سورة الأنبياء / الآية رقم 3 / تفسير تفسير ابن كثير / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُّعْرِضُونَ مَا يَأْتِيهِم مِّن ذِكْرٍ مِّن رَّبِّهِم مُّحْدَثٍ إِلاَّ اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ لاهِيَةً قُلُوبُهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا هَلْ هَذَا إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ قَالَ رَبِّي يَعْلَمُ القَوْلَ فِي السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَهُوَ السَّمِيعُ العَلِيمُ بَلْ قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلامٍ بَلِ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ شَاعِرٌ فَلْيَأْتِنَا بِآيَةٍ كَمَا أُرْسِلَ الأَوَّلُونَ مَا آمَنَتْ قَبْلَهُم مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَفَهُمْ يُؤْمِنُونَ وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ وَمَا جَعَلْنَاهُمْ جَسَداًّ لاَّ يَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَمَا كَانُوا خَالِدِينَ ثُمَّ صَدَقْنَاهُمُ الوَعْدَ فَأَنجَيْنَاهُمْ وَمَن نَّشَاءُ وَأَهْلَكْنَا المُسْرِفِينَ لَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَاباً فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ

الأنبياءالأنبياءالأنبياءالأنبياءالأنبياءالأنبياءالأنبياءالأنبياءالأنبياءالأنبياءالأنبياءالأنبياءالأنبياءالأنبياءالأنبياء




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ (1) مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ (2) لاهِيَةً قُلُوبُهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا هَلْ هَذَا إِلا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ (3) قَالَ رَبِّي يَعْلَمُ الْقَوْلَ فِي السَّمَاءِ وَالأرْضِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (4) بَلْ قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلامٍ بَلِ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ شَاعِرٌ فَلْيَأْتِنَا بِآيَةٍ كَمَا أُرْسِلَ الأوَّلُونَ (5) مَا آمَنَتْ قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَفَهُمْ يُؤْمِنُونَ (6)}
هذا تنبيه من الله، عز وجل، على اقتراب الساعة ودنوها، وأن الناس في غفلة عنها، أي: لا يعملون لها، ولا يستعدون من أجلها.
وقال النسائي: حدثنا أحمد بن نصر، حدثنا هشام بن عبد الملك أبو الوليد الطيالسي، حدثنا أبو معاوية، حدثنا الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي سعيد، عن النبي صلى الله عليه وسلم {فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ} قال: «في الدنيا»، وقال تعالى: {أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ} [النحل: 1]، وقال تعالى: {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ * وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ} [القمر: 1، 2]
وقد روى الحافظ ابن عساكر في ترجمة الحسن بن هانئ أبي نُوَاس الشاعر أنه قال: أشعر الناس الشيخ الطاهر أبو العتاهية حيث يقول:
النَّاس في غَفَلاتِهِمْ *** وَرَحا المِنيَّة تَطْحَنُ
فقيل له: من أين أخذ هذا؟ قال: من قوله تعالى: {اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ}.
وروى في ترجمة عامر بن ربيعة، من طريق موسى بن عبيدة الآمدي، عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه، عن عامر ابن ربيعة: أنه نزل به رجل من العرب، فأكرم عامر مثواه، وكلّم فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجاءه الرجل فقال: إني استقطعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم واديًا في العرب، وقد أردت أن أقطعَ لك منه قطعة تكون لك ولعقبك من بعدك. فقال عامر: لا حاجة لي في قطيعتك، نزلت اليوم سورة أذهلتنا عن الدنيا: {اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ}.
ثم أخبر تعالى أنهم لا يُصغون إلى الوحي الذي أنزل الله على رسوله، والخطاب مع قريش ومن شابههم من الكفار، فقال: {مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ} أي: جديد إنزاله {إِلا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ} كما قال ابن عباس: ما لكم تسألون أهل الكتاب عما بأيديهم وقد حَرفوه وبدلوه وزادوا فيه ونقصوا منه، وكتابكم أحدث الكتب بالله تقرءونه محضًا لم يشب.
ورواه البخاري بنحوه.
وقوله: {وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا} أي: قائلين فيما بينهم خفْيَةً {هَلْ هَذَا إِلا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ} يعنونَ رسول الله صلى الله عليه وسلم، يستبعدون كونه نبيًا؛ لأنه بَشَرٌ مثلهم، فكيف اختص بالوحي دونهم؛ ولهذا قال: {أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ}؟ أي: أفتتبعونه فتكونون كمن أتى السحر وهو يعلم أنه سحر. فقال تعالى مجيبًا لهم عما افتروه واختلقوه من الكذب.
{قَالَ رَبِّي يَعْلَمُ الْقَوْلَ فِي السَّمَاءِ وَالأرْضِ} أي: الذي يعلم ذلك، لا يخفى عليه خافية، وهو الذي أنزل هذا القرآن المشتمل على خبر الأولين والآخرين، الذي لا يستطيع أحد أن يأتي بمثله، إلا الذي يعلم السر في السموات والأرض.
وقوله: {وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} أي: السميع لأقوالكم، {الْعَلِيم} بأحوالكم. وفي هذا تهديد لهم ووعيد.
وقوله: {بَلْ قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلامٍ بَلِ افْتَرَاهُ} هذا إخبار عن تعنت الكفار وإلحادهم، واختلافهم فيما يصفون به القرآن، وحيرتهم فيه، وضلالهم عنه. فتارة يجعلونه سحرًا، وتارة يجعلونه شعرًا، وتارة يجعلونه أضغاث أحلام، وتارة يجعلونه مفتري، كما قال: {انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الأمْثَالَ فَضَلُّوا فَلا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلا} [الإسراء: 48، والفرقان: 9].
وقوله: {فَلْيَأْتِنَا بِآيَةٍ كَمَا أُرْسِلَ الأوَّلُونَ}: يعنون ناقة صالح، وآيات موسى وعيسى. وقد قال الله تعالى: {وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالآيَاتِ إِلا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الأوَّلُونَ وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِهَا} الآية [الإسراء: 59]؛ ولهذا قال تعالى: {مَا آمَنَتْ قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَفَهُمْ يُؤْمِنُونَ} أي: ما آتينا قرية من القرى الذين بعث فيهم الرسل آية على يَدَيْ نبيها فآمنوا بها، بل كذبوا، فأهلكناهم بذلك، أفهؤلاء يؤمنون بالآيات لو رَأَوْها دون أولئك؟ كلا بل {إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الألِيمَ} [يونس: 96، 97].
هذا كله، وقد شاهدوا من الآيات الباهرات، والحجج القاطعات، والدلائل البينات، على يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ما هو أظهر وأجلى، وأبهر وأقطع وأقهر، مما شُوهِدَ مع غيره من الأنبياء، صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.
قال ابن أبي حاتم، رحمه الله: ذكر عن زيد بن الحباب، حدثنا ابن لَهِيعة، حدثنا الحارث بن زيد الحضرمي، عن علي بن رباح اللخمي، حدثني من شهد عبادة بن الصامت، يقول: كنا في المسجد ومعنا أبو بكر الصديق، رضي الله عنه، يُقْرِئُ بعضنا بعضا القرآن، فجاء عبد الله بن أبي بن سلول، ومعه نُمْرُقة وزِرْبِيّة، فوضع واتكأ، وكان صبيحًا فصيحًا جدلا فقال: يا أبا بكر، قل لمحمد يأتينا بآية كما جاء الأولون؟ جاء موسى بالألواح، وجاء داود بالزبور، وجاء صالح بالناقة، وجاء عيسى بالإنجيل وبالمائدة. فبكى أبو بكر، رضي الله عنه، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال أبو بكر: قوموا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم نستغيث به من هذا المنافق. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنه لا يقام لي، إنما يقام لله عز وجل». فقلنا: يا رسول الله، إنا لقينا من هذا المنافق. فقال: «إن جبريل قال لي: اخرج فأخبر بنعم الله التي أنعم بها عليك، وفضيلته التي فُضِّلت بها، فبشرني أني بعثت إلى الأحمر والأسود، وأمرني أن أنذر الجن، وآتاني كتابه وأنا أمّي، وغفر ذنبي ما تقدم وما تأخر، وذكر اسمي في الأذان وأيدني بالملائكة، وآتاني النصر، وجعل الرعب أمامي، وآتاني الكوثر، وجعل حوضي من أعظم الحياض يوم القيامة، ووعدني المقام المحمود والناس مهطعون مقنعو رءوسهم، وجعلني في أول زمرة تخرج من الناس، وأدخل في شفاعتي سبعين ألفًا من أمتي الجنة بغير حساب وآتاني السلطان والملك، وجعلني في أعلى غرفة في الجنة في جنات النعيم، فليس فوقي أحد إلا الملائكة الذين يحملون العرش، وأحل لي الغنائم، ولم تحل لأحد كان قبلنا». وهذا الحديث غريب جدًا.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال