سورة المؤمنون / الآية رقم 12 / تفسير تفسير ابن كثير / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
قَدْ أَفْلَحَ المُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ العَادُونَ وَالَّذِينَ هُمْ لآمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ أُوْلَئِكَ هُمُ الوَارِثُونَ الَّذِينَ يَرِثُونَ الفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِن سُلالَةٍ مِّن طِينٍ ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا العَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا المُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا العِظَامَ لَحْماً ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الخَالِقِينَ ثُمَّ إِنَّكُم بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ تُبْعَثُونَ وَلَقَدْ خَلَقْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرَائِقَ وَمَا كُنَّا عَنِ الخَلْقِ غَافِلِينَ

المؤمنونالمؤمنونالمؤمنونالمؤمنونالمؤمنونالمؤمنونالمؤمنونالمؤمنونالمؤمنونالمؤمنونالمؤمنونالمؤمنونالمؤمنونالمؤمنونالمؤمنون




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإنْسَانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ (12) ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ (13) ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ (14) ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ (15) ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ (16)}.
يقول تعالى مخبرًا عن ابتداء خلق الإنسان من سلالة من طين، وهو آدم، عليه السلام، خلقه الله من صلصال من حمأ مسنون.
وقال الأعمش، عن المِنْهال بن عمرو، عن أبي يحيى، عن ابن عباس: {مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ} قال: صَفوةُ الماء.
وقال مجاهد: {مِنْ سُلالَةٍ} أي: من منيّ آدم.
قال ابن جرير: وإنما سمي آدم طينًا لأنه مخلوق منه.
وقال قتادة: استُلّ آدمُ من الطين. وهذا أظهر في المعنى، وأقرب إلى السياق، فإن آدم، عليه السلام، خلق من طين لازب، وهو الصلصال من الحمأ المسنون، وذلك مخلوق من التراب، كما قال تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ} [الروم: 20].
وقال الإمام أحمد: حدثنا يحيى بن سعيد، حدثنا عَوْف، حدثنا قَسَامة بن زُهَيْر، عن أبي موسى، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله خلق آدم من قبضة قبضها من جميع الأرض، فجاء بنو آدم على قَدْر الأرض، جاء منهم الأحمر والأسود والأبيض، وبين ذلك، والخبيث والطيب، وبين ذلك».
وقد رواه أبو داود والترمذي، من طرق، عن عوف الأعرابي، به نحوه.
وقال الترمذي: حسن صحيح.
{ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً}: هذا الضمير عائد على جنس الإنسان، كما قال في الآية الأخرى: {وَبَدَأَ خَلْقَ الإنْسَانِ مِنْ طِينٍ * ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ} [السجدة: 7، 8] أي: ضعيف، كما قال: {أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ. فَجَعَلْنَاهُ فِي قَرَارٍ مَكِينٍ}، يعني: الرحمُ مُعَد لذلك مهيأ له، {إِلَى قَدَرٍ مَعْلُومٍ * فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ} [المرسلات: 22، 23]، أي: إلى مدة معلومة وأجل معين حتى استحكم وتنَقَّل من حال إلى حال، وصفة إلى صفة؛ ولهذا قال هاهنا: {ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً} أي: ثم صَيَّرنا النطفة، وهي الماء الدافق الذي يخرج من صلب الرجل- وهو ظهره- وترائب المرأة- وهي عظام صدرها ما بين الترقوة إلى الثندوة- فصارت علقة حمراء على شكل العلقة مستطيلة. قال عكرمة: وهي دم.
{فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً}: وهي قطعة كالبَضعة من اللحم، لا شكل فيها ولا تخطيط، {فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا} يعني: شكلناها ذات رأس ويدين ورجلين بعظامها وعصبها وعروقها.
وقرأ آخرون: {فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا (4)}.
قال ابن عباس: وهو عظم الصلب.
وفي الصحيح، من حديث أبي الزِّنَاد، عن الأعرج، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كل جسد ابن آدم يبلى إلا عَجْبُ الذَّنَب، منه خلق ومنه يركب».
{فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا} أي: وجعلنا على ذلك ما يستره ويشده ويقويه، {ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ} أي: ثم نفخنا فيه الروح، فتحرك وصار {خَلْقًا آخَرَ} ذا سمع وبصر وإدراك وحركة واضطراب {فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ}
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا علي بن الحسين، حدثنا جعفر بن مُسافر، حدثنا يحيى بن حسان، حدثنا النضر- يعني: ابن كثير، مولى بني هاشم- حدثنا زيد بن علي، عن أبيه، عن علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، قال: إذا أتمت النطفة أربعة أشهر، بُعِث إليها مَلك فنفخ فيها الروح في الظلمات الثلاث، فذلك قوله: {ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ} يعني: نفخنا فيه الروح.
ورُوي عن أبي سعيد الخدري أنه نَفْخُ الروح.
قال ابن عباس: {ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ} يعني به: الروح.
وكذا قال مجاهد، وعكرمة، والشعبي، والحسن، وأبو العالية، والضحاك، والربيع بن أنس، والسدي، وابنُ زيد، واختاره ابنُ جرير.
وقال العَوْفِيّ، عن ابن عباس: {ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ} يعني: ننقله من حال إلى حال، إلى أن خرج طفلا ثم نشأ صغيرًا، ثم احتلم، ثم صار شابًّا، ثم كهلا ثم شيخًا، ثم هرما.
وعن قتادة، والضحاك نحو ذلك. ولا منافاة، فإنه من ابتداء نفخ الروح فيه شَرَع في هذه التنقلات والأحوال. والله أعلم.
قال الإمام أحمد في مسنده: حدثنا أبو معاوية، حدثنا الأعمش، عن زيد بن وهب، عن عبد الله- هو ابن مسعود- قال: حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو الصادق المصدوق: «إن أحدكم ليُجمع خَلقُه في بطن أمه أربعين يومًا، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يرسل إليه الملك فينفخ فيه الروح، ويؤمر بأربع كلمات: رزقه، وأجله، وعمله، وهل هو شقي أو سعيد، فوالذي لا إله غيره، إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب، فيختم له بعمل أهل النار فيدخلها، وإن الرجل ليعمل بعمل أهل النار، حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب، فيختم له بعمل أهل الجنة فيدخلها».
أخرجاه من حديث سليمانَ بن مِهْرَان الأعمش.
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أحمد بن سِنَان، حدثنا أبو معاوية عن الأعمش، عن خَيْثَمَة قال: قال عبد الله- يعني: ابن مسعود- إن النطفة إذا وقعت في الرحم، طارت في كل شعر وظفر، فتمكث أربعين يوما، ثم تتحدّر في الرحم فتكون علقة.
وقال الإمام أحمد أيضًا: حدثنا حسين بن الحسن، حدثنا أبو كُدَيْنة، عن عطاء بن السائب، عن القاسم بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن عبد الله قال: مَرَّ يهوديّ برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يحدث أصحابه، فقالت قريش: يا يهودي، إن هذا يَزعمُ أنه نبي. فقال: لأسألنه عن شيء لا يعلمه إلا نبي. قال: فجاءه حتى جلس، فقال: يا محمد، مِمَّ يخلق الإنسان؟ فقال: «يا يهودي، من كلٍّ يُخْلَقُ، من نطفة الرجل ومن نطفة المرأة، فأما نطفة الرجل فنطفة غليظة منها العظم والعَصَب، وأما نطفة المرأة فنطفة رقيقة منها اللحم والدم» فقام اليهودي فقال: هكذا كان يقول من قبلك.
وقال الإمام أحمد: حدثنا سفيان عن عمرو، عن أبي الطُّفَيْل، حُذَيْفَة بن أُسَيْد الغفاري قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «يدخل المَلك على النطفة بعد ما تستقر في الرحم بأربعين ليلة، فيقول: يا رب، ماذا؟ أشقي أم سعيد؟ أذكر أم أنثى؟ فيقول الله، فيكتبان. فيقولان: ماذا؟ أذكر أم أنثى؟ فيقول الله عز وجل، فيكتبان ويُكْتَبُ عمله، وأثره، ومصيبته، ورزقه، ثم تطوى الصحيفة، فلا يُزاد على ما فيها ولا ينقص».
وقد رواه مسلم في صحيحه، من حديث سفيان بن عيينة، عن عمرو- وهو ابن دينار- به نحوه. ومن طُرَق أخرَى، عن أبي الطفيل عامر بن واثلة، عن حذيفة بن أسيد أبي سريحة الغفاري بنحوه، والله أعلم.
وقال الحافظ أبو بكر البزار: حدثنا أحمد بن عبدة، حدثنا حماد بن زيد، حدثنا عبيد الله بن أبي بكر، عن أنس؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله وكّل بالرحم مَلكًا فيقول: أي رب، نطفة. أيْ رب، علقة أي رب، مضغة. فإذا أراد الله خلقها قال: يا رب، ذكر أو أنثى؟ شقي أو سعيد؟ فما الرزق والأجل؟» قال: «فذلك يكتب في بطن أمه».
أخرجاه في الصحيحين من حديث حماد بن زيد به.
وقوله: {فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} يعني: حين ذكر قدرته ولطفه في خلق هذه النطفة من حال إلى حال، وشكل إلى شكل، حتى تصورت إلى ما صارت إليه من الإنسان السَّوِيّ الكامل الخلق، قال: {فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ}
قال ابن أبي حاتم: حدثنا يونس بن حبيب، حدثنا أبو داود، حدثنا حماد بن سلمة، حدثنا علي بن زيد، عن أنس، قال: قال عمر- يعني: ابن الخطاب رضي الله عنه-: وافقت ربي ووافقني في أربع: نزلت هذه الآية: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإنْسَانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ} الآية، قلت أنا: فتبارك الله أحسن الخالقين. فنزلت: {فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ}
وقال أيضًا: حدثنا أبي، حدثنا آدم بن أبي إياس، حدثنا شَيْبَان، عن جابر الجُعْفِي، عن عامر الشعبي، عن زيد بن ثابت الأنصاري قال: أملى عليَّ رسولُ الله هذه الآية: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإنْسَانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ} إلى قوله: {خَلْقًا آخَرَ}، فقال معاذ: {فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ}، فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال له معاذ: مم ضحكت يا رسول الله؟ قال: «بها ختمت {فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ}».
جابر بن يزيد الجُعْفِي ضعيف جدًّا، وفي خبره هذا نَكَارة شَديدة، وذلك أن هذه السورة مكية، وزيد بن ثابت إنما كتب الوحي بالمدينة، وكذلك إسلام معاذ بن جبل إنما كان بالمدينة أيضًا، فالله أعلم.
وقوله: {ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ} يعني: بعد هذه النشأة الأولى من العدم تَصيرون إلى الموت، {ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ} يعني: النشأة الآخرة، {ثُمَّ اللَّهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الآخِرَةَ} [العنكبوت: 20] يعني: يوم المعاد، وقيام الأرواح والأجساد، فيحاسب الخلائق، ويوفي كل عامل عمله، إن خيرا فخير، وإن شرا فشر.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال