سورة الكهف / الآية رقم 28 / تفسير التفسير القرآني للقرآن / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلاَ تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلاَ تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً وَقُلِ الحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَاراً أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِن يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقاً إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لاَ نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً أُوْلَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَاباً خُضْراً مِّن سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُّتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الأَرَائِكِ نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقاً وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلاً رَّجُلَيْنِ جَعَلْنَا لأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعاً كِلْتَا الجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِم مِّنْهُ شَيْئاً وَفَجَّرْنَا خِلالَهُمَا نَهَراً وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنكَ مَالاً وَأَعَزُّ نَفَراً

الكهفالكهفالكهفالكهفالكهفالكهفالكهفالكهفالكهفالكهفالكهفالكهفالكهفالكهفالكهف




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{وَاتْلُ ما أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتابِ رَبِّكَ لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ وَلَنْ تَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً (27) وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْناكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنا وَاتَّبَعَ هَواهُ وَكانَ أَمْرُهُ فُرُطاً (28) وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنا لِلظَّالِمِينَ ناراً أَحاطَ بِهِمْ سُرادِقُها وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغاثُوا بِماءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرابُ وَساءَتْ مُرْتَفَقاً (29) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً (30) أُولئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهارُ يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِياباً خُضْراً مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَّكِئِينَ فِيها عَلَى الْأَرائِكِ نِعْمَ الثَّوابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقاً (31)}.
التفسير:
الملتحد: الملجأ، الذي يميل إليه الإنسان فرارا من شيء يتهدده.. ومنه الإلحاد، وهو الميل عن طريق الحق.. فرارا من أضوائه المسلطة على الباطل الذي يحرص عليه أهله.
الفرط: الإسراف في الشيء، وتبديده، وتضييعه.. وهو ضدّ التفريط.
والسرادق: الفسطاط، المحيط بما فيه. والمهل: حثارة الزيت، ونفايته، وقيل، هو النحاس المذاب.. والمرتفق: ما يرتفق به الإنسان، ويعتمد عليه في معاشه، فيجعله رفيقا له.. والسندس: الرقيق من الديباج.. والإستبرق:
الخشن الغليظ من الديباج.
قوله تعالى: {وَاتْلُ ما أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتابِ رَبِّكَ لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ وَلَنْ تَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً}.
هذه الآية معطوفة على قوله تعالى: {فَلا تُمارِ فِيهِمْ إِلَّا مِراءً ظاهِراً وَلا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَداً... الآية} وما بين الآيتين، وهوقوله تعالى: {وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعاً قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِما لَبِثُوا لَهُ غَيْبُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ ما لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَداً}.
هذا الفصل بين الآيتين، لا يقطع الصلة بينهما، إذ كان ما فصل به بينهما هو أشبه بالتعقيب على الآية السابقة على هذا الفاصل، إذ قد نهى النبي صلى اللّه عليه وسلم عن أن يمارى في أخبار القوم إلا مراء عابرا، لا يقف طويلا عنده، ولا يستفتى في شأن أصحاب الكهف أحدا ممن يظنّ عندهم علم منه.. وكذلك مما يدخل في النهى عن المراء هذا الخبر الذي جاء به القرآن عن مدة لبثهم في الكهف، وهو ثلاث مائة سنين وتسع سنوات، فهذا الخبر الذي أخبر به اللّه سبحانه وتعالى عن مدة لبثهم في الكهف- سوف يمارى فيه الممارون ويطعنون في صدقه وإذن فقد كان على النبىّ ألا يقف لهذه المماراة، بل يلقاها في غير اكتراث، وليقل لنفسه، وللمؤمنين، وغير المؤمنين: {اللَّهُ أَعْلَمُ بِما لَبِثُوا لَهُ غَيْبُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ} فعلمه سبحانه هو العلم الحق، وما سواه فظنون وأوهام.. وقد قال اللّه سبحانه قولة الحقّ {فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ، وَمَنْ شاءَ فَلْيَكْفُرْ}.
ثم كان قوله تعالى: {وَاتْلُ ما أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتابِ رَبِّكَ.. الآية}.
طيّا لهذا الحديث عن لبث أصحاب الكهف في الكهف، وإلفاتا للنبىّ إلى كتاب اللّه الذي معه، وإلى ما نزل إليه من ربّه، في شأن أصحاب الكهف، الذين يكثر الحديث عنهم، ويدور الجدل حولهم.. وإنه بحسب النبىّ في هذا أن يتلو ما أوحى إليه من كلمات ربّه، وألا يلقى أذنه إلى ما يدور في مجالس القوم وأنديتهم، من حديث عن أصحاب الكهف.. فما جاء به القرآن الكريم، هو الحق الذي لا ينقص أبدا، ولا يتبدّل على الزمن، بما يستجدّ من أخبار، وما ينكشف من آثار: {لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ}.
وفى قوله تعالى: {وَلَنْ تَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً} توكيد ل قوله تعالى: {وَلا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَداً}.
والملتحد هو الملجأ، وهو الذي يفرّ إليه الإنسان في الأزمات، وليس للنبى ملجأ إلا اللّه، في كل أمر يطرقه، وفى هذا الامتحان الذي يمتحن به في أصحاب الكهف من المشركين، وأعوان المشركين.
قوله تعالى: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْناكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنا وَاتَّبَعَ هَواهُ وَكانَ أَمْرُهُ فُرُطاً}.
قيل إن هذه الآية نزلت في شأن بلال وصهيب، وغيرهما من المستضعفين من المسلمين الأولين، في مكة، وأنها دعوة للنبىّ الكريم أن يجعل عاطفته كلها مع هؤلاء المستضعفين، وألا يصرفه عنهم صارف الاهتمام بأصحاب السيادة والرياسة في قريش، طمعا في هدايتهم إلى اللّه، ليكون له منهم سند للدعوة الإسلامية، وقوة تدفع عن المسلمين الأذى والضرّ، مما لا تفتر قريش عن سوقه إليهم.
وإذا صح سبب نزول هذه الآية على هذا الوجه، فإن المراد بها قبل كل شىء، هو مواساة كريمة وعزاء جميل من رب كريم، لهؤلاء المستضعفين، الذين نظر إليهم ربّهم، فجعلهم في هذا المقام الكريم الذي يوجّه إليه وجه النبىّ كلّه، دون أن يعطى المشركين لفتة منه! فإنه شتان ما بين هؤلاء وأولئك.. فهؤلاء المسلمون المستضعفون، قد آمنوا بربّهم، يدعونه بالغداة والعشىّ، وأولئك المشركون، قد ألهتهم دنياهم، وأعماهم ضلالهم، فشغلوا عن النظر في أنفسهم، وضلّوا الطريق إلى ربّهم.
وفى قوله تعالى: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ} إشارة إلى أن هذا الجانب الذي يقفه النبي مع أصحابه المستضعفين، هو جانب فيه شدة وبلاء، ومعاناة، لا يصمد له إلا أولوا العزم والصبر! إنه انحياز إلى الجانب الضعيف، وإيثار له على الجانب القوىّ، ذى الجاه والسلطان.
وفى قوله تعالى: {وَكانَ أَمْرُهُ فُرُطاً} تسفيه لهؤلاء المشركين، وما هم فيه من عناد يسوقهم إلى الهلاك، ويخرجهم من الدنيا، وقد خسروا الدنيا والآخرة جميعا.
قوله تعالى: {وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ.. فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شاءَ فَلْيَكْفُرْ.. إِنَّا أَعْتَدْنا لِلظَّالِمِينَ ناراً أَحاطَ بِهِمْ سُرادِقُها وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغاثُوا بِماءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرابُ وَساءَتْ مُرْتَفَقاً} في هذه الآية وعيد شديد لهؤلاء المشركين الذين لجّوا في طغيانهم، وعدوانهم.. فقد أعدّ اللّه لهم {ناراً أَحاطَ بِهِمْ سُرادِقُها} أي ضربت عليهم النار، فكانت سرادقا يشتمل عليهم، لا يخرجون منه أبدا.. إنها دارهم، لا دار لهم غيرها.. وإن استصرخوا فيها طالبين الغوث، كان الصّراخ لهم، والإسراع لنجدتهم، هو أن يسقوا ماء آسنا، يغلى، فيشوى الحرّ المتصاعد منه وجوههم قبل أن يصل إلى أفواههم.. ذلك هو نزلهم، وتلك هى عيشتهم.. فبئس الشراب شرابهم، وبئس العيش عيشهم! قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا أُولئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهارُ يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِياباً خُضْراً مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَّكِئِينَ فِيها عَلَى الْأَرائِكِ.. نِعْمَ الثَّوابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقاً} هذا هو الوجه الآخر من وجوه الناس يوم القيامة، وهم المؤمنون، الذين آمنوا، ثم أتبعوا إيمانهم بالأعمال الصالحة، فهؤلاء لا يضيع أجرهم عند اللّه.. فقد أعدّ لهم سبحانه جنات عدن، أي جنات الخلود، لا يخرجون منها أبدا.. يقال: عدن في المكان، أي أقام واستقرّ.
هذه الأنهار التي تجرى من تحت الجنات، وتلك الأساور من ذهب التي يحلّون بها، وهذه الثياب الرقيقة من السندس، وما فوقها من إستبرق، وتلك الأرائك التي يتكئون عليها.. هذا كلّه، هو بعض ما يجد أصحاب الجنة في الجنة، مما كانت تشتهيه أنفسهم في الدنيا، ولا يجدون سبيلا إليه، إما لقصر أيديهم عنه، وإما لنزولهم طوعا عما في أيديهم، إيثارا لدينهم، واستعلاء على متاع هذه الحياة الدنيا الذي لا بقاء له.. أما ما في الجنة من نعيم، فهو مما لم تره عين، ولم تسمعه أذن، ولم يخطر على قلب بشر.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال