سورة طه / الآية رقم 119 / تفسير تفسير الألوسي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

فَتَعَالَى اللَّهُ المَلِكُ الحَقُّ وَلاَ تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِن قَبْلِ أَن يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْماً وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَّكَ وَلِزَوْجِكَ فَلاَ يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الجَنَّةِ فَتَشْقَى إِنَّ لَكَ أَلاَّ تَجُوعَ فِيهَا وَلاَ تَعْرَى وَأَنَّكَ لاَ تَظْمَأُ فِيهَا وَلاَ تَضْحَى فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الخُلْدِ وَمُلْكٍ لاَّ يَبْلَى فَأَكَلا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْءَاتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الجَنَّةِ وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعاً بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلاَ يَضِلُّ وَلاَ يَشْقَى وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ أَعْمَى قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيراً

طهطهطهطهطهطهطهطهطهطهطهطهطهطهطه




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى (119)}
{وَأَنَّكَ لاَ تَظْمَؤُا فِيهَا وَلاَ تضحى} أي ولا تصيبك الشمس يقال: ضحا كسعى وضحى كرضي ضحوًا وضحيًا إذا أصابته الشمس، ويقال ضحا ضحوًا وضحوًا وضحيًا إذا برز لها، وأنشدوا قول عمرو بن أبي ربيعة:
رأت رجلًا أيما إذا الشمس عارضت *** فيضحي وأما بالعشي فيحضر
وفسر بعضهم ما في الآية بذلك والتفسير الأول مروى عن عكرمة، وأيًا ما كان فالمراد نفى أن يكون بلا كن، والجملة تعليل لما يوجبه النهي فإن اجتماع أسباب الراحة فيها مما يوجب المبالغة في الاهتمام بتحصيل مبادىء البقاء فيها والجد في الانتهاء عما يؤدي إلى الخروج عنها، والعدول عن التصريح بأن له عليه السلام فيها تنعمًا بفنون النعم من المآكل والمشارب وتمتعًا بأصناف الملابس البهية والمساكن المرضية مع أن فيه من الترغيب في البقاء فيها ما لا يخفى إلى ما ذكر من نفي نقائضها التي هي الجوع والعطش والعرى والضحو لتذكير تلك الأمور المنكرة والتنبيه على ما فيها من أنواع الشقوة التي حذره سبحانه عنها ليبالغ في التحامي عن السبب المؤدي إليها، ومعنى {أَن لا تَجُوعَ} إلخ أن لا يصيبه شيء من الأمور الأربعة أصلًا فإن الشبع والري والكسوة والكن قد تحصل بعد عروض أضدادها وليس الأمر فيها كذلك بل كلما وقع فيها شهوة وميل إلى شيء من الأمور المذكورة تمتع به من غير أن يصل إلى حد الضرورة على أن الترغيب قد حصل بما سوغ له من التمتع بجميع ما فيها سوى الشجرة حسا ينطق به قوله تعالى: {وَقُلْنَا يَاءادَمُ ءادَمَ اسكن أَنْتَ وَزَوْجُكَ الجنة وَكُلاَ مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا} [البقرة: 35] وقد طوى ذكره هاهنا اكتفاءً بذلك واقتصر على ما ذكر من الترغيب المتضمن للترهيب، وقال بعضهم: إن الاقتصار على ما ذكر لما وقع في سؤال آدم عليه السلام فإنه روي أنه لما أمره سبحانه يسكنى الجنة قال إلهي ألي فيها ما آكل ألي فيها ما ألبس ألي فيها ما أشرب ألي فيها ما استظل به فأجيب بما ذكر، وفي القلب من صحة الرواية شيء.
ووجه إفراده عليه السلام بما ذكر ما مر آنفًا، وقيل: كونه السائل وكان الظاهر عدم الفصل بين الجوع والظمأ والعري والضحو للتجانس والتقارب إلا أنه عدل عن المناسبة المكشوفة إلى مناسبة أتم منها وهي أن الجوع خلو الباطن والعري خلو الظاهر فكأنه قيل لا يخلو باطنك وظاهرك عما يهمهما، وجمع بين الظمأ المورث حرارة الباطن والبروز للشمس وهو الضحو المورث حرارة الظاهر فكأنه قيل: لا يؤلمك حرارة الباطن والظاهر وذلك الوصل الخفي وهو سر بديع من أسرار البلاغة، وفي الكشف إنما عدل إلى المنزل تنبيهًا على أن الشبع والكسوة أصلان وأن الأخيرين متممان على الترتيب فالامتنان على هذا الوجه أظهر، ولهذا فرق بين الفرينتين فقيل أولًا {إِنَّ ذلك} وثانيًا {إِنَّكَ}، وقد ذكر هذا العلامة الطيبي أيضًا ثم قال: وفي تنسيق المذكورات الأربعة مرتبة هكذا مقدمًا ما هو الأهم فالأهم ثم في جعلها تفصيلًا لمضمون قوله تعالى: {فَلاَ يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الجنة فتشقى} [طه: 117] وتكرير لفظة فيها وإخراجها في صيغة النفي مكررة الأداة الإيماء إلى التعريض بأحوال الدنيا وأن لابد من مقاساتها {فِيهَا} لأنها خلقت لذلك وأن الجنة ما خلقت إلا للتنعم ولا يتصور فيها غيره.
وفي الانتصاف أن في الآية سريعًا بديعًا من البلاغة يسمى قطع النظير عن النظير، والغرض من ذلك تحقيق تعداد هذه النعم ولو قرن كل بشكله لتوهم المقرونان نعمة واحدة، وقد رمق أهل البلاغة سماء هذا المعنى قديمًا وحديثًا فقال الكندي الأول:
كأني لم أركب جوادًا للذة *** ولم أتبطن كاعبًا ذات خلخال
ولم أسبأ الزق الروي ولم أقل *** لخيلي كرى كرة بعد إجفال
فقطع ركوب الجواد عن قوله لخيله: كرى كرة وقطع تبطن الكاعب عن ترشف الكأس مع التناسب وغرضه أن يعدد ملاذه ومفاخره ويكثرها، وتبعه الكندي الآخر فقال:
وقفت وما في الموت شك لواقف *** كأنك في جفن الردى وهو نائم
تمر بك الأبطال كلمى هزيمة *** ووجهك ضحاك وثغرك باسم
وقد اعترض عليه سيف الدولة إذ قطع الشيء عن نظيره فقال له: إن كنت أخطأت بذلك فقد أخطأ امرؤ القيس بقوله وأنشد البيتين السابقين، وفي الآية سر لذلك أيضًا زائد على ما ذكر وهو قصد تناسب الفواصل اه.
وقد يقال في بيتي الأول: إنه جمع بين ركوب الخيل للذة والنزهة وتبطن الكاعب للذة الحاصلة فيهما وجمع بين سبء الزق وقوله لخيله: كرى لما فيهما من الشجاعة، ثم ما ذكر من قصد تناسب الفواصل في الآية ظاهر في أنه لو عدل عن هذا الترتيب لم يحصل ذلك وهو غير مسلم.
وقرأ شيبة. ونافع. وحفص. وابن سعدان {إِنَّكَ} بكسر الهمزة. وقرأ الجمهور بفتحها على أن العطف على أن لا تجوع وهو في تأويل مصدر اسم لأن وصحة وقوع ما صدر بأن المفتوحة إسمًا لأن المكسورة المشاركة لها في إفادة التحقيق مع امتناع وقوعها خبرًا لها لما أن المحذور وهو اجتماع حر في التحقيق في مادة واحدة غير موجود فيما نحن فيه لاختلاف مناط التحقيق فيما في حيزها بخلاف ما لو وقعت خبرًا فإن اتحاد المناط حينئذٍ مما لا ريب فيه، وبيانه على ما في إرشاد العقل السليم أن كل واحدة من الأداتين موضوعة لتحقيق مضمون الجملة الحبرية المنعقدة من اسمها وخبرها ولا يخفي أن مرجع خبريتها ما فيها من الحكم وإن مناطه الخبر لا الاسم فمدلول كل منهما تحقيق ثبوت خبرها لاسمها لا ثبوت اسمها في نفسه فاللازم من وقوع الجملة المصدرة بالمفتوحة اسمًا للمكسورة تحقيق ثبوت خبرها لتلك الجملة المؤولة بالمصدر، وأما تحقيق ثبوتها في نفسها فهو مدلول المفتوحة فلا يلزم اجتماع حر في التحقيق في مادة واحدة قطعًا، وإنما لم يجز أن يقال: ان أن زيدًا قائم حق مع اختلاف المناط بل شرطوا الفصل بالخبر كقولنا: إن عندي أن زيدًا قائم حق للتجافي عن صورة الاجتماع، والواو العاطفة وإن كانت نائبة عن المكسورة التي يمتنع دخولها على المفتوحة بلا فصل وقائمة مقامها في إفضاء معناها وإجراء أحكامها على مدخولها لكنها حيث لم تكن حرفًا موضوعًا للتحقيق لم يلزم من دخولها اجتماع حر في التحقيق أصلًا.
فالمعنى إن لك عدم الجوع وعدم العرى وعدم الظمأ خلا أنه لم يقتصر على بيان أن الثابت له عدم الظمأ والضحو مطلقًا كما فعل مثله في المعطوف عليه بل قصد بيان أن الثابت له تحقيق عدمهما فوضع موضع الحرف المصدري المحض أن المفيدة له كأنه قيل: إن لك فيها عدم ظمئك على التحقيق انتهى.
ويحتاج عليه إلى بيان النكتة في عدم الاقتصار على بيان أن الثابت له عدم الظمأ مطلقًا كما فعل مثله في المعطوف عليه فتأمل ولا تغفل.
وقيل: إن الواو وإن كانت نائبة عن إن هنا إلا أنه يلاحظ بعدها {لَكَ} الموجود بعد أن التي نابت عنها فيكون هناك فاصل ولا يمتنع الدخول معه وهو كما ترى، ولا يخفى عليك أن العطف على قراءة الكسر على أن الأولى مع معموليها لا على اسمها ولا كلام في ذلك.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال