سورة الحج / الآية رقم 26 / تفسير تفسير ابن عجيبة / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ القَوْلِ وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الحَمِيدِ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ الحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً العَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُّذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ وَإِذْ بَوَّأْنَا لإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ البَيْتِ أَن لاَّ تُشْرِكْ بِي شَيْئاً وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا البَائِسَ الفَقِيرَ ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ العَتِيقِ ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ عِندَ رَبِّهِ وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الأَنْعَامُ إِلاَّ مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ

الحجالحجالحجالحجالحجالحجالحجالحجالحجالحجالحجالحجالحجالحجالحج




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


قلت: خبر {إن}: محذوف، يدل عليه ما بعده، أي: الذين كفروا نذيقهم من عذاب أليم؛ لأنه إذا كان الملحِدُ في الحرم مُعَدَّبًا فالجامع بين الكفر والصد أَولى. ومن رفع {سواء} جعله خبرًا مقدمًا. و{العاكف}: مبتدأ. ومن نصبه: جعله مفعولَ {جعل}، و{العاكف} فاعل به.
يقول الحقّ جلّ جلاله: {إِن الذين كفروا ويَصدون} الناس {عن سبيل الله}، أي: واستمروا على الصد، ولذلك حسن عطفه على الماضي، {و} يصدون أيضًا عن {المسجد الحرام} والدخول فيه، كأهل مكة مع المسلمين، {الذي جعلناه للناس} أي: مقامًا ومسكنًا للناس، كائنًا من كان، لا فرق فيه بين مكي وآفاقي، وضعيف وقوي، حاضر وباد. فإن أُريد بالمسجد الحرام مكة، ففيه دليل على أن دور مكة لا تُباع، وأن الناس فيها سواء، فيجوز للقادم أن ينزل منها حيث شاء، وليس لأحد فيها مِلك. وبه قال أبو حنيفة. وقال مالك وغيره: ليست الدور فيها كالمسجد، بل هي مُتَمَلَّكَةٌ. وإن أريد به البيت كان نصًا في إباحته لجميع المؤمنين. وهو مجمع عليه.
{سواءً العاكفُ فيه} أي: مستوٍ المقيم فيه {والباد}، أي: المسافر من أهل البادية، {من يُرِدْ فيه} أي: في المسجد، إحداث شيء {بإِلحادٍ} أي: بسبب ميل عن القصد، {بظُلم}، وهما حالان مترادفان، أي: ومن يرد فيه إحداث شيء؛ مائلاً عن الحق، ظالمًا فيه، {نذِقْهُ من عذابٍ أليم} في الآخرة. وكل من ارتكب فيه ذنبًا فهو كذلك.
{و} اذكر يا محمد {إِذْ بوّأنا}: حين هيأنا {لإبراهيم مكانَ البيت} وعيناه له، حتى بناه في مكانه مسامتًا للبيت المعمور، حيث كان بناه آدم عليه السلام، وقد كان رُفع إلى السماء الرابعة، أيام الطوفان، وكان من ياقوتة حمراء، فأعلم اللهُ إبراهيم مكانه، بريح أرسلها، يقال لها: الخَجُوح، فكنست مكان البيت، وقيل: سحابة على قدر البيت، وقيل: كلمته، وقالت له: ابنِ على قَدري. اهـ. فبناه على أساسه القديم، وفي ابن حجر: أنه جعل طوله في السماء تسعة أذرع، ودوره في الأرض ثلاثين ذراعًا بذراعه. وأدخل الحِجْر في البيت، وكان قبل ذلك لغنم إسماعيل. وبنى الحجارة بعضها على بعض، أي: بلا تراب، ولم يجعل له سقفًا، وحفر له بئرًا، عند بابه خزانة للبيت، يُلقي ما يهدى له. اهـ.
رُوِيَ أن الكعبة الشريفة بُنيت خمس مرات، إحداها: بنتها الملائكة، وكانت من ياقوتة حمراء، ثم رُفعت أيام الطوفان. والثانية: بناها إبراهيم عليه السلام، وقيل: إن جُرهم كانت بنتها قبله، ثم هدمت، ويدل عليه: التجاء عادٍ إليها، حين نزل بهم القحط. فأرسل الله عليهم الريح، وكان ذلك قبل إبراهيم عليه السلام، والثالثة: بنتها قريش، وقد حضرها رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل النبوة.
والرابعة: بناها ابن الزبير، والخامسة: الحجاج.
ثم قال تعالى: {أن لا تُشرك} أي: وقلنا له: ألا تشرك {بي شيئًا}، بل خلص عملك في بنائها وغيره، من شوائب حظ النفس، عاجلاً وآجلاً، لا طَمَعًا في جزاء، ولا خوفًا من عقوبة، بل محبة وشكرًا وعبودية. قال القشيري: أي: لا تلاحظ البيت ولا بنيانك. اهـ. وقيل: في الآية طعن على من أشرك من قُطَّان البيت، أي: هذا الشرط كان على أبيكم فمَنْ بعده وأنتم، فلم تقبلوه، بل أشركتم وصددتم وألحدتم، فاستحققتم التوبيخ والذم على سلوككم على غير طريق أبيكم.
{وطهِّرْ بيتيَ} من الأصنام والأقذار، {للطائفين} به {والقائمين} للصلاة فيه، أو المقيمين فيه، {والركَّع السجود} أي: المصلين، جمعًا من راكع وساجد. والله تعالى أعلم.
الإشارة: إن الذين كفروا بطريق الخصوصية، ويصدون الناس عن الدخول فيها، ويُعوقونهم عن مسجد الحضرة، الذي جعله للناس محلاً تسكن فيه قلوبهم، وتعشش فيه أرواحهم. فكل من قصده وباع نفسه وقلبه لله، وصله ودخله، وهو محل المشاهدة والمكالمة، والمساررة والمناجاة، محل شهود الحبيب والمساررة مع القريب، محل نزهة الأفكار في فضاء الشهود والاستبصار، فمن عاق عنها نُذقه من عذاب أليم. وقوله تعالى: {سواء العاكفُ فيه الباد}، قال القشيري: فيه إشارة إلى أن التفاوت إنما يكون في الطريق، وأما بعد الوصول، فلا تفاوت. ثم إذا اجتمعت النفوس، فالموضع الواحد مجمعها، ولكن لكلٍّ حالٌ يُعرف به. اهـ. قلت: مقام التوحيد الخاص، وهو الفناء، هو محل الاجتماع، وتتفاوت بعد ذلك أذواقهم ومواجيدهم، وازدياد كشوفاتهم وترقياتهم، تفاوتًا بعيدًا، على حسب التفرغ والانقطاع، والتأهب والاتباع، حسبما سبقت به القسمة الأزلية.
وقال الورتجبي، على قوله تعالى: {وإذ بوأنا...} الآية: هيأ لخليله وجميع أحبائه بيته، ودلَّه إلى ما فيه من الكرامات والآيات، وما ألبسه من أنوار حضرته؛ ليكون وسيلة لعبادته، ومرآة لأنوار آياته. اهـ. قلت: الإشارة بالبيت إلى القلب؛ لأنه بيت الرب، أي: هيأنا لإبراهيم مكان قلبه؛ لمشاهدة أسرار جبروتنا وأنوار ملكوتنا، ليكون من المُوقنين بشهود ذاتنا، وقلنا له: لا تشرك بنا شيئًا من السِّوى، ولا ترى معنا غيرنا، وطهِّر بيتي، الذي هو القلب، من الأغيار والأكدار، ليكون محلاً للطائفين به من الواردات والأنوار، والعاكفين فيه من المشاهدات والأسرار، والركع السجود من القلوب التي تواجهك بالتعظيم والانكسار، فإنَّ قلبَ العارف كعبة للواردات والأسرار، ومحل حج قلوب الصالحين والأبرار. وفي بعض الأثر: «يا داود؛ طهر لي بيتًا أسكنه، فقال: يا رب... وأيُّ بيت يسعك؟ فقال: لم يسعني أرضي ولا سمائي. ووسعني قلب عبدي المؤمن». وفيه عند أهل الحديث كلام. ووسعه للربوبية بالعلم والمعرفة الخاصة. والله تعالى أعلم.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال