سورة الأنبياء / الآية رقم 107 / تفسير تفسير ابن كثير / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

لاَ يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنفُسُهُمْ خَالِدُونَ لاَ يَحْزُنُهُمُ الفَزَعُ الأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ المَلائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ إِنَّ فِي هَذَا لَبَلاغاً لِّقَوْمٍ عَابِدِينَ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ قُلْ إِنَّمَا يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَهَلْ أَنتُم مُّسْلِمُونَ فَإِن تَوَلَّوْا فَقُلْ آذَنتُكُمْ عَلَى سَوَاءٍ وَإِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ أَم بَعِيدٌ مَّا تُوعَدُونَ إِنَّهُ يَعْلَمُ الجَهْرَ مِنَ القَوْلِ وَيَعْلَمُ مَا تَكْتُمُونَ وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَّكُمْ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ قَالَ رَبِّ احْكُم بِالْحَقِّ وَرَبُّنَا الرَّحْمَنُ المُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ

الأنبياءالأنبياءالأنبياءالأنبياءالأنبياءالأنبياءالأنبياءالأنبياءالأنبياءالأنبياءالأنبياءالأنبياءالأنبياءالأنبياءالحج




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ (105) إِنَّ فِي هَذَا لَبَلاغًا لِقَوْمٍ عَابِدِينَ (106) وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ (107)}.
يقول تعالى مخبرا عما حتمه وقضاه لعباده الصالحين، من السعادة في الدنيا والآخرة، ووراثة الأرض في الدنيا والآخرة، كقوله تعالى: {إِنَّ الأرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} [الأعراف: 128]. وقال: {إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأشْهَادُ} [غافر: 51]. وقال: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا}، الآية [النور: 55]. وأخبر تعالى أن هذا مكتوب مسطور في الكتب الشرعية والقدرية فهو كائن لا محالة؛ ولهذا قال تعالى: {وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ}، قال الأعمش: سألت سعيد بن جُبَير عن قوله تعالى: {وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ} فقال الزبور: التوراة، والإنجيل، والقرآن.
وقال مجاهد: الزبور: الكتاب.
وقال ابن عباس، والشعبي، والحسن، وقتادة، وغير واحد: الزبور: الذي أنزل على داود، والذكر: التوراة، وعن ابن عباس: الزبور: القرآن.
وقال سعيد بن جُبَير: الذكر: الذي في السماء.
وقال مجاهد: الزبور: الكتبُ بعد الذكر، والذكر: أمّ الكتاب عند الله.
واختار ذلك ابن جرير رحمه الله، وكذا قال زيد بن أسلم: هو الكتاب الأول.
وقال الثوري: هو اللوح المحفوظ.
وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: الزبور: الكتب التي نزلت على الأنبياء، والذكر: أم الكتاب الذي يكتب فيه الأشياء قبل ذلك.
وقال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: أخبر الله سبحانه في التوراة والزبور وسابق علمه قبل أن تكون السموات والأرض، أن يُورثَ أمةَ محمد صلى الله عليه وسلم الأرض ويدخلهم الجنة، وهم الصالحون.
وقال مجاهد، عن ابن عباس: {أَنَّ الأرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ} قال: أرض الجنة.
وكذا قال أبو العالية، ومجاهد، وسعيد بن جُبَير، والشعبي، وقتادة، والسدي، وأبو صالح، والربيع بن أنس، والثوري رحمهم الله تعالى.
وقوله: {إِنَّ فِي هَذَا لَبَلاغًا لِقَوْمٍ عَابِدِينَ} أي: إن في هذا القرآن الذي أنزلناه على عبدنا محمد صلى الله عليه وسلم لبَلاغًا: لمَنْفعةَ وكفاية لقوم عابدين، وهم الذين عبدوا الله بما شرعه وأحبه ورضيه، وآثروا طاعة الله على طاعة الشيطان وشهوات أنفسهم.
وقوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ}: يخبر تعالى أن الله جَعَل محمدًا صلى الله عليه وسلم رحمة للعالمين، أي: أرسله رحمة لهم كلّهم، فمن قَبِل هذه الرحمةَ وشكَر هذه النعمةَ، سَعد في الدنيا والآخرة، ومن رَدّها وجحدها خسر في الدنيا والآخرة، كما قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ الْقَرَارُ} [إبراهيم: 28، 29]، وقال الله تعالى في صفة القرآن: {قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ} [فصلت: 44].
وقال مسلم في صحيحه: حدثنا ابن أبي عمر، حدثنا مروان الفَزَاريّ، عن يزيد بن كَيْسَان، عن ابن أبي حازم، عن أبي هريرة قال: قيل: يا رسول الله، ادع على المشركين، قال: «إني لم أبعَثْ لَعَّانًا، وإنما بُعثْتُ رحمة». انفرد بإخراجه مسلم.
وفي الحديث الآخر: «إنما أنا رحمة مهداة». رواه عبد الله بن أبي عرابة، وغيره، عن وَكِيع، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة مرفوعا. قال إبراهيم الحربي: وقد رواه غيره عن وكيع، فلم يذكر أبا هريرة.
وكذا قال البخاري، وقد سئل عن هذا الحديث، فقال: كان عند حفص بن غياث مرسلا.
قال الحافظ ابن عساكر: وقد رواه مالك بن سُعَير بن الْخِمْس، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة مرفوعا. ثم ساقه من طريق أبي بكر بن المقرئ وأبي أحمد الحاكم، كلاهما عن بكر بن محمد بن إبراهيم الصوفي: حدثنا إبراهيم بن سعيد الجوهري، عن أبي أسامة، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنما أنا رحمة مهداة».
ثم أورده من طريق الصَّلْت بن مسعود، عن سفيان بن عيينة، عن مِسْعَر، عن سعيد بن خالد، عن رجل، عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله بعثني رحمة مهداة، بُعثْتُ برفع قوم وخفض آخرين».
قال أبو القاسم الطبراني: حدثنا أحمد بن محمد بن نافع الطحان، حدثنا أحمد بن صالح قال: وجدت كتابًا بالمدينة عن عبد العزيز الدّراوردي وإبراهيم بن محمد بن عبد العزيز بن عمر بن عبد الرحمن بن عوف، عن محمد بن صالح التمار، عن ابن شهاب عن محمد بن جُبَير بن مطعم، عن أبيه قال: قال أبو جهل حين قدم مكة منصرفة عن حَمْزَة: يا معشر قريش، إن محمدًا نزل يثرب وأرسل طلائعه، وإنما يريد أن يصيب منكم شيئا، فاحذروا أن تمروا طريقَه أو تقاربوه، فإنه كالأسد الضاري؛ إنه حَنِق عليكم؛ لأنكم نفيتموه نفي القِرْدَان عن المناسم، والله إن له لَسحْرَةً، ما رأيته قط ولا أحدًا من أصحابه إلا رأيت معهم الشيطان، وإنكم قد عرفتم عداوة ابني قَيلَةَ- يعني: الأوس والخزرج- لهو عدو استعان بعدو، فقال له مطعم بن عدي: يا أبا الحكم، والله ما رأيتُ أحدًا أصدقَ لسانًا، ولا أصدق موعدًا، من أخيكم الذي طردتم، وإذ فعلتم الذي فعلتم فكونوا أكف الناس عنه. قال أبو سفيان بن الحارث: كونوا أشدّ ما كنتم عليه، إن ابني قيلَةَ إن ظفَرُوا بكم لم يرْقُبوا فيكم إلا ولا ذمة، وإن أطعتموني ألجأتموهم خير كنابة، أو تخرجوا محمدًا من بين ظهرانيهم، فيكون وحيدا مطرودا، وأما ابنا قَيْلة فوالله ما هما وأهل دهلك في المذلة إلا سواء وسأكفيكم حدهم، وقال:
سَأمْنَحُ جَانبًا منّي غَليظًا *** عَلَى مَا كَانَ مِنْ قُرب وَبُعْد
رجَالُ الخَزْرَجيَّة أهْلُ ذُل *** إذا مَا كَانَ هَزْل بَعْدَ جد
فبلغ ذلك رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فقال: «والذي نفسي بيده، لأقتلنهم ولأصلبَنَّهم ولأهدينهم وهم كارهون، إني رحمة بعثني الله، ولا يَتَوفَّاني حتى يظهر الله دينه، لي خمسة أسماء: أنا محمد، وأحمد، وأنا الماحي الذي يمحي الله بي الكفر، وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدمي، وأنا العاقب».
وقال أحمد بن صالح: أرجو أن يكون الحديث صحيحًا.
وقال الإمامُ أحمد: حدثنا معاوية بن عمرو، حدثنا زائدة، حدثني عَمْرو بن قَيس، عن عمرو بن أبي قُرّة الكِنْديّ قال: كان حُذيفةُ بالمدائن، فكان يذكر أشياء قالها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فجاء حذيفةُ إلى سَلْمان فقال سلمان: يا حذيفةَ، إنّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم كان يغضب فيقول، ويرضى فيقول: لقد علمت أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم خطَب فقال: «أيما رجل من أمتي سَبَبتُه سَبَّةً في غَضَبي أو لعنته لعنةً، فإنما أنا رجل من ولد آدم، أغضب كما يغضبون، وإنما بعثني رحمةً للعالمين، فاجعلها صلاة عليه يوم القيامة».
ورواه أبو داود، عن أحمد بن يونس، عن زائدة.
فإن قيل: فأيّ رحمة حصلت لمن كَفَر به؟ فالجواب ما رواه أبو جعفر بن جرير: حدثنا إسحاق بن شاهين، حدثنا إسحاق الأزرق، عن المسعودي، عن رجل يقال له: سعيد، عن سعيد بن جُبَير، عن ابن عباس في قوله: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} قال: من آمن بالله واليوم الآخر، كُتِبَ له الرحمة في الدنيا والآخرة، ومن لم يؤمن بالله ورسوله عُوِفي مما أصاب الأمم من الخسف والقذف.
وهكذا رواه ابن أبي حاتم، من حديث المسعودي، عن أبي سعد- وهو سعيد بن المرزبان البقّال- عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، فذكره بنحوه، والله أعلم.
وقد رواه أبو القاسمُ الطبراني عن عبدان بن أحمد، عن عيسى بن يونس الرَمْلِي، عن أيوب ابن سُوَيد، عن المسعودي، عن حبيب بن أبي ثابت، عن سعيد بن جُبَير، عن ابن عباس: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} قال: من تبعه كان له رحمة في الدنيا والآخرة، ومن لم يتبعه عُوفِي مما كان يبتلى به سائر الأمم من الخسف والقذف.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال