتية جمع فتى وهو الطري من الشباب {فقالوا ربنا آتنا من لدنك رحمة} أي رحمة من خزائن رحمتك وجلائل فضلك وإحسانك وهب لنا الهداية والنصر والأمن من الأعداء {وهيئ لنا} أي أصلح لنا {من أمرنا رشداً} أي حتى نكون بسببه راشدين مهديين وقيل معناه واجعل أمرنا رشداً كله.
ذكر قصة الكهف وسبب خروجهم إليه:
قال محمد بن إسحاق ومحمد بن يسار مرج أمر أهل الإنجيل، وعظمت فيهم الخطايا وطغت الملوك حتى عبد وا الأصنام وذبحوا للطواغيت، وفيهم بقايا على دين المسيح متمسكون بعبادة الله وتوحيده وكان ممن فعل ذلك من ملوكهم ملك من الروم يقال له دقيانوس عبد الأصنام وذبح للطواغيت وقتل من خالفه وكان ينزل قرى الروم فلا يترك في قرية نزلها أحد إلا فتنه عن دينه حتى يعبد الأصنام أو يقتله. فلما نزل مدينة أصحاب الكهف واسمها أفسوس استخفى منه أهل الإيمان وهربوا في كل وجه فاتخذ شرطاً من الكفار وأمرهم أن يتبعوهم بين القتل وبين عبادة الأصنام، فمنهم من يرغب في الحياة ومنهم من يأبى أن يعبد غير الله فيقتل، فلما رأى ذلك أهل الشدة في الإيمان جعلوا يسلمون أنفسهم للعذاب والقتل فيقتلون ويقطعون ويجعل ما قطع من أجسادهم على أسوار المدينة وأبوابها فلما عظمت الفتنة وكثرت ورأى ذلك الفتية حزنوا حزناً شديداً فقاموا واشتغلوا بالصلاة والصيام والصدقة والتسبيح والدعاء، وكانوا من أشراف الروم وهم ثمانية نفر وبكوا وتضرعوا إلى الله عز وجل وجعلوا يقولون: {ربنا رب السموات والأرض لن ندعو من دونه إلهاً لقد قلنا إذا شططاً} اكشف عن عبادك المؤمنين هذه الفتنة وارفع عنه البلاء حتى يعلنوا عبادتك؛ فبينما هم على ذلك وقد دخلوا مصلاهم أدركهم الشرط فوجدوهم سجوداً يبكون ويتضرعون إلى الله عز وجل فقال لهم الشرط ما خلفكم عن أمر الملك، ثم انطلقوا إلى الملك فأخبروه خبر الفتية فبعث إليهم فأتى بهم تفيض أعينهم من الدمع معفرة، وجوههم بالتراب فقال لهم ما منعكم أن تشهدوا الذبح لآلهتنا التي تعبد في الأرض وتجعلوا أنفسكم أسوة أهل مدينتكم اختاروا إما أن تذبحوا لآلهتنا وإما أن أقتلكم، فقال مكسلينا وهو أكبرهم: إن لنا إلهاً ملء السموات والأرض عظمته لن ندعوا من دونه إلهاً أبداً له الحمد والتكبير من أنفسنا خالصاً أبداً، إياه نعبد وإياه نسأل النجاة والخير فأما الطواغيت فلن نعبد ها أبداً اصنع بنا ما بدا لك.
وقال أصحابه مثل ذلك فلما سمع الملك كلامهم أمر بنزع ثيابهم وحلية كانت عليهم من الذهب والفضة وقال سأفرغ لكم وأنجز لكم ما أوعدتكم من العقوبة وما يمنعني أن أعجل ذلك لكم إلا أني أراكم شباناً حديثة أسنانكم فلا أحب أن أهلككم حتى أجعل لكم أجلاً تذكرون فيه فترجعون إلى عقولكم. ثم أمر بهم فأخرجوا من عنده، وانطلق دقيانوس إلى مدينة أخرى قريبة منه لبعض أموره فلما رأى الفتية خروجه بادروا وخافوا إذا قدم أن يذكرهم، فأتمروا بينهم واتفقوا على أن يأخذ كل واحد منهم نفقة من بيت أبيه فيتصدقوا منها ويتزودوا بما بقي ثم ينطلقوا إلى كهف قريب من المدينة في جبل يقال له ينجلوس، فيمكثوا فيه ويعبد وا الله حتى إذا جاء دقيانوس أتوه فيصنع بهم ما يشاء فلما اتفقوا على ذلك عمد كل فتى منهم إلى بيت أبيه فأخذ نفقة فتصدق منها وانطلقوا بما بقي معهم، وأتبعهم كلب كان لهم حتى أتوا ذلك الكهف فمكثوا فيه. وقال كعب الأحبار: مرو بكلب فتبعهم فطردوه فعاد ففعلوا ذلك مراراً فقال لهم الكلب: ما تريدون مني لا تخشوا مني أنا أحب أحباب الله عز وجل فناموا حتى أحرسكم. وقال ابن عباس: هربوا من دقيانوس وكانوا سبعة فمروا براعٍ معه كلب فتبعهم على دينهم وتبعهم الكلب فخرجوا من البلد إلى الكهف. قال ابن عباس: فلبثوا فيه ليس لهم عمل إلا الصلاة والصيام والتسبيح والتحميد ابتغاء لوجه الله عز وجل وجعلوا نفقتهم إلى فتى منهم اسمه تمليخا فكان يبتاع لهم أرزاقهم من المدينة سراً وكان أجملهم وأجلدهم وكان إذا دخل المدينة لبس ثياباً رثة كثياب المسلمين ثم يأخذ ورقة فينطلق إلى المدينة فيشتري لهم طعاماً وشراباً، ويتجسس لهم الخبر هل ذلك هو وأصحابه بشيء ثم يرجع إلى أصحابه فلبثوا بذلك ما شاء الله أن يلبثوا. ثم قدم دقيانوس المدينة وأمر عظماء أهلها أن يذبحوا للطواغيت ففزع من ذلك أهل الإيمان وكان تمليخا بالمدينة يشتري لأصحابه طعامهم، فرجع إلى أصحابه وهو يبكي ومعه طعام قليل فأخبرهم أن الجبار قد دخل المدينة وأنهم قد ذكروا والتمسوا مع عظماء المدينة ففزعوا ووقعوا سجداً يدعون الله ويتضرعون إليه ويتعوذون من الفتنة فقال لهم تمليخا: يا أخوتاه ارفعوا رؤوسكم واطعموا وتوكلوا على ربكم فرفعوا رؤوسهم وأعينهم تفيض من الدمع وذلك عند غروب الشمس، ثم جلسوا يتحدثون ويذكر بعضهم بعضاً فبينما هم على ذلك إذ ضرب الله عز وجل على آذانهم في الكهف، وكلبهم باسط ذراعيه بباب الكهف فأصابه ما أصابهم وهم مؤمنون موقنون ونفقتهم عند رؤوسهم فلما كان من الغد تفقدهم دقيانوس والتمسهم فلم يجدهم فقال لبعض عظماء المدينة لقد ساءني شأن هؤلاء الفتية الذين ذهبوا لقد ظنوا أن بي غضباً عليهم لجهلهم ما جهلوا من أمري ما كنت لأجهل عليهم إن هم تابوا وعبد وا آلهتي فقال عظماء المدينة ما أنت بحقيق أن ترحم قوماً فجرة مردة عصاة، قد كنت أجلت لهم أجلاً ولو شاؤوا لرجعوا في ذلك الأجل ولكنهم لم يتوبوا، فلما قالوا ذلك غضب غضباً شديداً ثم أرسل إلى آبائهم فأتى بهم فقال: أخبروني عن أبنائكم المردة الذين عصوني، فقالوا: أما نحن لم نعصك فلم تقتلنا بقوم مردة إنهم ذهبوا بأموالنا وأهلكوها في أسواق المدينة، ثم انطلقوا إلى جبل يدعى ينجلوس فلما قالوا له ذلك خلى سبيلهم، وجعل ما يدري ما يصنع بالفتية فألقى الله سبحانه وتعالى في نفسه أن يأمر بسد باب الكهف عليهم وأراد الله عز وجل أن يكرمهم بذلك ويجعلهم آية لأمة تستخلف من بعدهم، وأن يبين لهم أن الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور.
فأمر دقيانوس بالكهف فسد عليهم وقال دعوهم كما هم في كهفهم يموتون جوعاً وعطشاً ويكون كهفهم الذي اختاروه قبراً لهم، وهو يظن أنهم أيقاظ يعلمون ما يصنع بهم وقد توفى الله عز وجل أرواحهم وفاة نوم وكلبهم باسط ذراعيه بباب الكهف قد غشيه ما غشيهم يتقلبون ذات اليمين وذات الشمال. ثم إن رجلين مؤمنين من بيت الملك دقيانوس يكتمان إيمانهما، اسم أحدهما بيدروس واسم الآخر روناس اهتما أن يكتبا شأن هؤلاء الفتية، وأسمائهم وأنسابهم وأخبارهم في لوحين من رصاص ويجعلاهما في تابوت من نحاس ويجعلا التابوت في البنيان، وقالا: لعل الله أن يظهر على هؤلاء الفتية قوماً مؤمنين قبل يوم القيامة فيعلم من فتح عليهم خبرهم حين يقرأ الكتاب ففعلا ذلك وبنيا عليه وبقي دقيانوس ما بقي ثم مات هو وقومه، وقرون بعده كثيرة وخلفت الملوك بعد الملوك وقال عبيد بن عمير: كان أصحاب الكهف فتياناً مطوقين مسورين ذوي ذوائب فخرجوا في عيد لهم عظيم في زي وموكب وأخرجوا معهم آلهتهم التي كانوا يعبد ونها وكان معهم كلب صيد لهم، وكان أحدهم وزير الملك فقذف الله سبحانه وتعالى الإيمان في قلوبهم فآمنوا وأخفى كل واحد إيمانه وقال في نفسه أخرج من بين أظهر هؤلاء القوم لئلا يصيبني عقاب بجرمهم، فخرج شاب منهم حتى انتهى إلى ظل شجرة فجلس فيه ثم خرج آخر فرآه جالساً وحده فرجا أن يكون على مثل أمره وجلس إليه من غير أن يظهره على أمره ثم خرج آخر فخرجوا جميعاً فاجتمعوا فقال بعضهم لبعض ما جمعكم وكل واحد يكتم إيمانه من صاحبه مخافة على نفسه، ثم قالوا ليخرج كل فتيين فيخلوا ويفشي كل واحد سره إلى صاحبه ففعلوا ذلك فإذا هم جميعاً على الإيمان وإذا الكهف في جبل عظيم قريب منهم فقال بعضهم لبعض فأووا إلى الكهف ينشر لكم ربكم من رحمته.
فدخلوا الكهف ومعهم كلب صيد فناموا ثلاثمائة سنين وازداد تسعاً، وفقدهم قومهم وطلبوهم فعمى الله عليه آثارهم وكهفهم فكتبوا أسمائهم وأنسابهم في لوح فلان وفلان وفلان أبناء ملوكنا فقدناهم في شهر كذا من سنة كذا في مملكة فلان ابن فلان الملك ووضعوا اللوح في خزانة الملك وقالوا ليكون لهؤلاء شأن وما ذلك الملك، وجاء قرن بعد قرن. قال محمد بن إسحاق: ثم ملك أهل تلك البلاد رجل صالح يقال له بيدروس فلما ملك بقي ملكه ثماني وستين سنة، فتحزب الناس في ملكه فكانوا أحزاباً منهم من يؤمن بالله ويعلم أن الساعة حق، ومنهم من يكذب بها فكبر ذلك على الملك الصالح وتضرع إلى الله وحزن حزناً شديداً لما رأى أهل الباطل يزيدون ويظهرون على أهل الحق ويقولون لا حياة إلا حياة الدنيا وإنما تبعث الأرواح دون الأجساد. وجعل بيدروس الملك يرسل إلى من يظن فيهم خيراً وأنهم أئمة في الخلق فلم يقبلوا منه وجعلوا يكذبون بالساعة حتى كادوا يخرجون الناس عن الحق وملة الحواريين، فلما رأى ذلك الملك الصالح دخل بيته وأغلق بابه عليه، ولبس مسحاً وجعل تحته رماداً فجلس عليه فدأب ليله ونهاره يتضرع إلى الله تعالى ويبكي ويقول رب قد ترى اختلاف هؤلاء فابعث لهم آية تبين لهم بطلان ما هم عليهم. ثم إن الله سبحانه وتعالى الرحمن الرحيم الذي يكره هلكة عباده أراد أن يظهر على الفتية أصحاب الكهف ويبين للناس شأنهم ويجعلهم آية وحجة عليم ليعلموا أن الساعة آتية فيها، ويستجيب لعبد ه الصالح بيدروس ويتم نعمته عليه وأن يجمع من كان تبدد من المؤمنين، فألقى الله سبحانه وتعالى في نفس رجل من أهل ذلك البلد الذي فيه ذلك الكهف وكان اسمه أولياس أن يهدم ذلك البنيان الذي على فم الكهف ويبني به حظيرة لغنمه، فاستأجر غلامين فجعلا ينزعان تلك الحجارة وبينيان بها تلك الحظيرة حتى نزعا ما كان على باب الكهف، وفتحا باب الكهف وحجبهم الله تعالى عن الناس بالرعب فلما فتح باب الكهف أذن الله سبحانه وتعالى ذو القدرة والسلطان محيي الموتى للفتية أن يجلسوا بين ظهراني الكهف، فجلسوا فرحين مسفرة وجوههم طيبة أنفسهم فسلم بعضهم على بعض كأنما اسيتقظوا من ساعتهم التي كانوا يستيقظون منها إذا أصبحوا من ليلتهم.
ثم قاموا إلى الصلاة فصلوا كما كانوا يفعلون لا يرى في وجوههم ولا ألوانهم شيء ينكرونه وأنهم كهيئتهم حين رقدوا وهم يرون أن دقيانوس في طلبهم فلما قضوا صلاتهم قالوا لتمليخاً صاحب نفقتهم: أنبئنا بما قال الناس في شأننا عشية أمس عند هذا الجبار، وهم يظنون أنهم قد رقدوا كبعض ما كانوا يرقدون وقد خيل إليهم أنهم كانوا ينامون حتى تساءلوا بينهم فقال بعضهم لبعض كم لبثتم نياماً قالوا لبثنا يوماً أو بعض يوم، قالوا ربكم أعلم بما لبثتم وكل ذلك في أنفسهم يسير فقال لهم تمليخا: قد التمستم في المدينة وهو يريد أن يؤتى بكم اليوم فتذبحوا للطواغيت أو يقتلكم، فما شاء الله بعد ذلك فعل فقال لهم مكسلمينا: يا إخوتاه اعلموا أنكم ملاقو الله فلا تكفروا بعد إيمانكم إذا دعاكم عدو الله، ثم قالوا لتمليخا انطلق إلى المدينة فتسمع ما يقال لنا بها وما الذي يذكر فينا عند دقيانوس وتلطف ولا تشعرن بك أحداً، وابتع لنا طعاماً فأتنا به وزدنا على الطعام الذي جئتنا به فقد أصبحنا جياعاً، ففعل تمليخا كما كان يفعل ووضع ثيابه وأخذ الثياب التي كان يتنكر فيها وأخذ ورقاً من نفقتهم التي كانت معهم التي ضربت بطابع دقيانوس وكانت كخفاف الربع، فانطلق تمليخا خارجاً فلما مر بباب الكهف رأى الحجارة منزوعة عن باب الكهف فعجب منه ثم مر ولم يبال بها حتى أتى باب المدينة مستخفياً يصد عن الطريق تخوفاً أن يراه أحد من أهلها فيعرفه، ولا يشعر أن دقيانوس وأهله هلكوا قبل ذلك بثلاثمائة سنة. فملا أتى تمليخا باب المدينة رفع بصره فرأى فوق ظهر الباب علامة كانت لأهل الإيمان. إذ كان أمر الإيمان ظاهراً فيهما فلما رآها عجب وجعل ينظر إليها يميناً وشمالاً ثم ترك ذلك الباب ومضى إلى باب آخر فرأى مثل ذلك فخيل إليه أن المدينة ليست بالتي كان يعرف ورأى أشخاصاً كثيرة محدثين لم يكن رآهم من قبل ذلك، فجعل يمشي ويتعجب ويخيل إليه أنه حيران ثم رجع إلى الباب الذي أتى منهم فجعل يتعجب بينه وبين نفسه ويقول يا ليت شعري ما هذا أما عشية أمس كان المسلمون يخفون هذه العلامة في هذه المدينة ويستخفون بها واليوم ظاهرة لعلي نائم حالم ثم يرى أنه ليس بنائم فأخذ كساءه فجعله على رأسه ثم دخل المدينة فجعل يمشي في أسواقها فسمع ناساً يحلفون باسم عيسى ابن مريم، فزاده ذلك تعجباً ورأى أنه حيران فقام مسنداً ظهره إلى جدار من جدران المدينة وهو يقول في نفسه والله ما أدري ما هذا أما عشية أمس فليس كان على الأرض من يذكر عيسى ابن مريم إلا قتل وأما اليوم فأسمع كل إنسان يذكر عيسى ابن مريم لا يخاف، ثم قال في نفسه: لعل هذه ليست بالمدينة التي أعرف والله ما أعلم مدينة بقرب مدينتنا فقام كالحيران ثم لقي فتى فقال له ما اسم هذه المدينة يا فتى فقل له أفسوس، فقال في نفسه لعل بي مساً أو أمراً أذهب عقلي والله يحق لي أن أسرع الخروج قبل أن يصيبني فيها شر فأهلك.
فمضى إلى الذين يبتاعون الطعام فأخرج لهم الورق التي كانت معه وأعطاها رجلاً منهم وقال له بعني بهذه الورق طعاماً، فأخذها الرجل ونظر ألى ضرب الورق ونقشها فعجب منها فناولها رجلاً آخر من أصحابه فنظر ثم جعلوا يتطارحونها بينهم من رجل إلى رجل ويتعجبون منها ويتشاورون بينهم، ويقول بعضهم لبعض: إن هذا أصاب كنزاً خبيئاً في الأرض منذ زمن طويل فلما رآهم تمليخاً يتحدثون فيه فرق فرقاً شديداً وخاف وجعل يرعد ويظن أنهم قد فطنوا به وعرفوه وأنهم إنما يريدون أن يذهبوا به إلى ملكهم دقيانوس، وجعل أناس يأتونه وتعرفونه فلا يعرفونه فقال لهم وهو شديد الخوف منهم: أفضلوا علي قد أخذتم ورقي فأمسكوها وأما طعامك فلا حاجة لي به، فقالوا له يا فتى من أنت وما شأنك والله لقد وجدت كنزاً من كنوز الأولين وأنت تريد أن تخفيه منا انطلق معنا وأرناه وشاركنا فيه نخفف عليك ما وجدت، وإنك إن لم تفعل نحملك إلى السلطان فنسلمك إليه فيقتلك فلما سمع قولهم قال والله قد وقعت في كل شيء كنت أحذر منه، فقالوا له يا فتى إنك والله لا تستطيع أن تكتم ما وجدت وجعل تمليخا ما يدري ما يقول لهم وخاف حتى لم يجر على لسانه إليهم شيء، فلما رأوه لا يتكلم أخذوا كساءه فطرحوه في عنقه وجعلوا يسحبونه في سكك المدينة حتى سمع به من فيها، وقيل قد أخذ رجل معه كنز فاجتمع عليه أهل المدينة وجعلوا ينظرون إليه ويقولون والله ما هذا الفتى من أهل هذه المدينة وما رأيناه فيها قط وما نعرفه، وجعل تمليخا لا يدري ما يقول لهم، وكان متيقناً أن أباه وإخوته بالمدينة وأنه من عظماء أهلها وأنهم سيأتونه إذا سمعوا به فبينما هو قائم كالحيران ينتظر متى يأتيه بعض أهله فيخلصه من أيديهم إذا اختطفوه وانطلقوا به إلى رئيسي المدينة ومدبريها، اللذين يدبران أمرها وهما رجلان صالحان اسم أحدهما أريوس واسم الآخر طنطيوس، فلما انطلقوا به إليهما ظن تمليخا أنه إنما ينطلق به إلى دقيانوس الجبار فجعل يلتفت يميناً وشمالاً، وهو يبكي والناس يسخرون منه كما يسخرون من المجنون ثم رفع رأسه إلى السماء وقال: اللهم إله السماء وإله الأرض أفرغ علي اليوم صبراً وأولج معي روحاً منك تؤيدني به عند هذا الجبار، وجعل يقول في نفسه فرقوا بيني وبين إخوتي يا ليتهم يعلمون ما لقيت ويا ليتهم يأتونني فنقوم جميعاً بين يدي هذا الجبار فإنا قد كنا تواثقنا على الإيمان بالله وأن لا نشرك به أحداً أبداً ولا نفترق في حياة ولا موت فلما انتهى إلى الرجلين الصالحين أريوس وطنطيوس ورأى أنه لم يذهب إلى دقيانوس، أفاق وذهب عنه البكاء وأخذ أريوس وطنطيوس الورقة ونظرا إليها وعجبا منها وقال أين الكنز الذي وجدت يا فتى فقال تمليخا: ما وجدت كنزاً ولكن هذا ورق آبائي ونقش هذه المدينة وضربها، ولكن والله ما أدري ما شأني وما أوقول لكم فقال له أحدهما: ممن أنت فقال تمليخا أما أنا فكنت أرى أني من أهل هذه المدينة فقيل له: ومن أبوك ومن يعرفك بها فأخبرهم بأسم أبيه، فلم يوجد من يعرفه ولا أباه فقال له أنت كذاب لا تنبئنا بالحق فلم يدر تمليخا ما يقول غير أنه نكث بصره إلى الأرض فقال بعض من حوله هذا رجل مجنون، وقال بعضهم ليس بمجنون ولكنه يحمق نفسه عمداً لكي ينفلت منكم، فقال له أحدهما ونظر إليه نظراً شديداً أتظن إنا نرسلك ونصدقك بأن هذا مال أبيك ونقش هذه المدينة وضربها ولهذه الورقة أكثر من ثلاث مائة سنة وأنت غلام شاب أتظن أنك تأفكنا وتسخر بنا ونحن شيوخ شمط وحولك سراة هذه المدينة وولاة أمرها وخزائن هذه المدينة بأيدينا وليس عندنا من هذا الضرب درهم ولا دينار، وإنني لأظنني سآمر بك فتعذب عذاباً شديداً ثم أوثقك حتى تعترف بهذا الكنز الذي وجدته.
فقال لهم تمليخا: أخبروني عما أسألكم عنه فإن أنتم فعلتم صدقتكم عما عندي، فقالوا له سل لا نكتمك شيئاً قال: فما فعل الملك دقيانوس فقال: ما نعرف على وجه الأرض من اسمه دقيانوس ولم يكن إلا ملك هلك في الزمان الأول وله دهر طويل وهلك بعده قرون كثيرة، فقال تمليخا: إني إذاً لحيران وما يصدقني أحد من الناس فيما أقول لقد كنا فتية على دين الواحد وأن الملك أكرهنا على عبادة الأصنام والذبح للطواغيت فهربنا منه عشية أمس، فأتينا إلى الكهف الذي في جبل بنجلوس فنمنا فيه فلما انتهينا خرجت لأشتري لأصحابي طعاماً وأتجسس الأخبار فإذا أنا معكم كما ترون فانطلقوا معي إلى الكهف أريكم أصحابي، فلما سمع أريوس قول تمليخا قال يا قوم لعل هذه آية من آيات الله جعلها الله عز وجل لكم على يد هذا الفتى فانطلقوا بنا معه حتى يرينا أصحابه. فانطلق أريوس وطنطيوس ومعهما جميع أهل المدينة كبيرهم وصغيرهم نحو أصحاب الكهف لينظروا إليهم فلما رأى الفتية أصحاب الكهف تمليخا قد احتبس عنهم بطعامهم وشرابهم عن القدر الذي كان يأتي فيه ظنوا أنه أخذ وذهب به إلى ملكهم دقيانوس فبينما هم يظنون ذلك ويتخوفونه إذ سمعوا الأصوات وجلبة الخيل مصعدة فظنوا أنهم رسل الجبار دقيانوس بعث بهم إليهم ليؤتى بهم فقاموا إلى الصلاة وسلم بعضهم على بعض وأوصى بعضهم بعضاً وقالوا انطلقوا بنا نأت أخانا تمليخا فإنه الآن بين يدي الجبار وهو ينتظرنا حتى نأتيه.
فبينما هم يقولون ذلك وهم جلوس على هذه الحالة إذ هم بأريوس وأصحابه وقوفاً على باب الكهف فسبقهم تمليخا ودخل وهو يبكي فلما رأوه يبكي بكوا معه ثم سألوه عن خبره فقص عليه الخبر كله، فعرفوا أنهم كانوا نياماً بأمر الله ذلك الزمن الطويل وإنما أوقظوا ليكونوا آية للناس وتصديقاً للبعث وليعلموا أن الساعة لا ريب فيها. ثم دخل على أثر تمليخا أريوس فرأى تابوتاً من نحاس مختوماً بخاتم فضة فوقف على الباب ودعا جماعة من عظماء أهل المدينة وأمر بفتح التابوت بحضرتهم فوجدوا فيه لوحين من رصاص مكتوباً فيهما مكسلمينا ومخشلمينا وتمليخا ومرطونس وكشطونس وبيرونس وديموس وبطيوس وقالوس والكلب اسمه قطمير. كانوا فتية هربوا من ملكهم دقيانوس مخافة أن يفتنهم عن دينهم فدخلوا هذا الكهف فلما أخبر بمكانهم أمر الكهف فسد عليهم بالحجارة وإنا كتبنا شأنهم وخبرهم ليعلمه من بعدهم إن عثر بهم فلما قرأوه عجبوا وحمدوا الله سبحانه وتعالى الذي أراهم آية تدلهم على البعث ثم رفعوا أصواتهم بحمد الله وتسبيحه، ثم دخلوا على الفتية الكهف فوجودهم جلوساً مشرقة وجوههم لم تبل ثيابهم فخر أريوس وأصحابه سجداً لله وحمدوا الله سبحانه وتعالى الذي أراهم آية من آياته ثم كلم بعضهم بعضاً وأخبرهم الفتية عن الذي لقوا من ملكهم دقيانوس ثم أريوس وأصحابه بعثوا بريداً إلى ملكهم الصالح بيدروس أن عجل لعلك تنظر إلى آية من آيات الله جعلها الله على ملكك للناس آية لتكون لهم نوراً وضياء وتصديقاً للبعث، وذلك أن فتية بعثهم الله وقد كان توفاهم منذ ثلاث مائة سنة وأكثر، فلما أتى الملك الخبر رجع عقله إليه وذهب همه وقال: أحمدك اللهم رب السموات والأرض وأعبد ك وأسبح لك تطولت علي ورحمتني ولم تطفئ النور الذي جعلته لآبائي وللعبد الصالح بيدروس الملك ثم أخبر بذلك أهل مدينته فركب وركبوا معه حتى أتوا مدينة أفسوس، فتلقاهم أهلها وساروا معه نحو الكهف فلما صعد الجبل ورأى الفتية بيدروس فرح بهم وخرا ساجداً على وجهه وقام بيدروس الملك قدامهم ثم اعتنقهم وبكى وهم جلوس بين يديه على الأرض يسبحون لله ويحمدونه. ثم قال الفتية لبيدروس الملك نستودعك الله والسلام عليك ورحمة الله وبركاته حفظك الله وحفظ ملكك ونعيذك بالله من شر الإنس والجن. فبينما الملك قائم إذا هم رجعوا إلى مضاجعهم فناموا وتوفى الله أنفسهم، فقام الملك إليهم وجعل ثيابهم عليهم وأمر أن يجعل كل رجل منهم في تابوت من ذهب فلما أمسى ونام أتوه في منامه فقالوا له إنا لم نخلق من ذهب ولا فضة ولكنا خلقنا من تراب وإلى التراب نصير فاتركنا كما كنا في الكهف على التراب حتى يبعثنا الله تعالى منه، فأمر الملك عند ذلك بتابوت من ساج فجعلوا فيه وحجبهم الله حين خرجوا من عندهم بالرعب، ولم يقدر أحد أن يدخل عليهم وأمر الملك أن يتخذوا على باب الكهف مسجداً يصلى فيه وجعل لهم عيداً عظيماً وأمر أن يؤتى كل سنة.
وقيل إن تمليخا حمل إلى الملك الصالح فقال له الملك من أنت قال أنا رجل من أهل هذه المدينة، وذكر أنه خرج أمس أو منذ أيام وذكر منزله وأقواماً لم يعرفهم أحد وكان الملك قد سمع أن فتية قد فقدوا في الزمان الأول وإن أسماءهم مكتوبة على لوح في خزانته فدعا اللوح ونظر في أسمائهم فإذا اسمه مكتوب وذكر أسماء الآخرين فقال تمليخا: هم أصحابي فلما سمع الملك ركب ومن معه من القوم فلما أتوا باب الكهف قال تمليخا: دعوني حتى أدخل على أصحابي فأبشرهم فإنهم إن رأوكم معي أرعبتموهم فدخل تمليخا فبشرهم فقبض الله روحه وأرواحهم وأعمى على الملك وأصحابه أثرهم فلم يهتدوا إليهم فذلك قوله عز وجل: {إذ أوى الفتية إلى الكهف} أي صاروا إلى الكهف واسمه خيرم {فقالوا ربنا آتنا من لدنك رحمة} أي هداية في الدين {وهيئ لنا} أي يسر لنا {من أمرنا رشداً} أي ما نلتمس منه رضاك وما فيه رشدنا، وقال ابن عباس: أي مخرجاً من الغار في سلامة.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال