سورة مريم / الآية رقم 67 / تفسير تفسير الثعالبي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِياًّ وَيَقُولُ الإِنسَانُ أَئِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَياًّ أَوَلا يَذْكُرُ الإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئاً فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّيَاطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِياًّ ثُمَّ لَنَنزِعَنَّ مِن كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَنِ عِتِياًّ ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالَّذِينَ هُمْ أَوْلَى بِهَا صِلِياًّ وَإِن مِّنكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْماً مَّقْضِياًّ ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِياًّ وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَيُّ الفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَّقَاماً وَأَحْسَنُ نَدِياًّ وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّن قَرْنٍ هُمْ أَحْسَنُ أَثَاثاً وَرِءْياً قُلْ مَن كَانَ فِي الضَّلالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَنُ مَداًّ حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ إِمَّا العَذَابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَّكَاناً وَأَضْعَفُ جُنداً وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ مَّرَداًّ

مريممريممريممريممريممريممريممريممريممريممريممريممريممريممريم




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


وقوله تعالى: {تلك الجنة التي نورث من عبادنا} أي نعطي وننزل وقيل يورث عباده المؤمنين المساكن التي كانت لأهل النار لو آمنوا {من كان تقياً} أي المتقين من عباده عز وجل: {وما نتنزل إلا بأمر ربك}.
(خ) عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يا جبريل ما يمنعك أن تزورنا أكثر ما تزرونا فنزلت وما نتنزل إلا بأمر ربك له ما بين أيدينا وما خلفنا» الآية قال فكان هذا جواب جبريل لمحمد صلى الله عليه وسلم وقيل احتبس جبريل عن النبيّ صلى الله عليه وسلم حين سأله اليهود عن أمر الروح وأصحاب الكهف، ثم نزل بعد أيام فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أبطأت علي حتى ساء ظني واشتقت إليك، فقال له جبريل وإني كنت أشوق إليك ولكني عبد مأمور إذا بعثت نزلت وإذا احبست احتبست» فأنزل الله تعالى: {وما نتنزل إلا بأمر ربك} وأنزل الله تعالى: {والضحى والليل إذا سجى ما ودعك ربك وما قلى} وقوله: {له ما بين أيدنا وما خلفنا} أي له علم ما بين أيدينا وما خلفنا، وقيل أكد ذلك بقوله ما بين أيدينا وما خلفنا أي هو المدبر لنا في كل الأوقات الماضي والمستقبل، وقيل معناه له ما بين أيدينا من أمر الآخرة والثواب والعقاب وما خلفنا أي ما مضى من الدنيا {وما بين ذلك} أي من هذا الوقت إلى أن تقوم الساعة، وقيل ما بين ذلك أي ما بين النفختين وهو مقدار أربعين سنة، وقيل ما بين أيدينا ما بقي من الدنيا وما خلفنا ما بقي منها وما بين ذلك مدة حياتنا {وما كان ربك نسياً} أي ناسياً أي ما نسيك ربك وما تركك {رب السموات والأرض وما بينهما} اي من يكون كذلك لا يجوز عليه النيسان لأنه لا بد أن يدبر أحوالها كلها، وفيه دليل على أن فعل العبد خلق الله لأنه حاصل بين السموات والأرض فكان لله تعالى {فاعبد ه واصطبر لعبادته} أي اصبر على أمره ونهيه {هل تعلم له سمياً} قال ابن عباس: مثلاً وقيل هل تعلم أحداً يسمى الله غير الله.
قوله تعالى: {ويقول الإنسان} أي جنس الإنسان والمراد به الكفار الذين أنكروا البعث، وقيل هو أبي بن خلف الجمحي وكان منكراً للبعث {أئذا ما مت لسوف أخرج حياً} قاله استهزاءً وتكذيباً للبعث قال الله تعالى: {أولا يذكر الإنسان} أي يتذكر ويتفكر يعني منكر البعث {أنا خلقناه من قبل ولم يك شيئاً} والمعنى أولاً يتفكر هذا الجاحد في بدء خلقه فيستدل به على الإعادة.
قال بعض العلماء: لو اجتمع كل الخلائق على إيراد حجة في البعث على هذا الاختصار ما قدروا عليه، إذ لا شك أن الإعادة ثانياً أهون من الإيجاد أولاً ثم أقسم بنفسه فقال تعالى: {فو ربك} وفيه تشريف للنبيّ صلى الله عليه وسلم {لنحشرنهم} أي لنجمعنهم في المعاد يعني المشركين المنكرين للبعث {والشياطين} أي مع الشياطين، وذلك أنه يحشر كل كافر مع شيطان في سلسلة {ثم لنحضرنهم حول جهنم جثياً} قال ابن عباس: جماعات وقيل جاثين على الركب لضيق المكان، وقيل إن البارك على ركبتيه صورته كصورة الذليل. فإن قلت هذا المعنى حاصل للكل بدليل قوله تعالى: {وترى كل أمة جاثية} قلت وصفوا بالجثو على العادة المعهودة في مواقف المقالات والمناقلات، وذلك لما فيه من القلق مما يدهمهم من شدة الأمور التي لا يطيقون معها القيام على أرجلهم فيجثون على ركبهم جثواً {ثم لننزعن} أي لنخرجن {من كل شيعة} أي من كل أمة وأهل دين من الكفار {أيهم أشد على الرحمن عتياً} قال ابن عباس: يعني جرأة وقيل فجوراً وتمرداً، وقيل قائدهم رئيسهم في الشرك، والمعنى أنه يقدم في إدخال النار الأعتى ممن هو أكبر جرماً وأشد كفراً. وفي بعض الأخبار أنهم يحضرون جميعاً حول جهنم مسلسلين مغلولين، ثم يقدم الأكفر فالأكفر فمن كان أشد منهم تمرداً في كفره خص بعذاب أعظم وأشد لأن عذاب الضال المضل واجب أن يكون فوق عذاب الضال التابع لغيره في الضلال. وفائدة هذا التمييز التخصيص بشدة العذاب لا التخصيص بأصل العذاب فلذلك قال في جمعيهم {ثم لنحن أعلم بالذين هم أولى بها صلياً} ولا يقال أولى إلا مع اشتراك القوم في العذاب وقيل معنى الآية أنهم أحق بدخول النار.
قوله عز وجل: {وإن منكم إلا واردها} أي وما منكم إلا واردها وقيل القسم فيه مضمر أي والله ما منكم من أحد إلا واردها والورود هو موافاة المكان، واختلفوا في معنى الورود ها هنا وفيما تنصرف إليه الكناية في قوله واردها فقال ابن عباس الأكثرون: معنى الورود هنا الدخول، والكناية راجعة إلى النار، فيدخلها البر والفاجر ثم ينجي الله الذين اتقوا منها، يدل عليه ما روي أن نافع بن الأزرق سأل ابن عباس في الورود فقال ابن عباس: هو الدخول فقال نافع: ليس الورود الدخول فقرأ ابن عباس {إنك وما تعبد ون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون} أدخلها هؤلاء أم لا ثم قال يا نافع والله أنا وأنت سنردها وأنا أرجو أن يخرجني الله منها وما أرى الله أن يخرجك منها بتكذيبك فمن قال بدخول المؤمنين النار يقول من غير خوف ولا ضرر ولا عذاب البتة بل مع الغبطة والسرور لأن الله تعالى أخبر عنهم لا يحزنهم الفزع الأكبر.
فإن قلت كيف يدفع عن المؤمنين حر النار وعذابها، قلت يحتمل أن الله تعالى يخمد النار فتعبرها المؤمنون، ويحتمل أن الله تعالى يجعل الأجزاء الملاصقة لأبدان الكفار من النار محرقة والأجزاء الملاصقة لأبدان المؤمنين تكون على المؤمنين برداً وسلاماً كما كانت في حق إبراهيم عليه السلام، وكما أن الملائكة الموكلين بها لا يجدون ألمها فإن قلت إذا لم يكن على المؤمنين عذاب فما فائدة دخولهم النار.
قلت فيه وجوه، أحدها: أن ذلك مما يزيدهم سروراً إذا علموا الخلاص منه، وثانيها: أن فيه مزيد غم على أهل النار، حيث يرون المؤمنين يتخلصون منها وهم باقون فيها، وثالثها: أنهم إذا شاهدوا ذلك العذاب الذي على الكفار صار ذلك سبباً لمزيد التذاذهم بنعيم الجنة. وقال قوم ليس المراد من الورود الدخول، وقالوا لا يدخل النار مؤمن أبداً لقوله تعالى: {إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون لا يسمعون حسيسها} فعلى هذا يكون المراد من الورود الحضور والرؤية، لا الدخول كما قال تعالى: {ولما ورد ماء مدين} أراد به الحضور، وقال عكرمة الآية في الكفار فإنهم يدخلونها ولا يخرجون منها وروي عن ابن مسعود أنه قال وإن منكم إلا واردها، يعني القيامة والكناية راجعة إليها والقول الأول أصح وعليه أهل السنة فإنهم جميعاً يدخلون النار ثم يخرج الله منها أهل الإيمان بدليل قوله تعالى: {ثم ننجي الذين اتقوا} أي الشرك وهم المؤمنون والنجاة إنما تكون مما دخلت فيه، يدل ما روي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «لا يموت لأحد من المؤمنين ثلاثة من الولد فتمسه النار إلا تحلة القسم» وفي رواية «فيلج النار إلا تحلة القسم» أخرجاه في الصحيحين، اراد بالقسم قوله تعالى: {وإن منكم إلا واردها}.
(م) عن أم مبشر الأنصارية أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول عند حفصة: «لا يدخل النار إن شاء الله تعالى من أصحاب الشجرة أحد من الذين بايعوا تحتها قالت بلى يا رسول الله فانتهزها فقالت حفصة: {وإن منكم إلا واردها} فقال النبي صلى الله عليه وسلم: قد قال الله تعالى: {ثم ننجي الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثياً}».
وقال خالد بن معدان يقول أهل الجنة ألم يعدنا ربنا أن نرد النار، فيقال بلى ولكنكم مررتم بها وهي خامدة وفي الحديث: «تقول النار للمؤمنين جز يا مؤمن فقد أطفأ نورك لهبي» وروي عن مجاهد في قوله تعالى: {وإن منكم إلا واردها} قال: من حم المسلمين فقد وردها، وفي الخبر: «الحمى كير من جهنم وهي حظ المؤمن من النار».
(ق) عن عائشة عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «الحمى من فيح جهنم فأبردوها بالماء»، قوله: جهنم وهجها وحرها. وقوله تعالى: {كان على بك حتماً مقضياً} أي كان ورود جهنم قضاء لازماً قضاء الله تعالى عليكم وأوجبه.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال