سورة مريم / الآية رقم 70 / تفسير تفسير الألوسي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِياًّ وَيَقُولُ الإِنسَانُ أَئِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَياًّ أَوَلا يَذْكُرُ الإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئاً فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّيَاطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِياًّ ثُمَّ لَنَنزِعَنَّ مِن كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَنِ عِتِياًّ ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالَّذِينَ هُمْ أَوْلَى بِهَا صِلِياًّ وَإِن مِّنكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْماً مَّقْضِياًّ ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِياًّ وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَيُّ الفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَّقَاماً وَأَحْسَنُ نَدِياًّ وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّن قَرْنٍ هُمْ أَحْسَنُ أَثَاثاً وَرِءْياً قُلْ مَن كَانَ فِي الضَّلالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَنُ مَداًّ حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ إِمَّا العَذَابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَّكَاناً وَأَضْعَفُ جُنداً وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ مَّرَداًّ

مريممريممريممريممريممريممريممريممريممريممريممريممريممريممريم




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالَّذِينَ هُمْ أَوْلَى بِهَا صِلِيًّا (70)}
{ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بالذين هُمْ أولى بِهَا صِلِيًّا} فالمراد بالذين هم أولى المنتزعون باعتبار الترتيب، وقد يراد بهم أولئك باعتبار المجموع فكأنه قيل: ثم لنحن أعلم بتصلية هؤلاء وهم أولى بالصلى من بين سائر الصالين ودركاتهم أسفل وعذابهم أشد ففي الكلام إقامة المظهر مقام المضمر، وفسر بعضهم النزع بالرمي من نزعت السهم عن القوس أي رميته فالمعنى لنرمين فيها الأعصى فالأعصى من كل طائفة من تلك الطوائف ثم لنحن أعلم بتصليتهم؛ وحمل الآية على البدء بالأشد فالأشد مروى عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه.
وجوز أن يراد باشدهم عتيا رؤساء الثيع وأئمتهم لتضاعف جرمهم بكونهم ضلالًا مضلين قال الله تعالى: {الذين كَفَرُواْ وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ الله زدناهم عَذَابًا فَوْقَ العذاب بما كَانُواْ يُفْسِدُونَ} [النحل: 88] {وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَّعَ أَثْقَالِهِمْ} [العنكبوت: 13].
وأخرج ذلك ابن أبي حاتم عن قتادة وعليه لا يجب الاستمرار والإحاطة. وأورد على القول بالعموم أن قوله تعالى: {أَشَدَّ عِتِيًّا} [مريم: 69] يقتضي اشتراك الكل في العتى بل في أشديته وهو لا يناسب المؤمنين، وأجيب عنه بأن ذلك من نسبة ما للبعض إلى الكل والتفضيل على طائفة لا يقتضي مشاركة كل فرد فرد فإذا قلت: هو أشجع العرب لا يلزمه وجود الشجاعة في جميع أفرادهم، وعلى هذا يكون في الآية إيماء إلى التجاوز عن كثير حيث خص العذاب بالأشد معصية، و{أَيُّهُم} [مريم: 69] مفعول {ننزعن} وهو اسم موصول عنى الذي مبني على الضم محله النصب و{أَشَدَّ} [مريم: 69] خبر مبتدأ محذوف أي هو أشد والجملة صلة والعائد المبتدأ و{على الرحمن} [مريم: 69] متعلق بأشد {وعتيا} تمييز محول عن المبتدأ، ومن زعم أنه جمع جعله حالا، وجوز في الجار أن يكون للبيان فهو متعلق حذوف كما في سقيالك، ويجوز بعتيا، أما إن كان وصفًا فبالاتفاق، وأما إذا كان مصدرًا فعند القائل بجواز تقدم معمول المصدر لا سيما إذا كان ظرفًا، وكذا الكلام في {ووصى بِهَا} من قوله تعالى: {هُمْ أولى بِهَا صِلِيًّا} فإنه جوز أن يكون الجار للبيان وأن يكون متعلقًا بأولى وأن يكون متعلقًا بصليا، وقد قرئ بالضم والكسر، وجوز فيه المصدرية والوصفية، وهو على الوصفية حال وعلى المصدرية تمييز على طرز ما قيل في {عِتِيًّا} [مريم: 69] إلا أنه جوز فيه أن يكون تمييزًا عن النسبة بين {أُوْلِى} والمجرور وقد أشير إلى ذلك فيما مر.
والصلى من صلى النار كرضى وبها قاسى حرها، وقال الراغب: يقال صلى بالنار وبكذا أي بلى به، وعن الكلبي أنه فسر الصلى بالدخول، وعن ابن جريج أنه فسره بالخلود، وليس كل من المعنيين بحقيقي له كما لا يخفى، ثم ما ذكر من بناء أي هنا هو مذهب سيبويه، وكان حقها أن تبنى في كل موضع كسائر الموصولات لشبهها الحرف بافتقارها لما بعدها من الصلة لكنها لما لزمت الإضافة إلى المفرد لفظًا أو تقديرًا وهي من خواص الأسماء بعد الشبه فرجعت إلى الأصل في الأسماء وهو الأعراب ولأنها إذا أضيفت إلى نكرة كانت عنى كل وإذا أضيفت إلى معرفة كانت عنى بعض فحملت في الإعراب على ما هي عناه وعادت هنا عنده إلى ما هو حق الموصول وهو البناء لأنه لما حذف صدر صلتها إزداد نقصها المعنوي وهو الإبهام والافتقار للصلة بنقص الصلة التي هي كجزئها فقويت مشابهتها للحرف، ولم يرتض كثير من العلماء ما ذهب إليه.
قال أبو عمرو الجرمي: خرجت من البصرة فلم أسمع منذ فارقت الخندق إلى مكة أحدًا يقول: لأضربن أيهم قائم بالضم، وقال أبو جعفر: النحاس ما علمت أحدًا من النحويين إلا وقد خطأ سيبويه في هذه المسألة.
وقال الزجاج: ما تبين أن سيبويه غلط في كتابه إلا في موضعين هذا أحدهما فإنه يقول باعراب أي إذا أفردت عن الإضافة فكيف يبنيها إذا أضيفت. وقد تكلف شيخنا علاء الدين أعلا الله تعالى مقامه في عليين للذب عن سيبويه في ذلك بما لا يفي ؤنة نقله، وقد ذكرنا بعضًا منه في حواشينا على شرح القطر للمصنف.
نعم يؤيد ما ذهب إليه سيبويه من المفعولية قراءة طلحة بن مصرف. ومعاذ بن مسلم الهراء أستاذ الفراء. وزائدة عن الأعمش {أَيُّهُم} بالنصب لكنها ترد ما نقل عنه من تحتم البناء إذا أضيفت وحذف صدر صلتها، وينبغي إذا كان واقفًا على هذه القراءة أن يقول بجواز الأمرين فيها حينئذ، وقال الخليل: مفعول {ننزعن} [مريم: 69] موصول محذوف وأي هنا استفهامية مبتدأ وأشد خبره والجملة محكية بقول وقع صلة للموصول المحذوف أي لننزعن الذين يقال فيهم: أيهم أشد، وتعقب بأنه لا معنى لجعل {النزع} لمن يسأل عنه بهذا الاستفهام، وأجيب بأن ذلك مجاز عن تقارب أحوالهم وتشابهها في العتو حتى يستحق أن يسأل عنها أو المراد الذين يجاب بهم عن هذا السؤال، وحاصله لننزعن الأشد عتيا وهو مع تكلفه فيه حذف الموصول مع بعض الصلة وهو تكلف على تكلف ومثله لا ينقاس، نعم مثله في الحذف على ماقيل قول الشاعر:
ولقد أبيت من الفتاة بمنزل *** فأبيت لا حرج ولا محروم
وذهب الكسائي. والفراء إلى ما قاله الخليل إلا أنهما جعلا الجملة في حل نصب بننزعن، والمراد لننزعن من يقع في جواب هذا السؤال، والفعل معلق بالاستفهام، وساغ تعليقه عندهما لأن المعنى لننادين وهما يريان تعليق النداء وإن لم يكن من أفعال القلوب وإلى ذلك ذهب المهدوي، وقيل: لما كان النزع متضمنًا معنى الإفراز والتمييز وهو مما يلزمه العلم عومل معاملة العلم فساغ تعليقه.
ويونس لا يرى التعليق مختصًا بصنف من الأفعال بل سائر أصناف سواء في صحة التعليق عنده، وقيل: الجملة الاستفهامية استئنافية والفعل واقع على {كُلّ شِيعَةٍ} [مريم: 69] على زيادة من في الاثبات كما يراه الأخفش أو على معنى لننزعن بعض كل شيعة بجعل {مِنْ} مفعولًا لتأويلها باسم، ثم إذا كان الاستئناف بيانيًا واقعًا في جواب من المنزوعون؟ احتيج إلى التأويل كأن يقال: المراد الذين يقعون في جواب {أيهم أشد} [مريم: 69] أو نحو ذلك، وإذا كانت أي على تقدير الاستئناف ووقوع الفعل على ما ذكر موصولة لم يحتج إلى التأويل إلى أن في القول بالاستئناف عدولًا عن الظاهر من كون الكلام جملة واحدة إلى خلاف الظاهر من كونه جملتين.
ونقل بعضهم عن المبرد أن {أَيُّهُم} [مريم: 69] فاعل {شِيعَةٍ} [مريم: 69] لأن معناه يشيع، والتقدير لننزعن من كل فريق يشيع أيهم هو أشد، وأي على هذا على ما قال أبو البقاء. ونقل عن الرضي عنى الذي، وفي البحر قال المبرد: أيهم متعلق بشيعة فلذلك ارتفع، والمعنى من الذي تشايعوا أيهم أشد كأنهم يتبادرون إلى هذا. ويلزمه أن يقدر مفعولًا لننزعن محذوفًا، وقدر أيضًا في هذا المذهب من الذين تشايعوا أيهم أشد على معنى من الذين تعاونوا فنظروا أيهم أشد، قال النحاس: وهذا قول حسن انتهى، وهو خلاف ما نقل أولًا، ولعمري أن ما نسب إلى المبرد أولًا وأخيرًا أبرد من يخ، وقيل: إن الجملة استفهامية وقعت صفة لشيعة على معنى لننزعن من كل شيعة مقول فيهم أيهم أشد أي من كل شيعة متقاربي الأحوال، ومن مزيدة والنزع الرمي، وحكى أبو بكر بن شقير أن بعض الكوفيين يقول في أيهم معنى الشرط تقول: ضربت القوم أيهم غضب، والمعنى إن غضبوا أو لم يغضبوا قال أبو حيان: فعلى هذا يكون التقدير هنا إن اشتد عتوهم أو لم يشتد انتهى وهو كما ترى، والوجه الذي ينساق إليه الذهن ويساعده اللفظ والمعنى هو ما ذهب إليه سيبويه ومدار ما ذهب إليه في أي من الأعراب والبناء هو السماع في الحقيقة، وتعليلات النحويين على ما فيها إنما هي بعد الوقوع، وعدم سماع غيره لا يقدح في سماعه فتدبر.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال