سورة مريم / الآية رقم 75 / تفسير التفسير القرآني للقرآن / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِياًّ وَيَقُولُ الإِنسَانُ أَئِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَياًّ أَوَلا يَذْكُرُ الإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئاً فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّيَاطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِياًّ ثُمَّ لَنَنزِعَنَّ مِن كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَنِ عِتِياًّ ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالَّذِينَ هُمْ أَوْلَى بِهَا صِلِياًّ وَإِن مِّنكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْماً مَّقْضِياًّ ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِياًّ وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَيُّ الفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَّقَاماً وَأَحْسَنُ نَدِياًّ وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّن قَرْنٍ هُمْ أَحْسَنُ أَثَاثاً وَرِءْياً قُلْ مَن كَانَ فِي الضَّلالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَنُ مَداًّ حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ إِمَّا العَذَابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَّكَاناً وَأَضْعَفُ جُنداً وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ مَّرَداًّ

مريممريممريممريممريممريممريممريممريممريممريممريممريممريممريم




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقاماً وَأَحْسَنُ نَدِيًّا (73) وَكَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَحْسَنُ أَثاثاً وَرِءْياً (74) قُلْ مَنْ كانَ فِي الضَّلالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمنُ مَدًّا حَتَّى إِذا رَأَوْا ما يُوعَدُونَ إِمَّا الْعَذابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَكاناً وَأَضْعَفُ جُنْداً (75) وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدىً وَالْباقِياتُ الصَّالِحاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَواباً وَخَيْرٌ مَرَدًّا (76)}.
التفسير:
بعد أن عرضت الآيات السابقة جهنم وأهوالها، وعرض أهل الضلال عليها، ثم إلقاءهم فيها.. جاءت هذه الآيات بعد ذلك لترد هؤلاء الضالين إلى الحياة التي كانوا فيها، بعد هذه الرحلة المرهقة التي رأوا فيها جهنم عيانا، وطلع عليهم من أنفاسها الملتهبة ما يكظم منهم الأنفاس، ويشوى الوجوه.
جاءت هذه الآيات، لتعرض هؤلاء الضالين المشركين، بعد تلك التجربة، لترى أثرها فيهم، وفى موقفهم من الدعوة إلى الإيمان باللّه، والاستجابة لرسول اللّه- وإذا هم على غيّهم وضلالهم: {وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ} أي واضحات مشرقات: {قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ} نحن أم هؤلاء الذين مع محمد..؟
أي الفريقين منا ومنهم {خَيْرٌ مَقاماً وَأَحْسَنُ نَدِيًّا} أي خير حياة، وخير تمكنا من هذه الحياة، وأحسن مظهرا، حيث يضمنا نادينا، وحيث يجتمعون هم إلى محمد؟ إننا في نعمة ظاهرة، وفى حياة رافهة، وفى مجالس عامرة بسادة القوم، ووجوه الناس.. وهم بين عبيد أرقاء، وبين فقراء لا وزن لهم في الناس، ولا مكانة لهم في المجتمع.
واللام في قوله تعالى: {قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا}: إما أن تكون لام التعدية، وعلى هذا يكون القول من الذين كفروا موجها إلى الذين آمنوا.
وإما أن تكون متعلقا بمحذوف، تقديره {محقّررين} أو {كائدين} للذين آمنوا.. أي قال الذين كفروا محقرين للذين آمنوا: أي الفريقين خير مقاما..؟
وفى قوله تعالى: {وَكَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَحْسَنُ أَثاثاً وَرِءْياً..}.
تهديد لهؤلاء المشركين، وتسفيه لجهلهم وضلالهم، إذ تمسكوا بهذه الدنيا وجعلوا كل وجودهم لها- فهؤلاء الضالون لن يخلدوا في هذه الدنيا، ولن ينفعهم ما جمعوا من مال، وما استكثروا من بنين.. إنهم هالكون لا محالة، طال الزمن بهم أم قصر.. فإن شكّوا في هذا، فلينظروا في الأمم التي خلت من قبلهم، وما كان بين هذه الأمم من أصحاب أموال، ورياسات.. كانوا أكثر منهم مالا ومتاعا، وأبهى منظرا، وأعظم جاها وسلطانا.. فأين هؤلاء؟
لقد هلكوا فيمن هلك.. وسيهلك هؤلاء المشركون- سادة ومسودين- ولن تبقى منهم باقية!.
قوله تعالى: {قُلْ مَنْ كانَ فِي الضَّلالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمنُ مَدًّا}.
أي من كان على تلك الحال من الاستغراق في الضلالة، واستهلاك وجوده فيها، فإنه لن يرجع عن ضلالته، ولن يستمع لنصح ناصح، أو عظة واعظ.
وإذن {فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمنُ مَدًّا} وليترك له الطريق مفتوحا إلى غايات الضلال، فلا يضيّق اللّه عليه في الرزق، ولا يبتليه بشىء في نفسه أو ولده، حتى لا ينصرف عن هذا الضلال، الذي هو غارق فيه.. كما يقول سبحانه: {أَيَحْسَبُونَ أَنَّما نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مالٍ وَبَنِينَ} هو تكريم لهم، وإحسان منا إليهم؟ كلا.. ولكن {نُسارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْراتِ} [55- 56: المؤمنون].
وفى قوله تعالى: {مَنْ كانَ فِي الضَّلالَةِ} إشارة إلى أنه مستغرق فيها، وأن الضلالة ظرف قد احتواه، واشتمل عليه، فلا مخرج له منه.
وفى فعل الأمر: {فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمنُ مَدًّا} إشعار بأن هذا قضاء قضاه اللّه سبحانه وتعالى في أهل الضلال، وأوجبه جل شأنه على نفسه، كما أوجب رحمته لمن سبقت لهم من اللّه الحسنى.. فكأن ذلك أمر تقتضيه حكمة اللّه من اللّه..!
وفى إسناد فعل الأمر إلى {الرحمن} إشارة أخرى إلى أن هذا المدّ من اللّه سبحانه وتعالى للمشركين إنما هو- مع ما فيه من خذلان لهم- محفوف بالرحمة، إذ لو شاء اللّه سبحانه، لأخذهم بذنوبهم، ولعجّل اللّه العذاب في الدنيا، ولما أمهلهم تلك الفسحة من العمر، ليكون لهم فيها نظر إلى أنفسهم، وعودة إلى اللّه.
{حَتَّى إِذا رَأَوْا ما يُوعَدُونَ إِمَّا الْعَذابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَكاناً وَأَضْعَفُ جُنْداً}.
حتى حرف غاية إلى هذا المد الذي يمده اللّه للمشركين، وأنه منته بهم إلى أمرين:
إما العذاب في الدنيا، بمهلكة يصبّها اللّه سبحانه عليهم، ويأخذهم بها، أو بالهزيمة والخزي على أيدى المؤمنين، فيما سيكون بينهم وبين المسلمين من قتال، كما يقول سبحانه: {قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَنْ يُصِيبَكُمُ اللَّهُ بِعَذابٍ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ بِأَيْدِينا} [52: التوبة].
وإما عذاب الآخرة.. فإنهم إن أفلتوا في الدنيا من هذا العذاب أو ذاك، فإنهم لن يفلتوا من عذاب الآخرة الذي ينتظرهم، كما يقول سبحانه: {أَمْ يَقُولُونَ نَحْنُ جَمِيعٌ مُنْتَصِرٌ سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهى وَأَمَرُّ إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ} [44- 48: القمر].
وعندئذ، سيعلم هؤلاء الضالون: {مَنْ هُوَ شَرٌّ مَكاناً وَأَضْعَفُ جُنْداً} وسيرون أىّ الفريقين {خَيْرٌ مَقاماً وَأَحْسَنُ نَدِيًّا؟} قوله تعالى: {وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدىً وَالْباقِياتُ الصَّالِحاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَواباً وَخَيْرٌ مَرَدًّا}.
هو بيان لما يلقى المؤمنون المهتدون من إحسان اللّه سبحانه إليهم، وألطافه بهم.. إنه سيمدهم في الدنيا بالهدى، ويزيدهم فلاحا إلى فلاح، وإيمانا مع إيمان، على حين يخذل اللّه سبحانه المشركين، ويمدّ لهم في الغى والضلال.
وفى قوله تعالى: {وَالْباقِياتُ الصَّالِحاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَواباً وَخَيْرٌ مَرَدًّا} تعقيب على ما للأعمال الصالحة من آثار طيبة، تثمر لأهلها ثمرا طيبا.. إنهم غرسوا في مغارس الخير، وقد بارك اللّه عليهم فيما غرسوا، وحرسه لهم من الآفات والمهلكات، وها هم أولاء وقد نضج الزرع، وطاب الثمر.!
والمردّ: المرجع، والمآل، والعاقبة.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال