سورة المؤمنون / الآية رقم 90 / تفسير تفسير ابن كثير / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

بَلْ أَتَيْنَاهُم بِالْحَقِّ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِن وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذاً لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ عَالِمِ الغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ قُل رَّبِّ إِمَّا تُرِيَنِّي مَا يُوعَدُونَ رَبِّ فَلاَ تَجْعَلْنِي فِي القَوْمِ الظَّالِمِينَ وَإِنَّا عَلَى أَن نُّرِيَكَ مَا نَعِدُهُمْ لَقَادِرُونَ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ وَقُل رَّبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَن يَحْضُرُونِ حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ المَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلاَّ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلاَ أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلاَ يَتَسَاءَلُونَ فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ تَلْفَحُ وَجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ

المؤمنونالمؤمنونالمؤمنونالمؤمنونالمؤمنونالمؤمنونالمؤمنونالمؤمنونالمؤمنونالمؤمنونالمؤمنونالمؤمنونالمؤمنونالمؤمنونالمؤمنون




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{قُلْ لِمَنِ الأرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (84) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلا تَذَكَّرُونَ (85) قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (86) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ (87) قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (88) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ (89) بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِالْحَقِّ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (90)}.
يقرر تعالى وحدانيته، واستقلاله بالخلق والتصرف والملك، ليرشد إلى أنه الذي لا إله إلا هو، ولا تنبغي العبادة إلا له وحده لا شريك له؛ ولهذا قال لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم أن يقول للمشركين العابدين معه غيره، المعترفين له بالربوبية، وأنه لا شريك له فيها، ومع هذا فقد أشركوا معه في الإلهية، فعبدوا غيره معه، مع اعترافهم أن الذين عبدوهم لا يخلقون شيئًا، ولا يملكون شيئًا، ولا يستبدّون بشيء، بل اعتقدوا أنهم يقربونهم إليه زلفى: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} [الزمر: 3]، فقال: {قُلْ لِمَنِ الأرْضُ وَمَنْ فِيهَا} أي: من مالكها الذي خلقها ومن فيها من الحيوانات والنباتات والثمرات، وسائر صنوف المخلوقات {إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ. سَيَقُولُونَ لِلَّهِ} أي: فيعترفون لك بأن ذلك لله وحده لا شريك له، فإذا كان ذلك {قُلْ أَفَلا تَذَكَّرُونَ} أي: لا تذكرون أنه لا تنبغي العبادة إلا للخالق الرازق لا لغيره.
{قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ} أي: من هو خالق العالم العُلْوي بما فيه من الكواكب النيّرات، والملائكة الخاضعين له في سائر الأقطار منها والجهات، ومن هو رب العرش العظيم، يعني: الذي هو سقف المخلوقات، كما جاء في الحديث الذي رواه أبو داود، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «شأن الله أعظم من ذلك، إن عرشه على سمواته هكذا» وأشار بيده مثل القبة.
وفي الحديث الآخر: «ما السموات السبع والأرضون السبع وما فيهن وما بينهن في الكرسي إلا كحلقة ملقاة بأرض فلاة، وإن الكرسي بما فيه بالنسبة إلى العرش كتلك الحلقة في تلك الفلاة».
ولهذا قال بعض السلف: إن مسافة ما بين قطري العرش من جانب إلى جانب مسيرة خمسين ألف سنة، وارتفاعه عن الأرض السابعة مسيرة خمسين ألف سنة.
وقال الضحاك، عن ابن عباس: إنما سمي عرشًا لارتفاعه.
وقال الأعمش عن كعب الأحبار: إن السموات والأرض في العرش، كالقنديل المعلق بين السماء والأرض.
وقال مجاهد: ما السموات والأرض في العرش إلا كحلقة في أرض فَلاة.
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا العلاء بن سالم، حدثنا وَكِيع، حدثنا سفيان الثوري، عن عمار الدُّهني، عن مسلم البَطِين، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: العرش لا يقدر أحد قدره.
وفي رواية: إلا الله عز وجل.
وقال بعض السلف: العرش من ياقوتة حمراء.
ولهذا قال هاهنا: {وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ} يعني: الكبير: وقال في آخر السورة: {رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ}.
أي: الحسن البهي. فقد جمع العرش بين العظمة في الاتساع والعلو، والحسن الباهر؛ ولهذا قال من قال: إنه من ياقوتة حمراء.
وقال ابن مسعود: إن ربكم ليس عنده ليل ولا نهار، نور العرش من نور وجهه.
وقوله: {سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ} أي: إذا كنتم تعترفون بأنه رب السموات ورب العرش العظيم، أفلا تخافون عقابه وتحذرون عذابه، في عبادتكم معه غيره وإشراككم به؟
قال أبو بكر عبد الله بن محمد بن أبي الدنيا القرشي في كتاب التفكر والاعتبار: حدثنا إسحاق بن إبراهيم، أخبرنا عبد الله بن جعفر، أخبرني عبد الله بن دينار، عن ابن عمر قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كثيرًا ما يحدث عن امرأة كانت في الجاهلية على رأس جبل، معها ابن لها يرعى غنما، فقال لها ابنها: يا أماه، من خلقك؟ قالت: الله. قال: فمن خلق أبي؟ قالت: الله. قال: فمن خلقني؟ قالت: الله. قال: فمن خلق السماء؟ قالت: الله. قال: فمن خلق الأرض؟ قالت: الله. قال: فمن خلق الجبل؟ قالت: الله. قال: فمن خلق هذه الغنم؟ قالت: الله. قال: فإني أسمع لله شأنا ثم ألقى نفسه من الجبل فتقطع.
قال ابن عمر: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كثيرًا ما يحدثنا هذا الحديث.
قال عبد الله بن دينار: كان ابن عمر كثيرًا ما يحدثنا بهذا الحديث.
قلت: في إسناده عبد الله بن جعفر المديني، والد الإمام علي بن المديني، وقد تكلموا فيه، فالله أعلم.
{قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ} أي: بيده الملك، {مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا} [هود: 56]، أي: متصرف فيها. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لا والذي نفسي بيده»، وكان إذا اجتهد في اليمين قال: «لا ومقلب القلوب»، فهو سبحانه الخالق المالك المتصرف، {وَهُوَ يُجِيرُ وَلا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} كانت العرب إذا كان السيد فيهم فأجار أحدًا، لا يُخْفَر في جواره، وليس لمن دونه أن يجير عليه، لئلا يفتات عليه، ولهذا قال الله: {وَهُوَ يُجِيرُ وَلا يُجَارُ عَلَيْهِ} أي: وهو السيد العظيم الذي لا أعظم منه، الذي له الخلق والأمر، ولا معقب لحكمه، الذي لا يمانع ولا يخالف، وما شاء كان، وما لم يشأ لم يكن، وقال الله: {لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ} [الأنبياء: 23]، أي: لا يسئل عما يفعل؛ لعظمته وكبريائه، وقهره وغلبته، وعزته وحكمته، والخلق كلهم يُسألون عن أعمالهم، كما قال تعالى: {فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الحجر: 92، 93].
وقوله: {سَيَقُولُونَ لِلَّهِ} أي: سيعترفون أن السيد العظيم الذي يجير ولا يجار عليه، هو الله تعالى، وحده لا شريك له {قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ} أي: فكيف تذهب عقولكم في عبادتكم معه غيره مع اعترافكم وعلمكم بذلك.
ثم قال تعالى: {بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِالْحَقِّ}، وهو الإعلام بأنه لا إله إلا الله، وأقمنا الأدلة الصحيحة الواضحة القاطعة على ذلك، {وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ} أي: في عبادتهم مع الله غيره، ولا دليل لهم على ذلك، كما قال في آخر السورة: {وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ}، فالمشركون لا يفعلون ذلك عن دليل قادهم إلى ما هم فيه من الإفك والضلال، وإنما يفعلون ذلك اتباعا لآبائهم وأسلافهم الحيارى الجهال، كما قالوا: {إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ} [الزخرف: 23].




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال