سورة الكهف / الآية رقم 65 / تفسير تفسير القرطبي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

فَلَمَّا جَاوَزَا قَالَ لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِن سَفَرِنَا هَذَا نَصَباًّ قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الحُوتَ وَمَا أَنسَانِيهُ إِلاَّ الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي البَحْرِ عَجَباً قَالَ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصاً فَوَجَدَا عَبْداً مِّنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْماً قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً قَالَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً قَالَ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ صَابِراً وَلاَ أَعْصِي لَكَ أَمْراً قَالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلاَ تَسْأَلْنِي عَن شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْراً فَانطَلَقَا حَتَّى إِذَا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَهَا قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً إِمْراً قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً قَالَ لاَ تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلاَ تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْراً فَانطَلَقَا حَتَّى إِذَا لَقِيَا غُلاماً فَقَتَلَهُ قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْساً زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَّقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُّكْراً

الكهفالكهفالكهفالكهفالكهفالكهفالكهفالكهفالكهفالكهفالكهفالكهفالكهفالكهفالكهف




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{فَلَمَّا بَلَغا مَجْمَعَ بَيْنِهِما نَسِيا حُوتَهُما فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَباً (61) فَلَمَّا جاوَزا قالَ لِفَتاهُ آتِنا غَداءَنا لَقَدْ لَقِينا مِنْ سَفَرِنا هذا نَصَباً (62) قالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَما أَنْسانِيهُ إِلاَّ الشَّيْطانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَباً (63) قالَ ذلِكَ ما كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلى آثارِهِما قَصَصاً (64) فَوَجَدا عَبْداً مِنْ عِبادِنا آتَيْناهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا وَعَلَّمْناهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً (65)}
قوله تعالى: {فَلَمَّا بَلَغا مَجْمَعَ بَيْنِهِما نَسِيا حُوتَهُما فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَباً} الضمير في قوله: {بَيْنِهِما} للبحرين، قاله مجاهد. والسرب المسلك، قاله مجاهد أيضا.
وقال قتادة: جمد الماء فصار كالسرب. وجمهور المفسرين أن الحوت بقي موضع سلوكه فارغا، وأن موسى مشى عليه متبعا للحوت، حتى أفضى به الطريق إلى جزيرة في البحر، وفيها وجد الخضر. وظاهر الروايات والكتاب أنه إنما وجد الخضر في ضفة البحر وقوله: {نَسِيا حُوتَهُما} وإنما كان النسيان من الفتى وحده فقيل: المعنى، نسي أن يعلم موسى بما رأى من حاله فنسب النسيان إليهما للصحبة، كقوله تعالى: {يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ} [الرحمن: 22] وإنما يخرج من الملح، وقوله: {يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ 130} وإنما الرسل من الانس لا من الجن.
وفي البخاري: «فقال لفتاه لا أكلفك إلا أن تخبرني بحيث يفارقك الحوت، قال: ما كلفت كبيرا، فذلك قوله عز وجل: {وَإِذْ قالَ مُوسى لِفَتاهُ 60} يوشع بن نون- ليست عن سعيد- قال: فبينا هو في ظل صخرة في مكان ثريان إذ تضرب الحوت وموسى نائم فقال فتاه: لا أوقظه، حتى إذا أستيقظ نسي أن يخبره، وتضرب الحوت حتى دخل البحر، فأمسك الله عنه جرية البحر حتى كأن أثره في حجر»، قال لي عمرو: هكذا كأن أثره في حجر وحلق بين إبهاميه واللتين تليانهما.
وفي رواية: «وأمسك الله عن الحوت جرية الماء فصار عليه مثل الطاق، فلما أستيقظ نسي صاحبه أن يخبره بالحوت فانطلقا بقية يومهما وليلتهما، حتى إذا كان من الغد قال موسى لفتاه: {آتِنا غَداءَنا لَقَدْ لَقِينا مِنْ سَفَرِنا هذا نَصَباً} ولم يجد موسى النصب حتى جاوز المكان الذي أمر الله به، فقال له فتاه: {أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَما أَنْسانِيهُ إِلَّا الشَّيْطانُ أَنْ أَذْكُرَهُ}».
وقيل: إن النسيان كان منهما لقوله تعالى: {نَسِيا} فنسب النسيان إليهما، وذلك أن بدو حمل الحوت كان من موسى لأنه الذي أمر به، فلما مضيا كان فتاه هو الحامل له حتى أويا إلى الصخرة نزلا {فَلَمَّا جاوَزا} يعني الحوت هناك منسيا- أي متروكا- فلما سأل موسى الغداء نسب الفتى النسيان إلى نفسه عند المخاطبة، وإنما ذكر الله نسيانهما عند بلوغ مجمع البحرين وهو الصخرة، فقد كان موسى شريكا في النسيان لان النسيان التأخير، من ذلك قولهم في الدعاء: أنسأ الله في أجلك. فلما مضيا من الصخرة أخرا حوتهما عن حمله فلم يحمله واحد منهما فجاز أن ينسب إليهما لأنهما مضيا وتركا الحوت. قوله تعالى: {آتِنا غَداءَنا} فيه مسألة واحدة، وهو اتخاذ الزاد في الاسفار، وهو رد على الصوفية الجهلة الأغمار، الذين يقتحمون المهامة والقفار، زعما منهم أن ذلك هو التوكل على الله الواحد القهار، هذا موسى نبي الله وكليمه من أهل الأرض قد اتخذ الزاد مع معرفته بربه، وتوكله على رب العباد.
وفي صحيح البخاري: إن ناسا من أهل اليمن كانوا يحجون ولا يتزودون، ويقولون: نحن المتوكلون، فإذا قدموا سألوا الناس، فأنزل الله تعالى: {وَتَزَوَّدُوا} وقد مضى هذا في البقرة. واختلف في زاد موسى ما كان، فقال ابن عباس: كان حوتا مملوحا في زنبيل، وكانا يصيبان منه غداء وعشاء، فلما انتهيا إلى الصخرة على ساحل البحر، وضع فتاه المكتل، فأصاب الحوت جري البحر فتحرك الحوت في المكتل، فقلب المكتل وانسرب الحوت، ونسي الفتى أن يذكر قصة الحوت لموسى.
وقيل: إنما كان الحوت دليلا على موضع الخضر لقوله في الحديث: «أحمل معك حوتا في مكتل فحيث فقدت الحوت فهو ثم» على هذا فيكون تزودا شيئا آخر غير الحوت، وهذا ذكره شيخنا الامام أبو العباس وأختاره.
وقال ابن عطية: قال أبي رضي الله عنه، سمعت أبا الفضل الجوهري يقول في وعظه: مشى موسى إلى المناجاة فبقي أربعين يوما لم يحتج إلى طعام، ولما مشى إلى بشر لحقه الجوع في بعض يوم. وقوله: {نَصَباً} أي تعبا، والنصب التعب والمشقة.
وقيل: عني به هنا الجوع، وفي هذا دليل على جواز الاخبار بما يجده الإنسان من الألم والأمراض، وأن ذلك لا يقدح في الرضا، ولا في التسليم للقضاء لكن إذا لم يصدر ذلك عن ضجر ولا سخط. وفى قوله: {وَما أَنْسانِيهُ إِلَّا الشَّيْطانُ أَنْ أَذْكُرَهُ} أن مع الفعل بتأويل المصدر، وهو منصوب بدل اشتمال من الضمير في {أَنْسانِيهُ} وهو بدل الظاهر من المضمر، أي وما أنساني ذكره إلا الشيطان، وفي مصحف عبد الله {وما أنسانيه أن أذكره إلا الشيطان}. وهذا إنما ذكره يوشع في معرض الاعتذار لقول موسى: لا أكلفك إلا أن تخبرني بحيث يفارقك الحوت، فقال: ما كلفت كبيرا، فاعتذر بذلك القول. قوله تعالى: {وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَباً} يحتمل أن يكون من قول يوشع لموسى، أي اتخذ الحوت سبيله عجبا للناس. ويحتمل أن يكون قوله: {وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ} تمام الخبر، ثم استأنف التعجيب فقال من نفسه: {عَجَباً} لهذا الامر. وموضع العجب أن يكون حوت قد مات فأكل شقه الأيسر ثم حي بعد ذلك. قال أبو شجاع في كتاب الطبري: رأيته- أتيت به- فإذا هو شق حوت وعين واحدة، وشق آخر ليس فيه شي. قال ابن عطية: وأنا رأيته والشق الذي ليس فيه شيء عليه قشرة رقيقة ليست تحتها شوكه. ويحتمل أن يكون قوله: {وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ} إخبارا من الله تعالى، وذلك على وجهين: إما أن يخبر عن موسى أنه اتخذ سبيل الحوت من البحر عجبا، أي تعجب منه. وإما أن يخبر عن الحوت أنه اتخذ سبيله عجبا للناس. ومن غريب ما روي في البخاري عن ابن عباس من قصص هذه الآية: «أن الحوت إنما حيي لأنه مسه ماء عين هناك تدعى عين الحياة، ما مست قط شيئا إلا حيي».
وفي التفسير: إن العلامة كانت أن يحيا الحوت، فقيل: لما نزل موسى بعد ما أجهده السفر على صخرة إلى جنبها ماء الحياة أصاب الحوت شيء من ذلك الماء فحيي.
وقال الترمذي في حديثه قال سفيان: يزعم ناس أن تلك الصخرة عندها عين الحياة، ولا يصيب ماؤها شيئا إلا عاش. قال: وكان الحوت قد أكل منه فلما قطر عليه الماء عاش. وذكر صاحب كتاب العروس أن موسى عليه السلام توضأ من عين الحياة فقطرت من لحيته على الحوت قطرة فحيي، والله أعلم. قوله تعالى: {ذلِكَ ما كُنَّا نَبْغِ} أي قال موسى لفتاه أمر الحوت وفقده هو الذي كنا نطلب، فإن الرجل الذي جئنا له ثم، فرجعا يقصان أثارهما لئلا يخطئا طريقهما.
وفي البخاري: «فوجدا خضرا على طنفسة خضراء على كبد البحر مسجى بثوبه، قد جعل طرفه تحت رجليه، وطرفه تحت رأسه، فسلم عليه موسى، فكشف عن وجهه وقال: هل بأرضك من سلام؟! من أنت؟ قال: أنا موسى. قال: موسى بني إسرائيل؟ قال: نعم. قال: فما شأنك؟ قال جئت لتعلمني مما علمت رشدا..» الحديث.
وقال الثعلبي في كتاب العرائس: إن موسى وفتاه وجدا الخضر وهو نائم على طنفسة خضراء على وجه الماء وهو متشح بثوب أخضر فسلم عليه موسى، فكشف عن وجهه فقال: وأنى بأرضنا السلام؟! ثم رفع رأسه واستوى جالسا وقال: وعليك السلام يا نبي بني إسرائيل، فقال له موسى: وما أدراك بي؟ ومن أخبرك أني نبي بني إسرائيل؟ قال: الذي أدراك بي ودلك علي، ثم قال: يا موسى لقد كان لك في بني إسرائيل شغل، قال موسى: إن ربي أرسلني إليك لاتبعك وأتعلم من علمك، ثم جلسا يتحدثان، فجاءت خطافة وحملت بمنقارها من الماء. وذكر الحديث على ما يأتي.
قوله تعالى: {فَوَجَدا عَبْداً مِنْ عِبادِنا} العبد هو الخضر عليه السلام في قول الجمهور، وبمقتضى الأحاديث الثابتة. وخالف من لا يعتد بقوله، فقال: ليس صاحب موسى بالخضر بل هو عالم آخر. وحكى أيضا هذا القول القشيري، قال: وقال قوم هو عبد صالح، والصحيح أنه كان الخضر، بذلك ورد الخبر عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وقال مجاهد: سمي الخضر لأنه كان إذا صلى اخضر ما حوله، وروى الترمذي عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: «إنما سمي الخضر لأنه جلس على فروة بيضاء فإذا هي تهتز تحته خضراء» هذا حديث صحيح غريب. الفروة هنا وجه الأرض، قاله الخطابي وغيره. والخضر نبي عند الجمهور.
وقيل: هو عبد صالح غير نبي، والآية تشهد بنبوته لان بواطن أفعاله لا تكون إلا بوحي. وأيضا فان الإنسان لا يتعلم ولا يتبع إلا من فوقه، وليس يجوز أن يكون فوق النبي من ليس بنبي.
وقيل: كان ملكا أمر الله موسى أن يأخذ عنه مما حمله من علم الباطن. والأول الصحيح، والله أعلم. قوله تعالى: {آتَيْناهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا} الرحمة في هذه الآية النبوة.
وقيل: النعمة. {وَعَلَّمْناهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً} أي علم الغيب. ابن عطية: كان علم الخضر علم معرفة بواطن قد أوحيت إليه، لا تعطي ظواهر الأحكام أفعاله بحسبها، وكان علم موسى علم الأحكام والفتيا بظاهر أقوال الناس وأفعالهم.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال