سورة الكهف / الآية رقم 81 / تفسير التفسير القرآني للقرآن / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً قَالَ إِن سَأَلْتُكَ عَن شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلاَ تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِن لَّدُنِّي عُذْراً فَانطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَن يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِداَراً يُرِيدُ أَن يَنقَضَّ فَأَقَامَهُ قَالَ لَوْ شِئْتَ لاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً قَالَ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِع عَّلَيْهِ صَبْراً أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي البَحْرِ فَأَرَدتُّ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءَهُم مَّلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً وَأَمَّا الغُلامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَن يُرْهِقَهُمَا طُغْيَاناً وَكُفْراً فَأَرَدْنَا أَن يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْراً مِّنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْماً وَأَمَّا الجِدَارُ فَكَانَ لِغُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي المَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَّهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحاً فَأَرَادَ رَبُّكَ أَن يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِع عَّلَيْهِ صَبْراً وَيَسْأَلُونَكَ عَن ذِي القَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُم مِّنْهُ ذِكْراً

الكهفالكهفالكهفالكهفالكهفالكهفالكهفالكهفالكهفالكهفالكهفالكهفالكهفالكهفالكهف




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{أَمَّا السَّفِينَةُ فَكانَتْ لِمَساكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَها وَكانَ وَراءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً (79) وَأَمَّا الْغُلامُ فَكانَ أَبَواهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينا أَنْ يُرْهِقَهُما طُغْياناً وَكُفْراً (80) فَأَرَدْنا أَنْ يُبْدِلَهُما رَبُّهُما خَيْراً مِنْهُ زَكاةً وَأَقْرَبَ رُحْماً (81) وَأَمَّا الْجِدارُ فَكانَ لِغُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُما وَكانَ أَبُوهُما صالِحاً فَأَرادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغا أَشُدَّهُما وَيَسْتَخْرِجا كَنزَهُما رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ وَما فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذلِكَ تَأْوِيلُ ما لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً (82)}.
التفسير:
كان لا بدّ للمعلّم أن يكشف لتلميذه عن خفايا هذه التجربة المثيرة، التي أراه منها ظاهرا لا يستقيم على أي منطق، ولا يتفق مع أي عاقل، ولا يلتقى مع تقدير أي إنسان سليم الإدراك.. إنها أمور تدور لها الرءوس، وتضطرب معها العقول.. وإن موسى لفى حيرة بالغة من أمر صاحبه هذا، الذي جاءه ليطلب العلم عنده، بتوجيه من ربّه.. وحيا، أو إلهاما! وقد فعل المعلم ما تقضى به الحكمة، ويعتدل به ميزان التربية السليمة- فلم يدع تلميذه نهبا للوساوس والشكوك، بل إنه ما كاد يؤذنه بالفراق، وبإنهاء هذه التجربة التي أدخله فيها، حتى أخذ يشرح له حقيقة الموقف، ويكشف له عن الوجه الخفيّ من كل حدث من تلك الأحداث الثلاثة.. فكانت قولته له: {هذا فِراقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ} مشفوعة بقوله: {سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ ما لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً}.
وهنا في هذه الآيات، تأويل كلّ حدث منها.
وفى كلمة تأويل إشارة إلى أن هذه الأحداث- كما بدت في ظاهرها- لا تعدو أن تكون أشبه بالأحلام، التي لها مفهوم يغاير منطوقها في صورته، وأن هذا المفهوم لا يعلمه إلا اللّه والراسخون في العلم، وذلك كتأويل يوسف لرؤيا الملك، التي عجز العلماء عن تأويلها، وقالوا: {أَضْغاثُ أَحْلامٍ وَما نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الْأَحْلامِ بِعالِمِينَ} [44: يوسف] فالأحداث التي أجراها العبد الصالح بين يدى موسى أشبه بهذه الرّؤى، وإن كانت أبعد في المفارقة، بين منطوقها ومفهومها.
وتأويل الحدث الأول، هو كما يقول العبد الصالح: {أَمَّا السَّفِينَةُ فَكانَتْ لِمَساكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَها وَكانَ وَراءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً.}.
هكذا الأمر إذن؟
إنه كما يبدو الآن عمل من أعمال البرّ والرحمة لأصحاب السفينة.. وقد كان يرى من قبل عدوانا عليهم، وظلما صارخا لهم.
إن هذا الخرق الذي أحدثه العبد الصالح في السفينة، قد جعلها سفينة معطوبة، معيبة، لا تصلح للغرض الذي من أجله كان الملك يستولى على السفن، وينتزعها من يد أصحابها، قهرا وقسرا.. وبهذا تخطّت عين الملك هذه السفينة، حين رآها على تلك الحال، وبهذا أيضا سلمت السفينة من هذا العدوان، وبقيت في أيدى أصحابها المساكين، الذين يعملون عليها، ويرزقون منها.
أما هذا العطب الذي لحق بالسفينة- أيّا كان- فإنه ممكن إصلاحه.
وفى قوله: {وَكانَ وَراءَهُمْ مَلِكٌ} لا تعنى كلمة {وَراءَهُمْ} أن الملك نفسه كان على أثرهم، وإنما تعنى أن سلطان الملك قائم عليهم، كما في قوله تعالى: {مِنْ وَرائِهِ جَهَنَّمُ} [16: إبراهيم] أي أنها مسلطة على هذا الظالم، محيطة به، لا يفلت منها.
هذه واحدة! وقد تلقّاها موسى بأذن واعية، وقلب متفتّح.. فأشرق وجهه، ولمعت عيناه ببريق السّكينة والرضا.. ثم ها هو ذا يصبح كلّه كيانا مستمعا لما يقول صاحبه، في أمر هذا الغلام الذي سفك دمه، من غير ذنب ظاهر! ويجيئه الجواب في غير مهل: {وَأَمَّا الْغُلامُ فَكانَ أَبَواهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينا أَنْ يُرْهِقَهُما طُغْياناً وَكُفْراً فَأَرَدْنا أَنْ يُبْدِلَهُما رَبُّهُما خَيْراً مِنْهُ زَكاةً وَأَقْرَبَ رُحْماً}.
ويقع في نفس موسى شيء من هذا التأويل.!
إنه تأويل مستند إلى احتمالات المستقبل، وقائم على توقعات يمكن أن تقع أو لا تقع!! وكيف لموسى أن يتحقق من إرهاق هذا الغلام لوالديه- بعد أن يكبر- بما يكون منه من طغيان وفجور، وإفساد في الأرض، وكفر باللّه؟
وكيف يحكم على هذا الغلام البريء بما سيكون منه بعد سنين؟ إن ذلك مجرد فرض يفترض! وأكثر من هذا، فإن كلمة {فخشينا} تشعر بأن العبد الصالح نفسه لا يرى الأمر أكثر من مجرد احتمال غير متيقّن.. إنه مجرد خشية.. والخشية قد تقع، وقد لا تقع! ولكن يقوم بين يدى موسى شاهد يدفع هذه الوساوس، ويذهب بتلك الشكوك.
فأولا: لقد رأى السفينة التي أعطيها صاحبه، قد سلمت من يد الملك، على حين أخذ كل السّفن التي كانت صالحة للعمل، مثلها، قبل أن يصيبها العطب! فهو إذ يجىء إلى أمر الغلام وما يقال فيه، إنما يجىء إليه ومعه هذا الشعور الذي ملأ قلبه طمأنينة وتسليما لصاحبه، الذي يرى ما لا يراه.
وثانيا: كان موسى يعلم مقدّما أنّه بين يدى عبد من عباد اللّه الصالحين، قد آتاه اللّه من العلم ما استحقّ به أن يكون أستاذا لنبىّ من أنبياء اللّه.
اصطفاه اللّه لرسالته، وكلّمه تكليما مباشرا، بلا واسطة.. فإنّ من كان هذا شأنه، لا يتّهم في أخباره، وأفعاله، وإن احتاج المرء إلى تأويلها، وتوضيحها، حتى يطمئن قلبه، وتسكن وساوسه.
وثالثا: يعرف موسى عن يقين أن وراء تحركات الأحداث قوة قادرة قاهرة، هى التي تضبط حركاتها، وتجرى بها إلى قدر معلوم، سواء أكان ذلك مما يتفق مع تقدير الناس لمجريات أمورهم، ومنطلقات سعيهم، أولا يتفق.
وعلى هذا، فإنه ليس بالبعيد المستغرب- عند موسى- أن يكون هذا الذي كرهه من صاحبه وعدّه شرا، هو أمر محبوب في عاقبته، خير في مآله الذي يؤول إليه.
فإذا كان قد وقع في نفس موسى شيء من هذا التأويل لمقتل الغلام، فإن في نفس موسى أيضا كثيرا من قوى الإيمان التي تدفع هذه الشكوك التي ساورته.
وأما قول صاحبه: {فَخَشِينا أَنْ يُرْهِقَهُما طُغْياناً وَكُفْراً}.
فإنه محمول على أمرين:
أولهما: أن هذا الغلام الذي هو شرّ كلّه، وبلاء على الإنسانية، بما يحمل في كيانه من طغيان، وفساد، وكفر- هذا الغلام- وذلك شأنه- إن تأذّى به المجتمع الذي يعيش فيه، فإن ما ينضح منه من الأذى النفسىّ على أبويه المؤمنين، هو أضعاف مضاعفة لما يجده غيرهما من شروره وآثامه، إذ كان هو غرسهما الذي غرساه، وكان الشرّ الواقع على المجتمع منه، هما- لسبب أو لآخر- شركاء فيه.
فالخشية التي يصورها العبد الصالح هنا، هى خشيته على هذين الأبوين الصالحين المؤمنين، وما يدخل على قلبيهما من حسرة وكمد على مصابهما في ابنهما هذا، ثم في مصاب الناس به.. وإذا كان ذلك لم يقع بعد، فهو مما يخشى أن يقع لو ترك الغلام يأخذ مسيرته في الحياة.. والخشية لا تكون إلا مما لم يقع، لا مما وقع.
وثانيهما: أن هذا الغلام، هو بلاء على نفسه، وأنه نبتة سوء، لو تركت حتى تبلغ مداها، لأوردت صاحبها موارد الهالكين.. فكان موته في هذه المرحلة من عمره رحمة به، إذ عاجله الموت قبل أن يبلغ مبلغ التكليف، وقبل أن يأتى ما كان يمكن أن يأتى به من آثام.. فالخشية هنا، خشية منه، كما أنها خشية عليه.
أما عزاء هذين الأبوين الصالحين المؤمنين عن فقد هذا الغلام، فهو ما كشف عنه العبد الصالح في قوله: {فَأَرَدْنا أَنْ يُبْدِلَهُما رَبُّهُما خَيْراً مِنْهُ زَكاةً وَأَقْرَبَ رُحْماً}.
والزكاة: الطهر، والنقاء، والصلاح والتقوى.
والرّحم: الرحمة التي تكون بين المتراحمين، من أبناء وآباء، وإخوة وأصدقاء.
فهذا الولد الذي سيرزقه هذان الأبوان خلفا لابنهما القتيل، سيكون لهما فيه قرة عين، وأنس نفس، ومسرة قلب.. مما يريان فيه من صلاح وتقوى، وما يجدان منه من برّ بهما، وإحسان إليهما.
ثم إن بين يدى موسى- مع هذا كله- مثلا ماثلا له، فيما كان بين نوح وابنه.. فقد جعله اللّه سبحانه وتعالى في المغرقين، ولم يقدّر له أن يكون في الناجين المؤمنين.. لقد أغرقه اللّه أمام عينى أبيه.. وكان العزاء الذي عزّى اللّه سبحانه وتعالى به نوحا، قوله سبحانه له،: {يا نُوحُ.. إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ.. إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ}!! (46: هود) فماذا يبدو من فرق بين هذا الغلام الذي قتله العبد الصالح، وبين ابن نوح الذي أغرقه اللّه؟.. إنه القدر الذي أجرى حكمه على هذين الابنين، ولم ينكشف أمر القدر لنوح إلا بعد أن أنبأه اللّه في قوله تعالى: {إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ}.
تماما كما لم ينكشف أمر القدر لموسى إلا بعد أن أنبأه العبد الصالح بقوله: {وَأَمَّا الْغُلامُ فَكانَ أَبَواهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينا أَنْ يُرْهِقَهُما طُغْياناً وَكُفْراً فَأَرَدْنا أَنْ يُبْدِلَهُما رَبُّهُما خَيْراً مِنْهُ زَكاةً وَأَقْرَبَ رُحْماً}.
بقيت مسألة الجدار!.
ويبدو وجه اللقاء بين ظاهرها، وباطنها بعيدا، أبعد من الحدثين السابقين.
ذلك أنه إذا أمكن أن يلتمس لأمر السفينة وجه يحمل عليه ما أحدث العبد الصالح فيها من خرق، وإذا أمكن أن يقال في قتل الغلام قول- فإنه لا يمكن أن يلتمس لأمر هذا الجدار وجه، ولا أن يقال فيه قول- إذا أخذت الأمور بظاهرها- إلا أن




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال