سورة طه / الآية رقم 74 / تفسير تفسير الشوكاني / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

قَالُوا يَا مُوسَى إِمَّا أَن تُلْقِيَ وَإِمَّا أَن نَّكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى قَالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِن سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُّوسَى قُلْنَا لاَ تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الأَعْلَى وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلاَ يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّداً قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ هاَرُونَ وَمُوسَى قَالَ آمَنتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُم مِّنْ خِلافٍ وَلأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَاباً وَأَبْقَى قَالُوا لَن نُّؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ البَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الحَيَاةَ الدُّنْيَا إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى إِنَّهُ مَن يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِماً فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لاَ يَمُوتُ فِيهَا وَلاَ يَحْيَى وَمَن يَأْتِهِ مُؤْمِناً قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُوْلَئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ العُلَى جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ مَن تَزَكَّى

طهطهطهطهطهطهطهطهطهطهطهطهطهطهطه




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


قوله: {قَالَ ءَامَنتُمْ لَهُ} يقال: آمن له وآمن به، فمن الأوّل: قوله: {فَئَامَنَ لَهُ لُوطٌ} [العنكبوت: 26]، ومن الثاني: قوله في الأعراف: {ءامَنتُمْ بِهِ قَبْلَ أَنْ آذن لكم} [الأعراف: 123]. وقيل: إن الفعل هنا متضمن معنى الاتباع. وقرئ على الاستفهام التوبيخي، أي كيف آمنتم به من غير إذن مني لكم بذلك؟ {إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الذي عَلَّمَكُمُ السحر} أي إن موسى لكبيركم، أي أسحركم وأعلاكم درجة في صناعة السحر، أو معلمكم وأستاذكم كما يدلّ عليه قوله: {الذى عَلَّمَكُمُ السحر} قال الكسائي: الصبي بالحجاز إذا جاء من عند معلمه قال: جئت من عند كبيري.
وقال محمد بن إسحاق: إنه لعظيم السحر. قال الواحدي: والكبير في اللغة: الرئيس، ولهذا يقال للمعلم: الكبير. أراد فرعون بهذا القول أن يدخل الشبهة على الناس حتى لا يؤمنوا، وإلا فقد علم أنهم لم يتعلموا من موسى، ولا كان رئيساً لهم، ولا بينه وبينهم مواصلة {فَلأُقَطّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مّنْ خِلاَفٍ} أي: والله لأفعلنّ بكم ذلك. والتقطيع للأيدي والأرجل من خلاف هو قطع اليد اليمنى والرجل اليسرى، و{من} للابتداء {وَلأُصَلّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النخل} أي على جذوعها كقوله: {أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ فِيهِ} [الطور: 38] أي عليه، ومنه قول سويد بن أبي كاهل:
هم صلبوا العبديّ في جذع نخلة *** فلا عطست شيبان إلا بأجدعا
وإنما آثر كلمة {في} للدلالة على استقرارهم عليها كاستقرار المظروف في الظرف {وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَاباً وأبقى} أراد: لتعلمنّ هل أنا أشدّ عذاباً لكم أم موسى؟ ومعنى {أبقى}: أدوم، وهو يريد بكلامه هذا: الاستهزاء بموسى، لأن موسى لم يكن من التعذيب في شيء، ويمكن أن يريد: العذاب الذي توعدهم به موسى إن لم يؤمنوا. وقيل: أراد بموسى ربّ موسى على حذف المضاف.
{قَالُواْ لَن نُّؤْثِرَكَ على مَا جَاءنَا مِنَ البينات} أي لن نختارك على ما جاءنا به موسى من البينات الواضحة من عند الله سبحانه كاليد والعصا. وقيل: إنهم أرادوا بالبينات ما رأوه في سجودهم من المنازل المعدّة لهم في الجنة {والذي فَطَرَنَا} معطوف على {ما جاءنا} أي لن نختارك على ما جاءنا به موسى من البينات وعلى الذي فطرنا، أي خلقنا. وقيل هو قسم، أي والله الذي فطرنا لن نؤثرك، أو لا نؤثرك، وهذان الوجهان في تفسير الآية ذكرهما الفراء والزجاج {فاقض مَا أَنتَ قَاضٍ} هذا جواب منهم لفرعون لما قال لهم: {لأقطعنّ} إلخ، والمعنى: فاصنع ما أنت صانع، واحكم ما أنت حاكم، والتقدير: ما أنت صانعه {إنما تقضي هذه الحياة الدنيا} أي إنما سلطانك علينا ونفوذ أمرك فينا في هذه الدنيا ولا سبيل لك علينا فيما بعدها، فاسم الإشارة في محل نصب على الظرفية أو على المفعولية و{ما} كافة، وأجاز الفراء الرفع على أن تجعل ما بمعنى الذي، أي أن الذي تقضيه هذه الحياة الدنيا فقضاؤك وحكمك منحصر في ذلك.
{إِنَّا آمَنَّا بِرَبّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خطايانا} التي سلفت منا من الكفر وغيره {وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السحر} معطوف على {خطايانا} أي ويغفر لنا الذي أكرهتنا عليه من عمل السحر في معارضة موسى فما في محل نصب على المفعولية وقيل: هي نافية، قال النحاس: والأوّل أولى. قيل: ويجوز أن يكون في محل رفع بالابتداء والخبر مقدّر، أي وما أكرهتنا عليه من السحر موضوع عنا {والله خَيْرٌ وأبقى} أي خير منك ثواباً وأبقى منك عقاباً، وهذا جواب قوله: {ولتعلمنّ أينا أشدّ عذاباً وأبقى}. {إِنَّهُ مَن يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِماً فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لاَ يَمُوتُ فِيهَا وَلاَ يحيى} المجرم هو المتلبس بالكفر والمعاصي، ومعنى {لا يموت فيها ولا يحيى}: أنه لا يموت فيستريح ولا يحيى حياة تنفعه. قال المبرد: لا يموت ميتة مريحة ولا يحيا حياة ممتعة، فهو يألم كما يألم الحي، ويبلغ به حال الموت في المكروه، إلا أنه لا يبطل فيها عن إحساس الألم، والعرب تقول: فلان لا حيّ ولا ميت، إذا كان غير منتفع بحياته، وأنشد ابن الأنباري في مثل هذا:
ألا من لنفس لا تموت فينقضي *** شقاها ولا تحيا حياة لها طعم
وهذه الآية من جملة ما حكاه الله سبحانه من قول السحرة. وقيل: هو ابتداء كلام. والضمير في: {إنه} على هذا الوجه للشأن {وَمَن يَأْتِهِ مُؤْمِناً قَدْ عَمِلَ الصالحات} أي ومن يأت ربه مصدّقاً به قد عمل الصالحات، أي الطاعات، والموصوف محذوف، والتقدير: الأعمال الصالحات، وجملة: {قد عمل} في محل نصب على الحال وهكذا {مؤمناً} منتصب على الحال، والإشارة ب {أولئك} إلى من باعتبار معناه {لَهُمُ الدرجات العلى} أي المنازل الرفيعة التي قصرت دونها الصفات {جنات عَدْنٍ} بيان للدرجات أو بدل منها، والعدن: الإقامة، وقد تقدّم بيانه، وجملة {تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الأنهار} حال من الجنات؛ لأنها مضافة إلى عدن، وعدن علم للإقامة كما سبق. وانتصاب {خالدين فِيهَا} على الحال من ضمير الجماعة في لهم، أي ماكثين دائمين، والإشارة {ذلك} إلى ما تقدّم لهم من الأجر، وهو مبتدأ، و{جَزَاء مَن تزكى} خبره، أي جزاء من تطهر من الكفر والمعاصي الموجبة للنار.
وقد أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السحر} قال: أخذ فرعون أربعين غلاماً من بني إسرائيل، فأمر أن يعلموا السحر بالفَرَما، قال: علموهم تعليماً لا يغلبهم أحد في الأرض.
قال ابن عباس: فهم من الذين آمنوا بموسى، وهم الذين قالوا: {آمنا بربنا ليغفر لنا خطايانا وما أكرهتنا عليه من السحر}.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن محمد بن كعب القرظي في قوله: {والله خَيْرٌ وأبقى} قال: خير منك إن أطيع، وأبقى منك عذاباً إن عصى.
وأخرج أحمد ومسلم وابن أبي حاتم وابن مردويه عن أبي سعيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب فأتى على هذه الآية: {إِنَّهُ مَن يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِماً فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لاَ يَمُوتُ فِيهَا وَلاَ يحيى} فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أما أهلها الذين هم أهلها فإنهم لا يموتون فيها ولا يحيون، وأما الذين ليسوا بأهلها فإن النار تميتهم إماتة، ثم يقوم الشفعاء فيشفعون، فيؤتى بهم ضبائر على نهر يقال له: الحياة أو الحيوان، فينبتون كما ينبت الغثاء في حميل السيل».
وأخرج أبو داود وابن مردويه عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن أهل الدرجات العلى ليراهم من تحتهم كما ترون الكوكب الدريّ في أفق السماء، وإن أبا بكر وعمر منهم وأنعما»، وفي الصحيحين بلفظ: «إن أهل عليين ليرون من فوقهم كما ترون الكوكب الغابر في أفق السماء».




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال