سورة المؤمنون / الآية رقم 113 / تفسير تفسير ابن عجيبة / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

أَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنتُم بِهَا تُكَذِّبُونَ قَالُوا رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْماً ضَالِّينَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا وَلاَ تُكَلِّمُونِ إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ فَاتَّخَذْتُمُوَهُمْ سِخْرِياًّ حَتَّى أَنسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنتُم مِّنْهُمْ تَضْحَكُونَ إِنِّي جَزَيْتُهُمُ اليَوْمَ بِمَا صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الفَائِزُونَ قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَاسْأَلِ العَادِّينَ قَالَ إِن لَّبِثْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً لَّوْ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لاَ تُرْجَعُونَ فَتَعَالَى اللَّهُ المَلِكُ الحَقُّ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ رَبُّ العَرْشِ الكَرِيمِ وَمَن يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ لاَ بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبِّهِ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الكَافِرُونَ وَقُل رَّبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ

المؤمنونالمؤمنونالمؤمنونالمؤمنونالمؤمنونالمؤمنونالمؤمنونالمؤمنونالمؤمنونالمؤمنونالمؤمنونالمؤمنونالمؤمنونالمؤمنونالنور




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


يقول الحق جل جلاله: {قالوا} أي: أهل النار {ربنا غلبت علينا} أي: ملكتنا {شِقْوَتُنا}: شقاوتنا التي اقترفناها بسوء اختيارنا، كما يُنبئ عنه إضافتها إلى أنفسهم، أي: شقينا بأعمالنا السيئة التي عملناها، ولا يصح حمله على الشقاوة الأزلية؛ لأنهم غير مكلفين بصرفها عنهم؛ إذ ليس في اختيارهم. {وكنا قوماً ضالِّين} عن الحق، ولذلك فعلنا ما فعلنا من التكذيب، وهذا، كما ترى، اعتراف منهم بأن ما أصابهم إنما أصابهم بسوء صنعهم، وأمَّا ما قيل: من أنه اعتذار منهم بغلبة ما كتب عليهم من الشقاوة الأزلية، فلا يصح؛ لأن الله تعالى ما كتب عليهم الشقاء حتى علم أنهم يفعلونه باختيارهم، لا بما كتب عليهم.
ثم قالوا: {ربنا أَخْرِجْنَا منها فَإِن عُدْنا فإِنا ظالمون} أي: أخرجنا من النار، وردنا إلى الدنيا، فإن عدنا بعد ذلك إلى ما كنا عليه من الكفر والمعاصي، فإنا متجاوزون الحد في الظلم، ولو كان اعتقادهم أنهم مجبورون على ما صدر عنهم لما سألوا الرجعة إلى الدنيا، ولما وَعَدوا بالطاعة والإيمان. قال القرطبي: طلبوا الرجعة إلى الدنيا كما طلبوها عند الموت.
ثم يجيبهم الحق تعالى، بعد ألف سنة، بقوله: {قال اخسؤوا فيها} أي: اسكتوا في النار سكوت ذل وهوان، وانزجروا انزجار الكلاب، يقال: خسأت الكلب، إذا زجرته، فخسأ، أي: انزجر. {ولا تُكَلِّمونِ} باستدعاء الإخراج من النار والرجوع إلى الدنيا، أو في رفع العذاب عنكم؛ فإنه لا يرفع ولا يخفف، روي أنه آخر كلام يتكلمون به، ثم لا كلام بعد ذلك إلاَّ الشهيق والزفير، ويصير لهم عُواء كعُواء الكلاب لا يفهمون ولا يُفهمون. قيل: ويرده الخطابات الآتية، وقد يجاب: بأن قبل هذه الكلمة.
ثم علل استحقاقهم لذلك العذاب بقوله: {إنه} أي: الأمر والشأن {كان فريق من عبادي} وهم المؤمنون، او الصحابة، أو أهل الصفة- رضوان الله تعالى عليهم أجمعين- {يقولون} في الدنيا: {ربنا آمنا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الراحمين فاتخذتموهم سخريا} أي: هزواً، وهو مصدر سخر، زيدت فيه ياء النسب؛ للمبالغة، وفيه الضم والكسر. وقال الكوفيون: المكسور بمعنى الهزء، والمضموم من السخرة، بمعنى الانقياد للخدمة، ولذلك اتفق عليه في الزخرف، أي: اتخذتموهم؛ مهزواً بهم، وتشاغلتم بهم {حتى أَنْسَوْكم ذكري}، من فرط اشتغالكم بالاستهزاء بهم، ولم تخافوني في أوليائي، {وكنتم منهم تضحكون}، وذلك غاية الاستهزاء.
قال تعالى: {إني جَزَيْتُهُم اليوم} جزاء على صبرهم على أذاكم، {أنهم همُ الفائزون} بكل مطلوب دونكم، فأنهم: مفعول {جزيتهم}؛ لأنه يتعدى إلى مفعولين، وقرأ حمزة بالكسر؛ على الإستئناف؛ تعليلاً للجزاء، وبياناً أنه في غاية الحسن، {قال كم لبثتم}، القائل هو الله تعالى، أو الملك، وقرأ المكي وحمزة: {قل}؛ التي بلفظ الأمر للملك، يسألهم: كم لبثوا، {في الأرض} التي دعوا الله أن يردهم إليها، {عدد سنين}، وهو تمييز، أي: كم لبثتم في الأرض عدد السنين، {قالوا لبثنا يوماً أو بعض يوم}، استقصار لمدة لبثهم فيها بالنسبة إلى خلودهم، ولِمَا هم فيه من عذابها؛ لأن الممتحن يستطيل أيام محنته، ويستقصر ما مر عليه من أيام الدعة، {فاسْئَل العادِين} أي: المتمكنين من العد؛ فإنا بما دُهمنا من العذاب بمعزل من العد، أو الملائكة العادين لأعمار العباد وأعمالهم.
{قال} الله تعالى، أو الملك، تصديقاً لهم في مقالهم: {إن لبثتم إلاَّ قليلاً}: ما لبثتم إلا زماناً قليلاً أو لبثاً قليلاً بالنسبة لما بعده، {لو أنكم كنتم تعلمون} شيئاً، أو: لو كنتم من أهل العلم لعلمتم قلة لبثكم فيها، فالجواب محذوف. والله تعالى أعلم.
الإشارة: إذا تميز المتحابون في الله، المجتمعون على ذكر الله ومحبته وطلب معرفته، وعُرفوا بأنوارهم وأسرارهم، وانحازوا إلى ظل العرش، يوم لا ظل إلا ظله، ورآهم البطالون المنكرون عليهم، وهم في حسرة الحساب، يقولون بلسان الحال أو المقال: {ربنا غلبت علينا شقوتنا}؛ حيث لم نصحب هؤلاء الأولياء، وكنا قوماً ضالين، ربنا أخرجنا من هذه الحسرة، وردنا إلى الدنيا، فإن عدنا إلى البطالة والإنكار عليهم فإنا ظالمون، فيقال لهم: اخسؤوا فيها؛ فقد فات الإبان، إنه كان فريق من عبادي، وهم المنتسبون من أهل التجريد، المتزيون بزي الصوفية أهل التفريد، يقولون: ربنا آمنا بطريق الخصوصية ودخلنا فيها، فاغفر لنا، أي: غط مساوئنا، وارحمنا رحمة تضمنا إلى حضرتك، وأنت خير الراحمين، فاتخذتموهم سخرياً، وانشغلتم بالوقوع فيهم، حتى أنسوكم ذكري، وكنتم منهم تضحكون، إني جزيتهم اليوم، بما صبروا، أنهم هم الفائزون بشهود ذاتي، والقرب من أحبابي، المتنزهون في كمال جمالي، في درجات المقربين من النبيين والصديقين.
قال القشيري: الحق ينتقم من أعدائه بما يُطَيَّبُ به قلوبَ أوليائه، وتلك خَصْمَةُ الحق، فيقول لهم: كان فريقٌ من أوليائي يُفْصِحون بمدحي وإطرائي، فاتخذتموهم سخرياً، فأنا اليوم أُجازيهم، وأنتقم ممن كان يناويهم. اهـ.
قوله تعالى: {قال كم لبثتم...} إلخ، اعلم أن أيام الدنيا كلها تقصر عند انقضاء عمر العبد، فتعود كيوم واحد، أو بعض يوم، فإن أفضى إلى الراحة بعد الموت نسي أيام التعب، وغاب عنها، فتصير كأضغاث أحلام، وإن أفضى إلى التعب، نسي أيام الراحة كأنها طيف منام. قال في الحاشية: الأشياء وإن كانت كثيرة فقد تنقص وتقل بالإضافة إلى ما يرجّى عليها كذلك مدة مقامهم تحت الأرض إن كانوا في الراحة فقد تقل، بالإضافة إلى الراحات التي يلقونها في القيامة، وإن كانت شديدة فقد تتلاشى في جنب رؤية ذلك اليوم؛ لما فيه من أليم تلك العقوبات المتوالية. اهـ.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال