سورة مريم / الآية رقم 21 / تفسير تفسير الشعراوي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

يَا يَحْيَى خُذِ الكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الحُكْمَ صَبِياًّ وَحَنَاناً مِّن لَّدُنَّا وَزَكَاةً وَكَانَ تَقِياًّ وَبَراًّ بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُن جَبَّاراً عَصِياًّ وَسَلامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وَلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَياًّ وَاذْكُرْ فِي الكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَاناً شَرْقِياً فَاتَّخَذَتْ مِن دُونِهِمْ حِجَاباً فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَراً سَوِياًّ قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنكَ إِن كُنتَ تَقِياًّ قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لأَهَبَ لَكِ غُلاماً زَكِياًّ قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِياًّ قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِّلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِّنَّا وَكَانَ أَمْراً مَّقْضِياًّ فَحَمَلَتْهُ فَانتَبَذَتْ بِهِ مَكَاناً قَصِياًّ فَأَجَاءَهَا المَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنتُ نَسْياً مَّنسِياًّ فَنَادَاهَا مِن تَحْتِهَا أَلاَّ تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِياًّ وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِياًّ

مريممريممريممريممريممريممريممريممريممريممريممريممريممريممريم




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَقْضِيًّا(21)}
كما قال الحق سبحانه لزكريا حينما تعجب أن يكون له ولد: {قَالَ كذلك قَالَ رَبُّكَ} [مريم: 9] أي: أنا أعرف ما أنت فيه من كِبَر السن، وأن امرأتك عاقر لا تلِد، لكن الأمر جاء من الله وصدر حكمه، وهو وحده الذي يملك التنفيذ، فَلِمَ التعجب إذن؟
وهنا نجد بعض المتورِّكين على القرآن يعترضون على قوله تعالى:(كَذَلِكَ) بالفتح في قصة زكريا وبالكسر في قصة مريم(كذلكِ)، والسياق والمعنى واحد، وأيُّهما أبلغ من الأخرى، وإنْ كانت أحدهما بليغة فالأخرى غير بليغة؟
وهذا الاعتراض منهم ناتج عن قصور فَهْمهم لكلام الله، فكلمة(كذلك) عبارة عن ذا اسم إشارة، وكاف الخطاب التي تُفتح في خطاب المذكر، وتُكسر في خطاب المؤنث.
وهنا أيضاً قال:(ربك) أي: الذي يتولى تربيتك ورعايتك، والذي يُربيه ربُّه يربيه تربية كاملة تعينه على أداء مهمته المرادة للمربِّي.
وقوله: {هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ} [مريم: 21] كما قال في مسألة البعث بعد الموت: {وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ} [الروم: 27] فكلمة هيّن وأَهْوَن بالنسبة للحق تبارك وتعالى لا تُؤخَذ على حقيقتها؛ لأن هَيِّن وأهوَنَ تقتضي صعب وأصعب، وهذه مسائل تناسب فِعْلَ الإنسان في معالجته للأشياء على قَدْر طاقته وإمكاناته، أما بالنسبة للخالق سبحانه فليس عنده هَيِّن وأهون منه؛ لأنه سبحانه لا يفعل الأفعال مُعَالجةً، ولا يزاولها، وإنما بقوله تعالى(كُنْ).
فالحق سبحانه يخاطبنا على قَدْر عقولنا، فقوله: {هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ} [مريم: 21] أي: بمنطقكم أنتم إنْ كنت قد خَلقْتكم من غير شيء، فإعادتكم من شيء موجود أمر هَيِّن.
ثم يقول تعالى: {وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِّلْنَّاسِ وَرَحْمَةً مِّنَّا} [مريم: 21].
هل كان الغرض من خَلْق عيسى عليه السلام على هذه الصورة أن يُظهِر الحق سبحانه قدرته في الخلق وطلاقة قدرته فقط؟ لا، بل هناك هدف آخر {وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِّلْنَّاسِ} [مريم: 21] أي: أمراً عجيباً، يخرج عن مألوف العادة والأسباب، كما نقول: هذا آية في الحُسْن، آية في الذكاء، فالآية لا تُقال إلا للشيء الذي يخرج عن معتاد التناول.
والآية هنا أن الخالق تبارك وتعالى كما خلق آدم عليه السلام من غير أب أو أم، وخلق حواء من غير أم، خلق عيسى عليه السلام من أم دون أب، ثم يخلقكم جميعاً من أب وأم، وقد يوجد الأب والأم ولا يريد الله لهما فيجعل مَنْ يشاء عقيماً.
إذن: فهذا الأمر لا يحكمه إلا إرادة المكوِّن سبحانه. فالآية للناس في إنْ يعلموا طلاقة قدرته تعالى في الخَلْق، وأنها غير خاضعة للأسباب، وليستْ عملية ميكانيكية، بل إرادة للخالق سبحانه أن يريد أو لا يريد.
لكن، أكانتْ الآية في خَلْق عيسى عليه السلام أَمْ في أمه؟ كان من الممكن أنْ يوجد عيسى من أب وأم، فالآية إذن في أمه، إنما هو السبب الأصيل في هذه الآية؛ لذلك يقول تعالى في آية أخرى: {وَجَعَلْنَا ابن مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً} [المؤمنون: 50] فعيسى ومريم آية واحدة، وليسا آيتين؛ لأنهما لا ينفصلان.
ثم يقول تعالى: {وَرَحْمَةً مِّنَّا} [مريم: 21] ووجْه الرحمة في خَلْق عيسى عليه السلام على هذه الصورة، أنه سبحانه يرحم الناس من أنْ يشكُّوا في أن قدرة الله منوطة بالأسباب ومتوقفة عليها، ولو كان هذا الشكُّ مجرد خاطر، فإنه لا يجوز ولا يصحّ بالنسبة للخالق سبحانه، وكأنه تبارك وتعالى يرحمنا من مجرد الخواطر بواقع يؤكد أن طلاقة القدرة تأتي في الخَلْق من شيء، ومن بعض شيء، ومن لا شيء.
وقوله تعالى: {وَكَانَ أَمْراً مَّقْضِيّاً} [مريم: 21] أي: مسألة منتهية لا تقبل المناقشة، فإياك أن تناقش في كيفيتها؛ لأن الكلام عن شيء في المستقبل إنْ كان من متكلم لا يملك إنفاذ ما يقول فيمكن ألاَّ يتم مراده لأيِّ سبب من الأسباب كأن تقول: سأفعل غداً كذا وكذا، ويأتي غد ويحول بينك وبين ما تريد أشياء كثيرة ربما تكون خارجة عن إرادتك، إذن: فأنت لا تملك كُلَّ عناصر الفعل.
أما إذا كان الكلام من الله تعالى الذي يملك كل عناصر الفعل فإن قوله حَقٌّ وواقع، فقال تعالى: {وَكَانَ أَمْراً مَّقْضِيّاً} [مريم: 21].
ولما تكلمنا عن تقسيمات الأفعال بين الماضي الذي حدث قبل الكلام، والمضارع الذي يحدث في الحال، أو في الاستقبال قلنا: إن هذه الأفعال بالنسبة للحق سبحانه تنحل عنها الماضوية والحالية والاستقبالية.
فإذا قال تعالى: {وَكَانَ الله غَفُوراً رَّحِيماً} [الفتح: 14] فهل كان الحق سبحانه غفوراً رحيماً في الماضي، وليس كذلك في الحاضر والمستقبل؟ لا، لأن الحق سبحانه كان ولا يزال غفوراً رحيماً، فرحمتُه ومغفرتُه أزلية حتى قبل أنْ يوجدَ مَنْ يغفر له ومَنْ يرحمه.
لذلك جاء الفعل بصيغة الماضي، فالصفة موجودة فيه سبحانه أزلاً، فهو سبحانه خالق قبل أن يخلق الخَلْق وبصفة الخَلْق خَلَقَ، كما ضربنا مثلاً لذلك: نقول فلان شاعر، فهل هو شاعر لأنه قال قصيدة؟ أم قال القصيدة لأنه شاعر، وبالشعر صنع القصيدة؟ إذن: فهو شاعر قبل أن يقول القصيدة، ولولا وجود الصفة فيه ما قال.
فالصفة إذن أزلية في الحق سبحانه، فإذا قلت: {وَكَانَ الله غَفُوراً رَّحِيماً} [الفتح: 14] فقد ثبتتْ له هذه الصفة أزلاً، ولأنه سبحانه لا يتغير، ولا يعارضه أحد فقد بقيتْ له، هذا معنى: كان ولا يزال.
وهذه المسألة واضحة في استهلال سورة النحل: {أتى أَمْرُ الله فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ} [النحل: 1] لذلك وقف بعض المستشرقين أمام هذه الآية، كيف يقول سبحانه(أَتَى) بصيغة الماضي، ثم يقول: {فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ} [النحل: 1] أي: في المستقبل؟ نقول: لأن قوله تعالى:(أتَى) فهذه قضية منتهية لا شكّ فيها ولا جدالَ، فليس هناك قوة أخرى تعارضها أو تمنع حدوثها؛ لذلك جاءت بصيغة الماضي وهي في الواقع أمر مستقبل.
ثم يقول الحق سبحانه: {فَحَمَلَتْهُ فانتبذت بِهِ}




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال