سورة الفرقان / الآية رقم 13 / تفسير تفسير البيضاوي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

إِذَا رَأَتْهُم مِّن مَّكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظاً وَزَفِيراً وَإِذَا أُلْقُوا مِنْهَا مَكَاناً ضَيِّقاً مُّقَرَّنِينَ دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُوراً لاَ تَدْعُوا اليَوْمَ ثُبُوراً وَاحِداً وَادْعُوا ثُبُوراً كَثِيراً قُلْ أَذَلِكَ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الخُلْدِ الَتِي وُعِدَ المُتَّقُونَ كَانَتْ لَهُمْ جَزَاءً وَمَصِيراً لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاءُونَ خَالِدِينَ كَانَ عَلَى رَبِّكَ وَعْداً مَّسْئُولاً وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ فَيَقُولُ أَأَنتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَؤُلاءِ أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ قَالُوا سُبْحَانَكَ مَا كَانَ يَنبَغِي لَنَا أَن نَّتَّخِذَ مِن دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِن مَّتَّعْتَهُمْ وَآبَاءَهُمْ حَتَّى نَسُوا الذِّكْرَ وَكَانُوا قَوْماً بُوراً فَقَدْ كَذَّبُوكُم بِمَا تَقُولُونَ فَمَا تَسْتَطِيعُونَ صَرْفاً وَلاَ نَصْراً وَمَن يَظْلِم مِّنكُمْ نُذِقْهُ عَذَاباً كَبِيراً وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ المُرْسَلِينَ إِلاَّ إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الأَسْوَاقِ وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيراً

الفرقانالفرقانالفرقانالفرقانالفرقانالفرقانالفرقانالفرقانالفرقانالفرقانالفرقانالفرقانالفرقانالفرقانالفرقان




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{بَلْ كَذَّبُواْ بالساعة} فقصرت أنظارهم على الحطام الدنيوية وظنوا أن الكرامة إنما هي بالمال فطعنوا فيك لفقرك، أو فلذلك كذبوك لا لما تمحلوا من المطاعن الفاسدة، أو فكيف يلتفتون إلى هذا الجواب ويصدقونك بما وعد الله لك في الآخرة، أو فلا تعجب من تكذيبهم إياك فإنه أعجب منه. {وَأَعْتَدْنَا لِمَن كَذَّبَ بالساعة سَعِيراً} ناراً شديدة الاستعار، وقيل هو اسم لجهنم فيكون صرفه باعتبار المكان.
{إِذَا رَأَتْهُمْ} إِذا كانت بمرأى منهم كقوله عليه السلام: «لا تتراءى ناراهما» أي لا تتقاربان بحيث تكون إحداهما بمرأى من الأخرى على المجاز والتأنيث لأنه بمعنى النار أو جهنم. {مِن مَّكَانِ بَعِيدٍ} هو أقصى ما يمكن أن يرى منه. {سَمِعُواْ لَهَا تَغَيُّظاً وَزَفِيراً} صوت تغيظ، شبه صوت غليانها بصوت المغتاظ وزفيره وهو صوت يسمع من جوفه، هذا وإن الحياة لما لم تكن مشروطة عندنا بالبنية أمكن أن يخلق الله فيها حياة فترى وتتغيظ وتزفر. وقيل إن ذلك لزبانيتها فنسب إليها على حذف المضاف.
{وَإَذَا أُلْقُواْ مِنْهَا مَكَاناً} في مكان ومنها بيان تقدم فصار حالاً. {ضَيِّقاً} لزيادة العذاب فإن الكرب مع الضيق والروح مع السعة ولذلك وصف الله الجنة بأن عرضها كعرض السموات والأرض. {مُقْرَّنِينَ} قرنت أيديهم إلى أعناقهم بالسلاسل. {دَعَوْاْ هُنَالِكَ} في ذلك المكان. {ثُبُوراً} هلاكاً أي يتمنون الهلاك وينادونه فيقولون تعال يا ثبوراه فهذا حينك.
{لاَّ تَدْعُواْ اليوم ثُبُوراً واحدا} أي يقال لهم ذلك. {وادعوا ثُبُوراً كَثِيراً} لأن عذابكم أنواع كثيرة كل نوع منها ثبور لشدته، أو لأنه يتجدد لقوله تعالى: {كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بدلناهم جُلُوداً غَيْرَهَا لِيَذُوقُواْ العذاب} أو لأنه لا ينقطع فهو في كل وقت ثبور.
{قُلْ أذلك خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الخلد التي وُعِدَ المتقون} الإِشارة إلى العذاب والاستفهام والتفضيل والترديد للتقريع مع التهكم أو إلى ال {كَنْزٌ} أو ال {جَنَّةُ}، والراجع إلى الموصول محذوف وإضافة ال {جَنَّةُ} إلى {الخلد} للمدح أو للدلالة على خلودها، أو التمييز عن جنات الدنيا. {كَانَتْ لَهُمْ} في علم الله أو اللوح، أو لأن ما وعده الله تعالى في تحققه كالواقع. {جَزَاءً} على أعمالهم بالوعد. {وَمَصِيراً} ينقلبون إليه، ولا يمنع كونها جزاء لهم أن يتفضل بها على غيرهم برضاهم مع جواز أن يراد بالمتقين من يتقي الكفر والتكذيب لأنهم في مقابلتهم.
{لَّهُمْ فِيهَا مَا يَشَاءُونَ} ما يشاؤونه من النعيم، ولعله تقصر همم كل طائفة على ما يليق برتبته إذ الظاهر أن الناقص لا يدرك شأو الكامل بالتشهي، وفيه تنبيه على أن كل المرادات لا تحصل إلا في الجنة.
{خالدين} حال من أحد ضمائرهم. {كَانَ على رَبّكَ وَعْداً مَّسْئُولاً} الضمير في {كَانَ} ل {مَا يَشَآءُونَ} والوعد الموعود أي: كان ذلك موعداً حقيقاً بأن يسأل ويطلب، أو مسؤولاً سأله الناس في دعائهم {رَبَّنَا وَءاتِنَا مَا وَعَدتَّنَا على رُسُلِكَ} أو الملائكة بقولهم {رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جنات عَدْنٍ التي وَعَدْتَّهُمْ} وما في {على} من معنى الوجوب لامتناع الخلف في وعده تعالى ولا يلزم منه الإِلجاء إلى الإِنجاز، فإن تعلق الإِرادة بالوعود مقدم على الوعد الموجب للإِنجاز.
{وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ} للجزاء، وقرئ بكسر الشين وقرأ ابن كثير ويعقوب وحفص بالياء. {وَمَا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ الله} يعم كل معبود سواه تعالى، واستعمال {مَا} إما لأن وضعه أعم ولذلك يطلق لكل شبح يرى ولا يعرف، أو لأنه أريد به الوصف كأنه قيل ومعبودهم أو لتغليب الأصنام تحقيراً أو اعتباراً لغلبة عبادها، أو يخص الملائكة وعزيراً والمسيح بقرينة السؤال والجواب، أو الأصنام ينطقها الله أو تتكلم بلسان الحال كما قيل في كلام الأيدي والأرجل. {فَيَقُولُ} أي للمعبودين وهو على تلوين الخطاب، وقرأ ابن عامر بالنون. {أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَؤُلاَء أَمْ هُمْ ضَلُّوا السبيل} لإِخلالهم بالنظر الصحيح وإعراضهم عن المرشد النصيح، وهو استفهام تقريع وتبكيت للعبدة، وأصله {أأضللتم} أو {ضَلُّواْ} فغير النظم ليلي حرف الاستفهام المقصود بالسؤال وهو المتولي للفعل دونه لأنه لا شبهه فيه وإلا لما توجه العتاب، وحذف صلة الضل مبالغة.
{قَالُواْ سبحانك} تعجباً مما قيل لهم لأنهم إما ملائكة أو أنبياء معصومون، أو جمادات لا تقدر على شيء أو إشعاراً بأنهم الموسومون بتسبيحه وتوحيده فكيف يليق بهم إضلال عبيده، أو تنزيهاً لله تعالى عن الأنداد. {مَا كَانَ يَنبَغِي لَنَا} ما يصح لنا. {أَن نَّتَّخِذَ مِن دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَاء} للعصمة أو لعدم القدرة فكيف يصح لنا أن ندعو غيرنا أن يتولى أحداً دونك، وقرئ: {نَّتَّخِذَ} على البناء للمفعول من اتخذ الذي له مفعولان كقوله تعالى: {واتخذ الله إبراهيم خَلِيلاً} ومفعوله الثاني {مِنْ أَوْلِيَاء} و{مِنْ} للتبعيض وعلى الأول مزيدة لتأكيد النفي. {ولكن مَّتَّعْتَهُمْ وَءَابَاءَهُمْ} بأنواع النعم فاستغرقوا في الشهوات. {حتى نَسُواْ الذكر} حتى غفلوا عن ذكرك أو التذكر لآلائك والتدبر في آياتك، وهو نسبة للضلال إليهم من حيث إنه بكسبهم وإسناد له إلى ما فعل الله بهم فحملهم عليه، وهو عين ما ذهبنا إليه فلا ينتهض حجة علينا للمعتزلة. {وَكَانُواْ} في قضائك. {قَوْماً بُوراً} هالكين مصدر وصف به ولذلك يستوي فيه الواحد والجمع، أو جمع بائر كعائذ وعوذ.
{فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ} التفات إلى العبدة بالاحتجاج والإِلزام على حذف القول والمعنى فقد كذبكم المعبودون. {بِمَا تَقُولُونَ} في قولكم إنهم آلهة أو هؤلاء أضلونا والباء بمعنى في، أو مع المجرور بدل من الضمير، وعن ابن كثير بالياء أي: {كَذَّبُوكُمْ} بقولهم {سبحانك مَا كَانَ يَنبَغِي لَنَا}.
{فَمَا يَسْتَطِيعُونَ} أي المعبودون وقرأ حفص بالتاء على خطاب العابدين. {صَرْفاً} دفعاً للعذاب عنكم، وقيل حيلة من قولهم إنه ليتصرف أي يحتال. {وَلاَ نَصْراً} يعينكم عليه. {وَمَن يَظْلِم مّنكُمْ} أيها المكلفون. {نُذِقْهُ عَذَاباً كَبِيراً} هي النار والشرط وإن عم كل من كفر أو فسق لكنه في اقتضاء الجزاء مقيد بعدم المزاحم وفاقاً، وهو التوبة والإِحباط بالطاعة إجماعاً وبالعفو عندنا.
{وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ المرسلين إِلاَّ إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطعام وَيَمْشُونَ فِي الأسواق} أي إلا رسلاً إنهم فحذف الموصوف لدلالة المرسلين عليه وأقيمت الصفة مقامه كقوله تعالى: {وَمَا مِنَّا إِلاَّ لَهُ مَقَامٌ مَّعْلُومٌ} ويجوز أن تكون حالاً اكتفى فيها بالضمير وهو جواب لقولهم {مَّالِ هذا الرسول يَأْكُلُ الطعام وَيَمْشِي فِي الأسواق} وقرئ: {يَمْشُونَ} أي تمشيهم حوائجهم أو الناس. {وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ} أيها الناس. {لِبَعْضٍ فِتْنَةً} ابتلاء ومن ذلك ابتلاء الفقراء بالأغنياء، والمرسلين بالمرسل إليهم ومناصبتهم لهم العداوة وإيذائهم لهم، وهو تسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم على ما قالوه بعد نقضه، وفيه دليل على القضاء والقدر. {أَتَصْبِرُونَ} علة للجعل والمعنى {وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً} لنعلم أيكم يصبر ونظيره قوله تعالى: {لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً} أو حث على الصبر على ما افتتنوا به. {وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيراً} بمن يصبر أو بالصواب فيما يبتلى به وغيره.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال