سورة مريم / الآية رقم 41 / تفسير تفسير أبي السعود / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ الأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا وَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ وَاذْكُرْ فِي الكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقاً نَّبِياًّ إِذْ قَالَ لأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لاَ يَسْمَعُ وَلاَ يُبْصِرُ وَلاَ يُغْنِي عَنكَ شَيْئاً يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ العِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطاً سَوِياًّ يَا أَبَتِ لاَ تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِياًّ يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَن يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِّنَ الرَّحْمَنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِياًّ قَالَ أَرَاغِبٌ أَنْتَ عَنْ آلِهَتِي يَا إِبْرَاهِيمُ لَئِن لَّمْ تَنتَهِ لأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِياًّ قَالَ سَلامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِياًّ وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلاَّ أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِياًّ فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلاًّ جَعَلْنَا نَبِياًّ وَوَهَبْنَا لَهُم مِّن رَّحْمَتِنَا وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ عَلِياًّ وَاذْكُرْ فِي الكِتَابِ مُوسَى إِنَّهُ كَانَ مُخْلَصاً وَكَانَ رَسُولاً نَّبِياًّ

مريممريممريممريممريممريممريممريممريممريممريممريممريممريممريم




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الحسرة} أي يوم يتحسر الناسُ قاطبةً، أما المسيءُ فعلى إساءته وأما المحسنُ فعلى قلة إحسانِه {إِذْ قُضِىَ الأمر} أي فُرغ من الحساب وتصادر الفريقان إلى الجنة والنار. روي أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن ذلك، فقال: «حين يجاء بالموت على صورة كبشٍ أملحَ فيذبح والفريقان ينظرون، فينادي المنادي يا أهلَ الجنة خلودٌ فلا موت ويا أهلَ النار خلود فلا موت، فيزداد أهلُ الجنة فرحاً إلى فرح وأهلُ النار غمًّا إلى غم» وإذ بدلٌ من يومَ الحسرة أو ظرفٌ للحسرة فإن المصدرَ المعرّفَ باللام يعمل في المفعول الصريح عند بعضِهم فكيف بالظرف {وَهُمْ فِى غَفْلَةٍ} أي عما يُفعل بهم في الآخرة {وَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ} وهما جملتان حاليتان من الضمير المستتر في قوله تعالى: {فِى ضلال مُّبِينٍ} أي مستقرون في ذلك وهم في تينك الحالتين، وما بينهما اعتراضٌ، أو من مفعول أنذِرْهم أي أنذرهم غافلين غيرَ مؤمنين فيكون حالاً متضمنةً لمعنى التعليل.
{إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ الأرض وَمَنْ عَلَيْهَا} لا يبقى لأحد غيرِنا عليها وعليهم مُلكٌ ولا مَلِك، أو نتوفى الأرضَ ومن عليها بالإفناء والإهلاك توَفيَ الوارثِ لإرثه {وَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ} أي يُردّون للجزاء لا إلى غيرنا استقلالاً أو اشتراكاً.
{واذكر} عطف على أنذِرْهم {فِى الكتاب} أي في السورة أو في القرآن {إِبْرَاهِيمَ} أي اتلُ على الناس قصته وبلِّغها إياهم كقوله تعالى: {واتل عَلَيْهِمْ نَبَأَ إبراهيم} فإنهم ينتمون إليه عليه السلام فعساهم باستماع قصته يُقلِعون عما هم فيه من القبائح {إِنَّهُ كَانَ صِدّيقاً} ملازماً للصدق في كل ما يأتي ويذر، أو كثيرَ التصديق لكثرة ما صدّق به غيوبَ الله تعالى وآياتِه وكتبَه ورسلَه، والجملةُ استئنافٌ مسَوقٌ لتعليل موجبِ الأمر فإن وصفه عليه السلام بذلك من دواعي ذكرِه {نَبِيّاً} خبرٌ آخرُ لكان مقيدٌ للأول مخصِّصٌ له كما ينبىء عنه قوله تعالى: {مّنَ النبيين والصديقين} الآية، أي كان جامعاً بين الصدّيقية والنبوة ولعل هذا الترتيبَ للمبالغة في الاحتراز عن توهم تخصيصِ الصدّيقية بالنبوة فإن كلَّ نبيَ صديقٌ.
{إِذْ قَالَ} بدلُ اشتمالٍ من إبراهيمَ وما بينهما اعتراضٌ مقررٌ لما قبله أو متعلق بكان أو بنبياً، وتعليقُ الذكر بالأوقات مع أن المقصودَ تذكيرُ ما وقع فيها من الحوادث قد مر سرُّه مراراً، أي كان جامعاً بين الأثَرتين حين قال {لأَبِيهِ} آزرَ متلطفاً في الدعوة مستميلاً له {ياأبت} أي با أبي فإن التاء عوضٌ عن ياء الإضافة ولذلك لا يجتمعان، وقد قيل: يا أبتا لكون الألف بدلاً من الياء {لِمَ تَعْبُدُ مَا لاَ يَسْمَعُ} ثناءَك عليه عند عبادتِك له وجؤارِك إليه {وَلاَ يَبْصِرُ} خضوعَك وخشوعَك بين يديه، أو لا يسمع ولا يبصر شيئاً من المسموعات والمُبصَرات فيدخُل في ذلك ما ذكر دخولاً أولياً {وَلاَ يُغْنِى} أي لا يقدر على أن يغنيَ {عَنكَ شَيْئاً} في جلب نفعٍ أو دفع ضُرّ، ولقد سلك عليه السلام في دعوته أحسنَ منهاجٍ وأقومَ سبيل، واحتج بحسن أدبٍ وخلقٍ جميل لئلا يركبَ متنَ المكابرة والعناد ولا يُنكّبَ بالكلية عن مَحَجّة الرشاد، حيث طَلب منه علةَ عبادتِه لِما يستخفّ به عقلُ كل عاقل من عالم وجاهلٍ ويأبى الركونّ إليه، فضلاً عن عبادته التي هي الغايةُ القاصية من التعظيم مع أنها لا تحِقّ إلا لمن له الاستغناءُ التامُّ والإنعامُ العام: الخالقِ الرازقِ المحيي المميتِ المثيبِ المعاقب، ونبّه على أن العاقل يجب أن يفعل كلَّ ما يفعل لداعيةٍ صحيحة وغرضٍ صحيح، والشيءُ لو كان حياً مميّزاً سميعاً بصيراً قادراً على النفع والضرِّ مطيقاً بإيصال الخير والشر لكن كان ممكِناً لاستنكف العقلُ السليمُ عن عبادته، وإن كان أشرفَ الخلائق لما يراه مِثْلَه في الحاجة والانقيادِ للقدرة القاهرةِ الواجبة، فما ظنُّك بجماد مصنوع من حجر أو شجر ليس له من أوصاف الإحياءِ عينٌ ولا أثرٌ ثم دعاه إلى أن يتبعه ليهديَه إلى الحق المبين، لِما أنه لم يكن محفوظاً من العلم الإلهي مستقلاً بالنظر السويّ مصدّراً لدعوته بما مر من الاستمالة والاستعطاف حيث قال: {ياأبت إِنّى قَدْ جَاءنِى مِنَ العلم مَا لَمْ يَأْتِكَ} ولم يسِمْ أباه بالجهل المُفرِط وإن كان في أقصاه ولا نفسَه بالعلم الفائق وإن كان كذلك، بل أبرز نفسه في صورة رفيقٍ له أعرفَ بأحوال ما سلكاه من الطريق، فاستماله برفق حيث قال: {فاتبعنى أَهْدِكَ صراطا سَوِيّاً} أي مستقيماً موصلاً إلى أسنى المطالب منجياً عن الضلال المؤدّي إلى مهاوي الردى والمعاطب، ثم ثبّطه عما كان عليه بتصويره بصورة يستنكرها كلُّ عاقل ببيانِ أنه مع عرائه عن النفع بالمرة مستجلبٌ لضرر عظيم، فإنه في الحقيقة عبادةُ الشيطان لِما أنه الآمرُ به فقال: {ياأبت لاَ تَعْبُدِ الشيطان} فإن عبادتك للأصنام عبادةٌ له إذ هو الذي يسولها لك ويغريك عليها وقوله: {إِنَّ الشيطان كَانَ للرحمن عَصِيّاً} تعليلٌ لموجب النهي وتأكيدٌ له ببيان أنه مستعصٍ على ربك الذي أنعم عليك بفنون النعم، ولا ريب في أن المطيعَ للعاصي عاصٍ وكلُّ مَن هو عاصٍ حقيقٌ بأن يسترد منه النعم وينتقم منه، والإظهارُ في موضع الإضمار لزيادة التقريرِ، والاقتصارُ على ذكر عصيانه من بين سائر جناياتِه لأنه مَلاكُها أو لأنه نتيجةُ معاداتِه لآدمَ عليه السلام وذريته، فتذكيرُه داعٍ لأبيه إلى الاحتراز عن موالاته وطاعته والتعرضُ لعنوان الرحمانية لإظهار كمالِ شناعة عصيانِه.
وقوله: {ياأبت إِنّى أَخَافُ أَن يَمَسَّكَ عَذَابٌ مّنَ الرحمن} تحذيرٌ من سوء عاقبةِ ما كان عليه من عبادة الشيطان وهو ابتلاؤُه بما ابتُليَ به معبودُه من العذاب الفظيع، وكلمةُ مِن متعلقةٌ بمضمر وقع صفةً للعذاب مؤكدةٌ لما أفاده التنكيرُ من الفخامة الذاتية بالفخامة الإضافية، وإظهارُ الرحمن للإشعار بأن وصفَ الرحمانية لا يدفع حلولَ العذاب كما في قوله عز وجل: {مَا غَرَّكَ بِرَبّكَ الكريم} {فَتَكُونَ للشيطان وَلِيّاً} أي قريناً له في اللعن المخلّد، وذكرُ الخوف للمجاملة وإبرازِ الاعتناء بأمره.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال