سورة طه / الآية رقم 123 / تفسير تفسير البقاعي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

فَتَعَالَى اللَّهُ المَلِكُ الحَقُّ وَلاَ تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِن قَبْلِ أَن يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْماً وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَّكَ وَلِزَوْجِكَ فَلاَ يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الجَنَّةِ فَتَشْقَى إِنَّ لَكَ أَلاَّ تَجُوعَ فِيهَا وَلاَ تَعْرَى وَأَنَّكَ لاَ تَظْمَأُ فِيهَا وَلاَ تَضْحَى فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الخُلْدِ وَمُلْكٍ لاَّ يَبْلَى فَأَكَلا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْءَاتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الجَنَّةِ وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعاً بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلاَ يَضِلُّ وَلاَ يَشْقَى وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ أَعْمَى قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيراً

طهطهطهطهطهطهطهطهطهطهطهطهطهطهطه




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


ولما كانت دور الملوك لا تحتمل مثل ذلك، وكان قد قدم سبحانه عنايته بآدم عليه السلام اهتماماً به، وكان الخبر عن زوجه وعن إبليس لم يذكر، فكانت نفس السامع لم تسكن عن تشوفها إلى سماع بقية الخبر، أجاب عن ذلك بأنه أهبط من داره المقدسة الحامل على المخالفة والمحمول وإن كان قد هيأه بالاجتباء لها، فقال على طريق الاستئناف: {قال} أي الرب الذي انتهكت حرمة داره: {اهبطا منها} أيها الفريقان: آدم وتبعه، وإبليس {جميعاً}.
ولما كان السياق لوقوع النسيان وانحلال العزم بعد أكيد العهد، حرك العزم وبعث الهم بإيقاع العداوة التي تنشأ عنها المغالبة، فتبعث الهمم وتثير العزائم، فقال في جواب من كأنه قال: على أيّ حال يكون الهبوط: {بعضكم لبعض عدو} وهو صادق بعداوة كل من الفريقين للفريق الآخر: فريق إبليس- الذين هم الجن- بالإضلال، وفريق الإنس بالاحتراز منهم بالتعاويذ والرقى وغير ذلك، وبعداوة بعض كل فريق لبعضه {فإما} أي فتسبب عن ذلك العلم بأنه لا قدرة لأحد منكم على التحرز من عدوه إلا بي ولا حرز لكم من قبلي إلا اتباع أمري، فإما {يأتينكم} أي أيها الجماعة الذين هم أضلّ ذوي الشهوات من المكلفين {مني هدى} تحترزون به عن استهواء العدو واستزلاله {فمن اتبع} عبر بصيغة افتعل التي فيها تكلف وتتميم للتبع الناشئ عن شدة الاهتمام {هداي} الذي أسعفته به من أوامر الكتاب والرسول المؤيد بدلالة العقل، وللتعبير بصيغة افتعل قال: {فلا يضل} أي بسبب ذلك، عن طريق السداد في الدنيا ولا في الآخرة أصلاً {ولا يشقى} أي في شيء من سعيه في واحدة منهما، فإن الشقاء عقاب الضلال، ويلزم من نفيه نفي الخوف والحزن بخلاف العكس، فهو أبلغ مما في البقرة، فإن المدعو إليه في تلك مطلق العبادة، والمقام في هذه للخشية والبعث على الجد بالعداوة {إلا تذكرة لمن يخشى} وللإقبال على الذكر {من أعرض عنه فإنه يحمل يوم القيامة وزراً} والتحفظ من المخالفة ولو بالنسيان {فنسي ولم نجد له عزماً}. قال الرازي في اللوامع: والشقاء: فراق العبد من الله، والسعادة وصوله إليه؛ وقال الأصبهاني عن ابن عباس رضي الله عنهما: ضمن الله عز وجل لمن اتبع القرآن أن لا يضل في الدنيا ولا يشقى في الآخرة {ومن أعرض} أي فعل دون فعل الرضيع بتعمد الترك لما ينفعه بالمجاورة {عن ذكري} الذي هو الهدى {فإن له} ضد ذلك {معيشة} حقرها سبحانه بالتأنيث ثم وصفها بأفظع وصف وهو مصدر يستوي فيه المذكر والمؤنث والجمع وغيره فقال: {ضنكاً} أي ذات ضنك أي ضيق، لكونه على ضلال وإن رأى أن حاله على غير ذلك في السعة والراحة، فإن ضلاله لا بد أن يرديه، فهو ضنك لكونه سبباً للضيق وآئلاً إليه، من تسمية السبب باسم المسبب، مع أن المعرض عن الله لا يشبع ولا يضل إلى أن يقنع، مستولٍ عليه الحرص الذي لا يزال أن يطيح ببال من يريد الازدياد من الدنيا، مسلط عليه الشح الذي يقبض يده عن الانفاق، عن مناوأة الخصوم، وتعاقب الهموم، مع أنه لا يرجو ثواباً، ولا يأمن عقاباً، فهو لذلك في أضيق الضيق، لا يزال همه أكبر من وجده «لو كان لابن آدم واد من ذهب لابتغى إليه ثانياً، ولو أن له واديين لا بتغى لهما ثالثاً، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب، ويتوب الله على من تاب» متفق عليه عن أنس رضي الله عنه، وهكذا حال من أتبع نفسه هواها، وأما المقبل على الذكر بكليته فهو قانع راض بما هو فيه، مستكثر من ذكر الله الشارح للصدور الجالي للقلوب فهو أوسع سعة، فلا تغتر بالصور وانظر إلى المعاني.
ولما ذكر حاله في الدنيا، أتبعه قوله: {ونحشره يوم القيامة أعمى} وكان ذلك في بعض أوقات ذلك اليوم، قال ابن عباس رضي الله عنهما: إذا خرج من القبر خرج بصيراً، فإذا سيق إلى المحشر عمي، أو يكون ذلك- وهو أقرب مفهوم العبارة- في بعض أهل الضلال ليجتمع مع قوله: {أسمع بهم وأبصر يوم يأتوننا} [مريم: 38] وحديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما في الصحيح من هذا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الظلم ظلمات يوم القيامة» ثم استأنف قوله: {قال} مذكراً بالنعمة السابقة استعطافاً لأن من شأن مسلف نعمة أن يربيها وإن قصر المنعم عليه، وغاية ذلك إنما يكون مهما بقي للصلح موضع: {رب} أي أيها المحسن إليّ المسبغ نعمه عليّ {لم حشرتني} في هذا اليوم {أعمى وقد كنت} أي في الدنيا، أو في أول هذا اليوم {بصيراً} فكأنه قيل: بم أجيب؟ فقيل: {قال} له ربه: {كذلك} أي مثل هذا الفعل الشنيع فعلت في الدنيا، والمعنى: مثل ما قلت كان؛ ثم فسر على الأول، وعلل على الثاني، فقال: {أتتك آياتنا} على عظمتها التي هي من عظمتنا {فنسيتها} أي فعاملتها بإعراضك عنها معامله المنسي الذي لا يبصره صاحبه، فقد جعلت نفسك أعمى البصر والبصيرة عنها، كما قال تعالى: {الذين كانت أعينهم في غطاء عن ذكري} [الكهف: 101] {وكذلك} أي ومثل ذلك النسيان الفظيع، وقدم الظرف ليسد سوقه للمظروف ويعظم اختباره لفهمه فقال: {اليوم تنسى} أي تترك على ما أنت عليه بالعمى والشقاء بالنار، فتكون كالشيء الذي لا يبصره أحد ولا يلتفت إليه {وكذلك} أي ومثل ذلك الجزاء الشديد {نجزي من أسرف} في متابعة هواه فتكبر عن متابعة أوامرنا {ولم يؤمن بآيات ربه} فكفر إحسانه إما بالتكذيب وإما بفعله فعل المكذب.
ولما ذكر أن هذا الضال كان في الدنيا معذباً بالضنك، وذكر بعض ما له في الآخرة، قال مقسماً لما له من التكذيب: {ولعذاب الآخرة} بأيّ نوع كان {أشد} من عذاب الدنيا {وأبقى} منه، فإن الدنيا دار زوال، وموضع قلعة وارتحال.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال