سورة البقرة / الآية رقم 243 / تفسير تفسير ابن عجيبة / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَاناً فَإِذَا أَمِنتُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَمَا عَلَّمَكُم مَّا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً وَصِيَّةً لأَزْوَاجِهِم مَّتَاعاً إِلَى الحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِي مَا فَعَلْنَ فِي أَنفُسِهِنَّ مِن مَّعْرُوفٍ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقاًّ عَلَى المُتَّقِينَ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِن دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ المَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْيَاهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَشْكُرُونَ وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ مَن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافاً كَثِيرَةً وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ

البقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرة




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


قلت: الاستفهام للتعجب والتشويق، والرؤية قلبية، والواو للحال، و{حَذَرَ} مفعول من أجله.
يقول الحقّ جلّ جلاله: ألم تنظر يا محمد، بعين الفكر والاعتبار، {إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف} عشرة، أو ثلاثون، أو أربعون، أو سبعون، حذراً من {الموت} في زمن الطاعون.
وكانوا في قرية يقال لها: (داوردان) فلما وقع بها الطاعون، خرجت طائفة هاربين، وبقيت أخرى، فهلك أكثر من بقي، وسلم الخارجون، ثم رجعوا، فقال الباقون: لو صنعنا مثلهم لبقينا، لئن أصابنا الطاعون مرة ثانية لخرجنا، فأصابهم من قابل، فهربوا كلهم، ونزلوا وادياً أفيح، فناداهم ملك من أسفل الوادي، وآخر من أعلاه، أن: موتوا، فماتوا كلهم أجمعون، ومرت عليهم مدة ثمانية أيام أو أكثر حتى انتفخوا، وقيل: صاروا عظاماً، فمرَّ عليهم نبيّ الله (حزقيل)، فدعا الله تعالى، واستشفع فيهم، فأحياهم الله، وعاشوا دهراً، عليهم سيما الموت؛ لا يلبسون ثوباً إلا عاد كالكفن، واستمر في أسباطهم. اهـ.
قال الأصمعي: لما وقع الطاعون بالبصرة، خرج رجل منها على حمار معه أهله، وله عبد يسوق حماره، فأنشأ العبد يقول:
لن يُسبَقَ اللّهُ على حِمار *** ولا على ذي مَشعَةٍ طَيّار
قَدْ يُسبحُ الله أمَامَ السارِي ***
فرجع الرجل بعياله.
والآية تدل على أن الفرار من الطاعون حرام في تلك الشريعة، كما حرم في شرعنا، وروى عبد الرحمن بن عوف أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «إِذَا سَمِعْتُمْ هذا الوباء بِبلد فَلاَ تَقْدُمُوا عَلَيْهِ، وإذَا وَقَعَ بِبلد وَأَنْتُمْ فيه فَلاَ تَخْرُجُوا مِنْهُ».
قلت: وقد اختلف الأئمة في حكم الفرار والقدوم: فمنهم من شهر المنع فيهما تمسكاً بظاهر الحديث، ومنهم من شهر الكراهة، والمختار في الفرار: التحريم، وفي القدوم: التفصيل، فمن قوي يقينه، وصفا توحيده، حَلَّ له القدوم، ومن ضعف يقينه، بحيث إذا أصابه شيء نسب التأثير لغير الله حرم عليه القدوم.
وفي حديث عائشة- رضي الله عنها- قلت: يا رسول الله، ما الطاعون؟ قال: «غدة كغدة البعير، المقيم فيه كالشهيد، والفارُّ منه كالفار من الزحْف» قال ابن حجر: كون المقيم فيه له أجر شهيد إنما بشرط أن يعلم أنه لا يصيبه إلا ما كتب الله له، وأن يسلم إليه أمره ويرضى بقضائه، وأن يبقى في مكانه ولا يخرج منه بقصد الفرار، فإذا اتصف الجالس بهذه القيود حصل له أجر الشهادة، ودخل تحته ثلاث صور، الأولى: من اتصف بذلك فوقع له الطاعون ومات فهو شهيد. والثانية: من وقع به ولم يمت به فهو شهيد وإن مات بعد ذلك. والثالثة: من لم يقع به أصلاً ومات بغيره عاجلاً أو آجلاً فهو شهيد، إذا حصلت فيه القيود الثلاثة، ومن لم يتصف بالقيود الثلاثة فليس بشهيد، ولو مات بالطاعون، والله أعلم.
وأما القدوم من بلد الطاعون إلى البلد السالمة منه فجائز. ولا يُمنع من الدخول، قاله الباجي وابن حجر والحطاب وغيرهم لقوله- عليه الصلاة والسلام-: «لاَ عَدْوَى وَلاَ طِيَرَةَ» وأما قوله عليه الصلاة والسلام: «فِرَّ مِنَ المَجْذُومِ فِرَارَكَ مِنَ الأَسَدِ» وقوله: «لاَ يُرد مُمْرِضٌ عَلَى مُصِحٍّ» فهو محمول على حسم المادة، وسد الذريعة؛ لئلا يحدث للمخالط شيء من ذلك، فيظنه بسبب المخالطة، فيثبت العدوى التي نفاها الشارع، هذا المختار في الجمع بين الحديثين. والله تعالى أعلم. وإنما أطلت في المسألة لِمَسْ الحاجة؛ لأن التأليف وقع في زمن الوباء، حفظنا الله من وبالها.
وقيل: إن الذين خرجوا من ديارهم قوم من بني إسرائيل، أُمروا بالجهاد، فخافوا الموت بالقتل في الجهاد، فخرجوا من ديارهم فراراً من ذلك، فأماتهم الله؛ ليعرفهم أنهم لا ينجيهم من الموت شيء، ثم أحياهم؛ وأمرهم بالجهاد، بقوله: {وقاتلوا في سبيل الله} الآية. وقوله تعالى: {إن الله لذو فضل على الناس}؛ حيث أنزل بهم رحمته، ففروا منها، ولم يعاقبهم، حيث أحياهم بعد موتهم، {ولكن أكثر الناس لا يشكرون} إذ لا يفهم النعم في طي النقم إلا القليل، فيشكروا الله في السراء والضراء.
الإشارة: ألم تر أيها السامع إلى الذين خرجوا من ديار عوائدهم وأوطان شهواتهم، وهم جماعة أهل التجريد، القاصدين إلى صفاء التوحيد، الغرق في بحر التفريد، حذراً من موت أرواحهم بالجهل والفَرْقِ، فاصطفاهم الله لحضرته، وجذبهم إلى مشاهدة ذاته، فقال لهم الله: موتوا عن حظوظكم، وغيبوا عن وجودكم، فلما ماتوا عن حظوظهم، وغابوا عن وجودهم، أحياهم الله بالعلم والمعرفة، {إن الله لذو فضل على الناس} حيث فتح لهم باب السلوك، وهيأهم لمعرفة ملك الملوك، {ولكن أكثر الناس لا يشكرون} حيث تجلّى لهم، وعرَّفهم به، وهم لا يشعرون، إلا من فتح الله بصيرتهم، وقليل ما هم.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال