سورة النور / الآية رقم 55 / تفسير تفسير القرطبي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِن تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُم مَّا حُمِّلْتُمْ وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلاَّ البَلاغُ المُبِينُ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لاَ يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الفَاسِقُونَ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ لاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مُعْجِزِينَ فِي الأَرْضِ وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ وَلَبِئْسَ المَصِيرُ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الحُلُمَ مِنكُمْ ثَلاثَ مَرَّاتٍ مِّن قَبْلِ صَلاةِ الفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُم مِّنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلاةِ العِشَاءِ ثَلاثُ عَوْرَاتٍ لَّكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلاَ عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُم بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ

النورالنورالنورالنورالنورالنورالنورالنورالنورالنورالنورالنورالنورالنورالنور




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ (55)}
نزلت في أبى بكر وعمر رضي الله عنهما، قاله مالك.
وقيل: إن سبب هذه الآية أن بعض أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شكا جهد مكافحة العدو، وما كانوا فيه من الخوف على أنفسهم، وأنهم لا يضعون أسلحتهم، فنزلت الآية.
وقال أبو العالية: مكث رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بمكة عشر سنين بعد ما أوحى إليه خائفا هو وأصحابه، يدعون إلى الله سرا وجهرا، ثم أمر بالهجرة إلى المدينة، وكانوا فيها خائفين يصبحون ويمسون في السلاح. فقال رجل: يا رسول الله، أما يأتي علينا يوم نأمن فيه ونضع السلاح؟ فقال عليه السلام: «لا تلبثون إلا يسيرا حتى يجلس الرجل منكم في الملا العظيم محتبيا ليس عليه حديدة». ونزلت هذه الآية، وأظهر الله نبيه على جزيرة العرب فوضعوا السلاح وأمنوا. قال النحاس: فكان في هذه الآية دلالة على نبوة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لان الله عز وجل أنجز ذلك الوعد. قال الضحاك في كتاب النقاش: هذه الآية تتضمن خلافة أبى بكر وعمر وعثمان وعلى لأنهم أهل الايمان وعملوا الصالحات. وقد قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الخلافة بعدي ثلاثون». وإلى هذا القول ذهب ابن العربي في أحكامه، واختاره وقال: قال علماؤنا هذه الآية دليل على خلافة الخلفاء الاربعة رضي الله عنهم، وأن الله استخلفهم ورضى أمانتهم، وكانوا على الدين الذي ارتضى لهم، لأنهم لم يتقدمهم أحد في الفضيلة إلى يومنا هذا، فاستقر الامر لهم، وقاموا بسياسة المسلمين، وذبوا عن حوزة الدين، فنفذ الوعد فيهم، وإذا لم يكن هذا الوعد لهم نجز، وفيهم نفذ، وعليهم ورد، ففيمن يكون إذا؟ وليس بعدهم مثلهم إلى يومنا هذا، ولا يكون فيما بعده. رضي الله عنهم. وحكى هذا القول القشيري عن ابن عباس. واحتجوا بما رواه سفينة مولى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: «الخلافة بعدي ثلاثون سنة ثم تكون ملكا». قال سفينة: أمسك عليك خلافة أبى بكر سنتين، وخلافة عمر عشرا، وخلافة عثمان ثنتي عشرة سنة، وخلافة على ستا.
وقال قوم: هذا وعد لجميع الامة في ملك الأرض كلها تحت كلمة الإسلام، كما قال عليه الصلاة والسلام: «زويت لي الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها وسيبلغ ملك أمتي ما زوي لي منها». واختار هذا القول ابن عطية في تفسيره حيث قال: والصحيح في الآية أنها في استخلاف الجمهور، واستخلافهم هو أن يملكهم البلاد ويجعلهم أهلها، كالذي جرى في الشام والعراق وخراسان والمغرب. قال ابن العربي: قلنا لهم هذا وعد عام في النبوة والخلافة وإقامة الدعوة وعموم الشريعة، فنفذ الوعد في كل أحد بقدره وعلى حاله، حتى في المفتين والقضاة والأئمة، وليس للخلافة محل تنفذ فيه الموعدة الكريمة إلا من تقدم من الخلفاء. ثم ذكر اعتراضا وانفصالا معناه: فإن قيل هذا الامر لا يصح إلا في أبى بكر وحده، فأما عمر وعثمان فقتلا غيلة، وعلى قد نوزع في الخلافة. قلنا: ليس في ضمن الأمن السلامة من الموت بأي وجه كان، وأما على فلم يكن نزاله في الحرب مذهبا للأمن، وليس من شرط الأمن رفع الحرب إنما شرطه ملك الإنسان لنفسه باختياره، لا كما كان أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بمكة. ثم قال في آخر كلامه: وحقيقة الحال أنهم كانوا مقهورين فصاروا فاهرين، وكانوا مطلوبين فصاروا طالبين، فهذا نهاية الأمن والعز. قلت: هذه الحال لم تختص بالخلفاء الاربعة رضي الله عنهم حتى يخصوا بها من عموم الآية، بل شاركهم في ذلك جميع المهاجرين بل وغيرهم. ألا ترى إلى إغزاء قريش المسلمين في أحد وغيرها وخاصة الخندق، حتى أخبر الله تعالى عن جميعهم فقال: {إِذْ جاؤُكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زاغَتِ الْأَبْصارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَناجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا. هُنالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزالًا شَدِيداً} [الأحزاب: 10- 11]. ثم إن الله رد الكافرين لم ينالوا خيرا، وأمن المؤمنين وأورثهم أرضهم وديارهم وأموالهم، وهو المراد بقوله: {لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ}. وقوله: {كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ} يعني بنى إسرائيل، إذ أهلك الله الجبابرة بمصر، وأورثهم أرضهم وديارهم فقال: {وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشارِقَ الْأَرْضِ وَمَغارِبَهَا} [الأعراف: 137]. وهكذا كان الصحابة مستضعفين خائفين، ثم إن الله تعالى أمنهم ومكنهم وملكهم، فصح أن الآية عامة لامة محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غير مخصوصة، إذ التخصيص لا يكون إلا بخبر ممن يجب له التسليم، ومن الأصل المعلوم التمسك بالعموم. وجاء في معنى تبديل خوفهم بالأمن أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما قال أصحابه: أما يأتي علينا يوم نأمن فيه ونضع السلاح؟ فقال عليه السلام: «لا تلبثون إلا قليلا حتى يجلس الرجل منكم في الملا العظيم محتبيا ليس عليه حديدة».
وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «والله ليتمن الله هذا الامر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله والذئب على غنمه ولكنكم تستعجلون». خرجه مسلم في صحيحه، فكان كما أخبر صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فالآية معجزة النبوة، لأنها إخبار عما سيكون فكان. قوله تعالى: {لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ} فيه قولان: أحدهما- يعني أرض مكة، لان المهاجرين سألوا الله تعالى ذلك فوعدوا كما وعدت بنو إسرائيل، قال معناه النقاش.
الثاني- بلاد العرب والعجم. قال ابن العربي: وهو الصحيح، لان أرض مكة محرمة على المهاجرين، قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لكن البائس سعد بن خولة». يرثى له رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن مات بمكة.
وقال في الصحيح أيضا: «يمكث المهاجر بمكة بعد قضاء نسكه ثلاثا». واللام في {لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ} جواب قسم مضمر، لان الوعد قول، مجازها: قال الله للذين آمنوا وعملوا الصالحات والله ليستخلفنهم في الأرض فيجعلهم ملوكها وسكانها. {كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ} يعني بنى إسرائيل، أهلك الجبابرة بمصر والشام وأورثهم أرضهم وديارهم. وقراءة العامة: {كَمَا اسْتَخْلَفَ} بفتح التاء واللام، لقوله: {وَعَدَ}. وقوله: {لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ}. وقرأ عيسى بن عمر وأبو بكر والمفضل عن عاصم: {استخلف} بضم التاء وكسر اللام على الفعل المجهول. {وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ} وهو الإسلام، كما قال تعالى: {وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً} [المائدة: 3] وقد تقدم. وروي سليم بن عامر عن المقداد ابن الأسود قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: «ما على ظهر الأرض بيت حجر ولا مدر إلا أدخله الله كلمة الإسلام بعز عزيز أو ذل ذليل أما بعزهم فيجعلهم من أهلها وأما بذلهم فيدينون بها». ذكره الماوردي حجة لمن قال: إن المراد بالأرض بلاد العرب والعجم، وهو القول الثاني، على ما تقدم آنفا. {وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ} قرأ ابن محيصن وابن كثير ويعقوب وأبو بكر بالتخفيف، من أبدل، وهى قراءة الحسن، واختيار أبى حاتم. الباقون بالتشديد، من بدل، وهى اختيار أبى عبيد، لأنها أكثر ما في القرآن، قال الله تعالى: {تَبْدِيلَ لِكَلِماتِ اللَّهِ} [يونس: 64]. وقال: {وَإِذا بَدَّلْنا آيَةً} [النحل: 101] ونحوه، وهما لغتان. قال النحاس: وحكى محمد بن الجهم عن الفراء قال: قرأ عاصم والأعمش: {وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ} مشددة، وهذا غلط عن عاصم، وقد ذكر بعده غلطا أشد منه، وهو أنه حكى عن سائر الناس التخفيف. قال النحاس: وزعم أحمد بن يحيى أن بين التثقيل والتخفيف فرقا، وأنه يقال: بدلته أي غيرته، وأبدلته أزلته وجعلت غيره. قال النحاس: وهذا القول صحيح، كما تقول: أبدل لي هذا الدرهم، أي أزله وأعطني غيره. وتقول: قد بدلت بعدنا، أي غيرت، غير أنه قد يستعمل أحدهما موضع الأخر، والذي ذكره أكثر. وقد مضى هذا في النساء والحمد لله، وذكرنا في سورة إبراهيم الدليل من السنة على أن بدل معناه إزالة العين، فتأمله هناك. وقرى: {عَسى رَبُّنا أَنْ يُبْدِلَنا} [القلم: 32] مخففا ومثقلا {يَعْبُدُونَنِي} هو في موضع الحال، أي في حال عبادتهم الله بالإخلاص. ويجوز أن يكون استئنافا على طريق الثناء عليهم. {لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً} فيه أربعة أقوال: أحدها- لا يعبدون إلها غيري، حكاه النقاش.
الثاني- لا يراءون بعبادتي أحدا.
الثالث- لا يخافون غيري، قاله ابن عباس.
الرابع- لا يحبون، غيري قاله مجاهد. {وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذلِكَ} أي بهذه النعم. والمراد كفران النعمة لأنه، قال تعالى: {فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ} الكافر بالله فاسق بعد هذا الأنعام وقبله.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال