سورة المؤمنون / الآية رقم 10 / تفسير التفسير القرآني للقرآن / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
قَدْ أَفْلَحَ المُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ العَادُونَ وَالَّذِينَ هُمْ لآمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ أُوْلَئِكَ هُمُ الوَارِثُونَ الَّذِينَ يَرِثُونَ الفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِن سُلالَةٍ مِّن طِينٍ ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا العَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا المُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا العِظَامَ لَحْماً ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الخَالِقِينَ ثُمَّ إِنَّكُم بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ تُبْعَثُونَ وَلَقَدْ خَلَقْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرَائِقَ وَمَا كُنَّا عَنِ الخَلْقِ غَافِلِينَ

المؤمنونالمؤمنونالمؤمنونالمؤمنونالمؤمنونالمؤمنونالمؤمنونالمؤمنونالمؤمنونالمؤمنونالمؤمنونالمؤمنونالمؤمنونالمؤمنونالمؤمنون




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ (2) وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ (3) وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكاةِ فاعِلُونَ (4) وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ (5) إِلاَّ عَلى أَزْواجِهِمْ أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (6) فَمَنِ ابْتَغى وَراءَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ العادُونَ (7) وَالَّذِينَ هُمْ لِأَماناتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ راعُونَ (8) وَالَّذِينَ هُمْ عَلى صَلَواتِهِمْ يُحافِظُونَ (9) أُولئِكَ هُمُ الْوارِثُونَ (10) الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيها خالِدُونَ (11)}.
التفسير:
يلتقى بدء هذه السورة مع خاتمة سورة الحج قبلها.. فقد ختمت سورة الحجّ، بهذا الخطاب العام للمؤمنين، الذين اصطفاهم اللّه واجتباهم، وقد تضمن هذا الخطاب دعوة إلى إقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة والاعتصام باللّه.. ثم ختم بقوله تعالى: {وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلى وَنِعْمَ النَّصِيرُ}.
وبدء سورة: المؤمنون بقوله تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ...} إلى آخر الآيات- هو استقبال كريم لهؤلاء المؤمنين الذين دعوا إلى اللّه، واستجابوا لدعوته، وآمنوا به.. فهؤلاء المؤمنون، قد أفلحوا، وفازوا برضوان اللّه.. وكان هذا الخبر من معجّل البشريات لهم في هذه الدنيا.
ومن صفات هؤلاء المؤمنين المفلحين، أنهم في صلاتهم خاشعون.. أي يؤدّون صلاتهم في خشوع، وخشية، وولاء.. إنها صلاة تفيض من قلب خاشع لجلال اللّه، راهب لعظمته، فكيان المؤمن كله، ووجدانه جميعه، وهو قائم في محراب الصلاة- مشتمل عليه هذا الجلال، مستولية عليه تلك الرهبة.
ومن أجل هذا كان لتلك الصلاة الخاشعة الضارعة أثرها العظيم، في إيقاظ مشاعر الخير في المصلين، وفى تصفية أنفسهم من وساوس السوء.. فهم لهذا:
{عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ} أي لا يقبلون اللّغو، ولا يتعاملون به.. فإذا نطقوا، نطقوا خيرا أو سكتوا، وإذا سمعوا، سمعوا حسنا أو انصرفوا.. إنهم- وقد صفت نفوسهم، وطهرت قلوبهم- ليعافون موارد اللّغو، من القول التافه، أو الحديث الباطل.
ثم هم {لِلزَّكاةِ فاعِلُونَ} أي يؤدون زكاة أموالهم، ويشاركون الفقراء والمحتاجين فيما رزقهم اللّه من فضله، فلا يضنّون بما في أيديهم، ولا يؤثرون أنفسهم بما معهم.
وفى التعبير عن أدائهم للزكاة، بأنهم فاعلون لها- إشارة إلى أن الزكاة ليست من نافلة الأعمال، التي تصدر عن غير وعى أو شعور من الإنسان، بل إنها شيء عظيم، يحتاج إلى يقظة كاملة ممن يؤديها.. وذلك من وجوه:
فأولا: نظره إلى المجتمع الذي حوله، وإلى الجوانب الضعيفة منه، وإلى ذوى الضرّ والحاجة من أفراده، فيعمل على سدّ هذا الخلل، وتقوية تلك الجوانب ودعمها، بما بين يديه من مال.
وثانيا: نظره إلى هذا المال الذي في يده، وحمل نفسه على السّماح والبذل في كل وجه نافع طيب.. وذلك حتى لا تغلبه نفسه على الضنّ به، والوقوف عند حدّ الزكاة الواجبة.
ومن هنا كانت الزكاة فعلا أي عملا جادّا، يحتاج إلى كل ما يحتاج إليه العمل الجادّ، من إمعان نظر، وبذل جهد.. وليست مجرد صدقة طارئة، تطرق المتصدق بين الحين والحين، أو تلقاه على رأس كل عام، وإنما هى فعل متصل، يشغل به الإنسان في كل لحظة من لحظات حياته.. وبذلك يكون على صلة دائمة بالمجتمع الذي يعيش فيه.. يحسّ بإحساسه، ويتحرك معه في الاتجاه الذي يتحرك فيه، ويحمل هموم ذوى الحاجات والهموم من جماعة المسلمين.. وفى الحديث: «من لم يحمل همّ المسلمين فليس منهم».
ومن صفات هؤلاء المؤمنين أنّهم {لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ} أي أنهم كما حفظوا ألسنتهم عن اللغو، وكفوا جوارحهم عن الشر والأذى- حفظوا فروجهم من الدّنس، ولزموا بها جانب العفّة والطهارة.
وقوله تعالى: {إِلَّا عَلى أَزْواجِهِمْ أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ} هو استثناء من حفظ الفروج عن الاتصال بالنّساء، والتعفف عنهن.
فليس هذا على إطلاقه، وإنما لفروجهم ما أحلّ من أزواج، ومما ملكت اليمين من جوار.. فهذا لا لوم عليهم فيه.. تماما كالإمساك عن اللغو من الكلام، مع إباحة الحديث الطيب من القول.
وفى قوله تعالى: {فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ} ما يشعر برفع الحظر عن أمر كان محظورا، وبدفع اللوم عن أمر كان إتيانه موضع لوم.. فكيف هذا؟ واللّه سبحانه وتعالى جعل الصلة بين الرجل والمرأة من النعم التي أنعم اللّه بها على عباده، فقال تعالى: {وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْها وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً}؟ (21: الروم) والجواب على هذا- واللّه أعلم- هو أن الإنسان في صورته الحيوانية، مباح له إباحة مطلقة، أن يتصل بالمرأة أيا كانت، شأنه في هذا شأن الحيوان في اتصال الذكر بالأنثى.. بلا قيد ولا حد.
ولكن الإنسان، الذي يندسّ في كيانه هذا الحيوان، قد أراد اللّه سبحانه له، أن يعلو بإنسانيته، ويرتفع إلى مستوى كريم، يكون فيه أقرب إلى العالم العلوي منه إلى العالم الأرضى.. وذلك لا يكون إلا بأن يخرج من مسلاخ الحيوان، أو يقتل هذا الحيوان المندسّ في كيانه.. وذلك من مظاهره ألا تكون صلته بالأنثى شبيهة بصلة الحيوان، المطلقة من كل قيد..!
ولكن الإنسان مهما يكن، لا يمكن أن ينسلخ من الجانب الحيواني الذي فيه، وهو على هذا التركيب الجسدى، الذي تتحرك فيه شهوة داعية إلى اتصال الرجل بالمرأة.
فكان من تدبير اللّه سبحانه وتعالى أن وقف بالإنسان موقفا وسطا، يأخذ فيه وضعا ملائما للإنسان والحيوان معا.. فقيد الإنسان بهذا القيد الذي ألزمه حدود إنسانيته، ثم نفّس عنه بعض الشيء، فجعل لهذا الجسد في الإنسان حظّه من المرأة في حدود مرسومة لا يتعداها، وهو أن يتخذ له امرأة، أو أكثر إلى أربعة، ممن أحلّ اللّه له.. أو ما يشاء من النساء، ممن ملكتهن يده! الأصل إذن، الحرمة المطلقة في اتصال الرجل بالمرأة عموما.. ثم الإباحة في هذا النطاق الضيق المحدود..! أو قل: الأصل هو الإباحة المطلقة من كل قيد، ثم هذا القيد الوارد على هذا الإطلاق.. وذلك حسب أي النظرتين بنظر بها إلى الإنسان.. فإن نظر إليه على أنه إنسان يسمو بإنسانيته عن الانتساب إلى عالم الحيوان- كان على مستوى التقدير الأول، وإن نظر إليه على أنه حيوان، يريد أن يتحسس طريقه إلى الإنسان- كان على مستوى التقدير الثاني.
وانظر: إنه لو ترك للإنسان الحبل على الغارب، لكان له أن يتصل بأية امرأة يريدها ويشتهيها.. وهذا من شأنه أن يجعل جميع النساء مباحات له.
يتصل بهنّ، بوسيلة أو بأخرى.
وهذا القدر المحدود المباح له من النساء، هو استثناء من هذا الحظر العام، وهو بالقياس إلى الحظر العام، لا يكاد يعدّ شيئا، يحسب حسابه. حتى لكأن الحظر العام قائم.
فقوله تعالى: {فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ} تذكير بهذه النعمة، التي أتاحت للإنسان أن يتصل بالمرأة في هذه الحدود، وهى وإن وجدها ضيقة، لا تشبع جوعه الحيواني، فإن عليه أن يذكر أنه إنسان، وأنه كان من مطلب الجانب الروحي منه، ألا يكون هناك هذا المنفذ الذي ينفذ منه إلى المرأة.. ومع ذلك فإنه غير ملوم في الاتصال بالمرأة في هذه الحدود، وإن جار هذا على الجانب الروحي منه، وهذا كله يعنى القصد في هذا الأمر، والاعتدال فيه، وألا يكون الإنسان على سواء مع الحيوان! وفى قوله تعالى: {فَمَنِ ابْتَغى وَراءَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ العادُونَ} تحذير من مجاوزة هذه الحدود، والانطلاق إلى ماوراءها، فإن ذلك هو دخول في عالم الحيوان باربعة أرجل، وهو عدوان على إنسانية الإنسان، واعتداء على حدود اللّه! قوله تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ لِأَماناتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ راعُونَ} هو من صفات هؤلاء المؤمنين الذين وصفهم اللّه سبحانه وتعالى بالفلاح.. فمن صفات هؤلاء المؤمنين- مع ما وصفوا به من قبل- أنهم يرعون الأمانات، ويحفظون العهود.. ومنالأمانات، والعهود، هذه التكاليف التي كلّف بها الإنسان، وهذه الأوامر التي أمر بها.. ورعاية هذه التكاليف، وتلك الأوامر، هو القيام عليها، والتزام حدودها.. والخروج عليها، هو عدوان عليها، وعلى اللّه سبحانه! قوله تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ عَلى صَلَواتِهِمْ يُحافِظُونَ} هو من صفات المؤمنين المفلحين أيضا.. وهو محافظتهم على الصلوات، وأداؤها في أوقاتها، بعد أن وصفوا من قبل بأنّهم في صلاتهم خاشعون.
وقدمت الخشية في الصلاة، على المحافظة عليها.. لأن الخشية هى المطلوب الأول من الصلاة، وأن صلاة بغير خشوع وخشية، لا محصّل لها، ولا ثمرة منها.
قوله تعالى: {أُولئِكَ هُمُ الْوارِثُونَ، الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيها خالِدُونَ}.
هو بيان للجزاء الحسن، الذي يجزى اللّه سبحانه وتعالى به المؤمنين، الذين وصفوا بهذه الصفات، وهو ما يكشف عن فلاحتهم، وفوزهم، وإنه لا فلاح أعظم من هذا الفلاح! ولا فوز أكرم من هذا الفوز..!
وأي فلاح أعظم، وأي فوز أكرم، من أن تكون الجنة ميراثا خالدا أبدا، يعيش فيه أولئك المؤمنون المفلحون!




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال