سورة المؤمنون / الآية رقم 99 / تفسير تفسير الشعراوي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

بَلْ أَتَيْنَاهُم بِالْحَقِّ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِن وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذاً لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ عَالِمِ الغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ قُل رَّبِّ إِمَّا تُرِيَنِّي مَا يُوعَدُونَ رَبِّ فَلاَ تَجْعَلْنِي فِي القَوْمِ الظَّالِمِينَ وَإِنَّا عَلَى أَن نُّرِيَكَ مَا نَعِدُهُمْ لَقَادِرُونَ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ وَقُل رَّبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَن يَحْضُرُونِ حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ المَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلاَّ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلاَ أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلاَ يَتَسَاءَلُونَ فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ تَلْفَحُ وَجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ

المؤمنونالمؤمنونالمؤمنونالمؤمنونالمؤمنونالمؤمنونالمؤمنونالمؤمنونالمؤمنونالمؤمنونالمؤمنونالمؤمنونالمؤمنونالمؤمنونالمؤمنون




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ(99) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ(100)}
ذلك لمجرد أن تحضره سكرات الموت ويُوقِن أنه ميّت تتكشف له الحقائق ويرى ما لا نراه نحن، كما جاء في قوله تعالى: {فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَآءَكَ فَبَصَرُكَ اليوم حَدِيدٌ} [ق: 22].
فيتمنى الإنسان أن يرجع إلى الدنيا وهو ما يزال يحتضر، لماذا؟ لأنه رأى الحقيقة التي كان ينكرها ويُكذِّب بها، والذين يشاهدون حال الموتى ساعة الاحتضار يروْنَ منهم إشارات تدلّ على أنهم يروْنَ أشياء لا نراها نحن، كُلٌّ حَسْب حالة وخاتمته.
وأذكر حين مات أبي، وكان على صدري ساعتها أنه قال لي: يا أمين- وهذا اسمي في بلدي- كيف تبني كل هذه القصور ولا تخبرني بها؟
والجنود الذين صاحوا في المعركة: هُبِّي يا رياح الجنة. لابد أنهم رأوها وشَمُّوا رائحتها، وإلا ما الذي جعلهم يتلهفّون للموت، ويشتاقون للشهادة إلا أنهم يرون حالاً ينتظرهم أفضل مما هم فيه.
ومن هؤلاء الصحابي الجليل الذي حدثَّه رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أجر الشهداء عند الله، وكان في يده تمرات أو في فمه يمضغها، فقال: يا رسول الله، أليس بيني وبين الجنة إلا أن أدخل هذه المعركة فأُقتل في سبيل الله؟ قال: نعم، فألقى التمرة من فمه ومضى إلى المعركة.
كأنه استكثر أن يقعد عن طلب الجنة مدة مَضْغ التمرات. فإلى هذه الدرجة بلغ يقينُ هؤلاء الرجال في الله وفي رسول الله.
ونلحظ في هذه الآية: {حتى إِذَا جَآءَ أَحَدَهُمُ الموت..} [المؤمنون: 99] هكذا بصيغة المفرد {قَالَ رَبِّ ارجعون} [المؤمنون: 99] جاء بالجمع على سبيل التعظيم، ولم يقل: ربِّ ارجعني، كما جاء في قوله تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذكر وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر: 9].
فهنا الحق تبارك وتعالى يُعظِّم ذاته، لكن هذا يُعظِّم الله الآن، وهو في حال الاحتضار، وقد كان كافراً به، وهو في سَعَة الدنيا وبحبوحة العيش.
أو: أنه كرر الطلب: أرجعني أرجعني أرجعني، فجمعها الله تعالى. أو: أنه استغاث بالله فقال: ربّ ثم خاطب الملائكة: ارجعون إلى الدنيا.
لكن، لماذا الرجوع؟
{لعلي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلاَّ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَآئِلُهَا وَمِن وَرَآئِهِمْ بَرْزَخٌ إلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ} أي: أنني تركتُ كثيراً من أعمال الخير، فلعلِّي إنْ رجعتُ بعد أنْ عاينتُ الحقيقة أستدرك ما فاتني من الصالحات، أو لعلِّي أعمل صالحاً فيما تركتُ، لأنني ضننْتُ بمالي وبمجهودي وفَضْلي على الناس، وكنْزتُ المال الكثير، وتركتُه خلفي ثم أُحاسب أنا عليه، فإنْ عُدت قدمته وأنفقته فيما يدخر لي ليوم القيامة.
ثم تأتي الإجابة: {كَلاَّ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَآئِلُهَا..} [المؤمنون: 100] أي: قوله: ارجعون لعلِّي أعمل صالحاً فيما تركت، إنها مجرد كلمة لا واقع لها، كلمة يقولها وقت الضيق والشدة، فالله تعالى لن يرجعهم، ولو أرجعهم ما فعلوا؛ لذلك نفاها بقوله(كلا) التي ترد على قضايا تريد إثباتها، ويريد الله تعالى نفيها كما ورد في سورة الفجر: {فَأَمَّا الإنسان إِذَا مَا ابتلاه رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ ربي أَكْرَمَنِ وَأَمَّآ إِذَا مَا ابتلاه فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ ربي أَهَانَنِ} [الفجر: 15- 16].
فيرد الحق سبحانه:(كلا) لا أنت صادق ولا هو، فليس المال والغِنَى وكثرة العَرض دليل إهانة، ولا الفقر دليل إهانة، فكلتا القضيتين خطأ، بدليل أنك إذا أعطاك الله المال، ثم لا تؤدي فيه حَقَّ الله وحَقَّ العباد، ولا يعينك على أداء ما فُرِض عليك صار المال وبالاً عليك وإهانة لا كرامة. ما جدوى المال إنْ دخلتَ في قوله تعالى: {كَلاَّ بَل لاَّ تُكْرِمُونَ اليتيم} [الفجر: 17]؟ ساعتها سيكون مالك حُجَّة عليك.
كذلك الحال مع مَنْ يظن أن الفقر إهانةٌ، فإنْ سلب الله منك المال الذي يُطغيك فقد أكرمك، وإنْ كنت لا تدري بهذا الإكرام.
ثم يقول سبحانه: {وَمِن وَرَآئِهِمْ بَرْزَخٌ إلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ} [المؤمنون: 100] أي: كيف يتمنوْنَ الرجوع وبينهم وبينه برزَخ يمنعهم العودة إلى الدنيا؛ لذلك تُسمَّى الفترة بين الحياة الدنيا والآخرة بالحياة البرزخية، فليست من الدنيا، وليست من الآخرة.
وفي موضع آخر يُصوِّر الحق سبحانه هذا الموقف بقوله: {وَلَوْ رُدُّواْ لَعَادُواْ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ..} [الأنعام: 28] أي: لو رددناهم من الآخرة لعادوا لما كانوا عليه من معصية الله، وإنْ كانت هذه قضية عقلية ففي واقعهم ما يثبت صِدْق هذه القضية، واقرأ فيهم قول الله تعالى: {وَإِذَآ أَنْعَمْنَا عَلَى الإنسان أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ..} [الإسراء: 83] فأخذ نعمة الله وتقلَّب فيها، ثم تنصَّل من طاعة الله.
ويقول تعالى في هذا المعنى أيضاً: {وَإِذَا مَسَّ الإنسان الضر دَعَانَا لِجَنبِهِ أَوْ قَاعِداً أَوْ قَآئِماً فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَن لَّمْ يَدْعُنَآ إلى ضُرٍّ مَّسَّهُ..} [يونس: 12].
إذن: المسألة اضطرارات، كلما اضطروا دَعَوا الله ولجئوا إليه، وتوسَّلوا، فخذوا من واقع حياتهم ما يدل على صِدْق حكمي عليهم لو عادوا من الآخرة.
والبرزخ: هو الحاجز بين شيئين، وهذا الحاجز يأخذ قوته من صاحب بنائه، فإنْ كان هذا الحاجز من صناعته سبحانه وتعالى فلن ينفذ منه أحد.
ومن ذلك قوله تعالى: {مَرَجَ البحرين يَلْتَقِيَانِ بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لاَّ يَبْغِيَانِ} [الرحمن: 19- 20] وما داما يلتقيان، فما فائدة البرزخ هنا؟
قالوا: نعم يلتقيان، ولا يبغي أحدهما على الآخر؛ لأن المسألة ليست سَدَّاً أو بناءً هندسياً، إنما برزخ خاصٌّ لا يقدر عليه إلا طلاقة القدرة الإلهية التي خرقتْ النواميس، فجعلتْ الماءَ السائلَ جبلاً، بعد أن ضربه موسى بعصاه، فصار كل فِرْق كالطود العظيم، طلاقة القدرة التي فجرت الحجر عيوناً.
إذن: المسألة ليست(ميكانيكا) كما يظن البعض.
والبرزخ بين الماء المالح والماء العَذْب آية من آيات الله شاخصة أمامنا، يمكننا جميعاً أنْ نتأكد من صحة هذه الظاهرة.
لكن هذا البرزخ من أمامهم، فلماذا قال تعالى: {وَمِن وَرَآئِهِمْ بَرْزَخٌ إلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ} [المؤمنون: 100].
قالوا: لأن اللفظ الواحد يُطلق في اللغة وله معَانٍ عدَّة واللفظ واحد؛ لذلك يُسمُّونه المشترك، فمثلاً كلمة عَيْن تطلق على العين الباصرة، وعلى عين الماء، وعلى الجاسوس، وتُقال للذهب وللفضة، وللرجل البارز في قومه، والسياق هو الذي يُحدِّد المعنى المراد؛ لذلك على السامع أن تكون عنده يقظة ليردّ اللفظ إلى المعنى المناسب لسياقه.
وكذلك كلمة(النجم) فتعني الكوكب في السماء، وتعني كذلك مَا لا ساقَ له من النبات، وهو العُشْب الذي ترعاه البهائم، ومنه قول الشاعر:
أُرَاعي النجْمَ في سَيْري إليكُمُ *** ويرعَاهُ مِنَ البَيْدا جَوَادِيَ
فكلمة(وراء) تُطلَق ويُراد بها معانٍ عدة، قد تكون متقابلة يُعيِّنها السياق، فتأتي وراء بمعنى(بَعْد) كما في قوله تعالى: {وَمِن وَرَآءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ} [هود: 71] وتأتي بمعنى(غَيْر) كما في قوله تعالى: {فَمَنِ ابتغى وَرَآءَ ذلك فأولئك هُمُ العادون} [المؤمنون: 7].
وتأتي بمعنى(أمام) كما قوله تعالى: {وَكَانَ وَرَآءَهُم مَّلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً} [الكهف: 79] فالملك كان أمامهم ينتظر كل سفينة قادمة. وكذلك في قوله تعالى: {مِّن وَرَآئِهِ جَهَنَّمُ} [إبراهيم: 16].
فقوله تعالى: {وَمِن وَرَآئِهِمْ بَرْزَخٌ إلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ} [المؤمنون: 100] أي: أمامهم.
ثم يقول الحق سبحانه: {فَإِذَا نُفِخَ فِي الصور فَلاَ أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ..}.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال