سورة الكهف / الآية رقم 49 / تفسير تفسير ابن عجيبة / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

المَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ أَمَلاً وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الجِبَالَ وَتَرَى الأَرْضَ بَارِزَةً وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً وَعُرِضُوا عَلَى رَبِّكَ صَفاًّ لَّقَدْ جِئْتُمُونَا كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّن نَّجْعَلَ لَكُم مَّوْعِداً وَوُضِعَ الكِتَابُ فَتَرَى المُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَا لِهَذَا الكِتَابِ لاَ يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلاَ كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِراً وَلاَ يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً مَّا أَشْهَدتُّهُمْ خَلْقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَلاَ خَلْقَ أَنفُسِهِمْ وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ المُضِلِّينَ عَضُداً وَيَوْمَ يَقُولُ نَادُوا شُرَكَائِيَ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُم مَّوْبِقاً وَرَأَى المُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُم مُّوَاقِعُوهَا وَلَمْ يَجِدُوا عَنْهَا مَصْرِفاً

الكهفالكهفالكهفالكهفالكهفالكهفالكهفالكهفالكهفالكهفالكهفالكهفالكهفالكهفالكهف




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


قلت: {ويوم}: معمول لمحذوف، أي: واذكر، أو عطف على قوله: {عند ربك}، أي: والباقيات الصالحات خير عند ربك ويوم القيامة، و{حشرناهم}: عطف على {نُسيّر}؛ للدلالة على تحقق الحشر المتفرع على البعث الذي ينكره المشركون، وعليه يدور أمر الجزاء، وكذا الكلام فيما عطف عليه، منفيًا وموجبًا، وقيل: هو للدلالة على أن حشرهم قبل التسيير والبروز؛ ليعاينوا تلك الأهوال، كأنه قيل: وحشرناهم قبل ذلك. و{نغادر}: نترك، يقال: غادره وأغدره: إذا تركه، ومنه: الغدير؛ لما يتركه السيل في الأرض من الماء، و{صفًّا}: حال، أي: مصْطفين.
يقول الحقّ جلّ جلاله: {و} اذكر {يوم نُسيِّرُ الجبالَ} أي: حين نقلعها من أماكنها ونسيرها في الجو، على هيئتها، كما ينبئ عنه قوله تعالى: {وَتَرَى الجبال تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السحاب} [النمل: 88] أو: نسير أجزاءها بعد أن نجعلها هباء منثورًا، والمراد من ذكره: تحذير الغافلين مما فيه من الأهوال، وقرئ: {تُسَيَّر}؛ بالبناء للمفعول؛ جريًا على سَنَن الكبرياء، وإيذانًا بالاستغناء عن الإسناد إلى الفاعل؛ لظهور تعينه، ثم قال: {وترى الأرضَ} أي: جميع جوانبها، والخطاب للرسول صلى الله عليه وسلم، أو لكل من يسمع، {بارزةً}: ظاهرة، ليس عليها جبل ولا غيره. بل تكون {فَيَذَرُهَا قَاعاً صَفْصَفاً لاَّ ترى فِيهَا عِوَجاً ولا أَمْتاً} [طه: 106، 107]. {وحشرناهم}: جمعناهم إلى الموقف من كل حدب، مؤمنين وكافرين، {فلم نُغادرْ} أي: لم نترك {منهم أحدًا}.
{وعُرِضُوا على ربك}، شبهت حالتهم بحال جُنْدٍ عُرِضَ على السلطان، ليأمر فيهم بما يأمر. وفي الالتفات إلى الغيبة، وبناء الفعل للمفعول، مع التعرض لعنوان الربوبية، والإضافة إلى ضميره- عليه الصلاة والسلام- من تربية المهابة، والجري على سَنَن الكبراء، وإظهار اللطف به صلى الله عليه وسلم- ما لا يخفى. قاله أبو السعود. {صَفًّا} أي: مصْطَفِّينَ غير متفرقين ولا مختلطين، كل أمة صَفٌّ، وفي الحديث الصحيح: «يَجْمَعُ اللهُ الأولين والآخرين في صَعِيدٍ واحِد، صفوفًا، يُسْمِعُهُمُ الدَّاعِيِ وَيَنْفُذُهُم البَصَرُ...» الحديث بطوله. وفي حديث آخر: «أهل الجنة، يوم القيامة، مائة وعشرون صفًا، أنتم منها ثمانون صفًا».
يقال لهم- أي: للكفرة منهم: {لقد جئتمونا كما خلقناكم أولَ مرة}، وتركتم ما خولناكم وما أعطيناكم من الأموال وراء ظهوركم. أو: حفاة عراة غُرْلاً، كما في الحديث.
وهذه المخاطبة، بهذا التقريع، إنما هي للكفار المنكرين للبعث، وأما المؤمنون المُقِرون بالبعث فلا تتوجه إليهم هذه المخاطبة، ويدل عليه ما بعده من قوله: {بل زعمتم أن لن نجعل لكم موعدًا} أي: زعمتم في الدنيا أنه، أي: الأمر والشأن، لن نجعل لكم وقتًا يَتَنَجَّزُ فيه ما وعدته من البعث وما يتبعه.
وهو إضراب وانتقال من كلام، إلى كلام، كلاهما؛ للتوبيخ والتقريع.
{ووضع الكتاب} أي: كتاب كل أحد، إما في يمينه أو شماله، وهو عطف على: {عُرِضوا}، داخلٌ تحت الأمور الهائلة التي أريد بذكرها تذكير وقتها، وأورد فيه ما أورد في أمثاله من صيغة الماضي؛ لتحقق وقوعه، وإيثار الإفراد؛ للاكتفاء بالجنس، والمراد: صحائف أعمال العباد. ووضعها إما في أيدي أصحابها يمينًا وشمالاً، أو في الميزان. {فترى المجرمين} قاطبة، المنكرون للبعث وغيرهم، {مشفقين}: خائفين {مما فيه} من الجرائم والذنوب، {ويقولون}، عند وقوفهم على ما في تضاعيفه؛ نقيرًا أو قطميرًا: {يا ويلتنا} أي: ينادون بتهلكتهم التي هُلكوها من بين التهلكات، ومستدعين لها؛ ليهلكوا، ولا يرون تلك الأهوال، أي: يا ويلتنا احضري؛ فهذا أوان حضورك، يقولون: {ما لهذا الكتاب لا يُغادرُ}: لا يترك {صغيرةً ولا كبيرةً} من ذنوبنا {إلا أحصاها} أي: حواها وضبطها، وجملة {لا يغادر}: حال محققة؛ لِمَا في الاستفهام من التعجب، أو استئنافية مبنية على سؤال مقدر، كأنه قيل: ما شأنه حتى يتعجب منه؟ فقال: لا يغادر سيئة صغيرة ولا كبيرة إلاّ أحصاها، {ووجدوا ما عملوا} في الدنيا من السيئات، أو جزاء ما عملوا {حاضرًا}: مسطورًا عتيدًا، {ولا يظلم ربُّك أحدًا}، فيكتب ما لم يعمل من السيئات، أو يزيد في عقابه المستحق له. والله تعالى أعلم.
الإشارة: ويوم نُسير جبال الحس، أو الوهم، عن بساط المعاني، وترى أرض العظمة بارزة ظاهرة لا تخفى على أحد، إلا على أَكْمَهَ لا يُبصر القمر في حال كماله، وحشرناهم إلى الحضرة القدسية، فلم نغادر منهم، أي: ممن ذهب عنه الحس والوهم، أحدًا، وعُرضوا على ربك؛ لشهود أنوار جماله وجلاله، صفًا، للقيام بين يديه، فيقول لهم: لقد جئتمونا من باب التجريد، كما خلقناكم أول مرة، مُطَهَّرِينَ من الدنس الحسي، غائبين عن العلائق والعوائق، وكنتم تزعمون أن هذا اللقاء لا يكون في الدنيا، وإنما موعده الجنة، ومن مات عن شهود حسه، وعن حظوظه، حصل له الشهود واللقاء قبل الموت الحسي، ووضع الكتاب في حق أهل الحجاب، فترى المجرمين من أهل الذنوب مشفقين مما فيه، ووجود العبد: ذَنْبٌ لا يقاس به ذنب، فَنَصْبُ الموازين، ومناقشةُ الحسابِ؛ إنما هو لأهل الحجاب، وأما العارفون الفانون عن أنفسهم، الباقون بربهم، لم يبق لهم ما يُحاسبون عليه؛ إذ لا يشهدون لهم فعلاً، ولا يرون لأحد قوة ولا حولا. والله تعالى أعلم.
ولمّا كان سبب العذاب ووجود الحجاب هو التكبر على رب الأرباب، ذكر وبالَهُ بإثر الحشر والحساب، أو تقول: لمَّا ذكر قصة الرجلين ذكر قُبح صنيع من افتخر بنفسه، وأنه شبيه بإبليس، وكل من افتخر واستنكف عن الانتظام في سلك فقراء المؤمنين كان داخلاً في حزبه.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال