سورة الكهف / الآية رقم 66 / تفسير تفسير الألوسي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

فَلَمَّا جَاوَزَا قَالَ لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِن سَفَرِنَا هَذَا نَصَباًّ قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الحُوتَ وَمَا أَنسَانِيهُ إِلاَّ الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي البَحْرِ عَجَباً قَالَ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصاً فَوَجَدَا عَبْداً مِّنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْماً قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً قَالَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً قَالَ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ صَابِراً وَلاَ أَعْصِي لَكَ أَمْراً قَالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلاَ تَسْأَلْنِي عَن شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْراً فَانطَلَقَا حَتَّى إِذَا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَهَا قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً إِمْراً قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً قَالَ لاَ تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلاَ تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْراً فَانطَلَقَا حَتَّى إِذَا لَقِيَا غُلاماً فَقَتَلَهُ قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْساً زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَّقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُّكْراً

الكهفالكهفالكهفالكهفالكهفالكهفالكهفالكهفالكهفالكهفالكهفالكهفالكهفالكهفالكهف




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا (66)}
{قَالَ لَهُ موسى} استئناف مبني على سؤال نشأ من السياق كأنه قيل فما جرى بينهما من الكلام؟ فقيل: قال له موسى عليه السلام: {هَلْ أَتَّبِعُكَ على أَن تُعَلّمَنِ} استئذان منه عليه السلام في اتباعه له بشرط التعليم، ويفهم ذلك من {على} فقد قال الأصوليون: إن على قد تستعمل في معنى يفهم منه كون ما بعدها شرطًا لما قبلها كقوله تعالى: {يُبَايِعْنَكَ على أَن لاَّ يُشْرِكْنَ} [الممتحنة: 12] أي بشرط عدم الإشراك، وكونها للشرط نزلة الحقيقة عند الفقهاء كما في التلويح لأنها في أصل الوضع للالزام والجزاء لازم للشرط، ويلوح بهذا أيضًا كلام الفناري في بدائع الأصول وهو ظاهر في أنها ليست حقيقة في الشرط، وذكر السرخسي أنه معنى حقيقي لها لكن النحاة لم يتعرضوا له، وقد تردد السبكي في وروده في كلام العرب، والحق أنه استعمال صحيح يشهد به الكتاب حقيقة كان أو مجازًا ولا ينافي انفهام الشرطية تعلق الحرف بالفعل الذي قبله كما قالوا فيما ذكرنا من الآية كما أنه لا ينافيه تعلقه حذوف يقع حالًا كما قيل به هنا فيكون المعنى هل اتبعك باذلا تعليمك إياي {مِمَّا عُلّمْتَ رُشْدًا} أي علمًا ذا رشد وهو إصابة الخير. وقرأ أبو عمرو. والحسن. والزهري. وأبو بحرية. وابن محيصن. وابن مناذر ويعقوب. وأبو عبيد. واليزيدي {رَشَدًا} بفتحتين؛ وأكثر السبعة بالضم والسكون وهما لغتان كالبخل والبخل، ونصبه في الأصل على أنه صفة للمفعول الثاني لتعلمني ووصف به للمبالغة لكن أقيم مقامه بعد حذفه والمفعول الثاني لعلمت الضمير العائد على ما الموصولة أي من الذي علمته، والفعلان مأخوذان من علم المتعدي إلى مفعول واحد، وجوز أن يكون {مِمَّا عُلّمْتَ} هو المفعول الثاني لتعلمني و«رشدا» بدل منه وهو خلاف الظاهر، وان يكون {رَشَدًا} مفعولًا له لأتبعك أي هل أتبعك لأجل إصابة الخير فيتعين أن يكون المفعول الثاني لتعلمني {مِمَّا عُلّمْتَ} لتأويله ببعض ما علمت أو علما مما علمت، وأن يكون مصدرًا باضمار فعله أي أرشد رشدًا والجملة استئنافية والمفعول الثاني {مِمَّا عُلّمْتَ} أيضًا. واستشكل طلبه عليه السلام التعليم بأنه رسول من أولي العزم فكيف يتعلم من غيره والرسول لابد أن يكون أعلم أهل زمانه، ومن هنا قال نوف واضرابه: إن موسى هذا ليس هو ابن عمران وإن كان ظاهر اطلاقه يقتضي أن يكون إياه. وأجيب بأن اللازم في الرسول أن يكون أعلم في العقائد وما يتعلق بشريعته لا مطلقًا ولذا قال نبينا صلى الله عليه وسلم: «أنتم اعلم بأمور دنياكم» فلا يضر في منصبه أن يتعلم علومًا غيبية وأسرارًا خفية لا تعلق لها بذلك من غيره لا سيما إذا كان ذلك الغير نبيا أو رسولًا أيضًا كام قيل في الخضر عليه السلام، ونظير ما ذكر من وجه تعلم عالم مجتهد كأبي حنيفة والشافعي رضي الله عنهما علم الجفر مثلا ممن دونه فإنه لا يخل قامه، وإنكار ذلك مكابرة.
ولا يرد على هذا أن علم الغيب ليس علمًا ذا رشد أي إصابة خير وموسى عليه السلام كان بصدد تعلم علم يصيب به خيرًا لقوله تعالى: {ولوْ كُنتُ أَعْلَمُ الغيب لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ الخير وَمَا مَسَّنِىَ السوء} [الأعراف: 188] وقال بعضهم: اللازم كون الرسول أعلم من أمته والخضر عليه السلام نبي لم يرسل إليه ولا هو مأمور باتباع شريعته فلا ينكر تفرده بما لم يعلمه غيره، ولا يخفى أنه على هذا ليس الخضر عليه السلام من بنى إسرائيل لأن الظاهر إرسال موسى عليه السلام إليهم جميعًا كذا قيل: ثم إن الذي أميل إليه أن لموسى عليه السلام علمًا بعلم الحقيقة المسمى بالعلم الباطن والعلم اللدني إلا أن الخضر أعلم به منه وللخضر عليه السلام سواء كان نبيًا أو رسولًا علمًا بعلم الشريعة المسمى بالعلم الظاهر إلا أن موسى عليه السلام أعلم به منه فكل منهما أعلم من صاحبه من وجه، ونعت الخضر عليه السلام في الأحاديث السابقة بأنه أعلم من موسى عليه السلام ليس على معنى أنه أعلم منه من كل وجه بل على معنى أنه أعلم من بعض الوجوه وفي بعض العلوم لكن لما كان الكلام خارجًا مخرج العتب والتأديب أخرج على وجه ظاهره العموم، ونظير هذا آيات الوعيد على ما قيل من أنها مقيدة بالمشيئة لكنها لم تذكر لمزيد الإرهاب، وافغل التفضيل وإن كان للزيادة في حقيقة الفعل إلا أن ذلك على وجه يعم الزيادة في فرد منه، ويدل على ذلك صحة التقييد بقسم خاص كما تقول زيد أعلم من عمرو في الطب وعمرو أعلم منه في الفلاحة، ولو كان معناه الزيادة في مطلق العلم كان قولك زيد أعلم من عمرو مستلزمًا لأن لا يكون عمرو أعلم منه في شيء من العلوم فلا يصح تفضيل عمرو عليه في علم الفلاحة، وإنكار صدق الأعلم المطلق مع صدق المقيد التزام لصدق المقيد بدون المطلق، وقد جاء إطلاق افعل التفضيل والمراد منه التفضيل من وجه على ما ذكره الشيخ ابن الحاجب في أمالي القرآن ضمن عداد الأوجه في حل الاشكال المشهور في قوله تعالى: {وَمَا نُرِيِهِم مّنْ ءايَةٍ إِلاَّ هِىَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِهَا} [الزخرف: 48] من أن المراد إلا هي أكبر من أختها من وجه ثم قال: وقد يكون الشيئان كل واحد منهما أفضل من الآخر من وجه، وقد أشبع الكلام في هذا المقام مولانا جلال الدين الدواني فيما كتبه على الشرح الجديد للتجريد وحققه بما لا مزيد عليه، ومما يدل على أن لموسى عليه السلام علمًا ليس عند الخضر عليه السلام ما أخرجه البخاري.
ومسلم. والترمذي. والنسائي من حديث ابن عباس مرفوعًا أن لخضر عليه السلام قال يا موسى: إني على علم من علم الله تعالى علمنيه لا تعلمه أنت وأنت على علم من علم الله تعالى علمك لله سبحانه لا أعلمه، وأنت تعلم أنه لو لم يكن قوله تعالى لموسى عليه السلام المذكور في الأحاديث السابقة إن لي عبدًا جمع البحرين هو أعلم منك على معنى أعلم في بعض العلوم بل كان على معنى أعلم في كل العلوم أشكل الجمع بينه بين ما ذكرنا من كلام الخضر عليه السلام، ثم على ما ذكرنا ينبغي أن يراد من العلم الذي ذكر الخضر أنه يعلمه هو ولا بعلمه موسى عليهما السلام بعض علم الحقيقة ومن العلم الذي ذكر أنه يعلمه موسى ولا يعلمه هو عليهما السلام بعض علم لشريعة، فلكل من موسى والخضر عليهما السلام علم بالشريعة والحقيقة إلا أن موسى عليه السلام أزيد بعلم الشريعة والخضر عليه السلام أزيد بعلم الحقيقة، ولكن نظرًا للحالة الحاضرة كما ستعلم وجهه إن شاء الله تعالى وعدم علم كل ببعض ما عند صاحبه لا يضر قامه. وينبغي أن يحمل قول من قال كالجلال السيوطي ما جمعت الحقيقة والشريعة إلا نبينا صلى الله عليه وسلم ولم يكن للأنبياء إلا أحدهما على معنى أنها ما جمعت على الوجه الأكمل إلا له صلى الله عليه وسلم ولم يكن للأنبياء عليهم السلام على ذلك الوجه إلا أحدهما، والحمل على أنهما لم يجمعا على وجه الأمر بالتبليغ إلا لنبينا صلى الله عليه وسلم فإنه عليه الصلاة والسلام مأمور بتبليغ الحقيقة كما هو مأمور بتبليغ الشريعة لكن للمستعدين لذلك لا يخلو عن شيء. ويفهم من كلام بعض الأكابر أن علم الحقيقة من علوم الولاية وحينئذ لابد أن يكون لكل نبي حظ منه ولا يلزم التساوي في علومها.
ففي الجواهر والدرر قلت للخواص عليه الرحمة: هل يتفاضل الرسل في العلم؟ فقال: العلم تابع للرسالة فإنه ليس عند كل رسول من العلم إلا بقدر ما تحتاج إليه أمته فقط فقلت له: هذا من حيث كونهم رسلًا فهل حالهم من حيث كونهم أولياء كذلك؟ فقال: لا قد يكون لأحدهم من علوم الولاية ما هو أكثر من علوم ولاية أولي العزم ان الرسل الذين هم أعلى منهم انتهى، وانا أرى أن ما يحصل لهم من علم الحقيقة بناء على القول بأنه من علوم لولاية أكثر مما يحصل للأولياء الذين ليسوا بأنبياء. ولا تراني أفضل وليا ليس بنبي في علم الحقيقة على ولي هو نبي؛ ولا أقول بولاية الخضر عليه السلام دون نبوته.
وقائلوا ذلك يلزمهم ظاهرًا القول بأن ما عنده من علم الحقيقة مع كونه وليًا أكثر مما عند موسى عليه السلام منه إن أثبتوا له عليه السلام شيئًا من ذلك مع كونه نبيًا ولكنهم لا يرون في ذلك حطا لقدر موسى عليه السلام. وظاهر كلام بعضهم أنه عليه السلام لم يؤت شيئًا من علم الحقيقة أصلًا ومع هذا لا ينط قدره عن قدر الخضر عليهما السلام إذ له جهات فضل أخر، وسيأتي إن شاء الله تعالى تحقيق ما يقوله الذاهبون إلى ولايته عليه السلام.
ثم ما أراه أنا ولله تعالى الحمد أبعد عن القول بما نقل عن بعض الصوفية من أن الولاية مطلقًا أفضل من النبوة وإن كان الولي لا يبلغ درجة النبي. وهو مردود عند المحققين بلا تردد. نعم قد يقع تردد في نبوة النبي وولايته أيهما أفضل؟ فمن قائل بان نبوته أفضل من ولايته، ومن قائل بان ولايته أفضل.
واختار هذا بعض العرفاء معللًا له بأن نبوة التشريع متعلقة صلحة الوقت والولاية لا تعلق لها بوقت دون وقت وهي في النبي على غاية الكمال. والمختار عندي الأول. وقد ضل الكرامية في هذا المقام فزعموا أو الولي قد يبلغ درجة النبي بل أعلى. ورده ظاهر. والاستدلال له بما فيه هذه القصة بناء على القول بولاية الخضر عليه السلام ليس بشيء كما لا يخفى.
هذا ولا يخفى على من له أدنى ذوق بأساليب الكلام ما راعاه موسى عليه السلام في سوق كلامه على علو مقامه من غاية التواضع مع الخضر عليه السلام ونهاية الأدب واللطف، وقد عد الإمام من ذلك أنواعًا كثيرة أوصلها إلى اثني عشر نوعًا أن أردتها فارجع إلى تفسيره. وسيأتي إن شاء الله عز وجل ما تدل عليه هذه الآية في سرد ما تدل عليه آيات القصة بأسرها مما ذكر في كتب الحديث وغيرها.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال