سورة الفرقان / الآية رقم 22 / تفسير تفسير ابن كثير / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

وَقَالَ الَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَاءَنَا لَوْلا أُنزِلَ عَلَيْنَا المَلائِكَةُ أَوْ نَرَى رَبَّنَا لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنفُسِهِمْ وَعَتَوْا عُتُواًّ كَبِيراً يَوْمَ يَرَوْنَ المَلائِكَةَ لاَ بُشْرَى يَوْمَئِذٍ لِّلْمُجْرِمِينَ وَيَقُولُونَ حِجْراً مَّحْجُوراً وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَّنثُوراً أَصْحَابُ الجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُّسْتَقَراًّ وَأَحْسَنُ مَقِيلاً وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ وَنُزِّلَ المَلائِكَةُ تَنزِيلاً المُلْكُ يَوْمَئِذٍ الحَقُّ لِلرَّحْمَنِ وَكَانَ يَوْماً عَلَى الكَافِرِينَ عَسِيراً وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلاً لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلإِنسَانِ خَذُولاً وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا القُرْآنَ مَهْجُوراً وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُواًّ مِّنَ المُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِياً وَنَصِيراً وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ القُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلاً

الفرقانالفرقانالفرقانالفرقانالفرقانالفرقانالفرقانالفرقانالفرقانالفرقانالفرقانالفرقانالفرقانالفرقانالفرقان




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{وَقَالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا لَوْلا أُنزلَ عَلَيْنَا الْمَلائِكَةُ أَوْ نَرَى رَبَّنَا لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ وَعَتَوْا عُتُوًّا كَبِيرًا (21) يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلائِكَةَ لا بُشْرَى يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ وَيَقُولُونَ حِجْرًا مَحْجُورًا (22) وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا (23) أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلا (24)}.
يقول تعالى مخبرا عن تَعَنُّت الكفار في كفرهم، وعنادهم في قولهم: {لَوْلا أُنزلَ عَلَيْنَا الْمَلائِكَةُ} أي: بالرسالة كما نزل على الأنبياء، كما أخبر عنهم تعالى في الآية الأخرى: {قَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتَى مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللَّهِ} [الأنعام: 124]، ويحتمل أن يكون مرادهم هاهنا: {لَوْلا أُنزلَ عَلَيْنَا الْمَلائِكَةُ} فنراهم عيانا، فيخبرونا أن محمدا رسول الله، كقولهم: {أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلا} [الإسراء: 92]. وقد تقدم تفسيرها في سورة سبحان؛ ولهذا قال: {أَوْ نَرَى رَبَّنَا} ولهذا قال الله تعالى: {لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ وَعَتَوْا عُتُوًّا كَبِيرًا}. وقد قال الله تعالى: {وَلَوْ أَنَّنَا نزلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَى وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلا مَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ} [الأنعام: 111].
وقوله: {يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلائِكَةَ لا بُشْرَى يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ وَيَقُولُونَ حِجْرًا مَحْجُورًا} أي: هم لا يرون الملائكة في يوم خير لهم، بل يوم يرون الملائكة لا بشرى يومئذ لهم، وذلك يَصْدُق على وقت الاحتضار حين تبشرهم الملائكة بالنار، وغضب الجبار، فتقول الملائكة للكافر عند خروج روحه: اخرجي أيتها النفس الخبيثة في الجسد الخبيث، اخرجي إلى سَموم وحَميم، وظلِّ من يحموم. فتأبى الخروج وتتفرق في البدن، فيضربونه، كما قال الله تعالى: {وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ} [الأنفال: 50]. وقال: {وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ} أي: بالضرب، {أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ} [الأنعام: 93]؛ ولهذا قال في هذه الآية الكريمة: {يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلائِكَةَ لا بُشْرَى يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ}، وهذا بخلاف حال المؤمنين في وقت احتضارهم، فإنهم يبشرون بالخيرات، وحصول المسرات. قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنزلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلا تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ نزلا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ} [فصلت: 30- 31].
وفي الحديث الصحيح عن البراء بن عازب: أن الملائكة تقول لروح المؤمن: «اخرجي أيتها النفس الطيبة في الجسد الطيب، كنت تعمرينه، اخرجي إلى روح وريحان ورب غير غضبان». وقد تقدم الحديث في سورة إبراهيم عند قوله تعالى: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ} [إبراهيم: 27].
وقال آخرون: بل المراد بقوله: {يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلائِكَةَ} يعني: يوم القيامة. قاله مجاهد، والضحاك؛ وغيرهما.
ولا منافاة بين هذا وبين ما تقدم، فإن الملائكة في هذين اليومين يوم الممات ويوم المعاد تتجلى للمؤمنين وللكافرين، فتبشر المؤمنين بالرحمة والرضوان، وتخبر الكافرين بالخيبة والخسران، فلا بشرى يومئذ للمجرمين.
{وَيَقُولُونَ حِجْرًا مَحْجُورًا} أي: وتقول الملائكة للكافرين حَرَام محرم عليكم الفلاح اليوم.
وأصل الحجر: المنع، ومنه يقال: حَجَر القاضي على فلان، إذا منعه التصرف إما لسفَه، أو فَلَس، أو صغر، أو نحو ذلك. ومنه سمي الحجْر عند البيت الحرام؛ لأنه يمنع الطُوَّاف أن يطوفوا فيه، وإنما يطاف من ورائه. ومنه يقال للعقل حجر؛ لأنه يمنع صاحبه عن تعاطي ما لا يليق.
والغرض أن الضمير في قوله: {وَيَقُولُونَ} عائد على الملائكة. هذا قول مجاهد، وعكرمة، والضحاك، والحسن، وقتادة، وعطية العوفي، وعطاء الخراساني، وخُصَيف، وغير واحد. واختاره ابن جرير.
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو نعيم، حدثنا موسى- يعني ابن قيس- عن عطية العوفي، عن أبي سعيد الخدري: {وَيَقُولُونَ حِجْرًا مَحْجُورًا} قال: حراما مُحَرّما أن يُبَشَّر بما يبشر به المتقون.
وقد حكى ابن جرير، عن ابن جُرَيْج أنه قال: ذلك من كلام المشركين: {يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلائِكَةَ}، أي: يتعوذون من الملائكة؛ وذلك أن العرب كانوا إذا نزل بأحدهم نازلة أو شدة يقولون: {حِجْرًا مَحْجُورًا}.
وهذا القول- وإن كان له مأخذ ووجه- ولكنه بالنسبة إلى السياق في الآية بعيد، لا سيما قد نص الجمهور على خلافه. ولكن قد روى ابنُ أبي نَجِيح، عن مجاهد؛ أنه قال في قوله: {حِجْرًا مَحْجُورًا} أي: عوذاً معاذاً. فيحتمل أنه أراد ما ذكره ابن جريج. ولكن في رواية ابن أبي حاتم، عن ابن أبي نَجِيح، عن مجاهد أنه قال: {حِجْرًا مَحْجُورًا} أي: عوذا معاذا، الملائكة تقُوله. فالله أعلم.
وقوله تعالى: {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا}، وهذا يوم القيامة، حين يحاسب الله العباد على ما عملوه من خير وشر، فأخبر أنه لا يتحصل لهؤلاء المشركين من الأعمال- التي ظنوا أنها منجاة لهم- شيء؛ وذلك لأنها فقدت الشرط الشرعي، إما الإخلاص فيها، وإما المتابعة لشرع الله. فكل عمل لا يكون خالصا وعلى الشريعة المرضية، فهو باطل. فأعمال الكفار لا تخلو من واحد من هذين، وقد تجمعهما معا، فتكون أبعد من القبول حينئذ؛ ولهذا قال تعالى: {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا}.
قال مجاهد، والثوري: {وَقَدِمْنَا} أي: عمدنا.
وقال السدي: {قدمنا}: عَمَدنا. وبعضهم يقول: أتينا عليه.
وقوله: {فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا} قال سفيان الثوري، عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن علي، رضي الله عنه، في قوله: {فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا}، قال: شعاع الشمس إذا دخل في الكوَّة.
وكذا روي من غير هذا الوجه عن علي.
ورُوي مثله عن ابن عباس، ومجاهد، وعكرمة، وسعيد بن جُبَير، والسُّدِّي، والضحاك، وغيرهم.
وكذا قال الحسن البصري: هو الشعاع في كوة أحدهم، ولو ذهب يقبض عليه لم يستطع.
وقال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: {هَبَاءً مَنْثُورًا} قال: هو الماء المهراق.
وقال أبو الأحوص، عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن علي: {هَبَاءً مَنْثُورًا} قال: الهباء رَهْج الدواب.
ورُوي مثله عن ابن عباس أيضا، والضحاك، وقاله عبد الرحمن بن زيد بن أسلم.
وقال قتادة في قوله: {هَبَاءً مَنْثُورًا} قال: أما رأيت يَبِيس الشجر إذا ذرته الريح؟ فهو ذلك الورق.
وقال عبد الله بن وهب: أخبرني عاصم بن حكيم، عن أبي سريع الطائي، عن يعلى بن عبيد قال: وإن الهباء الرماد.
وحاصل هذه الأقوال التنبيهُ على مضمون الآية، وذلك أنهم عملوا أعمالا اعتقدوا أنها شيء، فلما عرضت على الملك الحكيم العدل الذي لا يجور ولا يظلم أحدا، إذا إنها لا شيء بالكلية. وشبهت في ذلك بالشيء التافه الحقير المتفرق، الذي لا يقدر منه صاحبه على شيء بالكلية، كما قال الله تعالى: {مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ لا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلَى شَيْءٍ ذَلِكَ هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ} [إبراهيم: 18] وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالأذَى كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا لا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا} [البقرة: 264] وقال تعالى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا} [النور: 39] وتقدم الكلام على تفسير ذلك، ولله الحمد والمنة.
وقوله: {أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلا} أي: يوم القيامة {لا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ} [الحشر: 20]؛ وذلك لأن أهل الجنة يصيرون إلى الدرجات العاليات، والغرفات الآمنات، فهم في مقام أمين، حسن المنظر، طيب المقام، {خَالِدِينَ فِيهَا حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا} [الفرقان: 76]، وأهل النار يصيرون إلى الدركات السافلات، والحسرات المتتابعات، وأنواع العذاب والعقوبات، {إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا} [الفرقان: 66] أي: بئس المنزل منظرا وبئس المقيل مقاما؛ ولهذا قال: {أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلا} أي: بما عملوه من الأعمال المتقبلة، نالوا ما نالوا، وصاروا إلى ما صاروا إليه، بخلاف أهل النار فإنه ليس لهم عمل واحد يقتضي لهم دخول الجنة والنجاة من النار، فَنَبَّه- تعالى- بحال السعداء على حال الأشقياء، وأنه لا خير عندهم بالكلية، فقال: {أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلا}.
قال الضحاك: عن ابن عباس: إنما هي ضحوة، فيقيل أولياء الله على الأسرة مع الحور العين، ويَقيل أعداء الله مع الشياطين مقرنين.
وقال سعيد بن جبير: يفرغ الله من الحساب نصف النهار، فيقيل أهل الجنة في الجنة، وأهل النار في النار، قال الله تعالى: {أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلا}.
وقال عكرمة: إني لأعرف الساعة التي يدخل فيها أهل الجنة الجنة، وأهل النار النار: هي الساعة التي تكون في الدنيا عند ارتفاع الضحى الأكبر، إذا انقلب الناس إلى أهليهم للقيلولة، فينصرف أهل النار إلى النار، وأما أهل الجنة فيُنطلق بهم إلى الجنة، فكانت قيلولتهم في الجنة وأطعموا كبد حوت، فأشبعهم ذلك كلهم، وذلك قوله: {أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلا}.
وقال سفيان، عن مَيسَرة، عن المِنْهَال، عن أبي عبيدة، عن عبد الله بن مسعود، أنه قال: لا ينتصف النهار حتى يقيل هؤلاء وهؤلاء ثم قرأ: {أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلا} وقرأ {ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ لإلَى الْجَحِيمِ} [الصافات: 68].
وقال العَوْفي، عن ابن عباس في قوله: {أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلا} قال: قالوا في الغرف من الجنة، وكان حسابهم أن عُرضوا على ربهم عرضة واحدة، وذلك الحساب اليسير، وهو مثل قوله تعالى: {فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ * فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا * وَيَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُورًا} [الانشقاق: 7- 9].
وقال قتادة في قوله: {أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلا} أي: مأوى ومنزلا قال قتادة: وحَدّث صفوان بن مُحْرِز أنه قال: يجاء يوم القيامة برجلين، أحدهما كان ملكا في الدنيا إلى الحمرة والبياض فيحاسب، فإذا عبدٌ، لم يعمل خيرا فيؤمر به إلى النار. والآخر كان صاحب كساء في الدنيا، فيحاسب فيقول: يا رب، ما أعطيتني من شيء فتحاسبني به. فيقول: صدق عبدي، فأرسلوه. فيؤمر به إلى الجنة، ثم يتركان ما شاء الله. ثم يدعى صاحب النار، فإذا هو مثل الحُمَمة السوداء، فيقال له: كيف وجدت؟ فيقول: شر مَقيل. فيقال له: عد ثم يُدعَى بصاحب الجنة، فإذا هو مثل القمر ليلة البدر، فيقال له: كيف وجدت؟ فيقول: رب، خير مَقيل. فيقال له: عد. رواها ابن أبي حاتم كلها.
وقال ابن جرير: حدثني يونس، أنبأنا ابن وهب، أنبأنا عمرو بن الحارث، أن سعيدًا الصوَّاف حدثه، أنه بلغه: أن يوم القيامة يقصر على المؤمن حتى يكون كما بين العصر إلى غروب الشمس، وأنهم ليقيلون في رياض الجنة حتى يفرغ من الناس، وذلك قوله تعالى: {أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلا}.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال